الترابي: فتح الحدود بين السودان ومصر ضروري .. وحلايب يجب أن تكون منطقة تواصل لا نزاع

 


 

 

"أفريقيا اليوم"  تحاور  "الترابي" قبل أيام من زيارته  للقاهرة  :

فتح الحدود بين السودان ومصر ضروري .. وحلايب يجب أن تكون منطقة تواصل لا نزاع


الشعب المصري أطلق سراحه ولا خوف عليه من إفرازات الثورة

علي إخوان مصر الإستفادة من إخفاقات التجربة الإسلامية في السودان

أخاف من دارفور... وأبيي يمكن أن تفجر السلام بين الشمال والجنوب

لن أرد على الصادق المهدي.. وعلي عثمان فرصته ضعيفة في المرحلة المقبلة


الخرطوم- أفريقيا اليوم :  صباح موسى sabahmousa@hotmail.com
الشيخ حسن عبد الله الترابي الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي السوداني هو أحد القيادات المهمة والبارزة في العالم الإسلامي، كان أحد رجال الحكم في السودان في الفترة من عام 89 حتى عام 2000، فهو المدبر الفعلي للإنقلاب الذي جاء بحكومة الرئيس عمر البشير على حكومة الصادق المهدي، رغم وجوده بالسجن آنذاك.
ظل الرجل رقما بارزا في حكومة الخرطوم، إلى أن عصفت به الخلافات، وأخرج من  دائرة الحكم  في عملية عرفت بإنقلاب رمضان، وكان رئيسا للبرلمان السوداني وقتها، ومن ذلك الحين والرجل أحد أبرز القيادات المعارضة لنظام البشير، وأصبح حلفاء الأمس أعداء اليوم، ولم تنجح أي جهود للوساطة بينه وبين تلاميذه الذين أتى بهم إلى السلطة حتى الآن.
النظام المصري السابق كان يتخذ من الترابي موقفا غامضا، فكانت هناك إتهامات مصرية له بأنه الرأس المدبر لمحاولة إغتيال  الرئيس السابق حسني مبارك عام 1995 في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، رغم أنه كان دائم النفي لهذا الإتهام، وكان يؤكد أن الحكام في مصر يعلمون جيدا من الذي خلف هذه المحاولة، ولذلك منع من دخول مصر، وظل إسمه مع عدد من قيادات حزبه على رأس قائمة الممنوعين من دخول القاهرة، والتي حاول كثيرا زيارتها، ولكن محاولاته باءت بالفشل، وظل قرابة الثلاثين عاما بعيدا عن تحقيق هذا الحلم، ومع مجئ الثورة المصرية، رفعت قوائم الحظر من مطار القاهرة، وانفرجت أسارير الرجل الذي كان معتقلا في سجون الخرطوم، وفور خروجه من السجن أعلن ترحيبه بالثورة المصرية، التي كان دائما يتمنى لشعبها وشبابها الإنطلاق، وقرر زيارة المدينة التى طالما حلم بزيارتها، للتفاعل مع مثقفيها، وكتابها وشيوخها، يريد أن يصحح المفاهيم المغلوطة التي رسمها النظام السابق ورجالاته عنه في مصر...  "أفريقيا اليوم" www.africaalyom.com قابلت الترابي في الخرطوم قبل زيارته للقاهرة ووقفت معه على أهم القضايا والتحديات التي تواجه مصر بعد الثورة...  وفيما يلي نص الحوار والذي ينشر بالتزامن مع جريدة اليوم السابع.

هناك أخبار بأنك قررت زيارة مصرماهي ترتيبات هذه الزيارة؟
-    نعم قررت زيارة القاهرة بعد الثورة، وهناك وفد   من الحزب الآن  في مصر للتمهيد للزيارة وهم المحبوب عبد السلام الناطق الرسمي بالحزب في الخارج، وكمال عمر الأمين السياسي، ونجوى عبد اللطيف مسئولة المرأة، وسوف يقابلون كل الإتجاهات والأحزاب السياسية بمصر، وهم بالفعل قابلوا المرشد العام للإخوان المسلمين د محمد بديع والإخوان رحبوا بزيارتي للقاهرة، وقال لهم بديع أنه سيزور الخرطوم قريبا.

هل هناك جهة مصرية معينة قدمت لكم الدعوة؟
-    لا ليست هنالك جهة معينة، وإنما سآتي مصر لأزور كل الأحزاب والإتجاهات ومرشحي الرئاسة والشخصيات العامة والكتاب، وكل أطياف المجتمع.

متى ستبدأ هذه الزيارة؟
-    أنوي زيارة تونس واليمن وتركيا ومصر، من الممكن أن نقول في خلال أسبوعين أو ثلاثة على أقصى تقدير، فلدي بعض الأعمال في السودان، فدارفور لم تشهد تقدما، وكذلك المشاكل مع الجنوب.

لماذا  برأيك كنت ممنوعا  من زيارة مصر؟
-    كانت هناك اتهامات بأنني وراء محاولة إغتيال مبارك، مع أن النظام السابق في مصر كان يعلم تماما من هو المدبر الفعلي لهذه العملية، واستقبلوهم بمصر، ولكن أنا منعوني، ربما إرضاءا للنظام في الخرطوم، رغم أنهم كانوا يستقبلون كل المعارضة السياسية بالبلاد وقياداتها، وكذلك الحركات المسلحة بدارفور.
-    المشهد المصري

قبل زيارتك للقاهرة ماهي قراءتك للمشهد السياسي في مصر بعد الثورة؟
-    هناك عبر دائما من الثورات، ودائما العداء للنظام الذي كان، ولو سألنا الثوار ماذا يريدون بعد ذلك يحتاجون إلى تفكير، والمفروض ألا نقف عند العداءات، والمجتمع معقد، وهنالك قطاعات كبيرة في مصر مخلصة، فمثلا السلفيين مخلصون ولكن مخلصين دينا في شعائرهم، ولكن في شئون الحياة و القضايا الكبري والهموم يبحثون عن الدين، لأنهم لم يتعايشوا مع الناس وليس لديهم تجربة في الإدارة، من قبل عندما كنا إخوانا تيمنا بإخوان مصرومناصرتهم، ولم يكن بنا علاقة سوى ذلك الإسم، بعد ذلك قلنا قومية وهي كلمة عادية في السودان للتعدد، انفتحنا على الآخرين حتى قبل دخولنا للحكم، وكانت لنا علاقات بالخارج، وبالأحزاب الأخرى كالشيوعي، فلابد من الحياة في إطار أكبر من العلاقات الإجتماعية والثقافية والسياحية والرياضية والسياسية وغيرها، وذهبنا للسعودية وللصين وغيرهما من الدول بغية الإنفتاح على الآخر في الداخل والخارج.

-    وماتقييمك لحالة الإنفلات الأمني التي جاءت بعد الثورة؟
-    أراها أمرا  طبيعيا ، فبعد كل الثورات تحدث دائما حالة من الفوضى، فالشعب كله كان مكبوتا، وكل همه هو هدم النظام ، وها قد حدث وهو سهل، والبناء هو الأصعب، ولكني أقول أن مصر مجتمعها مترابط، ولا خوف عليه، الثورات خربت بلدان أخرى نتيجة الفتنة في السلطة مثلما حدث في الصومال، فالدين هناك واحد، ولكنها الفتنة، لكن أثق أن هذا لن يحدث في مصر..
في تقديرك ماهي فرص الإخوان المسلمين في حكم مصر؟
-    صمت قليلا ....    والله فرصهم واسعة، وكنت أتحدث معهم أن ينزلوا منهجهم إلى الناس والحياة العامة وفي كل الأمور التي تهم قطاعات كبيرة من الشعب في الإقتصاد والمعاش والاتصال، وغيرها من أمور الحياة، حتى يكتسبوا التجربة.

معنى ذلك أنه كان هناك حوار بينك وبين الإخوان في مصر في السابق؟
-    لا ليس كذلك، ولكن كان يزورني قيادات منهم وتجار عندما كانوا يأتون للخرطوم بشكل فردي، وكنا نتبادل الكتب وكنت أنصحهم بالمنهج ونزوله لأرض الواقع، والإبتعاد عن الشعارات للدخول في كل القضايا والتفاعل معها، حتى يكون هناك تجربة، وعندما تأتي الفرصة في الحكم تكون الأمور سهلة، أما عدم نزول الأفكار يجعل الأفق ضيقا، وأشفق على الشعوب، فلو فشلت الحركة معناها أزمة كبيرة على البلاد.

وما رأيك في فكر الإخوان بالفصل بين الكيان الديني وتكوين حزب سياسي؟
-    العلاقة بين هذا الكيان والحزب لم أعرفها حتى أحكم، فما يهمني هو العلاقة بينهما، ولكن أتوقع أن تكون إحتمالات التداخل كبيرة بينهما.

ما هي نصائحك للإخوان إذا وصلوا للحكم فلديكم تجربة؟
-    نعم لدينا تجربة ورغم حديثي عن الإنفتاح فيها على الآخرين بالداخل والخارج، ولكن تجربتنا في حكم السودان بها أخطاء، أهمها الفتنة في السلطة، فلم نكن نتوقع أننا سنفتن فيها بهذه الدرجة، وكنا نطمئن إلى أن المال الخاص هو المال العام، فتجربتنا بها سلبيات وإيجابيات، فهناك سلطة وأخلاق ومجتمع، وينبغي أن نترك الرقابة والضغوط للمجتمع، ومن المهم أن تكون وزارة الأوقاف مشرفة على العمل الخيري، كتبنا عن إنجازاتنا وسلبيتنا بتجرد حتى يتعظ من يريدون تقليدنا.

هل نستطيع أن نقول أنه بعد تجربتكم في الحكم أنكم اقتنعتم بفصل الدين عن الدولة أو عن السياسة؟
-    لا لا فالناس تنظر للدين التقليدي، ولكن الدين الحقيقي هو الحياة، والصناعة والزراعة والعلاقات الدولية، هو كل مناحي الحياة، والدين يستطيع أن يدير الحياة، ولكن المشكلة في الأفراد الذين يطبقونه فهم يخطئون في التطبيق، فلابد من تنزيل عبادتي إلى أرض الواقع، فالدين هو الفنون، ويمكنني أن أعبد الله بالفن، ولا نربطها بالحلال والحرام، فنريد التطوير في كل النواحي. أقول للإخوان أن لدينا تجربة لابد وأن تطلعوا عليها لأن بها إخفاقات، لانريد لكم الفشل إذا كانت لكم الغلبة في حكم مصر، حتى لا تكون تجربة ثانية لحركة إسلامية، وفي بلد مثل مصر هذا يعني الكثير، ومصر بلد رمز بالمنطقة، ومعناها أن الحكم بالدين تجربة سيئة. فلابد من تنزيل التجربة حتى يستفيد منها الآخرون، أقول للإخوان انفتحوا على الجميع في الداخل والخارج، فلكم وزن كبير في العالم الآن.

من وجهة نظرك من هو الأوفر حظا من المرشحين لرئاسة مصر؟
- طبعا هي ليست كفاءة في شخصية الفرد، بقدر ماهي دعم شعبي وقاعدة عريضة وتواصل مع المجتمع، لابد من النزول إلى الناس والشارع والإلتحام وحل المشاكل، والتعاطي مع القضايا بشكل فعلي لتلبية احتياجات الناس، لا أستطيع أن أعرف أن شخصية كانت تعمل في منظمة دولية ولديها كفاءة، لكن تعاملها مع الناس والقواعد لا اعرفها، فلا أستطيع أن أقول هناك من هو أوفر حظا، كل ما أقوله أن الشعب في مصر هو الذي سيقود في المرحلة القادمة.

يفصلنا ثلاثة أشهرعن الإنتخابات كيف يمكن للشعب أن يفرز الصالح وسط هذا الكم من المرشحين؟
- الكل سوف يعمل في مصر في هذه الفترة القليلة..  النيابة والصحافة والرأي العام والمجتمع كله هيتكلم، وهذا مهم جدا لأن الشعب هو الذي سيتحدث الآن.

هل الجو العام في مصر مهيأ لإجراء إنتخابات؟
- لابد أن ننظر للمناهج والبرامج ونقارنها، وأن يكون هناك نظام للإنتخابات يتسع لفرص إعلامية بالعدل، وحملات إعلانية للترويج عن البرامج، حتى نعرض كل السلع في المعرض لنختار من يناسبنا. الكل سيعمل، ولست مشغولا بالشخص الأول فهذه فكرة إنتهت، لابد أن نترك فرصة للشورى أن تعمل حقيقة، بعد ذلك سنجد أن الأحزاب ستتجه من تلقاء نفسها إلى الناس.

وهل تطمئن  لقيام إنتخابات في مصر في هذا المناخ؟
- نطمئن على نتائجها، فكل ماعنده كبت فكري سيتحول إلى عملي، في السابق كان التحرك بفكر شخص، الآن تبدلت الصورة تماما الجماعة هي التي تحرك.

هناك جدلية في مصر الآن أيهما أصلح قيام الإنتخابات البرلمانية أم الرئاسية أولا مارأيك؟
-    بالتأكيد البرلمانية هي الأهم، لكننا موهومين بفكرة الفرد، حتى في الإتجاهات الدينية هذا شاذلي وهذا حنفي وهذا شافعي وهكذا. المجلس هو الذي سيشرع ويوجه، ويستطيع أن يشيل وزيرا ويبدل آخر، في الماضي كانت فكرة الإلاه الواحد في الحكم، الآن الشعب المصري أطلق سراحه وانطلق.
-    محاكمة مبارك

هل أنت مع محاكمة  مبارك؟
-  محاكمة مبارك ستكون رادعة لكل جديد يحكم ويرتكب خطأ، لابد أن يعاقب مبارك حتى يكون عظة للمستقبل، ولكن لابد ألا ننشغل بالحسابات مع الماضي، كنا مشغولين بالهدم، وقد هدمنا، فلا أحب الإنخراط في الماضي، لابد من العمل للأمام، وإطلاق الحريات، بعمل ضوابط جديدة نستفيد فيها من أخطاء الماضي. أنا سجنت فترة طويلة في نهاية حكم نميري، وعندما خرجت بعد الإنتفاضة، لم أنشغل بالماضي، ولم أذكره، لكني استفدت من التجربة للأمام، فلابد ألا ينشغل المجتمع بالمحاكمات، وأن يتركها للقضاء بعد تحريره واستقلاله، نترك له هذه المهمة، ونحن نذهب لنبدل سيئاتنا حسنات، لست مشغول بالملاحقة الشخصية، لن نستطيع أن نحيط بكل هذا الفساد، نحاكم الرموز حتى يكونوا عبرة وعظة، فلو حاكمنا الجميع، لابد أن نحاكم أنفسنا أيضا لماذا سكتنا على كل هذا؟ الأهم الآن أن نطلق الحريات، وأن نبدأ بإصلاح الأسرة حتى تكون نواة للمجتمع كله.

الإخوان في مصر أنشأوا شركة للإنتاج الفني ربما لمرور الفن عبر بوابة دينية مارأيك في هذه الفكرة؟
- هناك فرق بين التحكم بالقانون، والتحكم بالإخلاق، لابد أن تبتعد السلطة من هذه الأشياء، ولابد أن نترك المجال لرقابة المجتمع، لابد من إنتاج فني يفيد الناس، لابد من تشجيعه وتمويله حتى يكون هناك إنتاج جيد ينافس الفن الخبيث.

حتى لو كان هذا العمل الفني به مشاهد مخله؟
نترك هذا لحكم المجتمع، هو الذي يحدد ذلك ونبعد السلطة تماما، نستعمل الضغوط الإجتماعية، ونجعل المجتمع هو الرقيب، في الوقت نفسه أغذي المجتمع بثقافتنا، ولابد أن يكون الفن عاليا، ننتج موسيقى تنافس، وشعر ومسرح وكل أشكال الفنون، الله أعطانا مواهب فنية ممكن أن ندخل بها الجنة مثلما تدخل أعمالنا في السياسة والصحافة والنواحي الأخرى كل في مجاله. لابد أن نترك التعليم والخدمات الإجتماعية للعمل الخيري والطوعي بعيدا عن السلطة أيضا، نختصر كل الترهلات والعمالة الزائدة في العمل الواحد ونزود الأجر، حت لا نجبر العامل أو الموظف للفساد، وحت أستطيع أن أحاسبه فيما بعد، ولذلك نحتاج لأخلاق جديدة عن طريق الكتب والمنظمات نترك الناس تعمل بحرية كل كما يشاء.
علاقات مصرية سودانية

ماذا تقول لمن يأتي لحكم مصر و كيف يؤسس لعلاقات مصرية سودانية سليمة؟
- أقول له لست وحدك الذي تعرف سياسة مصر الخارجية، لابد أن تترك الشعب كله يشارك معك، حتى يرتبط مع الشعب السوداني، الكل يتوحد الآن، ولدينا لغة وثقافة وتاريخ ودين مشترك، وفرص إندماجنا سهله، لابد من تفاعلات بيننا، نفتح الحدود ونتلاحم حتى نضمن علاقة قوية تعود علينا بالخير، وأفضل علاقة هي العلاقة الإجتماعية، لست مع علاقة الحكام فقط.

مارأيك في شكل العلاقة بين مصر والسودان بعد الثورة؟
- مصر انقطعت عن السودان فترة طويلة، وكذلك السودان فكان هنالك من يتعلم بمصر، وأذكر عندما أتى وفد مصري لزيارة السودان بعد الثورة، تحدث أحد أعضاء الوفد عني على أننا سلفي ولدي جيش سلفي، وأنا من القاعدة وأنا الذي فصلت الجنوب، فهذا يدل على أن مصر بعدت عنا كثيرا. ولابد لنا أن نطلق التجارة والمعاملات، ونتبادل الثقافات والزيارات ونتفاعل مع بعضنا البعض.

رغم كلامك عن ضرورة التلاحم والتعاون بين الشعبين إلا أنه عند زيارة الوفد المصري للخرطوم، وتبرع الحكومة بمليون فدان لمصر، وجدنا معارضة من قطاعات كبيرة في الشعب السوداني؟
- هذا لأن الوفد الذي أتى إلى الخرطوم لا يمثل كل الشعب المصري، ثانيا الحكومة أتت به لخوفها من الثورة المصرية وتمددها في السودان، نريد  انفتاح الشعوب على بعضها البعض، وهناك مصريين أتوا للعمل بالسودان وجنسيات أخرى كثيرة، فنحن شعب يحب الألوان، وشعب خلائط وأمريكا نفسها شعب خلائط فنريد أن نتطور.

هناك بوادر إيجابية في العلاقة بين البلدين فهناك سرعة لتنفيذ قانون الحريات الأربع، واتفاقيات تعاون كثيرة وقعت وهي في طريقها للتنفيذ. كيف تقرأ هذا التطور

الحريات الأربع أتت بطريقة قطر مع قطر، لا أريد أن تكون إتفاقات وبروتكولات وتمثيلية نحتمي بها من ثورة مصر، أريد الشعبين مع بعضهما البعض دون اتفاقات.

رؤيتك للنزاع في حلايب؟
نحن مع الجنوب لدينا حدود واسعة بعرض السودان وهي حية على عكس حدودنا مع مصر وننادي أن تكون الحدود للترابط والروابط والتصالح والحياة وليس للنزاع، للتواصل ليست للقواطع. الثقافة النوبية من شمال السودان وجنوب مصر فالشعوب واحدة ولابد من تواصلها.


المشهد السوداني
دعنا ننتقل إلى الوضع في السودان هل الأحزاب السودانية قادرة على تحريك الشارع؟
-    الشوارع في المنطقة في مصر وتونس مثلا لم تخرج تحت قيادة الأحزاب.

إذن تعتمدون على الشارع؟ في رأيك هل سيتحرك الشارع السوداني؟
-    سيتحرك... جربناه من قبل مرتين في عام 64عام، وفي عام 86، الثورات دائما صعب التنبأ بها، الحال في مصر وتونس كان يائسا، ولم يكن أحد يتنبأ بأي حال ما حدث، والوضع في السودان شذ عن كل القواعد، ومن الصعب جدا إستمرار حكم مركزي محتكر السلطة، وليست هناك أي معادلة للتراضي مع الناس، فالسودان لم يكن قطرا عبر السنين، كنا نتحرك عبر أفريقيا كلها، ومالي كانت سودانية، ولم نكن نشعر بأي غربة ولا إستنكار في الحركة والتجارة.

هناك تغييرات يشرع فيها النظام السوداني حتى يلبي تطلعات الشارع. في تقديرك هل هذه التغييرات كافية لإرضاء الشارع؟
-    أين هي  هذه التغييرات؟

الرئيس البشير أعلن أنه لن يترشح بعد ذلك، وهناك دعوة صريحة للقوى السياسية المختلفة للمشاركة في تشكيل الحكومة وفي صياغة الدستور، وتكوين جهة لمحاربة الفساد، وتقديم الذمم المالية للمسئولين ألا ترى أن هذا تغييرا؟
- البشير قال أنه لن يرشح نفسه فعلا، ولكن أين نحن والترشيح الآن مازالت هناك أربع سنوات، وهذا يعني أن هذا ليس وقت الحديث عن الترشيح، ثم أننا سمعنا ذلك من قبل من مبارك وعلي عبدالله صالح، فهذا كله كلام ولن ينفذ، أما عن الدستور، أسألك هناك كم دستور تم إلى الآن؟ كثيرا، فهم كلما انتهت دورة في الحكم يصوغون دستورا آخر حتى يحدد لهم فترتين آخرتين وهكذا، أما عن المشاركة في السلطة فهي مجرد ديكور يزينون به حكمهم، وليست مشاركة حقيقية، وقصة محاربة الفساد كلها شعارات وتمثيليات، فالناس يسمعون مثل هذا الحديث ويرون الفساد مستشري، ونحن في مجتمع سهل جدا تتحقق من الثراء الغير مشروع والفساد، أما جهة محاربة الفاسدين واضحة من أول يوم، فلابد أن يبدأوا بأنفسهم أولا حتى يطمئن الناس، لايوجد لدينا حرية صحافة، ولكن لدينا حرية كلام، فالكلام في الشارع ينتشر أكبر وأسرع من أي صحيفة. فهذا كله حديث لن ينفذ، كانوا قبل ذلك لايتحدثون ولا ينفذون، أما الآن فهم خائفون أن يأتي حاكم آخر يحاسبهم مثلما يحدث في مصر وتونس.

لكن هناك حوار بين المؤتمر الوطني وبين حزبي الأمة والإتحادي حول هذه المشاركة؟
-    لا أحب أن أتحدث عن المعارضة، فالنظام يعمل بطريقة فرق تسد، ولكن دعيني أقول أن الثورات يقودها الشعب، وستأتي أحزاب جديدة للساحة السياسية، والقديمة سوف تتجدد، وسيأتي الحديث عن الحريات.

هل تعتقد أن الأمة والإتحادي سيشاركون في الحكومة الجديدة؟
-    لو دخلوا في الحكم سيكونوا شيئا آخر غير الأمة والإتحادي، وسيكون عملهم مجرد ديكور للسلطة، يلبون أوامرها، ولن يكونوا شركاء في صنع القرار، وسوف تظهر أحزاب جديدة، وسوف تتغير صورة الزعيم الديني للحزب. على أية حال توقعاتي بإنضمام الأمة والإتحادي في السلطة ليست كبيرة، وانضمامهم سيفقدهم قواعدهم ، ولن يعطي شعبية للنظام.
-    خلاف مع المهدي

ماهي طبيعة الخلاف الذي دار بينك وبين الصادق المهدي؟
- عندما كنت أحذر من النزعة للإنفصال من قبل كنت أدافع عن السودان وليس عن الحكومة، فالجنوب ليس حلايب، فهو مساحة كبيرة وثروة هائلة، ونحن في الأحزاب قررنا إسقاط النظام، واجتمعنا على أنه لابد من إزالته، حتى نحافظ على الأقل على أجواء سليمة مع الجنوب بعد الإنفصال، وعندما خرجت من السجن، وجدت أن الصادق المهدي يحاورهم، ولا ندري ماهي النتائج، ولم أذكر إسم حزب، قلت أن هناك جهة خلفت وعدها، والصادق رد بإنفعال شديد، وتحدث عن أشياء قديمة، وأن الترابي فعل كذا وكذا، لكني لن أرد عليه، ليس إعتبارا للنسب بيننا، ولكني لا أنشغل بالشخصيات، وأعتبره خلاف في وجهات النظر.

ماهي رؤيتك للخلافات التي بدأت تشب داخل الحزب الحاكم؟
-    في السابق كان الرأي واحدا فقط داخل المؤتمر الوطني، والباقي مكبوت، أما الآن فهم يرون ماحولهم، فعلت الأصوات المكبوته، ودائما نلاحظ أن النظم عندما توشك على الإنهيار نجد داخلها ينهار وخارجها يقوى. وهنا يحصل الضغط.

وكيف قرأت سيناريو الإطاحة بـ " صلاح عبد الله قوش" مستشار الرئيس الأمني ومدير جهاز الأمن والمخابرات السابق؟
-    لا أريد أن أتحدث عن أشخاص، ولكن الطغاة لا يريدون شركاء، فهناك أساليب للضغط، منها تسجيلات معينة تدين المسئول، وبعدها تكون المساوامات لتحقيق مايريدون. وفي أي مكان دائما يكون الخوف من الجيش، فهو الذي يقوم بالإنقلاب، ولذلك فكروا في حماية النظام، بتقوية أجهزة الأمن، وأعطوا لها السلطة والمال، وأصبحت ذات نفوذ عالي وقوة إقتصادية كبيرة، وأصبح مسئول الأمن يتحدث عالميا، وأصبح ينافس، وعندما أراد أن يجنح كانت هذه هي النتيجة.

هل تعتقد أن قوش سوف يرضى بهذه الإطاحة؟
-    سيرضى فكان هناك قبل الرئيس المصري المخلوع مراكز قوى داخل السلطة، وتم الإطاحة بهم جملة واحدة، الصراعات دائما هكذا بداخلهم والشعب مضغوط، والخطر يأتي من حولك ومن داخلك, وواحدة من عيوبنا التشخيص وهذا هو النظام.
يتردد أنه بعد الإطاحة بقوش ضعفت كفة علي عثمان نائب الرئيس في ميزان القوى داخل الحزب. ماهي قراءتك لمستقبل علي عثمان في التشكيلة الجديدة؟
-    مع الإعلان الرسمي للجنوب فرصته ستكون ضعيفة في المرحلة القادمة

معنى ذلك أننا يمكننا أن نجد علي عثمان هنا بجوارك في المرحلة المقبلة؟
- لا نتعجب من أي شئ، فنحن نحلل حتى لا نصطدم، والثورة قامت في مصر وتونس وهذا كان مستحيلا في نظر الجميع.

ما تعليقك على الوثيقة النهائية التي توصلت إليها الوساطة بشأن دارفور في الدوحة؟
-    هذه الوثيقة أخذناها من النت، وعندما دعونا لمؤتمر أصحاب المصلحة بالدوحة لم يقدموا لنا ورقة في المؤتمر، ولم نعرف الموضوع. الحكومة وحركة فقط يقولون الوثيقة الوثيقة نحن نؤيد الوثيقة، ولكني قرأتها جيدا وتحدثت حولها مع كثير من الحركات، وأرى أنها ليس لها واقع، هي فقط مبادئ محدودة، وحدثت الحركات بضرورة قراءة الوثيقة جيدا، حتى لا يقال أنهم وقعوا دون وعي.

هل ستنضم العدل والمساواة في عملية التفاوض؟
-    الحكومة كل مرة تقول لن نفاوض أحدا بعد هذه المرة، ونراها تفاوض وتفاوض.

هل أنت مطمئن إلي أن مفاوضات الدوحة ستنهي الأزمة في دارفور؟
- أنا خائف من دارفور لأنها كانت دولة مستقلة من قبل، والجنوب يمكن أن يساعدها بعد إعلان الإنفصال، ويمكنهم أن يطالبوا بحق تقرير المصير، فالنزعة المنتشرة الآن في المنطقة هي حق تقرير المصير، وأخشى أن تكون هذه الكلمة هي المخرج، فدارفور لديها مقاتلين أقوياء وقبائل متداخلة مع دول الجوار.

الحكومة تقول أن هناك عناصر من العدل والمساواة تحارب مع قوات القذافي أتوافق هذا الحديث؟
-    هناك بعض الآفارقة يقولون عنهم سودانين هناك، فالتشاديين مثلا يقولوا عنهم سودانيين، أما قوات خليل إبراهيم فليست في ليبيا هي موجودة بدارفور، والحكومة تقول ذلك حتى يثور الشعب الليبي ضدهم، وهم يريدون إلصاق التهمة على خليل لمزيد من الضغط عليه هناك.

العدل والمساواة أعلنت أن خليل إبراهيم تعرض لمحاولة إغتيال بليبيا واتهمت الخرطوم بأنها وراء هذا الأمر. في تقديرك هل تفعلها الحكومة؟
-    ليس عندي بيان بذلك، ولكنه منتشر بين الناس بأنهم حاولوا تسميم خليل، ويمكن أن يخترقوا الأمن الليبي إما بالمال أو بالأسرة، فإذا كان هناك قريب من خليل يستطيعون الضغط على أسرته لفعل ذلك.

الوضع في جنوب كردفان وفي أبيي متأزم جدا. .. هل يمكن أن تفجر أبيي السلام بين الشمال والجنوب؟
-    من الممكن فعلا أن تفجر السلام، هي وحدود أخرى، وينبغي أن تكون هذه الحدود للتواصل والتعايش بين الشمال والجنوب، فوضعية المنطقة في الحالتين سواء كانت أبيي في الشمال، أو تابعة للجنوب ستكون خطر.

وما هو الحل في نظرك؟
-    التواصل وليس الجوار، والحكومة أخذت إجراءات صارمة بخصوص الجنسية للجنوبيين بعد الإنفصال، السودان يعطي الجنسية للأجانب، فلماذا يحرمها ممن كانوا سودانيين أصلا. سوف يخسرون.

ما رأيك في فكرة تكوين حزب تابع للحركة الشعبية في الشمال بعد الإنفصال؟
-    حزبنا له حزب آخر في الجنوب، ولكنه حزب مستقل لا ندعمه، فقط الفكر واحد، ويمكننا إقامة مؤتمرات عالمية، ومن حق الحركة الشعبية أن يكون لها حزب في الشمال، ولكن يجب أن يكون مستقل عن الحركة الشعبية في الجنوب، فنريد الوحدة مرة أخرى على أسس وفكرة وحدة الأحزاب في الشمال والجنوب ستقرب أكثر.

شيخ حسن انتهى حديثي هل تود إضافة شئ؟
- أقول:  الشعب يريد إسقاط النظام.

 

آراء