الجناح العسكري لكتيبة الفرقان يستنكر تفشي الفساد في البلاد في ظل الإنقاذ (2004)
د.عبد الله علي ابراهيم
19 December, 2022
19 December, 2022
(هذا المقال عائد إلى 2004 حين كانت مسألة "دين" العاصمة موضوع جدل في سبيل اتفاق السلام بين الحكومة في الإنقاذ ومعارضتها التي تصدرتها الحركة الشعبية. وكان رأي تلك المعارضة "تحييد" الدين في الخرطوم لأنها خليط أديان وعقائد لا تفضيل لأحدها على الآخر. ومع تفهمي لمنطق المعارضة إلا أنني استنكرت في موضع آخر “ميثاق القاهرة" الذي دعمت فيه الأحزاب الشمالية موقف الحركة الشعبية عن العاصمة العاطلة عن الدين في مفاوضاتها مع الحكومة. وكان ذلك معارضة شعواء منهم يلطفها نظر ثقافي وروحي تاريخي في الشأن. فقلت في نقدي لميثاق القاهرة إن الخرطوم بنيت على دين إلا لمن أراد تجريدها منه لأنها صدفت أن كانت عاصمة البلاد. وقلت لربما قللنا التكلفة الروحية بنزع الدين من الخرطوم بأن نعتزلها ونشرع في بناء عاصمة بلا دين من حجر أساسها.
ولم يمنعني ذلك مع ذلك كما سترى من أخذ علماء الدين في مجامعهم بالنقد لموقفهم من دين العاصمة. وهو موقف وقعوا عليه طاعة للسلطان لا شفقة بالدين).
ليس من علائم العلم أو الدين أن يصم علماء الدين (الدارج وصفهم بعلماء الحكومة) آذانهم عن قول من لم يروا رأيهم في ميثاق القاهرة الذي قضي بعاصمة تتساوي فيها الأديان. فقد قال لهم السيد الصادق المهدي أن "يتفكروا" إن كانت العاصمة اليوم أقرب للإسلام بعد عقد ونصف من تطبيق الشريعة على المدينة في 1989. كما قال لهم تاج السر محمد صالح المحامي إن خشيتهم من مبدأ تساوي الاديان وإشفاقهم أن يؤدي بالمسلمين الي حمأ الرذيلة انما يقدح فيهم لتفريطهم خلال هذا العقد والنصف من طبع المسلمين علي مكارم الخلق. وحسناً فعل الإمام الصادق بدعوة العلماء الي "التفكر" في دلالاتها القرآنية فالقيادة، أيا ًكانت، ليست قاصرة علي إحسان الكر والطعن والتشهير بالخصم. وقد تعودنا من علماء الدين هذا منذ تصدع نظام الانقاذ الي شيعة للمنشية وأخري للقصر. فأفضل القادة، في قول توم جاكسون النقابي البريطاني، من عرف متي يلزم الجابرة وأعمل فكره طلباً لخطة تهدي الجماعة.
سيجد علماء الدين مادة خصبة للتفكر بشأن التشريع بالعاصمة لو كفوا عن لعن من تشتبه فيهم الحكومة وتكفيره. فالعاصمة في ظل آليات الانقاذ المتفاقمة للنهي عن المنكر هي الآن أسوأ خلقاً من أي وقت مضي.
وسنستدل على ذلك بمن لا يظن العلماء بدينه الظنون. فقد صدر عن قريب منشور للجناح العسكري لكتيبة الفرقان لجماعة المسلمين استنكر فيه سكوت الحكومة على انتشار الفساد في الطرقات، وكثرة الدعارة المنظمة بين الطالبات، وتفشي الزواج العرفي، وكثرة اللقطاء وأبناء الزنا. وقد اتبعت الجماعة القول بالفعل ففرقت بالبمبان حفلاً راقصاً ماجناً بثياب عارية، فيما زعمت، في مدينة أركويت. أو كما قالت الجماعة.
لا أدرى كيف ساغ لعلماء الدين رمي أهل ميثاق القاهرة بالتخطيط لإشاعة الفحشاء في العاصمة بينما يرميهم حُدثاء الاسنان في كتيبة الفرقان بالصمت حيال فحشاء ضاربة الأطناب في العاصمة الراهنة. لا مهرب أمام العلماء، والحال على ما هو عليه، من الاعتراف بأن القوانين، حتى التي في سماحة الاسلام، لا تنهض وحدها بزرع الفضيلة. وأن للصورة التي عليها معاش الناس واقتصادهم دخل كبير في حسن إسلام الخلق. وسبق لمؤتمر للكيان الاسلامي أن نادي بتلازم الدين والعجين إسوة بالشيخ الذي قال: "لو ما عجيني منو البجيني". أو ما روي عن الشيخ سلمان الذي سئل ما الشيء الذي يوصل الي الله قال: "الكسرة." وظل السائل يكرر السؤال والاجابة هي نفسها: الكسرة. وضاق الشيخ بالسائل أخيراً وقال "قلت لك الكسرة ما تشغلني."
استسهلت المعارضة في مسعاها لعزل الانقاذ وصف الحكومة بأنها لا تمت إلى الاسلام بصلة. وهذه سلطة في "التكفير" والخلع عن الاسلام لا ندري من خولها المعارضين. والأهم من ذلك أن "تكفير" الحكومة هذا حجب عن المعارضين المنافذ ليحكموا على الحكومة من واقع مزاعمها، وبأعمالها، عن عدم سداد دعوة زج الدين في السياسة. والالحاح على فصل الدين عن السياسة هو محور منهاج المعارضة وثمرة نشاطها المتوقعة. وواضح بعد بروز حركة كتيبة الفرقان أن "تكفير" الحكومة همة غير قاصرة على المعارضة. فلو كان هم المعارضة أن ترد الإنقاذ الي صحيح الدين فقد يتولى عنها ذلك فتية الفرقان الذين خرجوا ل"تحشيم" العاصمة الإنقاذية المارقة.
IbrahimA@missouri.edu
ولم يمنعني ذلك مع ذلك كما سترى من أخذ علماء الدين في مجامعهم بالنقد لموقفهم من دين العاصمة. وهو موقف وقعوا عليه طاعة للسلطان لا شفقة بالدين).
ليس من علائم العلم أو الدين أن يصم علماء الدين (الدارج وصفهم بعلماء الحكومة) آذانهم عن قول من لم يروا رأيهم في ميثاق القاهرة الذي قضي بعاصمة تتساوي فيها الأديان. فقد قال لهم السيد الصادق المهدي أن "يتفكروا" إن كانت العاصمة اليوم أقرب للإسلام بعد عقد ونصف من تطبيق الشريعة على المدينة في 1989. كما قال لهم تاج السر محمد صالح المحامي إن خشيتهم من مبدأ تساوي الاديان وإشفاقهم أن يؤدي بالمسلمين الي حمأ الرذيلة انما يقدح فيهم لتفريطهم خلال هذا العقد والنصف من طبع المسلمين علي مكارم الخلق. وحسناً فعل الإمام الصادق بدعوة العلماء الي "التفكر" في دلالاتها القرآنية فالقيادة، أيا ًكانت، ليست قاصرة علي إحسان الكر والطعن والتشهير بالخصم. وقد تعودنا من علماء الدين هذا منذ تصدع نظام الانقاذ الي شيعة للمنشية وأخري للقصر. فأفضل القادة، في قول توم جاكسون النقابي البريطاني، من عرف متي يلزم الجابرة وأعمل فكره طلباً لخطة تهدي الجماعة.
سيجد علماء الدين مادة خصبة للتفكر بشأن التشريع بالعاصمة لو كفوا عن لعن من تشتبه فيهم الحكومة وتكفيره. فالعاصمة في ظل آليات الانقاذ المتفاقمة للنهي عن المنكر هي الآن أسوأ خلقاً من أي وقت مضي.
وسنستدل على ذلك بمن لا يظن العلماء بدينه الظنون. فقد صدر عن قريب منشور للجناح العسكري لكتيبة الفرقان لجماعة المسلمين استنكر فيه سكوت الحكومة على انتشار الفساد في الطرقات، وكثرة الدعارة المنظمة بين الطالبات، وتفشي الزواج العرفي، وكثرة اللقطاء وأبناء الزنا. وقد اتبعت الجماعة القول بالفعل ففرقت بالبمبان حفلاً راقصاً ماجناً بثياب عارية، فيما زعمت، في مدينة أركويت. أو كما قالت الجماعة.
لا أدرى كيف ساغ لعلماء الدين رمي أهل ميثاق القاهرة بالتخطيط لإشاعة الفحشاء في العاصمة بينما يرميهم حُدثاء الاسنان في كتيبة الفرقان بالصمت حيال فحشاء ضاربة الأطناب في العاصمة الراهنة. لا مهرب أمام العلماء، والحال على ما هو عليه، من الاعتراف بأن القوانين، حتى التي في سماحة الاسلام، لا تنهض وحدها بزرع الفضيلة. وأن للصورة التي عليها معاش الناس واقتصادهم دخل كبير في حسن إسلام الخلق. وسبق لمؤتمر للكيان الاسلامي أن نادي بتلازم الدين والعجين إسوة بالشيخ الذي قال: "لو ما عجيني منو البجيني". أو ما روي عن الشيخ سلمان الذي سئل ما الشيء الذي يوصل الي الله قال: "الكسرة." وظل السائل يكرر السؤال والاجابة هي نفسها: الكسرة. وضاق الشيخ بالسائل أخيراً وقال "قلت لك الكسرة ما تشغلني."
استسهلت المعارضة في مسعاها لعزل الانقاذ وصف الحكومة بأنها لا تمت إلى الاسلام بصلة. وهذه سلطة في "التكفير" والخلع عن الاسلام لا ندري من خولها المعارضين. والأهم من ذلك أن "تكفير" الحكومة هذا حجب عن المعارضين المنافذ ليحكموا على الحكومة من واقع مزاعمها، وبأعمالها، عن عدم سداد دعوة زج الدين في السياسة. والالحاح على فصل الدين عن السياسة هو محور منهاج المعارضة وثمرة نشاطها المتوقعة. وواضح بعد بروز حركة كتيبة الفرقان أن "تكفير" الحكومة همة غير قاصرة على المعارضة. فلو كان هم المعارضة أن ترد الإنقاذ الي صحيح الدين فقد يتولى عنها ذلك فتية الفرقان الذين خرجوا ل"تحشيم" العاصمة الإنقاذية المارقة.
IbrahimA@missouri.edu