الاخـتشــوا مـــاتــــوا!

 


 

 

 

زفرات حرى

 

 

eltayebmstf@yahoo.com

 

تحدثتُ في مقال الإثنين الماضي عن عدم وجود تشريعات لضبط السلوك الأخلاقي والوطني حيث ذكرت تحديداً واقعة ضرب مصنع الشفاء التي نصح المرشح الرئاسي مبارك الفاضل بعدها أحبابه الأمريكان باستهداف مصنع آخر أشار إليه في شماتة وجرأة منقطعة النظير وكنا قد عقدنا المقارنة بين القيادات السياسية الباكستانية التي قدمناها كمثال لأبجديات السلوك الوطني المسؤول حين قلنا إن العداوة بينها بلغت درجة التصفيات الجسدية لبعضها البعض لكن لم يجرؤ أيٌّ منهم أن ينبس ببنت شفة عن القنبلة النووية التي عكفت الحكومات الباكستانية المتعاقبة على إنتاجها ذلك أن الحديث عن تلك القنبلة كان من المحرّمات الوطنية.

الأخ عبدالمحمود الكرنكي الذي يجيد التنقيب في الوثائق القديمة أورد في صحيفة (الأحداث) نماذج من الخيانة الوطنية التي كان يُفترض أن تمنع مرتكبيها من خوض أي انتخابات حتى ولو كانت على مستوى المحليات ناهيك عن الترشُّح لرئاسة الجمهورية فقد حكى عن تباهي المرشح الرئاسي مبارك الفاضل من خلال بيان نشرته صحيفة الحياة اللندنية بتاريخ 25-5-1998م  تباهيه بقيام (قوات جيش الأمة للتحرير)، الجناح العسكري لحزب الأمة بتنفيذ عمليتين قتلت في إحداهما 30  جندياً من الجيش السوداني وفي الثانية 30 جندياً كذلك حيث كبَّدت (العدو) خسائر فادحة!! أي أن الجيش السوداني في تعريف المرشح الرئاسي مبارك الفاضل هو العدو!!

يجدر بنا أن نذكر أن جيش الأمة الذي كان يخوض الحرب ضد الجيش السوداني (العدو) يتزعمه المرشحان الرئاسيان الصادق المهدي ومبارك الفاضل!!

 

هاكم مثالاً آخر من سودان العجائب أو قل سودان الإباحية السياسية فقد نشرت وكالة رويترز بياناً صادراً عن المرشح الرئاسي الآخر عبدالعزيز خالد أن قواته المسماة بقوات التحالف السودانية قد خاضت معارك ضد الجيش السوداني (الذي سماه بالعدو) في طريق كسلا ـ خشم القربة!!

الكرنكي أورد كذلك لقاء عبدالعزيز خالد ومبارك الفاضل بوزيرة الخارجية الأمريكية مادلين أولبرايت في العاصمة الأغندية كمبالا بتاريخ 10-12-1997م حيث شكراها على الدعم السخي الذي تقدِّمه الإدارة الأمريكية لقواتهما والذي بلغ عشرين مليون دولار حسب صحيفة الواشنطن بوست وسبعين مليون دولار حسب النيويورك تايمز!!

في بيان آخر للمرشح الرئاسي مبارك الفاضل قال إن قوات جيش الأمة للتحرير قطعت طريق بورتسودان ــ كسلا بالقرب من خشم القربة وألقت القبض على المهندس حامد فضل المولى مدير كهرباء خشم القربة والقضارف واثنين من معاونيه!!

بالله عليكم هل من حق هؤلاء المرشحين الرئاسيين الثلاثة الإمساك بالمايكرفون والتحدث عن الوطنية وعن حرصهم على السودان وشعبه وهل من حقهم أن يطلبوا أصوات ناخبي السودان الشمالي بل هل من حقهم أن يترشحوا لمنصب في الدولة مهما صغر؟!

هل فهمتم لماذا يتحالفون مع عدو الجيش السوداني عرمان الذي خاض المعارك على مدى أكثر من عشرين عاماً في صفوف قوات قرنق ثم هل فهمتم السر في تحالفهم القديم في صفوف التجمُّع الوطني الديمقراطي؟!

ألسنا بالله عليكم نعيش في وطن مأزوم.. وطن يتنافس مُثخنوه بالجراح من المتآمرين عليه لقيادته؟!

أرجو أن أفسح المجال لهذه الرسالة أو قل الزفرة الحرّى التي جاءتني من الأخ حسن أحمد صالح:

 

رُبَّ ضارة نافعة

 

أخي الأستاذ الطيب مصطفى

 

التحية لك ولصحيفتكم الغراء وكُتّابها المرموقين والقراء الكرام.

 

عندما تنزل زفراتك الحرّى وغضبك المضري على مرشح الحركة الشعبية لرئاسة الجمهورية ياسر عرمان وددتُ لو لم تكتب ما كتبت لا لأنه لا يستحق بل هو أهلٌ لما كتبت وما لم تكتب، ويكفي استفزازاً للشعب السوداني أن تطرح الحركة الشعبية في سوق السياسة أكسد سلعها وأفسدها فلوثت المزاج العام وإن كان مكر الحركة الشعبية هو إحراق ياسر عرمان لتصفية حسابات داخلية.

فما دام ياسر عرمان أُلقي به في أتون المعركة الانتخابية للاحتراق فالكتابة عنه بهذه الحُرقة تحصيل حاصل ألا يكفيك ما كتبه د. منصور خالد في حقه؟

وتيمناً بالآية الكريمة «وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم» فقد أحسستُ من احتكاكي بالشارع أن استفزاز الحركة الشعبية للشعب السوداني بياسر عرمان وصوره المنتشرة في الشوارع صبّت كلها في صالح البشير حيث إن بعض الكسالى كانوا يقولون «إن البشير فايز فايز» ويعتبرون أن أصواتهم قد لا تؤثر في النتيجة ولكن صورة ياسر عرمان في الطرقات ودعوته للبشير ليتنازل له نزل ذلك عليه بالوبال وحفّز الكسالى للتصويت كراهةً في الحركة ومرشحها.

وكم تمنيت أن يصطف آل الإمام الصادق خلف الصادق ومبارك والترابي والسيد نقد ويدعموا ياسر عرمان ليكون مرشحاً وحيداً ليعرف الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

كل مرشحي الانتخابات في العالم تتركز حملاتهم الانتخابية ليفوزوا إلا أن الترابي أتى بنظرية جديدة أولى نتائجها أن يسقط مرشحه لأن الهدف هو تشتيت الأصوات لا الفوز!!..

 

والترابي يعلم أنه لو لم يكن في الساحة إلا البشير وعبدالله دينج لما استطاع الأخير أن يجمع أصوات الشعبي ناهيك عن بقية المواطنين وقد سمعت أن عقلاء الشعبي سيصوِّتون للبشير لأنه من العبث أن يؤيدوا ساقطاً من قبل التصويت.

فليذهب عبدالله ويلوذ بالجنوب ويرى حجم تأييده بين أبناء جلدته وليذهب أيضاً فضيحة الشعبية هناك ليعلم أن الجنوبيين يُضمرون له من الكراهية أكثر مما في بطون أبناء الشمال.. فقد طاف البشير الجنوب في حملة قلّ نظيرها وندر ويكفي أن ينسل المواطنون في الجنوب من كل حدب وصوب وهدفهم البشير.. ما رأيناه في استقبال البشير لم نرَه في استقبال سلفا كير فإذا كان البشير لديه ما يقوله ويعلمون أنه إذا قال فعل فإن سلفا كير وسط جبّانة هائصة من المؤامرات والمتآمرين وليس في يده ما يعِدُ به

 

آراء