التائهون … بقلم: الطيب مصطفى

 


 

الطيب مصطفى
25 August, 2009

 

زفرات حرى

 

 

 

أحد الكُتاب الشيوعيين نصب نفسه وصياً على المثقفين والسياسيين وكتب في (أخيرة) إحدى صحف الخرطوم عن (البُعد الفكري للعقل السياسي السوداني) مُلقياً المواعظ على أهل السياسة وكأنه السياسي الأول في الكون ومؤكدًا على أهمية التزام (من يريد أن ينمّي ويطوِّر قدراته الفكرية بأربع لاءات: لا للثوابت.. لا للمسلّمات.. لا للبديهيات.. لا للعموميات، فالعقل المثقل بالثوابت والمسلّمات والبديهيات والعموميات ـ على حد قوله ـ هو عقل صدئ يصعب أن يتقبَّل الإشارات الفكرية))!!عجبتُ والله من هذه الأفكار الشيطانية التي تذكِّرني بقول الملحد المصري السفيه محمد عبدالعزيز إسحق الذي قال: (إن إبليس أول شهداء حرية الفكر)!! هذاالمسكين يجهل أن إبليس كان أكثر إيماناً منه كونه يؤمن باليوم الآخر ويدعو الله تعالى أن ينظره إلى يوم يُبعثون ولذلك فإن إبليس يعلم أنه تحت قبضة القويّ الجبّار سبحانه وتعالى ويستأذن ربَّه قبل أن يمارس غوايته للبشر ونشره للفحشاء والمنكر.الكاتب الشيوعي الذي استضافه أحدُ الإسلاميين في صحيفته يقول: (لا للثوابت لا للمسلمات) أي أن على الإنسان أن يكون مثل الحيوان لا تحكمه قِيمٌ أو أخلاق وهل تقوم الأخلاق إلا على ثوابت ومسلّمات الدين التي تضبط السلوك وتهذِّب النفوس والتصرفات (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون).لا للثوابت والمسلّمات في ثقافة هذا المسكين حتى ولو كان إيماناً بالله العزيز الحكيم والتزاماً بقرآنه وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم!! بربكم ألم تنزل آية: (وكنا نخوض مع الخائضين) إلا على أمثال هؤلاء الذين آمنوا بفكر رجل ميت وكافر يسمّى ماركس وظلوا عميان حتى بعد أن هلك وهلكت دولتُه ونظريتُه وطواها النسيان!! بينما يكفرون بهدى الحي القيوم؟!أعجب والله لهؤلاء الحيارى والتائهين الذين تمضي بهم الأيام والسنون ويقتربون من الموت في كل لحظة وحينٍ ولا يرعوون رغم أنهم يرون الناس حولهم كلَّ يومٍ يُحملون إلى مقابر البكري وفاروق وغيرهما!!نسي هؤلاء الفارون من الله أنهم لا يملكون أن يخرجوا على سلطان الله وأنهم لا يستطيعون أن يُطيلوا أعمارهم أو يُزيحوا الموت من طريقهم أو يعرفوا شيئاً عن سرّ الموت والحياة وعن أسرار هذا الكون بل ولا عن أسرار كوكبهم الأرضي وبالرغم من ذلك تراهم يجعجعون ويملأون الدنيا ضجيجاً وينصبون أنفسهم أوصياء على الآخرين وينصحونهم بأن يتخلوا عن الثوابت والمسلّمات التي يؤمنون بها!!تأملوا بربكم قول هذا التائه في مقال آخر بعنوان: (تحالف اليسار السوداني) حين تحدث عما سمّاه (بإشكالية الإيمان بالأديان في ظل دولة مدنية لا دينية)!! فالإيمان بالأديان عند هذا الحائر يمثِّل مشكلة في الدولة المدنية التي يدعو إليها!!بربكم أيهم أكثر إيماناً رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو والرئيس الفرنسي ساركوزي أم هذا المسكين الذي يكتب بهذه الجرأة دون أن يخشى عاقبة ذلك في الدنيا والآخرة هذا بالطبع إن كان يؤمن بالآخرة!!قرأت من قبل كلاماً جميلاً يقول إن بروز النفاق في المجتمع دليل صحة وعافية وانتصار للإسلام ذلك أنه عندما يمتلئ المجتمع إسلاماً تقوى سطوةُ الحق وسلطانُه ويخنس صوتُ الخارجين عليه وينزوي ويتوارى خوفاً وفزعاً من ردة فعل المجتمع المعافى وذلك ما حدث في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم أما عندما يصبح الحق مضاعاً مستضعَفاً فإن الباطل يصدع بضلاله ويتبرج بفجوره (صحفية الشيشة الكاسية العارية في منتصف الليل) وذلك ما حدث في مكة قبل الفتح!!أين نحن يا تُرى.. أفي المدينة أم في مكة؟!سارة حامد الزين والظلم الفادح!!قرأت من قبل وسمعت الكثير عن الظلم الذي حاق ولا يزال بالمغتربين الذين كانت إدارة القبول بوزارة التعليم العالي تبطش بأبنائهم وتحرمهم من الدراسة بالجامعات السودانية بالرغم من الضرائب الباهظة التي كانت تُفرض على آبائهم والتي أسهم بها المغتربون في حل الكثير من الضوائق التي عانى منها السودان وكنت شاهداً على الظلم خلال سني اغترابي الطويل في دولة الإمارات العربية المتحدة وشهدت كيف حُرمت ابنة شقيقتي من الدراسة بالسودان بالرغم من أنها أحرزت نتيجة متميِّزة تكاد تقارب الدرجة الكاملة مما اضطرها إلى دراسة الهندسة بالقاهرة ومرّ بعد ذلك زمانٌ أُتيحت فرصٌ جيدة لأبناء المغتربين الذين كان ينبغي أن تُفتح لهم الأبواب من أول يوم بغرض زيادة درجة انتمائهم لوطنٍ لم يروه ويستنشقوا هواءه ويترعرعوا في ترابه إلا لماماً وما كنتُ سأصدِّق أو أتخيل أن يبلغ الظلم درجة أن تغلَق جامعة الخرطوم أمام أبناء المغتربين إلا عن طريق القبول الخاص حتى ولو أحرز الطالب أو الطالبة مائة في المائة.هاكم الدليل فقد  أحرزت الطالبة النجيبة سارة حامد محمد الزين ٥٠،٩٩٪ من المملكة العربية السعودية. أي أنه لم يبعد بينها وبين إحراز الدرجة الكاملة إلا أقل من واحد في المائة، وبالرغم من ذلك حُرمت من دخول جامعة الخرطوم ولا مجال أمامها إلا القبول الخاص بدفع مبلغ ٦١ مليون جنيه كل عام لدراسة طب الأسنان.بربكم هل هذا من العدل وهل تعتبر إدارة القبول أن الدراسة خارج السودان لا تستحق أن يُعترف بها أم أن هناك قراراً باعتبار جامعة الخرطوم جامعة خاصة لأبناء المغتربين لا سبيل إلى دخولها إلا لمن استطاع إليها سبيلاً؟! وهل تفترض إدارةُ القبول أن مواطني تلك الدول ممن يُحتفى بهم ويُقبلون في أرقى الجامعات والتخصصات إنْ هم أحرزوا الدرجة التي أحرزتها سارة أناسٌ أغبياء وكذلك جامعاتهم مؤسسات لا تقبل إلا الفاقد التربوي؟!أعجب والله لماذا يُعترف بالشهادة العربية في كل دول العالم ما عدا السودان الذي يُصرُّ على تبخيس تلك الشهادات بالرغم من انحدار التعليم في السودان الذي شهد به حتى كثير من القائمين بأمره؟!أرجو أن أتلقّى إجابة شافية تُقنع الطالبة سارة وذويها أنهم سودانيون يُفترض أن تتاح لهم جامعة الخرطوم لا كجامعة خاصة وإنما كجامعة حكومية تقبل كل من يحرز الدرجات التي تؤهله لدخولها وهل من درجات أعلى من درجات سارة؟!.

 

 

آراء