البرهان: خطاب من قلب المزبلة التاريخية !!

 


 

 

صدّق آو لا تصدق أن البرهان قال إن الذين يقفون ضد الحرب سيذهبون إلى (مزبلة التاريخ)..! انه يتحدث من داخلها..ولكنه لا يعرف موضع قدميه..! فهو يقف (بالضبط )في قلب المزبلة العمومية..ولكنه (ضيق البصيرة) الذي يلخصه المثل الشعبي البليغ (رازّة ونطّاحة)..!
إنها البقرة الغاطسة في الطين..وكلما اقترب منها أحد لإخراجها أومأت برأسها وكأنها تريد نطحه..وهذه الحركة الغبية العاجزة تزيد من غوصها أكثر فأكثر في (الوحل والخبوب)..!
لو كان للرجل بقية من عقل كان يمكنه الحديث في أي شئ في الدنيا (عدا التاريخ والمزابل).!
خطاب البرهان بالأمس (بعد فرحته بالفيتو الروسي) كان في مجمله (هترشات من الشرق والغرب) وهلاويس (بزرميط) لا يربط بينها رابط من رشد أو منطق؛ إنما هي قصاصات وجذاذات متنافرة ورقع متشاكسة في جبة مهترئة من التفتيق والتلتيق والتلفيق..!
قال إن قرار مجلس الأمن الذي وافق عليه العالم والعرب والعجم والأفارقة والصين الشعبية (صيغة استعمارية)..!
رجعنا إلى نص القرار فوجدنا إنه كان بصيغة لا تحتمل أي رفض من أي مخبول..حيث انه يدعو فقط إلى: ( وقف الأعمال العسكرية في السودان والتزام طرفي الحرب بتعهداتهما الخاصة بحماية المدنيين)..!
يتحدث البرهان عن المؤتمر الوطني (المحظور بموافقة البرهان وتوقيعه) ويقول إن هذا الحزب (يريد عقد مجلس الشورى) ..! ولكن عندما قال البرهان ذلك أمس كان مجلس شورى الحزب المحظور قد انعقد بالفعل (بحضور كرتي واحمد هارون وهما هاربان من السجن ومطلوبان لدي القضاء السوداني والدولي) وأصدر توصياته في عطبرة التي تقع في الأراضي التي تسيطر عليها حكومة الانقلاب..!
ألم يكن البرهان يعلم ذلك..؟! أم أن عطبرة أصبحت من الأراضي التي تنازل عنها البرهان للكيزان وحزبهم المحظور..؟!
قال البرهان (لن نسلم رأسنا لأحد)..ولكنه نسى انه سلّم قيادة الجيش ورسن حكومته (صرة في خيت) للكيزان..بل سلّم نفسه "هو شخصياً" لهم منذ أن خرج (بسفنجته) هارباً من القيادة العامة ولم يستطع العودة إليها حتى الآن..! ولكنه في خطاب الأمس جدد تعهداته الخائبة بالقضاء على التمرد (قريباً)..وهو لم يستطع تحرير زملائه المحبوسين في القيادة ولا يستطيع العودة للخرطوم..!
ثم يتحدث البرهان عمن وصفهم بالمتجولين الذين يبحثون عن حلول خارجية ودعاهم للعودة والجلوس بالداخل..! هل هناك احد تجوّل بالخارج مثل هذا الجنرال التائه الذي طار شرقاً وغرباً حول العالم...وعندما طلبت قوى الحرية والتغيير اللقاء به رفض (بأمر الكيزان)..وبلع تعهده السابق (على الريق) كما هي عادته..!
نفى البرهان وجود انتهاكات في المناطق التي تسيطر عليها قواته وتجاهل كل تلك المذابح والمحارق ولم يذكر ضحايا القصف بكلمة (حتى ولو الاعتذار بأنه نتيجة أخطاء فنية متواصلة)..! ونفى وجود تشريد وجوع في مناطق سيطرته ولم يتحدث عن (سرقات الإغاثة الموثقة) التي قام بها أركان حكومته..!
هذا هو شتيت الخطاب الذي ألقاه الرجل في بورتسودان احتفالاً بتعطيل روسيا لمشروع حماية المدنيين السودانيين..! وهذه هي البشرى التي نقلها البرهان للشعب في ذات الوقت الذي أصدرت فيه وزارة الصحة في حكومته الانقلابية بياناً عن تسجيل (328) إصابة جديدة بالكوليرا، ليرتفع إجمالي الإصابات إلى (38 ألف إصابة) بينها ألف و72 حالة وفاة (1,072) منذ عودة استفحال الوباء في أغسطس بسبب حركة النزوح من شرق ولاية الجزيرة إلى ولايات كسلا والقضارف ونهر النيل..!
الحمد لله أن البرهان وزمرته وهذه الأصناف من البشر ظهرت في الدنيا بعد اكتشاف البنسلين و(المضادات الحيوية)..!
هكذا يقف البرهان عاريا (وسط مزبلته) يعلن للسودانيين عن تعهد صريح باستمرار القتل والتشريد والخراب والجوع والموت..! وطوبى لأنصار الحرب من كيزان ومنتفعين..و(حمقى مساديد)..ومثقفين لامعين.. الله لا كسّبكم..!

مرتضى الغالي

murtadamore@yahoo.com

 

آراء