الثلاثية: السياسي السوداني يحتاج لدعم

 


 

 

قالت الثلاثية التي تشرف على عملية التحول الديمقراطي في السودان في مقال كتبه رؤساء البعثات الثلاث و نشر في الصحافة " إن مؤتمرات قضايا المرحلة النهائية للعملية السياسية تتطلب مشاركة واسعة من غير الموقعين على الاتفاق الإطاري" و هذا يخالف قناعات قوى الحرية و التغيير المركزي التي تريدها مؤتمرات مختصرة فقط على مشاركين تحددهم هي، أي مؤتمرات مغلقة، و تدخل الثلاثية خوفا من فشل المجهودات التي قامت بها، خاصة أنها شعرت بالمقاطعة الواسعة و محدودة الحضور في الورشة الأولى، حيث أقر بيان الحرية المركزي كان الحضور للورشة 350 شخص فقط. الأمر الذي يبين اتساع قاعدة المعارضة.
عندما أخترقت الحرية المركزي الأزمة من خلال الجلوس مع المكون العسكري، وجدت تأييدا لأنها نقلت القضية السياسية إلي عتبة أعلا في مسار التحول الديمقراطي، و عندما وقعت الاتفاق الإطاري كانت خطوة متقدمة، ثم شعرت بالنصر، و بدأت تغلق مسار الحل، و تحوله إلي طريق أخر يفارق مسار الديمقراطية، أن تتحكم وحدها على العملية السياسية، و تحدد المشاركين فيها، و أصبحت نظرتها مركزة على السلطة. و بالتالي وقف العقل عليها، و بدأت تخرج التبريرات للهروب من توسيع قاعدة المشاركة. و هم يعلمون أن الديمقراطية تحتاج إلي أكبر قاعدة اجتماعية تساندها و تقف على حمايتها. و كان عليها أن تفتح حوارات جادة مع كل المختلفين مع رؤيتها، لكن بإرادتها تخلت عن السند الشعبي، و اعتقدت أن المجتمع الدولي وحده هو الذي سوف يحقق لها رغبتها التي باتت متمحورة في الوصول (للسلطة) و المجتمع الدولي ميسر فقط، و المقال يؤكد ذلك، فاليقظة مطلوبة من أحلام باتت تعقد المشكل أكثر.
يقول مقال الثلاثية " لا يمكن قصر قضايا مثل بناء جيش سوداني مهني واحد أو العدالة أو التخطيط لتنفيذ لاتفاق السلام؛ فقط على الموقعين على الاتفاق الإطاري، بل تتطلب مشاركة واسعة من المواطنيين المتضررين و من المجتمع المدني و النساء و الأكاديميين و الفاعلين السياسيين و الآخرين" و يضيف المقال " أن جهود الآلية متواصلة في إشراك كافة القوى الحريصة على التحول المدني الديمقراطي في ورش العمل و المؤتمرات" أن تدخل الآلية لدعوة كل الحريصين على الديمقراطية للمشاركة في الورش تعتبر خطوة جيدة، لكنها جاءت بعد ما شعرت أن قوى الحرية المركزي فشلت أن توسع قاعدة المشاركة، و لن يشاركوا أصحاب المصلحة الحقيقيين في المؤتمرات. فالمقال يحاول أنقاذ موقف. لكن السؤال يطرح لقيادات الحرية و المركزي متى تنزلوا من هذا الابراج العالية التي صنعتموها من وحي خيالكم الذي لا يلامس الواقع، و تقيموا التجربة بشكل عقلاني، و بتجرد، و تنقلوا انفسكم حقيقة من أحلام السلطة إلي واقع عملية التحول الديمقراطي و متطلباتها الحقيقية.
و في فقرة أخرى يقول المقال " أن موقف رفض القوى الثورية للاتفاق الإطاري ( يجب أن أن يدفع القوى المؤيدة للديمقراطية لبذل جهد أكبر، من أجل ضمان مشاركتهم في تطوير اتفاق توافقي لتجاوز هذه التحفظات" أن الحرية المركزي هي التي تدير عملية الاستقطاب السياسي لدعم عملية التحول الديمقراطي، لكنها هي نفسها جعلت العقدة في المنشار لتضيق العملية السياسية لكي تصبح هي وصي عليها. رغم أن فكرة التحول الديمقراطي هي فكرة واسعة و تجتاج لمجهود كل الناس و مشاركتهم في حوار مفتوح. لثلاث أسباب الأول أن الحوار هو الآداة الفاعلة في بناء الثقة بين المكونات. الثاني أن الحوار يعتبر أداة جيدة لنمو الوعي الجديد المطلوب للعملية الديمقراطية. ثالثا ينتج ثقافة ديمقراطية، و الساحة السياسية في أمس الحاجة إليها. لكن للأسف أن القيادات في المركزي تتبنى سياسية ريديكالية مستلفة من ثقافة مغايرة لا تتناسب مع العملية الديمقراطية. و ربما تكون هذه نتيجة لسيطرة فكرة السلطة على أغلبيتهم. أو قيادات لها الأثر الأكبر في العملية السياسية.
يقول المقال " الغاية المشتركة هي تشكيل حكومة مدنية و التأسيس لحكم ديمقراطي ، و عملية الانتقال تدريجية لن تحقق أهدافها بين ليلة و ضحاها. قد تختلف القوى التي تريد إقامة الديمقراطية حول أفضل الطرق لتحيق هذه الغاية، لكن ما يجمعها يفوق ما يفرقها" تعترف الثلاثية أن ما يجمع القوى أكثر ما يفرقها، و هذا يحتاج لحوارات مفتوحة و ليس إلي أغلاق الأبواب بسبب ألهث وراء السلطة دون الالتفات لمتطلبات العملية الديمقراطية، هو الذي أدى من قبل لتعثر السلطة المدنية من 2019م إلي 2021م. و هذه تجربة تحتاج لتقييم عقلاني من كل القوى السياسية التي كانت مشاركة في السلطة، و التي لم تشارك فيها، لكي تستوعب ما هي العوامل التي أدت للفشل. و لكن الحرية المركزي تريد إعادة التجربة بوقع الحافر على الحافر.
أن مقال الثلاثية يعتبر تنبيه يجب الالتفات إليه من قبل قيادات الحرية المركزي، و لا يضيعوا مجهودا بدأوه، فقضايا التغيير في المجتمعات من نظم شمولية إلي نظم ديمقراطية يحتاج لحوارات مفتوحة بين كل الأطراف، و القوى السياسية دائما تحاور الذين يختلفون معها و ليس المتوافقين معها، و ما تزال الكرة في ملعبهم للسير بالعملية في طريق الديمقراطية. و نسأل الله حسن البصيرة.

zainsalih@hotmail.com

 

آراء