التحول الديمقراطي في السودان تحت تأثير حيرة ما بعد الصحوة الاسلامية
طاهر عمر
10 March, 2023
10 March, 2023
العالم العربي و الاسلامي أسير ثقافة تقليدية قاتلة بما تحتويه من تقديس و تبجيل للنصوص الدينية و خاصة عندما كانت في مأمن بسبب رفض النخب بأن يخضع التراث للتفكيك و التأويل و مسألة تاريخية النص كما حدث للمسيحية و اليهودية و بعدها فتح المجال لفكر ذو نزعة إنسانية يتخلص من الايمان التقليدي و ما يتصف به من تقديس و تبجيل.
أكثر حقبة كانت حالكة الظلام و قد مكّنت لفكر الثقافة العربية الاسلامية التقليدية هي حقبة فشل جمال عبد الناصر في العبور و ترسيخ قيم الجمهورية و بعد موته ورث أتباع الحركات الاسلامية ركام جمال عبد الناصر و فشله و عجزه في الوصول لفكرة قيم الجمهورية.
و قد رأينا كيف عم فكر الصحوة الاسلامية في العالم العربي و الاسلامي بداية في مصر و بعدها في السعودية و بقية أنحاء العالم العربي و الاسلامي و وصل قمته بوصول الخمينية الى السلطة في ايران و بعدها حرب أفغانستان و دخول العالم العربي و الاسلامي في أوهام الجهاد حيث أستفاد منها الغرب في محاربة الاتحاد السوفيتي و إضعافه الذي أدى لسقوطه.
النخب السودانية وسط هذه المعمعة في حراك الثقافة العربية الاسلامية التقليدية كان لهم خفة عجيبة فاذا بالنميري بعد خدعة الكيزان له و مبايعته أمير مؤنيين يسن قوانيين سبتمبر و بعدها تنفتح شهية الكيزان و يبتلعون السودان كله بتمامه و كماله بإنقلابهم عام 1989.
المضحك في الأمر أن المملكة العربية فهمت جيدا بأن الثقافة العربية الاسلامية التقليدية و خاصة فكر الوهابية به لا يمكن تحقيق أي نهضة تفتح على إزدهار مادي و بالتالي كانت فكرة مشروع ولي العهد 2030 و بعدها أوقفت السعودية نشاط رجال الدين في السعودية و فكرهم المعتمد على التقديس و التبجيل و لا يفتح على غير ايمان تقليدي.
هذا بعد أن وصل الإرهاب الى تنفيذ عمليات داخل السعودية و بعدها أينقت السعودية من أن الثقافة العربية الاسلامية التقليدية لا تقود إلا الى متاهة و قد خرجت منها السعودية و أغلقت باب الدخول إليها.
و لكن بعد نصف قرن من وقوف السعودية خلف مشروع الصحوة الاسلامية كما رأينا بدايتها و كيف أزهرت أزهار الشر إذا استلفنا عنوان ديوان شارل بودلير و لكن بما أن للسعودية أموال طائلة بسبب سلعة الطلب عليها عالمي أي البترول فلها ما يكفي من أموال يجعلها تدخل في مشاريع مثل فكرة 2030 حتى تفارق بها زخم عقود الصحوة الاسلامية التي امتد بها وهم الشعوب العربية و الاسلامية لخمسة عقود أي منذ عام 1970.
و إذا بالسعودية بسبب أموالها المتراكمة تدخل في حقبة ما بعد الصحوة الاسلامية و تسير باتجاة موعدها مع الحضارات و إذا نجحت ستكون مع موعد مع التاريخ بعد أن فارقت فكر الثقافة العربية الاسلامية التقليدية التي كانت تجسده الوهابية.
شوف المفارقة العجيبة السعودية بسبب أموال البترول تعبر حقبة ما بعد الصحوة بكل هدؤ و تطرح مشاريع نهضوية و يفشل التحول الديمقراطي في مصر بعد وصول كيزان مصر للسلطة بعد إنتصار ثورة الربيع في مصر و يصل للسلطة في مصر أغبى رئيس مصري و هو السيسي.
و في تونس يفسد الغنوشي عشرية تونس بسبب كيزان تونس و بسبب قلة الأموال تغوص تونس في وحل فكرها الديني و يفشل السيسي في نقل مصر الى مستوى دولة صناعية و لا يكون ذلك إلا في ظل نظام ديمقراطي معاكس لنظام السيسي التسلطي.
الذي أريد توضيحه أن بداية حقبة الصحوة الاسلامية في بداية عام 1970 كانت متزامنة مع فشل جمال عبد الناصر في الانتقال الى قيم الجمهورية التي تفتح على نظم ديمقراطية في العالم العربي و الاسلامي.
تزامن ذلك مع نهاية الكنزية كديناميكية في الغرب الصناعي و لولا إتجاه العالم العربي و الاسلامي باتجاه فكر الصحوة الاسلامية لكانت عقود الصحوة الخمسة و هي نصف قرن كافية لترسيخ فهم يفتح على قيم الجمهورية و يفتح على ديمقراطية مستدامة و تنمية مستدامة.
و يكون العالم العربي و الاسلامي من قبل خمسة عقود قد بدأ مسار ما بعد الصحوة كحيرة تسيطر على العالم العربي و الاسلامي التقليدي اليوم كما تعيش السعودية لحظة ما بعد الصحوة الاسلامية و هي تسير و يدها على قلبها خائفة من أن يفشل مشروعها النهضوي.
رغم أنها لها أي السعودية من تراكم أموال البترول ما يمول مشروعها النهضوي و لكن السؤال هل ستنجح السعودية في نقل تجربة الغرب الصناعية و تصير كما كوريا الجنوبية و اليابان و بعد كم من السنيين؟
هل ستنجح السعودية و تعبر الامتحان الذي فشلت فيه مصر أي فشل مصر في أن تصبح دولة صناعية كما تسأل الاقتصادي المصري جلال أمين في كتابه ماذا حدث للمصريين؟ و معروف أن مصر لا يمكن أن تخرج من إختناقاتها الاجتماعية و الاقتصادية بغير أن تتحول الى دولة صناعية و لا يمكن أن تتحول لدولة صناعية في ظل نظم شمولية تسلطية كنظام السيسي.
ما أود قوله للنخب السودانية هو تذكيرهم أن العالم العربي و الاسلامي يعيش منذ عقد من الزمن حقبة حيرة ما بعد فشل الصحوة الاسلامية في العالم العربي و الاسلامي و بما أن ثورة ديسمبر كانت ضد ذروة الصحوة الاسلامية في السودان أي حقبة إنحطاط لثلاثة عقود تحت حكم الكيزان.
ينبغي على النخب السودانية الا تحتاج للتذكير بأن العالم العربي و الاسلامي قد فارق فكر الثقافة العربية الاسلامية التقليدية و أنه يعيش في حيرة ما بعد الصحوة الاسلامية و هذا وحده كان كافي لتشجيع النخب السودانية على تفكيك التمكين و التعامل بلا رحمة مع عنصر الكيزان البشري في مفاصل الدولة كركام مضر يصل ضرره ضرر النفايات المشعة.
و يجب إبعادهم من الواجهة أي كيزان السودان كما تعاملت السعودية مع أتباع الوهابية و قد قال ولي العهد السعودي مع فكر الوهابية لا يمكن تحقيق إزدهار تنموي و لا قبول أفكار الحداثة.
المهم في الأمر نريد أن ينتبه القارئ لهذه المقارنة مابين بداية الصحوة الاسلامية بعد فشل مشروع جمال عبد الناصر و قد تزامن مع نهاية الكينزية كديناميكية أنظر كيف إتجه الغرب الصناعي بعد أزمة الطاقة الى ديناميكية النيوليبرالية وكيف إتجه العالم العربي و الاسلامي التقليدي الى فكر حقبة الصحوة الاسلامية التي وصلت الى نهاية نفق مسدود بعد تجربة مرة في العالم العربي و الاسلامي و قد أدرك أخيرا مأزق الثقافة العربية الاسلامية التقليدية؟
و الآن العالم العربي و الاسلامي في حقبة ما بعد نهاية الصحوة الاسلامية و حيرتها و الغرب يتجه الى الحماية الاقتصادية بعد فشل النيوليبرالية كديناميكية.
الفرق بين أزمة العالم العربي و الاسلامي التقليدي و أزمة دول الغرب الصناعية أن الرأسمالية تخرج دوما من إختناقاتها الأقتصادية أكثر قوة و ها هي الثقافة العربية الاسلامية التقليدية تخرج من أزمة فكر الصحوة الاسلامية أكثر ضعف و و أكثر تشظي.
السبب بسيط جدا من قبل قرنيين و نصف نجح الغرب في فك إرتباط الاقتصاد من كل من الفلسفة و الدين و أصبح الفكر الاقتصادي يتطور الى أن وصل لما وصل إليه و ما زالت النخب السودانية أسيرة فكر إقتصادي لاقتصاديين سودانيين يتوهمون في أن سعر الفائدة يفتح للدخول في مناشط اقتصادية ربوية و هذا نتاج فقرهم الفكري الذي يجردهم من سلاح التجاسر على التراث كما فعل جون كالفن مع التراث اليهودي المسيحي و قد أسس لفكرة سعر الفائدة و صار الاب الشرعي لسعر الفائدة.
المهم في الأمر نختم المقال بتنبيه النخب السودانية الى أن فكرة التحول الديمقراطي تحتاج لخطوات ثابتة في طريق يمتد لخمسة عقود و يحتاج لفكر ذو نزعة إنسانية و ليست أحلام صحوة إسلامية حينما فشلت بعد خمسة عقود فاذا بالعالم العربي و الاسلامي التقليدي يعيش حيرتها.
و هو أي العالم الاسلامي العربي التقليدي في أضعف حلقاته بعدما أضناه التشظي الاجتماعي بسبب غياب إدراك التحول في المفاهيم و إدراك فكرة قيم الجمهورية التي تؤسس للعلاقة ما بين الفرد و الدولة التي تثمر المسؤولية الاجتماعية نحو الفرد حيث تؤسس لفكرة الضمان الاجتماعي الذي يحفظ كرامة الانسان بحكم وجوده كموجود.
وعليه نقول للنخب السودانية لا يجوز إنقسامكم لجذريين و إطاريين لأن المهمة صعبة جدا و طريقها طويل ربما يحتاج لنصف قرن من الزمن و مسألة نجاحها و أنتم مجتمعين كاطاريين و جذريين مشكوك في أمرها و أنتم على مستوى فكركم المتخلف عن مستوى فكر نخب العالم المتقدم فكيف يكون نجاحها و أنتم مختلفين؟
أما الجيش و الدعم السريع فمسألة التحول الديمقراطي لا يعنيكم في شئ لأنكم لم تكن مهمتكم ذات علاقة بالتحول الديمقراطي لأن الذي نتحدث عنه يخص علماء الاجتماع و الفلاسفة و المؤرخيين غير التقليديين و الاقتصاديين و خاصة أن المجتمع السوداني يحتاج لشخصية تاريخ تدرك مفهوم الانسانية التاريخية و الانسان التاريخي.
مثل ما حدث لامريكا في حقبة الكساد الاقتصادي العظيم 1929 حيث ظهر روزفلت محاط بمشرعيين عبروا بالأمة لحظة تشظيها و هم متسلحيين بفكر توماس بين المتاثر بفكر كل من جان جاك روسو و جون لوك و فكرة العقد الاجتماعي على قاعدة علم إجتماع منتسكيو.
السودان الآن حاله كحال أوروبا ما بعد الحربية العالمية الثانية يحتاج لمفكريين يندر وجودهم وسط النخب السودانية و قد رأينا كيف عبرت أوروبا عبر ديناميكية الكنزية و خطة مارشال ركام ما بعد الحرب العالمية الثانية و هذا يصعب فعله مع نخب ما زالت تردد شعرها المحبب لن يحكمنا البنك الدولي حيث يلتقي الكوز مع الشيوعي السوداني.
taheromer86@yahoo.com
////////////////////////////
/////////////////////////////
أكثر حقبة كانت حالكة الظلام و قد مكّنت لفكر الثقافة العربية الاسلامية التقليدية هي حقبة فشل جمال عبد الناصر في العبور و ترسيخ قيم الجمهورية و بعد موته ورث أتباع الحركات الاسلامية ركام جمال عبد الناصر و فشله و عجزه في الوصول لفكرة قيم الجمهورية.
و قد رأينا كيف عم فكر الصحوة الاسلامية في العالم العربي و الاسلامي بداية في مصر و بعدها في السعودية و بقية أنحاء العالم العربي و الاسلامي و وصل قمته بوصول الخمينية الى السلطة في ايران و بعدها حرب أفغانستان و دخول العالم العربي و الاسلامي في أوهام الجهاد حيث أستفاد منها الغرب في محاربة الاتحاد السوفيتي و إضعافه الذي أدى لسقوطه.
النخب السودانية وسط هذه المعمعة في حراك الثقافة العربية الاسلامية التقليدية كان لهم خفة عجيبة فاذا بالنميري بعد خدعة الكيزان له و مبايعته أمير مؤنيين يسن قوانيين سبتمبر و بعدها تنفتح شهية الكيزان و يبتلعون السودان كله بتمامه و كماله بإنقلابهم عام 1989.
المضحك في الأمر أن المملكة العربية فهمت جيدا بأن الثقافة العربية الاسلامية التقليدية و خاصة فكر الوهابية به لا يمكن تحقيق أي نهضة تفتح على إزدهار مادي و بالتالي كانت فكرة مشروع ولي العهد 2030 و بعدها أوقفت السعودية نشاط رجال الدين في السعودية و فكرهم المعتمد على التقديس و التبجيل و لا يفتح على غير ايمان تقليدي.
هذا بعد أن وصل الإرهاب الى تنفيذ عمليات داخل السعودية و بعدها أينقت السعودية من أن الثقافة العربية الاسلامية التقليدية لا تقود إلا الى متاهة و قد خرجت منها السعودية و أغلقت باب الدخول إليها.
و لكن بعد نصف قرن من وقوف السعودية خلف مشروع الصحوة الاسلامية كما رأينا بدايتها و كيف أزهرت أزهار الشر إذا استلفنا عنوان ديوان شارل بودلير و لكن بما أن للسعودية أموال طائلة بسبب سلعة الطلب عليها عالمي أي البترول فلها ما يكفي من أموال يجعلها تدخل في مشاريع مثل فكرة 2030 حتى تفارق بها زخم عقود الصحوة الاسلامية التي امتد بها وهم الشعوب العربية و الاسلامية لخمسة عقود أي منذ عام 1970.
و إذا بالسعودية بسبب أموالها المتراكمة تدخل في حقبة ما بعد الصحوة الاسلامية و تسير باتجاة موعدها مع الحضارات و إذا نجحت ستكون مع موعد مع التاريخ بعد أن فارقت فكر الثقافة العربية الاسلامية التقليدية التي كانت تجسده الوهابية.
شوف المفارقة العجيبة السعودية بسبب أموال البترول تعبر حقبة ما بعد الصحوة بكل هدؤ و تطرح مشاريع نهضوية و يفشل التحول الديمقراطي في مصر بعد وصول كيزان مصر للسلطة بعد إنتصار ثورة الربيع في مصر و يصل للسلطة في مصر أغبى رئيس مصري و هو السيسي.
و في تونس يفسد الغنوشي عشرية تونس بسبب كيزان تونس و بسبب قلة الأموال تغوص تونس في وحل فكرها الديني و يفشل السيسي في نقل مصر الى مستوى دولة صناعية و لا يكون ذلك إلا في ظل نظام ديمقراطي معاكس لنظام السيسي التسلطي.
الذي أريد توضيحه أن بداية حقبة الصحوة الاسلامية في بداية عام 1970 كانت متزامنة مع فشل جمال عبد الناصر في الانتقال الى قيم الجمهورية التي تفتح على نظم ديمقراطية في العالم العربي و الاسلامي.
تزامن ذلك مع نهاية الكنزية كديناميكية في الغرب الصناعي و لولا إتجاه العالم العربي و الاسلامي باتجاه فكر الصحوة الاسلامية لكانت عقود الصحوة الخمسة و هي نصف قرن كافية لترسيخ فهم يفتح على قيم الجمهورية و يفتح على ديمقراطية مستدامة و تنمية مستدامة.
و يكون العالم العربي و الاسلامي من قبل خمسة عقود قد بدأ مسار ما بعد الصحوة كحيرة تسيطر على العالم العربي و الاسلامي التقليدي اليوم كما تعيش السعودية لحظة ما بعد الصحوة الاسلامية و هي تسير و يدها على قلبها خائفة من أن يفشل مشروعها النهضوي.
رغم أنها لها أي السعودية من تراكم أموال البترول ما يمول مشروعها النهضوي و لكن السؤال هل ستنجح السعودية في نقل تجربة الغرب الصناعية و تصير كما كوريا الجنوبية و اليابان و بعد كم من السنيين؟
هل ستنجح السعودية و تعبر الامتحان الذي فشلت فيه مصر أي فشل مصر في أن تصبح دولة صناعية كما تسأل الاقتصادي المصري جلال أمين في كتابه ماذا حدث للمصريين؟ و معروف أن مصر لا يمكن أن تخرج من إختناقاتها الاجتماعية و الاقتصادية بغير أن تتحول الى دولة صناعية و لا يمكن أن تتحول لدولة صناعية في ظل نظم شمولية تسلطية كنظام السيسي.
ما أود قوله للنخب السودانية هو تذكيرهم أن العالم العربي و الاسلامي يعيش منذ عقد من الزمن حقبة حيرة ما بعد فشل الصحوة الاسلامية في العالم العربي و الاسلامي و بما أن ثورة ديسمبر كانت ضد ذروة الصحوة الاسلامية في السودان أي حقبة إنحطاط لثلاثة عقود تحت حكم الكيزان.
ينبغي على النخب السودانية الا تحتاج للتذكير بأن العالم العربي و الاسلامي قد فارق فكر الثقافة العربية الاسلامية التقليدية و أنه يعيش في حيرة ما بعد الصحوة الاسلامية و هذا وحده كان كافي لتشجيع النخب السودانية على تفكيك التمكين و التعامل بلا رحمة مع عنصر الكيزان البشري في مفاصل الدولة كركام مضر يصل ضرره ضرر النفايات المشعة.
و يجب إبعادهم من الواجهة أي كيزان السودان كما تعاملت السعودية مع أتباع الوهابية و قد قال ولي العهد السعودي مع فكر الوهابية لا يمكن تحقيق إزدهار تنموي و لا قبول أفكار الحداثة.
المهم في الأمر نريد أن ينتبه القارئ لهذه المقارنة مابين بداية الصحوة الاسلامية بعد فشل مشروع جمال عبد الناصر و قد تزامن مع نهاية الكينزية كديناميكية أنظر كيف إتجه الغرب الصناعي بعد أزمة الطاقة الى ديناميكية النيوليبرالية وكيف إتجه العالم العربي و الاسلامي التقليدي الى فكر حقبة الصحوة الاسلامية التي وصلت الى نهاية نفق مسدود بعد تجربة مرة في العالم العربي و الاسلامي و قد أدرك أخيرا مأزق الثقافة العربية الاسلامية التقليدية؟
و الآن العالم العربي و الاسلامي في حقبة ما بعد نهاية الصحوة الاسلامية و حيرتها و الغرب يتجه الى الحماية الاقتصادية بعد فشل النيوليبرالية كديناميكية.
الفرق بين أزمة العالم العربي و الاسلامي التقليدي و أزمة دول الغرب الصناعية أن الرأسمالية تخرج دوما من إختناقاتها الأقتصادية أكثر قوة و ها هي الثقافة العربية الاسلامية التقليدية تخرج من أزمة فكر الصحوة الاسلامية أكثر ضعف و و أكثر تشظي.
السبب بسيط جدا من قبل قرنيين و نصف نجح الغرب في فك إرتباط الاقتصاد من كل من الفلسفة و الدين و أصبح الفكر الاقتصادي يتطور الى أن وصل لما وصل إليه و ما زالت النخب السودانية أسيرة فكر إقتصادي لاقتصاديين سودانيين يتوهمون في أن سعر الفائدة يفتح للدخول في مناشط اقتصادية ربوية و هذا نتاج فقرهم الفكري الذي يجردهم من سلاح التجاسر على التراث كما فعل جون كالفن مع التراث اليهودي المسيحي و قد أسس لفكرة سعر الفائدة و صار الاب الشرعي لسعر الفائدة.
المهم في الأمر نختم المقال بتنبيه النخب السودانية الى أن فكرة التحول الديمقراطي تحتاج لخطوات ثابتة في طريق يمتد لخمسة عقود و يحتاج لفكر ذو نزعة إنسانية و ليست أحلام صحوة إسلامية حينما فشلت بعد خمسة عقود فاذا بالعالم العربي و الاسلامي التقليدي يعيش حيرتها.
و هو أي العالم الاسلامي العربي التقليدي في أضعف حلقاته بعدما أضناه التشظي الاجتماعي بسبب غياب إدراك التحول في المفاهيم و إدراك فكرة قيم الجمهورية التي تؤسس للعلاقة ما بين الفرد و الدولة التي تثمر المسؤولية الاجتماعية نحو الفرد حيث تؤسس لفكرة الضمان الاجتماعي الذي يحفظ كرامة الانسان بحكم وجوده كموجود.
وعليه نقول للنخب السودانية لا يجوز إنقسامكم لجذريين و إطاريين لأن المهمة صعبة جدا و طريقها طويل ربما يحتاج لنصف قرن من الزمن و مسألة نجاحها و أنتم مجتمعين كاطاريين و جذريين مشكوك في أمرها و أنتم على مستوى فكركم المتخلف عن مستوى فكر نخب العالم المتقدم فكيف يكون نجاحها و أنتم مختلفين؟
أما الجيش و الدعم السريع فمسألة التحول الديمقراطي لا يعنيكم في شئ لأنكم لم تكن مهمتكم ذات علاقة بالتحول الديمقراطي لأن الذي نتحدث عنه يخص علماء الاجتماع و الفلاسفة و المؤرخيين غير التقليديين و الاقتصاديين و خاصة أن المجتمع السوداني يحتاج لشخصية تاريخ تدرك مفهوم الانسانية التاريخية و الانسان التاريخي.
مثل ما حدث لامريكا في حقبة الكساد الاقتصادي العظيم 1929 حيث ظهر روزفلت محاط بمشرعيين عبروا بالأمة لحظة تشظيها و هم متسلحيين بفكر توماس بين المتاثر بفكر كل من جان جاك روسو و جون لوك و فكرة العقد الاجتماعي على قاعدة علم إجتماع منتسكيو.
السودان الآن حاله كحال أوروبا ما بعد الحربية العالمية الثانية يحتاج لمفكريين يندر وجودهم وسط النخب السودانية و قد رأينا كيف عبرت أوروبا عبر ديناميكية الكنزية و خطة مارشال ركام ما بعد الحرب العالمية الثانية و هذا يصعب فعله مع نخب ما زالت تردد شعرها المحبب لن يحكمنا البنك الدولي حيث يلتقي الكوز مع الشيوعي السوداني.
taheromer86@yahoo.com
////////////////////////////
/////////////////////////////