التكايا و مثيلاتها !
عدنان زاهر
12 January, 2025
12 January, 2025
برز اسم التكية و دورها حاليا في المجتمع السوداني و بقوة، ابان الحرب الدائرة اليوم بين الجيش و حليفها سابقا الجنجويد، و التي دمرت كل موارد الحياة إضافة للبنية التحتية للدولة و المجتمع. كما تعاظم دورها عندما عجزت سلطة الأمر الواقع في بورتسودان عن القيام بدورها في توفير لقمة العيش الكريم للمواطن ، أو توفير الإمكانيات لهم للقيام بالزراعة لإطعام أنفسهم. عندما احتار المواطن في كيفية العيش و الاستمرار في الحياة، لجأ الى التراث السوداني يستمد منه المدد، و لم يخذلهم التراث فقد وجدوا ضالتهم في " التكايا " التي لم تخيب لهم أملا.
فما هي التكية ؟
لغويا كما جاء في قاموس المعاني مشتقة من الفعل ( اتكأ ) و هو تعنى استند على الشيء او جلس عليه لتناول الطعام و الشراب و الجمع هو التكايا. و يقال أيضا ان التكية شكل من اشكال المعمار الهندسي التركي و هي مكان للتصوف و اطعام المسافرين و المعدمين، و قد تسرب المصطلح الى السودان ابان الاستعمار التركي كما تسربت مصطلحات أخرى متعددة من اللغة الإنجليزية و المصرية ابان استعمارهما للسودان و صارت تلك المصطلحات ضمن حزمة الثقافة السودانية.
التكية في السودان مكان أنشئ ليتناول فيه الافراد المسافرين أو المقطوعين أو حتى الأشخاص غير القادرين الطعام ، و هو شكل من اشكال المساعدة، التضامن ، و التكافل في المجتمع السوداني. و قد ارتبط في كثير من الحالات بأسماء المتصوفة الذين ينشئون مثل هذه التكايا، كما أرتبط أيضا بالمساجد و المؤسسات الدينية.
و تُدعم التكايا من قبل الأفراد المستطيعين أو القادرين، و من أشهر التكايا السودانية... تكية ( حمد ود أم مريوم )، و تكية الشيخ قريب لله ( الطريقة السمانية ) في امدرمان. و يتعاظم دور التكايا في أيام المجاعات ، الحروب و شح الطعام و تصبح ملاذ للناس كما يحدث الآن. و لا يجد مرتادو التكايا حرجا فهو دور صمم من قبل المجتمع و مقبول وسط الناس.
المجتمع السوداني يذخر بأشكال متعددة من مؤسسات التضامن الاجتماعي و تسمى بأسماء مختلفة وفقا للمناطق التي تنشأ بها. نذكر منها، النفير، الفزع ، العونه ، الرفد ،الكتوف ، الصندوق و أخيرا العدل.
- النفير : هو تقديم المساعدة للغير عند الحاجه، و غالبا أيام الحصاد و في وقت الكوارث و الأزمات.
- الفزع : و هو التدخل السريع لمد يد المساعدة و غالبا في المناطق الرعوية أو مناطق البادية عندما تقع السرقات أو النزاعات القبلية، و قد أفسد " الجنجويد " المصطلح في الحرب الدائرة اليوم، عندما استخدم الفزع للمساعدة على السرقة و قتل الرجال و اغتصاب النساء و ترويع المواطنين.
- العونه: مشابه لمصطلح النفير لتجهيز الأرض وقت الحصاد.
- الصندوق : يتم انشاءه بين الأسر لجمع مبالغ مالية شهرية لدعم المحتاج من بين افراد الأسرة.
الرفد: دعم و سند مالي من الأصدقاء لمن يمر بأزمة.
- الكتوف : العمل الجماعي في بناء المنازل أو ترميمها.
- العَدل : مساعدة أو مشاركة، و يستخدم المصطلح كثيرا في الأنادى عند المشاركة في الشراب أو الطعام.
المدهش أورد د. عون الشريف قاسم في كتابه ( العامية في السودان ) عدة معانى للعدل...أحيانا لا تتشابه أو حتى تتقارب...فمثلا في ( أبو حمد ) نجد العدل هو تمساح اسود خطر لا يزيد طوله عن ستة أقدام ، و العدل أيضا أسم مرض يصيب أسفل الحنك، و في دارفور هو المَهر و المال الذى يدفع لأهل العروس، و هي أغنية في سيرات الأعراس ( العديلة يا بيضاء تقدمو و تبره. العديله قومي معاه ). و العدّالة هي المرأة الخبيرة بأمور النساء و تتصدر حفلات الأعراس لمعرفتها الخبيرات بالرقص.
أعتقد ان ( التكايا ) سوف تلعب دورا مهما في مسيرة العمل الاجتماعي و السياسي في السودان .....الشعب السوداني شعب مبدع ، نجيض و لماح.
عدنان زاهر
يناير 2025
elsadati2008@gmail.com
فما هي التكية ؟
لغويا كما جاء في قاموس المعاني مشتقة من الفعل ( اتكأ ) و هو تعنى استند على الشيء او جلس عليه لتناول الطعام و الشراب و الجمع هو التكايا. و يقال أيضا ان التكية شكل من اشكال المعمار الهندسي التركي و هي مكان للتصوف و اطعام المسافرين و المعدمين، و قد تسرب المصطلح الى السودان ابان الاستعمار التركي كما تسربت مصطلحات أخرى متعددة من اللغة الإنجليزية و المصرية ابان استعمارهما للسودان و صارت تلك المصطلحات ضمن حزمة الثقافة السودانية.
التكية في السودان مكان أنشئ ليتناول فيه الافراد المسافرين أو المقطوعين أو حتى الأشخاص غير القادرين الطعام ، و هو شكل من اشكال المساعدة، التضامن ، و التكافل في المجتمع السوداني. و قد ارتبط في كثير من الحالات بأسماء المتصوفة الذين ينشئون مثل هذه التكايا، كما أرتبط أيضا بالمساجد و المؤسسات الدينية.
و تُدعم التكايا من قبل الأفراد المستطيعين أو القادرين، و من أشهر التكايا السودانية... تكية ( حمد ود أم مريوم )، و تكية الشيخ قريب لله ( الطريقة السمانية ) في امدرمان. و يتعاظم دور التكايا في أيام المجاعات ، الحروب و شح الطعام و تصبح ملاذ للناس كما يحدث الآن. و لا يجد مرتادو التكايا حرجا فهو دور صمم من قبل المجتمع و مقبول وسط الناس.
المجتمع السوداني يذخر بأشكال متعددة من مؤسسات التضامن الاجتماعي و تسمى بأسماء مختلفة وفقا للمناطق التي تنشأ بها. نذكر منها، النفير، الفزع ، العونه ، الرفد ،الكتوف ، الصندوق و أخيرا العدل.
- النفير : هو تقديم المساعدة للغير عند الحاجه، و غالبا أيام الحصاد و في وقت الكوارث و الأزمات.
- الفزع : و هو التدخل السريع لمد يد المساعدة و غالبا في المناطق الرعوية أو مناطق البادية عندما تقع السرقات أو النزاعات القبلية، و قد أفسد " الجنجويد " المصطلح في الحرب الدائرة اليوم، عندما استخدم الفزع للمساعدة على السرقة و قتل الرجال و اغتصاب النساء و ترويع المواطنين.
- العونه: مشابه لمصطلح النفير لتجهيز الأرض وقت الحصاد.
- الصندوق : يتم انشاءه بين الأسر لجمع مبالغ مالية شهرية لدعم المحتاج من بين افراد الأسرة.
الرفد: دعم و سند مالي من الأصدقاء لمن يمر بأزمة.
- الكتوف : العمل الجماعي في بناء المنازل أو ترميمها.
- العَدل : مساعدة أو مشاركة، و يستخدم المصطلح كثيرا في الأنادى عند المشاركة في الشراب أو الطعام.
المدهش أورد د. عون الشريف قاسم في كتابه ( العامية في السودان ) عدة معانى للعدل...أحيانا لا تتشابه أو حتى تتقارب...فمثلا في ( أبو حمد ) نجد العدل هو تمساح اسود خطر لا يزيد طوله عن ستة أقدام ، و العدل أيضا أسم مرض يصيب أسفل الحنك، و في دارفور هو المَهر و المال الذى يدفع لأهل العروس، و هي أغنية في سيرات الأعراس ( العديلة يا بيضاء تقدمو و تبره. العديله قومي معاه ). و العدّالة هي المرأة الخبيرة بأمور النساء و تتصدر حفلات الأعراس لمعرفتها الخبيرات بالرقص.
أعتقد ان ( التكايا ) سوف تلعب دورا مهما في مسيرة العمل الاجتماعي و السياسي في السودان .....الشعب السوداني شعب مبدع ، نجيض و لماح.
عدنان زاهر
يناير 2025
elsadati2008@gmail.com