البروفيسور علي عبد القادر: رحيل مُفكر مُلْهِم وصاحب عقل محايد (4-4) !!
عبدالله الفكي البشير
29 September, 2022
29 September, 2022
abdallaelbashir@gmail.com
استكمالاً لما ورد في الحلقات الماضية عن محور: لمحات عن الإنتاج الفكري: حياة جادة وعامرة، كان البروفيسور علي عبدالقادر قد قدم في ورقة كانت بعنوان: "ملاحظات استكشافية حول النمو المستدام والتنمية في الدول العربية"، (مجلة عمران للعلوم الاجتماعية والإنسانية، العدد: رقم (1)، صيف 2012 (الصفحات 9- 44)، وكان محور العدد: النمو المعاق والتنمية المأزومة، قدم ثلاثة مقترحات عن أداء الدّول العربيّة 2010، مستخدماً أحدث المعلومات المتاحة في قواعد البيانات الدّولية، ومستعيناً بأكثر التّعريفات قبولًا لمفاهيم النموّ والتّنمية المستَدَامة، وأوّل المقترحات: أنّه في ماعدا مصر، لم تتمكّن أيٌّ من الدّول العربيّة من تحقيق خلال الفترة 1985 نموٍّ اقتصاديٍّ مُستدَامٍ. وثانيها، أنّ النموّ الذي تحقّق في عددٍ من الدّول العربيّة، قد كان مشوّهًا من وجهة نظر التحوّل الهيكلي. وثالثها، أنّ أيًّا من الدّول العربية لم تستطع تحقيق تنميةٍ بشريّةٍ مرتفعةٍ عند قياسها بدليل التنمية البشرية الموسع الذي يشمل مكوّن الحرّيات، على الرغم من أنّ بعضها نجح في ذلك قياسا بدليل التنمية البشريّة التّقليدي. وعلى هذا الأساس، دعا إلى أهميّة إعادة النّظر في السّياسات التي كانت متّبعةً في الدّول العربيّة. وتهيكلت الورقة في المحاور الآتية: عن النمو الاقتصادي، وطبيعة النمو الاقتصادي في الدول العربية، والنمو والتحولات الهيكلية في الدول العربية، وحول عمليات التنمية، وعن السياسات التنموية، وملاحظات ختامية.
وسعى في ورقة نشرها باللغة الإنجليزية تحت عنوان: “On Human Capital in Post-Conflict Sudan: Some Exploratory Results”, (2006), ، "حول رأس المال البشري في سودان ما بعد النزاع: بعض النتائج الاستكشافية"، (2006)، سعى، كما أوضح، إلى توفير المعلومات المطلوبة حول مختلف جوانب رأس المال البشري الذي ورثه السودان وهو يدخل مرحلته التنموية ما بعد النزاع . ويعتقد بأهمية مثل هذه المعلومات لأغراض تخطيط مستقبل التنمية. وأوضح في ورقته تدني متوسط معدل العائد على رأس المال البشري والذي قدر بنحو 6% للسنة الدراسية، ونزوع معدل العائد على الارتفاع مع ارتفاع مستوى التعليم وذلك على عكس التوقعات حول سلوك هذا المعدل في الدول النامية. وذكر بأنه لوحظ أن مثل هذا النمط لسلوك العائد على رأس المال البشري ينعكس على حالة المساواة في توزيع رأس المال البشري مع مرور الزمن. وأوضح في ورقته بأن السودان قد ورث درجة مرتفعة لعدم المساواة في توزيع التعليم كما يعكسها معامل جيني لتوزيع التعليم والذي قدر بحوالي 0.725 لعام 2000. وأضاف بأن هذه النتائج تعني أهمية صياغة برنامج ملائم للإصلاح التعليمي لسودان ما بعد النزاع. تهيكلت الورقة في ستة محاور، إلى جانب المدخل والهوامش، كما تضمنت جداول توضيحية واحصائية.
ونشر في العام 2000 ورقة باللغة الإنجليزية يمكن ترجمة عنوانها بـ: "النمو والفقر والمؤسسات: هل هناك حلقة مفقودة؟ وفي الأصل: Growth, Poverty and Institutions: Is there a Missing Link?” " وصدرت عن المعهد العربي للتخطيط. وأوضح بأن هدف ورقته هو استكشاف ما إذا كانت المؤسسات توفر الحلقة المفقودة بين النمو الاقتصادي والإقلال من الفقر. وأضاف بأن المؤسسات تعرف على أنها قوانين اللعبة في المجتمع، أو بمعنى فني هي كل أنواع القيود التي يبتدعها الناس لتشكل التفاعل فيما بينهم. وذكر بأن الورقة تستخدم الأهداف الإنمائية للألفية كإطار تحليلي ملائم. وتستخدم عينة كبيرة نسبياً من الدول لتوفر شواهد تؤيد مقترح أن التحسن في المؤسسات يتوقع أن يؤدي إلى الإقلال من الفقر بطريقة معنوية إحصائياً، إلا أن القوة التفسيرية للنماذج المقدرة قد كانت متدنية. وبعد الأخذ بعين الاعتبار التفاعل بين المؤسسات والمرحلة التنموية تزداد القوة التفسيرية. بالإضافة إلى ذلك توضح النتائج أن العلاقة بين التحسن في المؤسسات والفقر تعتمد على المرحلة التنموية. وقد صدرت هذه الورقة في كتاب عام 2006.
وقدم طرفاً من خلاصة خبرته الأكاديمية في ورقة كانت بعنوان: "ملاحظات حول تدريس علم الاقتصاد من واقع الخبرة الأكاديمية"، (مجلة عمران للعلوم الاجتماعية والإنسانية - العدد 2، خريف 2012- صفحات 143- 152). أوضح في ورقته، وهو يقدم استعراضاً مكثفاً وسريعاً لأهم مكونات علم الاقتصاد، بأن علم الاقتصاد يُدرَّس بطريقة نمطية في الجامعات بمختلف الدول في العالم، بما في ذلك جامعات الدول العربية. وذكر بأن ورقته هدفت إلى تقديم مقترحات لمقاربة ملائمة لتدريس علم الاقتصاد على مستوى الدراسات العليا في جامعات الدول العربية، وخصوصًا في مؤسسة متخصصة في الدراسات العليا، تمهد الطريق إلى مساهمات إبداعية وأصلية بواسطة جيل جديد من العلماء العرب. واقترح في ورقته أن تتبنى الجامعات العربية مجال اقتصاديات التنمية كمدخل لتدريس علم الاقتصاد من دون أن يعني ذلك عدم تدريس المكونات التقليدية. ولاحظ بأن فهم التنمية على أنها عملية لتوسيع الحريات الحقيقية التي يتمتع بها البشر، في إشارة لأطروحة أمارتيا سن تجاه التنمية، تفسح المجال واسعًا لتحقيق هدف تكامل مناهج العلوم الاجتماعية. وجاءت الورقة في ستة محاور، هي: مقدمة وخلفية، والمكونات المحورية لدراسة علم الاقتصاد، وتمهيد الطريق إلى الإبداع والتأصيل في علم الاقتصاد، واقتصاديات التنمية: المجال الرحب لتكامل العلوم الاجتماعية، وختم ورقته في آخر فقرة، قائلاً: بالنظر إلى التنمية كـ "عملية لتوسيع حريات البشر"، ينصب الاهتمام على توسيع "استطاعة"، أو "مقدرة"، الناس ليحيوا حياة يثمنونها، أو يرغبون في تحقيقها"، أو حياة لديهم من الأسباب ما يدعوهم لتثمينها. ويلعب مفهوم "الاستطاعة" دوراً محورياً في التحليل كبديل من مفهوم الدخل في تعريف رفاه الناس وما يسعون إلى تحقيقه، وفي تقييم الأداء التنموي عموماً. ويلاحظ في خصوص استخدام "الاستطاعة" لتقييم الأداء التنموي أنه لم يقصد به وجود معيار وحيد ومحدد لمقارنة وترتيب التجارب التنموية المختلفة. ففي ظل تباين مكونات الحرية، وفي ظل الحاجة إلى الأخذ بعين الاعتبار تفاوت الحريات الشخصية للأفراد، فإنه لا مناص من وجود اتجاهات متضاربة في تجارب التنمية تحول دون التوصل إلى ترتيب كامل لمختلف هذه التجارب. وعلى هذا الأساس، فإن النظر إلى التنمية على أنها عملية لتوسيع حريات البشر يرمي إلى إيلاء مختلف جوانب عملية التنمية الاهتمام الذي يليق بكل منها، وهو ما يُمثل مدخلاً مفاهيمياً للمساهمة في تحقيق هدف تكامل مناهج العلوم الاجتماعية".
غنى عن القول إن هذه المساحة لا تتسع لتناول الانتاج الفكري للبروفيسور علي عبدالقادر، فهو إنتاج وفير وحي وجوهري وموائم وملائم للراهن، فضلاً عن أنه محفز للتأمل وملهم لمتخذي القرار وللرأي العام والقوي السياسية بمختلف اتجاهاتها و مشاربها. ولمَّا كنت قد عزمت على إصدار هذه المقالات في كتاب مع التوسع والتفصيل والإضافات في المحاور، وذلك تخليداً لذكرى الفقيد، واحتفاءً بالمفكرين الخلاقين والأخلاقيين، فإنني اختصرت الكثير مما يمكن إيراده عن البروفيسور علي عبد القادر وعن انتاجه الفكري. ويمكن بالإضافة لما وردت الإشارة إليه أعلاه، وفي الحلقات السابقة، من كتب وأوراق وتقارير، الإشارة أدناه لبعض عناوين كتبته وأوراقه العلمية (مجرد نماذج)، لإعانة الباحثين في مجالات الاقتصاد والتنمية والاستفادة منها للمختصين والمهتمين:
الكتب والتقارير باللغة الإنجليزية (نماذج)
Ali Abdel Gadir Ali, The Sudan Economy in Disarray, 1985; Ali Abdel Gadir Ali and Patrick K. Asea, Transforming Africa's Economies E economic Report on Africa 2000; Ali Abdel Gadir Ali Economic Commission for Africa, Addis Ababa, 2001 ; Ali Abdel Gadir Ali, The Challenges of Poverty Reduction in Post-Conflict Sudan, 2006
الأوراق العلمية باللغة العربية وتحرير وقائع المؤتمرات (نماذج)
"أسس العلاقة بين التعليم وسوق العمل وقياس عوائد الاستثمار البشري"، (2001) ؛ "مشارف اقتصاديات التنمية : منظور مستقبلي"، يونيو 2002 ؛ "الفقر: مؤشرات القياس والسياسات"، 2002 ؛ "تقييم سياسات واستراتيجيات لإقلال من الفقر في عينة من الدول العربية"، (2003) ؛ "إقتصاديات الصحة"، 2003 ؛ "محددات الاستثمار الأجنبي المباشر"، 2004 ؛ "مقاربات جديدة لصياغة السياسات التنموية (وقائع مؤتمر)"، يونيو 2006 ؛ "الطبقة الوسطى في الدول العربية"، 2013.
الأوراق العلمية باللغة الإنجليزية (نماذج)
“The Impact of Euro-Mediterranean Partnerships on Trade Interests of the OIC Countries”, (1998); “Dealing with Poverty and Income Distribution Issues in Developing Countries: Cross-Regional Experiences”, (1998) ; Can the Sudan Reduce Poverty by Half bFy the Year 2015?, (200) ; Internal Sustainability and Economic Growth in the Arab States”, (2001); On the Challenges of Economic Development in Post-Conflict Sudan. (2004) ; Poverty in the Arab Region: A Selective Review, (2004) ; Conflict Resolution and Wealth Sharing in Sudan: Towards an Allocation Formula; On Financing Post-Conflict Development in Sudan; “Child Poverty: Concept and Measurement”, (2007).
مواقف وطنية وإنسانية جديرة بالتأمل والدراسة
المفكر الخلاق والأخلاقي: في انتفاضة أبريل 1985 رفض تولي الوزارة في ظل إشراف المجلس العسكري على الحكومة وطالب بعودة الجيش إلى ثكناته
روى عدد كبير من أصدقاء وزملاء وتلاميذ البروفيسور علي عبد القادر في رثائهم المنشور عنه، الكثير من القصص الحية عن مآثره، وقدموا شهاداتهم ومشاهداتهم عن إنسانيته، بما يفوق التصور. وتحدث البعض عن التزامه الوطني، وكيف أنهم تعلموا منه حب السودان، كما ورد آنفاً. وكل هذه المواقف جديرة بالتأمل والدراسة، خاصة فيما يتصل بعلاقة العلم والمعارف بالسلوك، "فالمعارف إن لم تتحول إلى سلوك فلا قيمة ولا معنى لها"، إلى جانب الالتزام الوطني، والتجسيد للأخلاق... إلخ. خاصة وأن سيرة النموذج الإرشادي، كما هو البروفيسور علي عبد القادر، يجب أن تتخذ آلية من آليات التعليم للأجيال الجديدة، بأن تُدْرَس وتُدَرّس وتحتذى. ولمَّا كانت تلك القصص والروايات منشورة ومتوفرة، فإنني أقف عند موقف واحد يعبر عن مدى الالتزام الوطني عند البروفيسور علي عبد القادر، وإلى أي حد كان حريصاً على تجسيد الأخلاق، والأخلاق هي المسؤولية عن الحرية الفردية، وبالطبع المسؤولية عن كل خياراتنا وأقوالنا وأعمالنا أمام الله والنفس والناس وأمام مرآة التاريخ. لقد رفدني بهذا الموقف السفير إبراهيم جعفر الشريف السوري، صديق البروفيسور علي عبدالقادر، وقد زامله في العديد من مواقع العمل. يتصل الموقف بعرض تم تقديمه للبروفيسور علي عبدالقادر من قبل الحكومة الانتقالية بعد انتفاضة أبريل عام 1985، لتولي منصب وزير المالية. رفض البروفيسور علي عبد القادر بحزم العرض المقدم له بتولي وزارة المالية، وأوضح بأنه لا يقبل تولي وزارة في حكومة تكون السلطة الإشرافية عليها للمجلس العسكري، وأن على الجيش أن يعود الي ثكناته، ويجب ألا تكون للجيش أي علاقة بتسيير شؤون الحكم أو الدولة. ذكر ذلك للذين طلبوا منه تولي المنصب وألحوا عليه في قبول المنصب. وكان السفير عمر الشيخ الحسين، الرئس السابق للجنة الوطنية للتنسيق مع بعثة الامم المتحدة المتكاملة لمساعدة السودان فى الفترة الانتقالية (يونيتامس)، والذي كان من بين قادة التجمع الوطني، أوانئذ، ممثلاً لنقابة الدبلوماسيين في قيادة التجمع، أحد الذين سعوا عبر مباحثات طويلة لإقناع علي عبد القادر بتقلد المنصب. وبالطبع كان الحاحهم يأتي انطلاقاً من معرفتهم العميقة، خاصة صديقه السفير عمر، باستقامته والتزامه الوطني وسعة علمه ووضوح رؤيته. وعلى الرغم من أن الذين قدموا له العرض أكدوا له بأنه لن يكون هناك أي تدخل للمجلس العسكري في تسيير وزارته، إلا إنه أخبر كل الوسطاء إن رفضه للوزارة يتعلق بوجود العسكر على رأس الدولة ومشاركتهم في الحكم الذي يمثل إجهاضاً لثورة إبريل 1985، "وتمسك بموقفه وأثبت التاريخ صدق تحليله ورؤيته. كان هذا موقفه تلك الأيام، وظل ثابتاً عليه حتى وقت رحيله المضني الذي أناخ علينا بثقله وما أشبه الليلة بالبارحة".
في سبيل فكرنة ثورة ديسمبر المجيدة وفتح الحوار لبلورة رؤية وطنية للتنمية
دعوة لتنظيم ندوة عن جهود البروفيسور علي عبد القادر العلمية وإسهاماته الوطنية والإنسانية
وفاءً للبروفيسور علي عبدالقادر علي، واحتفاءً بحياته العامرة، وتخليداً لذكراه النبيلة والمشرفة، فإنني أدعو أصدقاءه وزملاءه وتلاميذه إلى التداعي لتنظيم ندوة علمية عن جهوده الفكرية وإسهاماته الوطنية والإنسانية. وأقترح أن تعقد الندوة في السودان، تقديراً لحب البروفيسور علي للسودان، ولحاجة السودان الماسة لفتح حوار واسع حول التنمية وقضايا النمو الاقتصادي، وهي محور جهود وإسهامات البروفيسور علي عبد القادر. وأن تكون الندوة تحت العنوان أعلاه أو ما شابه، ويتم تحديد محاور للندوة لتشتمل على النشأة والتكوين الفكري والمعرفي، ودراسة إسهاماته الفكرية، وجهوده ودوره في قيادة المؤسسات الإقليمية والعلمية، ورؤيته التنموية، إلى جانب عطائه الوطني والإنساني... إلخ، ومن ثم يتم استكتاب زملاء وأصدقاء وتلاميذ الفقيد إلى جانب المهتمين والمتخصصين، بحيث تقدم أوراق علمية يتم نشرها فيما بعد في مجلد أو مجلدات حسب حجم المشاركات. ويمكن أن تكون الندوة مبثوثة عبر البث المباشر. وبهذا نكون ونحن متكئين على ذكراه قد فتحنا حواراً علمياً حول أهم القضايا التي يعاني منها السودان، ويحتاج الناس لتسييل المعرفة عنها، والنقاش حولها.
واقترح أن يتبنى شباب لجان المقاومة هذا المقترح، والعمل على تنفيذه، خاصة وأنهم بادروا بإعادة طباعة ونشر أحد كتب الفقيد، كما ورد آنفاً. وبالطبع يمكن لأي جهة أخرى، أو جهات بالشراكة، أو تكوين لجنة من أصدقاء الفقيد وتلاميذه لتبنى مبادر تنظيم هذه الندوة، فالمهم هو قيام الندوة، وفتح الحوار حول التنمية، فضلاً عن ترسيخ تقاليد جديدة في الاحتفاء بالرموز وتخليد ذكراهم.
ختاماً أتقدم بخالص التعازي للأستاذة هدى عبد الستار أبو زيد، زوجة الفقيد، وبناته عزة وسمر ومني وندي، وابنيه عمر ومعز، ولكل أفراد أسرته الكبيرة، ونخص منهم صديقه البروفيسور عابدين محمد علي صالح. والتعازي إلى أساتذته زملائه لاحقاً، ومنهم، الخبير الاقتصادي البروفيسور علي محمد الحسن، أول نائب مدير لجامعة الجزيرة، وأول عميد لكلية الاقتصاد والتنمية الريفية فيها؛ ومن أبرز مؤسسيها. والتعازي لجميع أصدقائه، وأخص منهم، الأستاذ عصام عبد الرحمن البوشي، والدكتور إبراهيم البدوي، والدكتور خالد عفان، والسفير عمر الشيخ الحسن، والسفير إبراهيم جعفر السوري، والأستاذ أمين سيد أحمد، والخبير الاقتصادي العراقي الدكتور أحمد الكواز، والمؤرخ العراقي البروفيسور سيار الجميل، ولجميع زملائه وتلاميذه داخل السودان وخارجه. وإلى أسرة جامعتي الخرطوم والجزيرة، وإلى الشعب السوداني الذي فقد مفكراً حراً وخلاقاً وأخلاقياً، ظل مخلصاً ووفياً وملتزماً تجاه السودان والإنسان. وقد مثَّل البروفيسور منتصر الطيب الشعب السوداني، حينما عبَّر في رثائه للبروفيسور علي عبدالقادر في 17 سبتمبر 2022، فكتب، قائلاً: "لو كان السودان الرسمي (و لا أعني الدولة هنا) يعلم قيمة أبنائه لأعلن الحداد علي هذا الإنسان الفذ".
استكمالاً لما ورد في الحلقات الماضية عن محور: لمحات عن الإنتاج الفكري: حياة جادة وعامرة، كان البروفيسور علي عبدالقادر قد قدم في ورقة كانت بعنوان: "ملاحظات استكشافية حول النمو المستدام والتنمية في الدول العربية"، (مجلة عمران للعلوم الاجتماعية والإنسانية، العدد: رقم (1)، صيف 2012 (الصفحات 9- 44)، وكان محور العدد: النمو المعاق والتنمية المأزومة، قدم ثلاثة مقترحات عن أداء الدّول العربيّة 2010، مستخدماً أحدث المعلومات المتاحة في قواعد البيانات الدّولية، ومستعيناً بأكثر التّعريفات قبولًا لمفاهيم النموّ والتّنمية المستَدَامة، وأوّل المقترحات: أنّه في ماعدا مصر، لم تتمكّن أيٌّ من الدّول العربيّة من تحقيق خلال الفترة 1985 نموٍّ اقتصاديٍّ مُستدَامٍ. وثانيها، أنّ النموّ الذي تحقّق في عددٍ من الدّول العربيّة، قد كان مشوّهًا من وجهة نظر التحوّل الهيكلي. وثالثها، أنّ أيًّا من الدّول العربية لم تستطع تحقيق تنميةٍ بشريّةٍ مرتفعةٍ عند قياسها بدليل التنمية البشرية الموسع الذي يشمل مكوّن الحرّيات، على الرغم من أنّ بعضها نجح في ذلك قياسا بدليل التنمية البشريّة التّقليدي. وعلى هذا الأساس، دعا إلى أهميّة إعادة النّظر في السّياسات التي كانت متّبعةً في الدّول العربيّة. وتهيكلت الورقة في المحاور الآتية: عن النمو الاقتصادي، وطبيعة النمو الاقتصادي في الدول العربية، والنمو والتحولات الهيكلية في الدول العربية، وحول عمليات التنمية، وعن السياسات التنموية، وملاحظات ختامية.
وسعى في ورقة نشرها باللغة الإنجليزية تحت عنوان: “On Human Capital in Post-Conflict Sudan: Some Exploratory Results”, (2006), ، "حول رأس المال البشري في سودان ما بعد النزاع: بعض النتائج الاستكشافية"، (2006)، سعى، كما أوضح، إلى توفير المعلومات المطلوبة حول مختلف جوانب رأس المال البشري الذي ورثه السودان وهو يدخل مرحلته التنموية ما بعد النزاع . ويعتقد بأهمية مثل هذه المعلومات لأغراض تخطيط مستقبل التنمية. وأوضح في ورقته تدني متوسط معدل العائد على رأس المال البشري والذي قدر بنحو 6% للسنة الدراسية، ونزوع معدل العائد على الارتفاع مع ارتفاع مستوى التعليم وذلك على عكس التوقعات حول سلوك هذا المعدل في الدول النامية. وذكر بأنه لوحظ أن مثل هذا النمط لسلوك العائد على رأس المال البشري ينعكس على حالة المساواة في توزيع رأس المال البشري مع مرور الزمن. وأوضح في ورقته بأن السودان قد ورث درجة مرتفعة لعدم المساواة في توزيع التعليم كما يعكسها معامل جيني لتوزيع التعليم والذي قدر بحوالي 0.725 لعام 2000. وأضاف بأن هذه النتائج تعني أهمية صياغة برنامج ملائم للإصلاح التعليمي لسودان ما بعد النزاع. تهيكلت الورقة في ستة محاور، إلى جانب المدخل والهوامش، كما تضمنت جداول توضيحية واحصائية.
ونشر في العام 2000 ورقة باللغة الإنجليزية يمكن ترجمة عنوانها بـ: "النمو والفقر والمؤسسات: هل هناك حلقة مفقودة؟ وفي الأصل: Growth, Poverty and Institutions: Is there a Missing Link?” " وصدرت عن المعهد العربي للتخطيط. وأوضح بأن هدف ورقته هو استكشاف ما إذا كانت المؤسسات توفر الحلقة المفقودة بين النمو الاقتصادي والإقلال من الفقر. وأضاف بأن المؤسسات تعرف على أنها قوانين اللعبة في المجتمع، أو بمعنى فني هي كل أنواع القيود التي يبتدعها الناس لتشكل التفاعل فيما بينهم. وذكر بأن الورقة تستخدم الأهداف الإنمائية للألفية كإطار تحليلي ملائم. وتستخدم عينة كبيرة نسبياً من الدول لتوفر شواهد تؤيد مقترح أن التحسن في المؤسسات يتوقع أن يؤدي إلى الإقلال من الفقر بطريقة معنوية إحصائياً، إلا أن القوة التفسيرية للنماذج المقدرة قد كانت متدنية. وبعد الأخذ بعين الاعتبار التفاعل بين المؤسسات والمرحلة التنموية تزداد القوة التفسيرية. بالإضافة إلى ذلك توضح النتائج أن العلاقة بين التحسن في المؤسسات والفقر تعتمد على المرحلة التنموية. وقد صدرت هذه الورقة في كتاب عام 2006.
وقدم طرفاً من خلاصة خبرته الأكاديمية في ورقة كانت بعنوان: "ملاحظات حول تدريس علم الاقتصاد من واقع الخبرة الأكاديمية"، (مجلة عمران للعلوم الاجتماعية والإنسانية - العدد 2، خريف 2012- صفحات 143- 152). أوضح في ورقته، وهو يقدم استعراضاً مكثفاً وسريعاً لأهم مكونات علم الاقتصاد، بأن علم الاقتصاد يُدرَّس بطريقة نمطية في الجامعات بمختلف الدول في العالم، بما في ذلك جامعات الدول العربية. وذكر بأن ورقته هدفت إلى تقديم مقترحات لمقاربة ملائمة لتدريس علم الاقتصاد على مستوى الدراسات العليا في جامعات الدول العربية، وخصوصًا في مؤسسة متخصصة في الدراسات العليا، تمهد الطريق إلى مساهمات إبداعية وأصلية بواسطة جيل جديد من العلماء العرب. واقترح في ورقته أن تتبنى الجامعات العربية مجال اقتصاديات التنمية كمدخل لتدريس علم الاقتصاد من دون أن يعني ذلك عدم تدريس المكونات التقليدية. ولاحظ بأن فهم التنمية على أنها عملية لتوسيع الحريات الحقيقية التي يتمتع بها البشر، في إشارة لأطروحة أمارتيا سن تجاه التنمية، تفسح المجال واسعًا لتحقيق هدف تكامل مناهج العلوم الاجتماعية. وجاءت الورقة في ستة محاور، هي: مقدمة وخلفية، والمكونات المحورية لدراسة علم الاقتصاد، وتمهيد الطريق إلى الإبداع والتأصيل في علم الاقتصاد، واقتصاديات التنمية: المجال الرحب لتكامل العلوم الاجتماعية، وختم ورقته في آخر فقرة، قائلاً: بالنظر إلى التنمية كـ "عملية لتوسيع حريات البشر"، ينصب الاهتمام على توسيع "استطاعة"، أو "مقدرة"، الناس ليحيوا حياة يثمنونها، أو يرغبون في تحقيقها"، أو حياة لديهم من الأسباب ما يدعوهم لتثمينها. ويلعب مفهوم "الاستطاعة" دوراً محورياً في التحليل كبديل من مفهوم الدخل في تعريف رفاه الناس وما يسعون إلى تحقيقه، وفي تقييم الأداء التنموي عموماً. ويلاحظ في خصوص استخدام "الاستطاعة" لتقييم الأداء التنموي أنه لم يقصد به وجود معيار وحيد ومحدد لمقارنة وترتيب التجارب التنموية المختلفة. ففي ظل تباين مكونات الحرية، وفي ظل الحاجة إلى الأخذ بعين الاعتبار تفاوت الحريات الشخصية للأفراد، فإنه لا مناص من وجود اتجاهات متضاربة في تجارب التنمية تحول دون التوصل إلى ترتيب كامل لمختلف هذه التجارب. وعلى هذا الأساس، فإن النظر إلى التنمية على أنها عملية لتوسيع حريات البشر يرمي إلى إيلاء مختلف جوانب عملية التنمية الاهتمام الذي يليق بكل منها، وهو ما يُمثل مدخلاً مفاهيمياً للمساهمة في تحقيق هدف تكامل مناهج العلوم الاجتماعية".
غنى عن القول إن هذه المساحة لا تتسع لتناول الانتاج الفكري للبروفيسور علي عبدالقادر، فهو إنتاج وفير وحي وجوهري وموائم وملائم للراهن، فضلاً عن أنه محفز للتأمل وملهم لمتخذي القرار وللرأي العام والقوي السياسية بمختلف اتجاهاتها و مشاربها. ولمَّا كنت قد عزمت على إصدار هذه المقالات في كتاب مع التوسع والتفصيل والإضافات في المحاور، وذلك تخليداً لذكرى الفقيد، واحتفاءً بالمفكرين الخلاقين والأخلاقيين، فإنني اختصرت الكثير مما يمكن إيراده عن البروفيسور علي عبد القادر وعن انتاجه الفكري. ويمكن بالإضافة لما وردت الإشارة إليه أعلاه، وفي الحلقات السابقة، من كتب وأوراق وتقارير، الإشارة أدناه لبعض عناوين كتبته وأوراقه العلمية (مجرد نماذج)، لإعانة الباحثين في مجالات الاقتصاد والتنمية والاستفادة منها للمختصين والمهتمين:
الكتب والتقارير باللغة الإنجليزية (نماذج)
Ali Abdel Gadir Ali, The Sudan Economy in Disarray, 1985; Ali Abdel Gadir Ali and Patrick K. Asea, Transforming Africa's Economies E economic Report on Africa 2000; Ali Abdel Gadir Ali Economic Commission for Africa, Addis Ababa, 2001 ; Ali Abdel Gadir Ali, The Challenges of Poverty Reduction in Post-Conflict Sudan, 2006
الأوراق العلمية باللغة العربية وتحرير وقائع المؤتمرات (نماذج)
"أسس العلاقة بين التعليم وسوق العمل وقياس عوائد الاستثمار البشري"، (2001) ؛ "مشارف اقتصاديات التنمية : منظور مستقبلي"، يونيو 2002 ؛ "الفقر: مؤشرات القياس والسياسات"، 2002 ؛ "تقييم سياسات واستراتيجيات لإقلال من الفقر في عينة من الدول العربية"، (2003) ؛ "إقتصاديات الصحة"، 2003 ؛ "محددات الاستثمار الأجنبي المباشر"، 2004 ؛ "مقاربات جديدة لصياغة السياسات التنموية (وقائع مؤتمر)"، يونيو 2006 ؛ "الطبقة الوسطى في الدول العربية"، 2013.
الأوراق العلمية باللغة الإنجليزية (نماذج)
“The Impact of Euro-Mediterranean Partnerships on Trade Interests of the OIC Countries”, (1998); “Dealing with Poverty and Income Distribution Issues in Developing Countries: Cross-Regional Experiences”, (1998) ; Can the Sudan Reduce Poverty by Half bFy the Year 2015?, (200) ; Internal Sustainability and Economic Growth in the Arab States”, (2001); On the Challenges of Economic Development in Post-Conflict Sudan. (2004) ; Poverty in the Arab Region: A Selective Review, (2004) ; Conflict Resolution and Wealth Sharing in Sudan: Towards an Allocation Formula; On Financing Post-Conflict Development in Sudan; “Child Poverty: Concept and Measurement”, (2007).
مواقف وطنية وإنسانية جديرة بالتأمل والدراسة
المفكر الخلاق والأخلاقي: في انتفاضة أبريل 1985 رفض تولي الوزارة في ظل إشراف المجلس العسكري على الحكومة وطالب بعودة الجيش إلى ثكناته
روى عدد كبير من أصدقاء وزملاء وتلاميذ البروفيسور علي عبد القادر في رثائهم المنشور عنه، الكثير من القصص الحية عن مآثره، وقدموا شهاداتهم ومشاهداتهم عن إنسانيته، بما يفوق التصور. وتحدث البعض عن التزامه الوطني، وكيف أنهم تعلموا منه حب السودان، كما ورد آنفاً. وكل هذه المواقف جديرة بالتأمل والدراسة، خاصة فيما يتصل بعلاقة العلم والمعارف بالسلوك، "فالمعارف إن لم تتحول إلى سلوك فلا قيمة ولا معنى لها"، إلى جانب الالتزام الوطني، والتجسيد للأخلاق... إلخ. خاصة وأن سيرة النموذج الإرشادي، كما هو البروفيسور علي عبد القادر، يجب أن تتخذ آلية من آليات التعليم للأجيال الجديدة، بأن تُدْرَس وتُدَرّس وتحتذى. ولمَّا كانت تلك القصص والروايات منشورة ومتوفرة، فإنني أقف عند موقف واحد يعبر عن مدى الالتزام الوطني عند البروفيسور علي عبد القادر، وإلى أي حد كان حريصاً على تجسيد الأخلاق، والأخلاق هي المسؤولية عن الحرية الفردية، وبالطبع المسؤولية عن كل خياراتنا وأقوالنا وأعمالنا أمام الله والنفس والناس وأمام مرآة التاريخ. لقد رفدني بهذا الموقف السفير إبراهيم جعفر الشريف السوري، صديق البروفيسور علي عبدالقادر، وقد زامله في العديد من مواقع العمل. يتصل الموقف بعرض تم تقديمه للبروفيسور علي عبدالقادر من قبل الحكومة الانتقالية بعد انتفاضة أبريل عام 1985، لتولي منصب وزير المالية. رفض البروفيسور علي عبد القادر بحزم العرض المقدم له بتولي وزارة المالية، وأوضح بأنه لا يقبل تولي وزارة في حكومة تكون السلطة الإشرافية عليها للمجلس العسكري، وأن على الجيش أن يعود الي ثكناته، ويجب ألا تكون للجيش أي علاقة بتسيير شؤون الحكم أو الدولة. ذكر ذلك للذين طلبوا منه تولي المنصب وألحوا عليه في قبول المنصب. وكان السفير عمر الشيخ الحسين، الرئس السابق للجنة الوطنية للتنسيق مع بعثة الامم المتحدة المتكاملة لمساعدة السودان فى الفترة الانتقالية (يونيتامس)، والذي كان من بين قادة التجمع الوطني، أوانئذ، ممثلاً لنقابة الدبلوماسيين في قيادة التجمع، أحد الذين سعوا عبر مباحثات طويلة لإقناع علي عبد القادر بتقلد المنصب. وبالطبع كان الحاحهم يأتي انطلاقاً من معرفتهم العميقة، خاصة صديقه السفير عمر، باستقامته والتزامه الوطني وسعة علمه ووضوح رؤيته. وعلى الرغم من أن الذين قدموا له العرض أكدوا له بأنه لن يكون هناك أي تدخل للمجلس العسكري في تسيير وزارته، إلا إنه أخبر كل الوسطاء إن رفضه للوزارة يتعلق بوجود العسكر على رأس الدولة ومشاركتهم في الحكم الذي يمثل إجهاضاً لثورة إبريل 1985، "وتمسك بموقفه وأثبت التاريخ صدق تحليله ورؤيته. كان هذا موقفه تلك الأيام، وظل ثابتاً عليه حتى وقت رحيله المضني الذي أناخ علينا بثقله وما أشبه الليلة بالبارحة".
في سبيل فكرنة ثورة ديسمبر المجيدة وفتح الحوار لبلورة رؤية وطنية للتنمية
دعوة لتنظيم ندوة عن جهود البروفيسور علي عبد القادر العلمية وإسهاماته الوطنية والإنسانية
وفاءً للبروفيسور علي عبدالقادر علي، واحتفاءً بحياته العامرة، وتخليداً لذكراه النبيلة والمشرفة، فإنني أدعو أصدقاءه وزملاءه وتلاميذه إلى التداعي لتنظيم ندوة علمية عن جهوده الفكرية وإسهاماته الوطنية والإنسانية. وأقترح أن تعقد الندوة في السودان، تقديراً لحب البروفيسور علي للسودان، ولحاجة السودان الماسة لفتح حوار واسع حول التنمية وقضايا النمو الاقتصادي، وهي محور جهود وإسهامات البروفيسور علي عبد القادر. وأن تكون الندوة تحت العنوان أعلاه أو ما شابه، ويتم تحديد محاور للندوة لتشتمل على النشأة والتكوين الفكري والمعرفي، ودراسة إسهاماته الفكرية، وجهوده ودوره في قيادة المؤسسات الإقليمية والعلمية، ورؤيته التنموية، إلى جانب عطائه الوطني والإنساني... إلخ، ومن ثم يتم استكتاب زملاء وأصدقاء وتلاميذ الفقيد إلى جانب المهتمين والمتخصصين، بحيث تقدم أوراق علمية يتم نشرها فيما بعد في مجلد أو مجلدات حسب حجم المشاركات. ويمكن أن تكون الندوة مبثوثة عبر البث المباشر. وبهذا نكون ونحن متكئين على ذكراه قد فتحنا حواراً علمياً حول أهم القضايا التي يعاني منها السودان، ويحتاج الناس لتسييل المعرفة عنها، والنقاش حولها.
واقترح أن يتبنى شباب لجان المقاومة هذا المقترح، والعمل على تنفيذه، خاصة وأنهم بادروا بإعادة طباعة ونشر أحد كتب الفقيد، كما ورد آنفاً. وبالطبع يمكن لأي جهة أخرى، أو جهات بالشراكة، أو تكوين لجنة من أصدقاء الفقيد وتلاميذه لتبنى مبادر تنظيم هذه الندوة، فالمهم هو قيام الندوة، وفتح الحوار حول التنمية، فضلاً عن ترسيخ تقاليد جديدة في الاحتفاء بالرموز وتخليد ذكراهم.
ختاماً أتقدم بخالص التعازي للأستاذة هدى عبد الستار أبو زيد، زوجة الفقيد، وبناته عزة وسمر ومني وندي، وابنيه عمر ومعز، ولكل أفراد أسرته الكبيرة، ونخص منهم صديقه البروفيسور عابدين محمد علي صالح. والتعازي إلى أساتذته زملائه لاحقاً، ومنهم، الخبير الاقتصادي البروفيسور علي محمد الحسن، أول نائب مدير لجامعة الجزيرة، وأول عميد لكلية الاقتصاد والتنمية الريفية فيها؛ ومن أبرز مؤسسيها. والتعازي لجميع أصدقائه، وأخص منهم، الأستاذ عصام عبد الرحمن البوشي، والدكتور إبراهيم البدوي، والدكتور خالد عفان، والسفير عمر الشيخ الحسن، والسفير إبراهيم جعفر السوري، والأستاذ أمين سيد أحمد، والخبير الاقتصادي العراقي الدكتور أحمد الكواز، والمؤرخ العراقي البروفيسور سيار الجميل، ولجميع زملائه وتلاميذه داخل السودان وخارجه. وإلى أسرة جامعتي الخرطوم والجزيرة، وإلى الشعب السوداني الذي فقد مفكراً حراً وخلاقاً وأخلاقياً، ظل مخلصاً ووفياً وملتزماً تجاه السودان والإنسان. وقد مثَّل البروفيسور منتصر الطيب الشعب السوداني، حينما عبَّر في رثائه للبروفيسور علي عبدالقادر في 17 سبتمبر 2022، فكتب، قائلاً: "لو كان السودان الرسمي (و لا أعني الدولة هنا) يعلم قيمة أبنائه لأعلن الحداد علي هذا الإنسان الفذ".