البشير يريد جلد المخمورين وقوش يحتاجهم

 


 

مصطفى سري
20 February, 2010

 

 

نقطة ... وسطر جديد

 

المتابع لحملة حزب المؤتمر الوطني للانتخابات تصيبه الدهشة والاستغراب ، من تناقضاته في الخطاب السياسي والدعائي، وقادة هذا الحزب تعوزهم ضبط الكلمات ، فاذا تابعت العبارات التي يسوقها نافع علي نافع ، وعلي كرتي ، وصلاح قوش تصيبك الحيرة من هول العبارات التي لا يمكن ان تسمعها الا في سوق (الملجة) ،والمدهش ان مرشح الوطني للرئاسة عمر البشير يقود هو ايضاً تلك اللغة الغريبة والبعيدة عن الذوق السياسي ، بل هي لغة منفرة .

وامس البشير وفي غمرة حماسه (الذي لم ينتهي منذ بداية الانقاذ وحتى يوم الناس هذا ) قال ( لا مجاملة في الشريعة لكسب اصوات انتخابية ) ، وزاد : ( كل من يشرب خمرة سنجلده ، ولا نرغب في اصوات اي مخمورين ) ، (الراي العام – 20-فبراير-2010) ثم ربط ذلك مع من طالبوا بالغاء قانون النظام العام الذي خصص لاذلال السودانيين والسودانيات ، وحتى الان لم نقرأ او نسمع من المنافحين لالغاء قانون النظام العام انهم يسعون من اجل شرب الخمر او افشاء الفاحشة كما يتوهم اصحاب المشروع (اللاحضاري) ولا اظن ان من بينهم مقصده هذا ، بل كل ما يسعى له حملة الحريات هو ان تسود العدالة والمساواة واحترام وثيقة الحقوق المضمنة في الدستور الانتقالي الحالي واحترام التعدد الثقافي والاثني والديني ، والبشير وقع على اتفاق السلام الشامل التي هي صلب الدستور بل ( عظمته ولحمته ) ، والاتفاقية ايضا لم تتحدث عن ضرورة ان تفتح البارات كما ظل يكذب علماء ( النظام ) .

 لكن اذا عدنا الى الوراء قليلاً نذكر ان  البشير نفسه اعفى في سابقة والي الخرطوم الاسبق الراحل دكتور مجذوب الخليفة الذي اراد تطبيق قانون النظام العام بحذافيره بمنع توظيف النساء في الكافتريات ومحطات البترول ، وقد ارسل البشير خطاب الاعفاء وهو في رحلة خارجية اظنها نيويورك ، واعتقد ان ذلك كان في العام 2001 ، وقد احاط الصحافيون الغربيون – الذين يكرههم المؤتمر الوطني علناَ ويحبونهم سراً – فما كان من البشير الا ان يصدر قراره باعفاء الخليفة منعاً من حرج ( دول الاستكبار) .

غير ان قادة المؤتمر الوطني يقعون في تناقض من خلال خطابهم السياسي واثناء  حملتهم الحماسية للانتخابات وهذه تقاس بالحالة النفسية التي هم فيها ، لانهم في حالة فقدان للثقة في انفسهم وفي الناخب ، فاذا اخذنا عبارة البشيرالتي قال فيها انه لا يرغب في اصوات المخمورين – دون ان يعرف كم هي اعدادهم – فان مستشاره للشؤون الامنية صلاح قوش قال عكس ما قاله رئيسه، حيث قال قوش في حملته الانتخابية من مروي انه يريد  الناخب الذي  يحمل التبروقة وكذلك الذي يأتي (بقزازته)- طبعا ليس فيها عسل - وانما خمرة ، رغم ان خمور اليوم تحمل في اواني اخرى اذ انتهى عهد الزجاجات ، والناخب المخمور الان لا يدري هل هو يصوت لصالح  قوش الذي يسعى اليه ومن ذات الحزب ام الا يدلي بصوته بسبب ان البشير اصدر تعليماته بانه لا يريد صوت المخمور ، وفي النهاية البشير هو رئيس المؤتمر الوطني ، لكن بؤس هذا الخطاب انه يسجن تطبيق الشريعة في ( الخمور ) وجلد شاربيها ، وربما سمع الكثيرون من السودانيين تلك النكتة الطريفة بعد الاطاحة بنظام نميري الذي توهم بانه يطبق الشريعة الاسلامية ، اذ قبضت الشرطة على رجل مخمور وسالته ان كان سكرناً فاجاب ( اي انا سكران وكمان شيوعي وحلايب مصرية ) في تحدي للسلطة وشرطتها !

والسؤوال  الان وفي غمرة حماس ( الخمور) هذه ، لماذا يتحدث قادة المؤتمر الوطني وهم القاصدون لتطبيق الشريعة الاسلامية الان عن الخمور برفض شاربها وفي ذات الوقت السعي له ؟، رغم انهم  ظلوا طوال العشرين عاماً الماضية يتحدثون عن انهم جاءوا للحكم من اجل تحكيم الشريعة الاسلامية وان ثورة الانقاذ جاءت من اجل المقاصد والمعاني الاسلامية ، وهل يقصد البشير وقادة حزبه في رفض شاربي الخمر من اصحاب الثقافات الاخرى في السودان المتعدد ؟ وهؤلاء تعتبر الخمور عندهم غذاء كامل الدسم وجزء من ثقافتهم بل يجب ان تحترم ، وهنا يقع قادة حزب البشير في شبهة التعارض مع الدستور الانتقالي ، واول ما يتعارض مع الدستور هو ما يسمى بقانون النظام العام ، الذي قلنا انه يذل النساء والرجال من ابناء السودان  مسلمين وغير مسلمين، ورأينا ذلك منذ مجئ الانقاذ قبل اكثر من عشرين عاماً وحتى قبل اشهر بمحاكمة الصحافية لبنى احمد حسين وهي من الشمال ومسلمة ، وكذلك الشابة سليفا كاشف ، وهي من بنات سودانية من الجنوب بسبب ما يسمونه بالزي الفاضح ، والان يتوعد مرشح المؤتمر الوطني للرئاسة عمر البشير باستمرار تلك العقوبة المهينة للمسلمين ولغيرهم ، مسكين هذا الشعب في بحثه عن كرامته !

 

 

mostafa siri [mostafasiri@yahoo.com]

 

آراء