التعداد السكاني بين علي عثمان وعرمان وباقان!!

 


 

 

زفرات حرى

 

الطيب مصطفى

  

eltayebmstf@yahoo.co.uk

   

ياسر عرمان قال لقناة الجزيرة الفضائية في جرأة يُحسد عليها إن اللجنة المشتركة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية برئاسة كل من الأستاذ علي عثمان محمد طه نائب رئيس الجمهورية، ود. رياك مشار نائب رئيس حكومة الجنوب ستعالج مشكلة التعداد الذي تعترض الحركة على نتائجه!!

  

بربكم هل توجد مشكلة في التعداد حتى تنظر فيها اللجنة المشتركة وتعالجها أم هي عادة القوم ومنهجهم الذي مردوا عليه من قديم... منهج رفض كل شيء طمعاً في المزيد وممارسة الابتزاز الذي ظلوا وسابقوهم من الساسة الجنوبيين يمارسونه على الشمال والشماليين... ذلك الابتزاز الذي أنتج نيفاشا بكل ما منحته للحركة على حساب الشمال والشماليين بل وعلى حساب التنظيمات السياسية في الشمال والجنوب بما في ذلك المنتمون للمؤتمر الوطني في جنوب السودان!!

  

عرمان لم يفهم حتى الآن أننا ضقنا ذرعاً بأسلوب الابتزاز وأن عهد التدليل قد ولى إلى غير رجعة بعد أن تجرعنا منه صنوفاً من العذاب وألوانا من العلقم وأطناناً من الزقوم... عرمان وباقان والحركة الشعبية خاصة من أولاد قرنق لا يزالون سادرين في غيهم غارقين في أوهامهم بأنه من الممكن أن ينالوا ما يبغون بمجرد الاحتجاج والرفض (والنقة) التي تدربوا عليها وأتقنوها وأن نيفاشا ودستورها وقانون الانتخابات وكل شيء يمكن أن يُلغى أو يُعدل بما يحقق مصلحتهم وأن التعداد يمكن أن يشطب بجرة قلم طالما أنه لم يحقق النتائج التي ترغب فيها الحركة وأنه من الممكن أن يؤخذ بنتائج التعداد السابق في توزيع السلطة والثروة بل وفي تحديد الدوائر الانتخابية حتى ولو كان في ذلك إهدار لمبلغ 150 مليون دولار صُرفت على التعداد بل حتى ولو كان التعداد الأخير المرفوض من الحركة معترفاً به من قبل كل الخواجات الذين لا تثق الحركة في غيرهم ومن الخبراء والمراقبين وغيرهم من الدول  الأوروبية التي لا يمكن لعاقل أن يتهمها بالتعاطف مع الحكومة أو بالتآمر على الحركة!!  

  

أقول لعرمان إنه لا يحق لأية جهة أن تتنازل قيد أنملة عن نتائج التعداد وكفانا التنازلات التي منحت من حصة الشمال بلا تفويض من الشعب السوداني الذي كان ينبغى ان يُستفتى بشأن نيفاشا ودستورها واللذين يعتبران أخطر الوثائق وأهمها في تاريخ السودان الحديث وأعجب والله كيف يُستفتى الشعب في دستور 1998 ولا يُستفتى حول دستور نيفاشا بكل تداعياته على حاضر ومستقبل  السودان؟

  

إن أي تغيير في نتائج التعداد أو تنازل عن اعتباره مرجعية عليا في تقسيم السلطة والثروة أو للانتخابات يعتبر خروجاً على الدستور وعلى نيفاشا ولا تملك جهة كائنة من كانت أن تخرج على نتائج التعداد فضلاً عن أن أي رضوخ للحركة سيكون مبرراً قوياً لها لأن ترفض نتائج الانتخابات التي جزم باقان أموم الأمين العام للحركة في احتفالات الحركة بالدمازين أنهم سيكتسحونها بنسبة 60 - 70٪ ولذلك فإنهم سيرفضون أي انتخابات لا تمنحهم تلك النسبة تماماً كما فعلوا حين لم تمنحهم نتائج التعداد رقم الخمسة عشر مليوناً للمواطنين الجنوبيين التي أكدوا قبل إعلان النتائج أنهم سيحصلون عليها وسيرفضون أي نتائج دونها!!

  

باقان يعلم أن الجنوب الآن يشتعل تحت أقدام الحركة الشعبية وأن شعبه بات يتوق إلى الأيام الخوالي قبل أن تجثم الحركة على أنفاسه وأنه لو حيل بينه وبين صناديق الاقتراع وتمت الانتخابات في جو معافى وتحت رقابة دولية فإن الحركة ستبوء بخسارة يتحدث عنها التاريخ أما الشمال الذي يعمل باقان وعرمان على خداعه فإنه أوعى من أن ينخدع بشعارات الحركة بعد أن علم شعبه أن الحركة ما جلست في نيفاشا إلا للانتقاص من حصته وحصة قواه السياسية والإعلاء من حصة الجنوب على حسابه بل إن الشماليين يعلمون أن الحركة عبارة عن تنظيم سياسي جنوبي وليس قومياً بدليل أن مكتبها القيادي ومجلس تحريرها وجميع مستويات هياكلها يسيطر عليها أبناء الجنوب وخاصة من قبيلة الدينكا فكيف يجوز لتنظيم قومي يدعي أن جميع المواطنين السودانيين سواسية يحرم الأغلبية الشمالية من التمثيل الذي يتناسب مع حجمها ونسبتها السكانية ويمنح الأقلية الجنوبية الحصة الأكبر وكيف يطمئن الشمالي إلى أنه سيجد حظه من السلطة والثروة في الحركة وهو المهمش وهو يعلم أن الأقلية الجنوبية هي التي تحظى بالسلطة والثروة ولا تترك له غير الفتات الذي يرضى به الآن الأذلاء ممن رضوا بالهوان لأنفسهم شأن العبيد!!

  

إن الحركة تكذب وتتحرى الكذب حين تتحدث عن قوميتها بينما تحرم حتى القبائل الجنوبية المستضعفة والمهمشة من حصتها في السلطة والثروة ودعونا نسأل: هل يمكن للحركة أن تمنح جنوبياً من غير الدينكا رئاستها ناهيك من أن تمنح ذلك المنصب لشمالي جلابي مندكورو مكروه ومهمش؟! ما هي وظيفة د. منصور خالد في الحركة وهو الأكبر عمرًا والأكثر تأهيلاً من كل قيادات الحركة الشعبية؟! بربكم ألا يستحق هذا الرجل الاشفاق والرثاء؟!

  

باقان أموم قال في الدمازين كذلك وفقاً لصحيفة (أجراس الكنائس) التابعة للحركة بتاريخ 17/5/2009م »إن الحركة لا تسعى للحكم حباً في السلطة إنما لخدمة المواطنين وتحسين أوضاعهم المعيشية)!!

  

بالله عليكم أليس في ذلك ما يدعو إلى الضحك؟! عن أية خدمة للمواطنين يتحدث باقان وعن أي تحسين لأوضاعهم المعيشية يهرف الرجل؟! ما أصدق الرسول الكريم  صلى الله عليه وسلم  إذ يقول »إذا لم تستح فاصنع ما شئت« أو كما يقول أهلنا (الاختشوا ماتوا)!! باقان يعلم أن الحركة تولت أمر الجنوب وحكمته بالحديد والنار لمدة تجاوزت الأربع سنوات فماذا حدث يا ترى للمواطنين الجنوبيين؟!

  

هل يا تُرى تحسَّنت أحوالهم المعيشية أم أنهم باتوا يتضوَّرون جوعاً ويفرِّون من الجنوب إلى الشمال وإلى دول الجوار هرباً من المجاعات التي تطحن الجنوب وأهله بعد أن منُّوا أنفسهم بالعيش الكريم في موطنهم الذي لطالما حلموا به فإذا به يتمخض تحت حكم الحركة فيلد بؤساً وشقاءً في وقت تضيع فيه أموال البترول وتُنهب بينما تنعدم الخدمات ويرزح الشعب تحت هجير البطالة والجوع والفقر؟ هل أحس مواطنو الجنوب بالأمان أم أنهم باتوا يغلقون عليهم دورهم خوفاً وفزعاً بعد أن أحال الاقتتال القبلي وعصابات النقرز والآوت لوظ وتجاوزات الجيش الشعبي حياتهم إلى جحيم!!

  

ستة مليارات من الدولارات ضاعت هباء منثورًا وامتلأت بها (كروش) وحسابات (المناضلين) القدامى في وقت عجزت فيه الحركة  تماماً عن وقف نزيف الدم وعن بسط الأمن في الجنوب بينما (يبشِّر) باقان أبناء الشمال بأنه يسعى إلى الحكم حتى يؤمِّن وحركته العيش الكريم للمواطنين فهل بربكم من كذب وخداع أكبر من ذلك؟!

  

ويتحدث باقان عن اكتساح الحركة لنتائج الانتخابات في الشمال والجنوب فهل بربكم يستحق هذا الكلام تعليقاً أم أنه يدعو إلى الرثاء والضحك في آن واحد؟!

   ألم أقل لكم الاختشوا ماتوا؟   

 

آراء