التيس يعشق الحرية أما بعض البشر فلا !!
صدر الصورة،CHRIS JACKSON/GETTY IMAGES)
تعتبر الأغنام من أكثر الحيوانات التي يسئ البشر فهمها في كل أنحاء الكرة الأرضية وخاصة في السودان، فكل المعلومات التي نعرفها عنها غير صحيحة على الإطلاق!!
البشر في كل مكان يعتقدون أن الأغنام مخلوقات غبية، عديمة الحيلة، تتسكع بلا غاية، ولا تصلح بعد ذبحها وسلخها إلا لأربعة أغراض بشرية هي؛ أن يأكل لحمها البشر عند جوعهم، أو أن يقيهم صوفها من برد الشتاء أو أن يصنعوا من جلدها أحذية تحمي بواطن أقدامهم من أشواك ومسامير الطريق أو أن يصنعوا من جلدها طبلاً يرقصون على إيقاعته في الحفلات الخاصة والعامة!!
وشاع سوء الفهم البشري المذكور منذ القدم وحتى تاريخ اليوم ففي بدايات القرن الثامن عشر، قال جورج واشنطن، أحد مؤسسي الولايات المتحدة الأمريكية جملته المشهورة: "لو سُلبنا حرية التعبير، فقد نساق بُكماً وأغبياء كما تساق الغنم إلى المذبح"، والآن يوصف من ينقاد وراء غيره دون تفكير بأنه مثل "العنزة"، وبالرجوع إلى قاموس المصطلحات العامية للغة الإنجليزية، هناك تعريف آخر لكلمة عنزة، وهو "اللاعب الذي يتسبب في هزيمة فريقه بسبب اخطائه الشنيعة"!! وفي السودان يقال عن الشخص عديم الحيلة بالعامية السودانية (الغنماية تأكل عشاهو) أي أن العنزة تستطيع أكل عشائه وتتركه فريسة لحر الجوع، لكن العلم، ولله الحمد، قد جاء أخيراً وأنصف جميع الأغنام والتيوس فقد توصلت دراسة أجرتها كيث كيندريك، بجامعة العلوم الإلكترونية والتكنولوجيا بالصين سنة 2001م، إلى أن الأغنام يمكنها إدراك وتذكّر 50 وجهاً على الأقل لأكثر من عامين، وهذا يعني أن ذاكرتها أقوى من ذاكرة الكثير من البشر المتكبرين على الأغنام!! وفي الحقيقة فإن الأغنام على قدر مدهش من الذكاء، وتتمتع بقدرات إدراكية مذهلة، إذ يمكنها أن تقيم صداقات، وتساند بعضها بعضاً في المعارك، وتحزن عندما يؤخذ أقرانها للذبح!! إذن، هذه الأغنام، هي في الحقيقة مخلوقات ذكية، واجتماعية أيضاً، وهي صفات يعتقد البشر أنها حق حصري مسجل بإسم البشر فقط لا غير ولا يمكن أن تتصف الأغنام والتيوس بمثل هذه الصفات أو تتمتع بمثل هذا الحق، لذلك لا نملك إلا أن نقول من الآن فصاعداً: إن عدم احترام الأغنام والتيوس يتعارض بشدة مع الاعلان العالمي لحقوق الحيوان!!
بالأمس القريب قام رفيق دراستي بكلية القانون جامعة الخرطوم والمحامي السوداني الضليع محمد عيسى المغترب بالمملكة العربية السعودية بارسال فيديو طريف لشخصي الضعيف، وكان الفيديو يصور نضال تيس صبي لم يبلغ سن الرشد الغنمي، كان ذلك التيس اليافع محتجزاً برفقة عدد من الأغنام في قفص مغلق بقفل ومسيج بقضبان، استخدم التيس الصغير رأسه ولسانه وقام بفتح القفل بعد إدارة المفتاح بعد عدة محاولات عنيدة ومن ثم حرر نفسه وحرر بقية الأغنام واندفع القطيع خارجاً من ضيق القفص إلى أرض الله الواسعة ولسان حال التيس المناضل يصيح بلسان غنمي فصيح: الحرية لنا ولسوانا!! في الختام لا نملك إلا نقول: عجباً كيف تدافع بعض الحيوانات عن حقها في الحرية بينما يقوم بعض البشر بمصادرة حرية تفكيرهم ثم مصادرة حقوق البشر الآخرين!! تعلموا من هذا التيس يا هؤلاء!!
فيصل الدابي/المحامي
menfaszo1@gmail.com
////////////////////