الثورة وصراع الأجندات الخارجية ” 4 – 4″
زين العابدين صالح عبد الرحمن
16 April, 2024
16 April, 2024
زين العابدين صالح عبد الرحمن
أن تعدد الأجندة الخارجية و بأشكال مختلفة في الساحة السياسية السودانية لم يكن وليدا لثورة ديسمبر 2018م، بل أعدت له الدول الغربية و أمريكا صاحبة الأجندة من قبل سقوط نظام الإنقاذ، من خلال دعم إقامت الورش و المنتديات و السمنارات التي كانت تقام في كل من كمبالا و نيروبي و غيرها بأموال من منظمات غربية و أمريكية، و كان الهدف منها هو إعداد جيل جديد من السياسيين مغايرا للأجيال القديمة و يكون مرتبطا بالمؤسسات الغربية، و خاصة أن الغرب كان متابعا للتدهور و التفكك الذي بدأ يحدث في نظام الإنقاذ.. و منذ فترة التجمع الوطني الديمقراطي كان رؤية أمريكا من خلال مبعوثيها في تلك الفترة و اجتماعاتهم في القاهرة مع عددا من القيادات و الناشطين لمعرفة آرائهم عن الأحزاب التقليدية و خاصة حزبي الأمة و الاتحادي و هل قيادات الحزبين مواكبة للتغيرات التي تحدث داخل المجتمع السوداني، و كانوا يشيرون إلي أن النظام الحاكم يعتمد على قوى حديثة و أيضا الحركة الشعبية في ذالك الوقت. لذلك لم تكن أمريكا بعيدة عن تكوين قوات التحالف السودانية بهدف خلق معادلة جديدة في ساحة المعارضة تضعف فيها سطوة الأحزاب التقليدية على المعارضة، و اكتشف العقل الأمريكي أن المؤسسات العسكرية شبه السياسية بعيدا عن حضانة المجتمع لا تنجح في مواصلة نشاطها، و بالفعل أن الخلافات ضربت التحالف، هذه التجربة هي التي دفعتهم الرهان على قوى مدنية يتم استقطابها من خلال دورات في السمنارات و الورش..
أن التدخل الخارجي المباشر في الشأن السياسي خلال الفترة الانتقالية من قبل عدد من المنظمات و سفراء دول و بعثة أممية إلي جانب الرباعية و الثلاثية و الاتحاد الأوربي و غيرها، و أيضا من قبل عدد من الدول التي كانت تمد أرانب إنوفها في الشأن السياسي السوداني، كانت تؤكد أن كل هؤلاء لهم أجندة خاصة يريدون تحقيقها من خلال القيادات الذين يريدونهم في إدارة شأن البلاد.. كلها كانت تؤكد تمسك أصحاب الأجندة بفئة قليلية تريد أن تكون لهم رافعة للسلطة، و من خلال هؤلاء يستطيعوا تحقيق أجندتهم.. و الصراع الذي نشب بين القوى المدنية و العسكرية جعل هناك بيئة مهيأ أن تتزاحم فيها نشاط مكاتب و حركة المخابرات الخارجية.. و صلت المأساة أن تدفع هذه الدول الخارجية مرتبات السلطة التنفيذية في الفترة الانتقالية بالعملة الصعبة دون أن تكون لوزارة المالية رقابة عليها.. إذا كانت السلطة التنفيذية في أي دولة في العالم تتلقى مرتباتها من الخارج إلي من يكون ولاءها للداخل أم للذين يدفعون لهم..
هناك رأى أخر: يقول أن ضعف الأحزاب السياسية الذي كان واضحا بعد الثورة، و عجزها أن تقييم حتى ندوات سياسية كممارسة للإلتقاء مع الجماهير و الحاور معها، لم يحدث بسبب أن الأحزاب قبل حكم الإنقاذ كانت لها دعم خارجي يأتي لها مباشرة، و أيضا فقد حزب البعث مئات المنح التي كانت تقدمها العراق لهم سلطة البعث قبل سقوط نظام البعث، و كانت أهم عامل لاستقطاب الشباب، و أيضا قبل سقوط حائط برلين في اوائل تسعينيات القرن الماضي تتلقى ألاف المنح الدراسية في جامعات الاتحاد السوفيتي السابق و حلفائه الشرقيين، و المنح أداة قوية لاستقطاب الشباب، أن ضياع هذه الدعومات بالفعل قد أضعف القوى السياسية، و أيضا الأمة و الاتحادي كانا يتلقيان دعم خارجي.. الغريب هذه الدعم أغلبيته لم يجد طريقة للنشاطات العامة للأحزاب بالصورة التي تجعلها تطور أداء عضويتها..
بعد ثورة ديسمبر 2018م دخلت الأمارات كلاعب جديد في الساحة السياسية السودانية من خلال استقطاب عدد من قيادات الأحزاب، و الذين كانوا ترددون لها في زيارات تكاد تكون ماكوكية، و استطاعت أن تجعلهم قوى مساعدة للميليشيا التي كانت تراهن عليها الأمارات، و أيضا الأمارات هي التي دفعت فاتورة تكاليف اتفاق جوبا.. لم يكن دعم الأمارات كبيرا للأحزاب، بل كان محدودا فقط حد الكفاف، و الذي يجعلهم مرتبطين بالأجندة الأماراتية لدعم الجانب السياسي للميليشيا، الأمارات كانت تدعم الميليشيا و تدير لها حملتها الإعلامية و توفر الناشطين الذين توكل لهم عملية أضعاف التحالف بين الجيش و الشعب..
أن الاتحاد الأوربي كان يختلف في أجندته عن أمريكا التي كانت تراهن على " الاتفاق الإطاري" الذي كان فكرة وزارة الخارجية الأمريكية و مشرفة عليه مساعدة وزير الخارجية الأمريكي " مولي في" و الإشراف المباشر كان يقوم به السفير الأمريكي في الخرطوم جون غودفيريو حتى تقدم فكرة أمريكية بديلا لقحت المركزي لكنها تعثرت و لم تجد قبولا وسط السودانيين.. سحب الملف من وزارة الخارجية إلي الرئاسة التي عينت مبعوثا خاصا هو توم بيرييلو و الذي بدأ مهمته بلقاءات واسعة مع المكونات السودانية، في خطوة تدل على تغيير الفكرة السابقة.. الاتحاد الأوروبي يعتقد لابد من توسيع قاعدة المشاركة على أن يكون الحوار سوداني خالصا..
أن الواقع سوف يتشكل وفقا للنهاية التي تتوقف بها الحرب، و هناك إصرارا من قيادة الجيش على الانتصار في الحرب، على أن لا يكون للميليشيا أي دور عسكري أو سياسي مستقبلا، و إذا انتصر الجيش يصبح هو المشرف بشكل مباشر على الفترة الانتقالية مع حكومة تكنوقراط، و تأتي مشاركة القوى المدنية من خلال نتائج الانتخابات العامة.. لذلك تجتهد خالصة القوى السياسية التي ليس لها أي قواعد اجتماعية تؤهلها في الانتخابات أن تنتهي الحرب بالتفاوض لكي تضمن لها مساحة في المسرح السياسي، لآن التفاوض سوف يؤدي لتشكيل حكومة مدنية ربما تكون محاصصات تتيح لها فرصة للرجوع مرة أخرى للسلطة.. فالنهاية التي تنتهي عليها الحرب هي التي تشكل ملامح المستقبل.. نسأل الله حسن البصيرة..
zainsalih@hotmail.com
أن تعدد الأجندة الخارجية و بأشكال مختلفة في الساحة السياسية السودانية لم يكن وليدا لثورة ديسمبر 2018م، بل أعدت له الدول الغربية و أمريكا صاحبة الأجندة من قبل سقوط نظام الإنقاذ، من خلال دعم إقامت الورش و المنتديات و السمنارات التي كانت تقام في كل من كمبالا و نيروبي و غيرها بأموال من منظمات غربية و أمريكية، و كان الهدف منها هو إعداد جيل جديد من السياسيين مغايرا للأجيال القديمة و يكون مرتبطا بالمؤسسات الغربية، و خاصة أن الغرب كان متابعا للتدهور و التفكك الذي بدأ يحدث في نظام الإنقاذ.. و منذ فترة التجمع الوطني الديمقراطي كان رؤية أمريكا من خلال مبعوثيها في تلك الفترة و اجتماعاتهم في القاهرة مع عددا من القيادات و الناشطين لمعرفة آرائهم عن الأحزاب التقليدية و خاصة حزبي الأمة و الاتحادي و هل قيادات الحزبين مواكبة للتغيرات التي تحدث داخل المجتمع السوداني، و كانوا يشيرون إلي أن النظام الحاكم يعتمد على قوى حديثة و أيضا الحركة الشعبية في ذالك الوقت. لذلك لم تكن أمريكا بعيدة عن تكوين قوات التحالف السودانية بهدف خلق معادلة جديدة في ساحة المعارضة تضعف فيها سطوة الأحزاب التقليدية على المعارضة، و اكتشف العقل الأمريكي أن المؤسسات العسكرية شبه السياسية بعيدا عن حضانة المجتمع لا تنجح في مواصلة نشاطها، و بالفعل أن الخلافات ضربت التحالف، هذه التجربة هي التي دفعتهم الرهان على قوى مدنية يتم استقطابها من خلال دورات في السمنارات و الورش..
أن التدخل الخارجي المباشر في الشأن السياسي خلال الفترة الانتقالية من قبل عدد من المنظمات و سفراء دول و بعثة أممية إلي جانب الرباعية و الثلاثية و الاتحاد الأوربي و غيرها، و أيضا من قبل عدد من الدول التي كانت تمد أرانب إنوفها في الشأن السياسي السوداني، كانت تؤكد أن كل هؤلاء لهم أجندة خاصة يريدون تحقيقها من خلال القيادات الذين يريدونهم في إدارة شأن البلاد.. كلها كانت تؤكد تمسك أصحاب الأجندة بفئة قليلية تريد أن تكون لهم رافعة للسلطة، و من خلال هؤلاء يستطيعوا تحقيق أجندتهم.. و الصراع الذي نشب بين القوى المدنية و العسكرية جعل هناك بيئة مهيأ أن تتزاحم فيها نشاط مكاتب و حركة المخابرات الخارجية.. و صلت المأساة أن تدفع هذه الدول الخارجية مرتبات السلطة التنفيذية في الفترة الانتقالية بالعملة الصعبة دون أن تكون لوزارة المالية رقابة عليها.. إذا كانت السلطة التنفيذية في أي دولة في العالم تتلقى مرتباتها من الخارج إلي من يكون ولاءها للداخل أم للذين يدفعون لهم..
هناك رأى أخر: يقول أن ضعف الأحزاب السياسية الذي كان واضحا بعد الثورة، و عجزها أن تقييم حتى ندوات سياسية كممارسة للإلتقاء مع الجماهير و الحاور معها، لم يحدث بسبب أن الأحزاب قبل حكم الإنقاذ كانت لها دعم خارجي يأتي لها مباشرة، و أيضا فقد حزب البعث مئات المنح التي كانت تقدمها العراق لهم سلطة البعث قبل سقوط نظام البعث، و كانت أهم عامل لاستقطاب الشباب، و أيضا قبل سقوط حائط برلين في اوائل تسعينيات القرن الماضي تتلقى ألاف المنح الدراسية في جامعات الاتحاد السوفيتي السابق و حلفائه الشرقيين، و المنح أداة قوية لاستقطاب الشباب، أن ضياع هذه الدعومات بالفعل قد أضعف القوى السياسية، و أيضا الأمة و الاتحادي كانا يتلقيان دعم خارجي.. الغريب هذه الدعم أغلبيته لم يجد طريقة للنشاطات العامة للأحزاب بالصورة التي تجعلها تطور أداء عضويتها..
بعد ثورة ديسمبر 2018م دخلت الأمارات كلاعب جديد في الساحة السياسية السودانية من خلال استقطاب عدد من قيادات الأحزاب، و الذين كانوا ترددون لها في زيارات تكاد تكون ماكوكية، و استطاعت أن تجعلهم قوى مساعدة للميليشيا التي كانت تراهن عليها الأمارات، و أيضا الأمارات هي التي دفعت فاتورة تكاليف اتفاق جوبا.. لم يكن دعم الأمارات كبيرا للأحزاب، بل كان محدودا فقط حد الكفاف، و الذي يجعلهم مرتبطين بالأجندة الأماراتية لدعم الجانب السياسي للميليشيا، الأمارات كانت تدعم الميليشيا و تدير لها حملتها الإعلامية و توفر الناشطين الذين توكل لهم عملية أضعاف التحالف بين الجيش و الشعب..
أن الاتحاد الأوربي كان يختلف في أجندته عن أمريكا التي كانت تراهن على " الاتفاق الإطاري" الذي كان فكرة وزارة الخارجية الأمريكية و مشرفة عليه مساعدة وزير الخارجية الأمريكي " مولي في" و الإشراف المباشر كان يقوم به السفير الأمريكي في الخرطوم جون غودفيريو حتى تقدم فكرة أمريكية بديلا لقحت المركزي لكنها تعثرت و لم تجد قبولا وسط السودانيين.. سحب الملف من وزارة الخارجية إلي الرئاسة التي عينت مبعوثا خاصا هو توم بيرييلو و الذي بدأ مهمته بلقاءات واسعة مع المكونات السودانية، في خطوة تدل على تغيير الفكرة السابقة.. الاتحاد الأوروبي يعتقد لابد من توسيع قاعدة المشاركة على أن يكون الحوار سوداني خالصا..
أن الواقع سوف يتشكل وفقا للنهاية التي تتوقف بها الحرب، و هناك إصرارا من قيادة الجيش على الانتصار في الحرب، على أن لا يكون للميليشيا أي دور عسكري أو سياسي مستقبلا، و إذا انتصر الجيش يصبح هو المشرف بشكل مباشر على الفترة الانتقالية مع حكومة تكنوقراط، و تأتي مشاركة القوى المدنية من خلال نتائج الانتخابات العامة.. لذلك تجتهد خالصة القوى السياسية التي ليس لها أي قواعد اجتماعية تؤهلها في الانتخابات أن تنتهي الحرب بالتفاوض لكي تضمن لها مساحة في المسرح السياسي، لآن التفاوض سوف يؤدي لتشكيل حكومة مدنية ربما تكون محاصصات تتيح لها فرصة للرجوع مرة أخرى للسلطة.. فالنهاية التي تنتهي عليها الحرب هي التي تشكل ملامح المستقبل.. نسأل الله حسن البصيرة..
zainsalih@hotmail.com