الجنرال شمس الدين الكباشي خطر على الثورة السودانية وعملية السلام برُمتّها

 


 

 

 

في البدء، هذا المقال لا يتناول الحياة الشخصية للجنرال الكذاب شمس الدين الكباشي عضو مجلس (البرهان دقلو)، ليس لصعوبة تناولها، لكن لأن حياته الشخصية والخاصة لا تهم بقليل أو كثير، بل ما يهمنا هو تصرفاته الناجمة عن حياته العامة، أي تصرفاته وسلوكياته كجنرال في ميليشيا ما يسمى بالجيش السوداني وكموظف عام في مجلس السيادة الذي استولى على السلطة في السودان.

ظهر اسم المدعو شمس الدين الكباشي لأول مرة عندما عُين عضواً في المجلس العسكري الإنقلابي ومن ثم عضواً في مجلس السيادة الإنتقالي الذي يحكم السودان الآن. ولظهور اسمه في كلا المجلسين، وصِف من قبل الثُوار "بالكوز" الكذاب. غير أن الشيء المؤكد هو أن الرجل منذ انضمامه للمليشيات التي تعرف بإسم "الجيش السوداني"، تبني ثقافة السادة والعبيد تحت شعار {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ}.
نعم، عمل هذا الكباشي الذي يقدم نفسه نصيراً للثوار اليوم، مع عمر البشير منذ انقلابه حتى سقوطه في أبريل 2019م، لكنه -أي الكباشي، وجد نفسه رغم العجز وقلة الإمكانيات والمقومات، عضواً في المجلس السيادي الحاكم، هذا المنصب جعله يصاب بعقدة النقص بشكل لا لَبس فيه ولا غموض عندما واجه هذه المسؤولية التي تكبر بكثير من إمكانياته التعليمية وقدراته النفسية، فهو ضابط في مليشيا الجيش السوداني ويفترض أنه لم يتعلم سوى استعمال الأسلحة وإطلاق نيرانها على أهله في جبال النوبة ودارفور والنيل الأرق وجنوب السودان.
والكباشي إذن، وجد نفسه في غفلة من الزمن أمام عمل جسيم يفوق قدراته النفسية والتعليمية كما ذكرت، فكان لابد أن ينتابه الشعور بالنقص والعجز، ليتخذ مسلكاً عكسياً.. فبدلاً من تحقير نفسه والشعور بهوانه وجُبنه وعاره كميليشاوي تخصص في قتل أهله في الهامش السوداني.. سيطر عليه رونق السلطة، وأخذته جذوة السيطرة، فبدأ يحقر المعارضة المسلحة -سيما الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال والتهوين من شأنها في جوبا مكان مفاوضات السلام السوداني، وراح يتكلم بلهجة التعالي ويظهر بمظهر الخيلاء وانتفاخ الأوداج. ولأنه مطعون في ثقافته وإمكانياته.. عمد في خطابه السياسي إلى إقحام ألفاظ مبهمة غير مفهومة من الجميع بمن فيهم هو نفسه، وبالغ في تأنقه وحب الظهور، سواء ارتدى الزِّي العسكري أو المدني، كوسيلة لتعويض الشعور بالنقص.

عزيزي القارئ..
ذهب شمس الدين الكباشي إلى مدينة جوبا مقر مفاوضات السلام السودانية، على رأس وفد الحكومة السودانية الإنتقالية للتفاوض مع المعارضة المسلحة، بعد أن عمل هو ومعه عساكر مجلس السيادة بإبعاد الحكومة المدنية -ناس حمدوك، عن ملف السلام تماما، في خرق وانتهاك واضح لوثيقة الإعلان الدستوري في فصلها العاشر تحت عنوان (المفوضية المستقلة) -المادة (1)/ يكّون مجلس الوزراء مفوضيات مستقلة ويرشح لها شخصيات من الخبراء مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة، وتشكل وتحدد اختصاصاتها وفق القوانين التي تنشئها.
(4)/تشمل مفوضيات الفترة الإنتقالية التالية:
(ط)/مفوضية السلام.
إذن هذا الخرق الواضح للوثيقة الدستورية، يؤكد بما لا يدع مجالاً اختطاف الشق العسكري في المجلس السيادي (اللجنة الأمنية للنظام السابق)، لملف السلام من مجلس الوزراء، وعبثوا به عبثا عظيما من خلال توقيع الجنرال شمس الدين الكباشي وصحبه الجنجويدي حمدان دقلو، على اتفاقات سلام مع أجسام مختلقة مصطنعة مشوهة، ومسارات وهمية للإلتفاف على أهداف وعلى عملية السلام الحقيقية برُّمتها.
ما نقوله عن الجنرال شمس الدين ووفده المفاوض في جوبا ليس بدعة عزيزي القارئ، إنما حقائق نتلوها كما هي، فأساليب الالتفاف على أهداف الثورة والسلام العادل الشامل مفضوحة ومكشوفة، كما أن طرقهم المُبتذلة لم تعد خفية، حيث أظهروا بكل وضوح حقيقة دوافعهم الحقيرة ونواياهم القذرة.
لكن لماذا يشكل الجنرال شمس الدين الكباشي بالتحديد، خطرا حقيقيا على الثورة السودانية وعملية السلام برُمتّها وعلى المنطقتين خاصة؟
أولاً/خطره على الثورة السودانية وعملية السلام الجارية في جوبا:
كما ذكرت في أعلى المقال، فالجنرال شمس الدين الكباشي ليس فقط عضو في ما يسمى بالجيش السوداني، إنما أيضا "كوز" من حيث السلوك والنهج، ويتضح هذا من خلال لغة التعالي التي يتعامل بها مع الآخرين. فالرجل أصابه الدوار والإختلال السياسي وغره وجوده بالمجلس السيادي، وهو بالفعل من يدير عملية المفاوضات الجارية حاليا في جوبا بكل تفاصيلها الدقيقة والخبيثة.. وهو من اتى بفكرة اختلاق مسارات وهمية لتجريد المفاوضات من أهدافها الموضوعية.. وهو من حرضّ صديقه محمد حمدان دقلو للقاء زعماء الإدارات الأهلية لإقناعهم بالمشاركة في مفاوضات جوبا.. وهو من استخدم شتى أساليب الخداع والمُراوغة للالتفاف حول إرادة التغيير لدى السودانيين.. وهو من يتآمر بالخفاء والعلن مع فلول النظام السابق والزُمَر الحاكمة لإجهاض الثورة وتغيير مسارها الحقيقي.. وهو إذن -أي شمس الدين الكباشي خطر حقيقي على الثور وعلى عملية السلام برُّمتها.

ثانياً/خطره على قضية المنطقتين:
أما فيما يتعلق بخطره على المنطقتين (جبال النوبة والنيل الأزرق)، فيكمن في أن الحركة الشعبية لتحرير السودان -شمال، هي الحركة الوحيدة من الحركات المسلحة التي تتفاوض حاليا في جوبا، تشكل تهديدا حقيقيا على محاولات عساكر مجلس السيادة لإجهاض الثورة السودانية عبر استخدام شتى أساليب الخداع والمُراوغة للالتفاف حول إرادة التغيير الشامل لدى السودانيين، لأنها -أي الحركة الشعبية، تطرح قضايا وموضوعات ومشكلات حقيقية وتقدم لها حلولا جذرية، الشيء الذي يرفضه ربيب الإنقاذ شمس الدين الكباشي ومجلسه السيادي، ولم يتوقف هذا الكباشي عن خبثه السياسي العدواني إلآ بتحويل هذه المفاوضات إلى اتفاقات هزيلة مع جماعات وتنظيمات وهمية كتنظيم مالك عرمان للإلتفاف وضرب الحركة الشعبية لتحرير السودان -شمال.
وصل قبل أكثر من شهر من هذا التأريخ إلى العاصمة السودانية الخرطوم من جوبا وكمبالا، عدد من شراذم وجوقة حركة مالك عرمان (الإلكترونية) أو الحركة الشعبية أونلاين كما وصفها الدكتور محمد جلال هاشم، تقودهم السيدة بثينة دينار وبتنسيق مباشر مع شمس الدين الكضباشي. وهناك في الخرطوم مارسوا كل أنواع التزوير والتزييف بغرض ايجاد أرضية لهم في الواقع السياسي السوداني، لكن لم تعد هذه الأساليب القذرة كانت مكشوفة على الشارع الذي أدرك حجم تآمر حركة مالك عرمان على الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال وعلى مفهوم ومشروع السودان الجديد.
برغم تنسيق هذه الحركة الوهمية مع شمس الدين الكباشي وفلول النظام البائد من الإسلاميين الجهاديين والمتطرفين، ولجوءها إلى سوق الأساليب الماكرة السوداء، لتستورد منها كل وسيلة ساقطة للترويج لبضاعتها الكاسدة، لأنها غير قادرة على استعمال الحجة والمنطق والبراهين الصادقة والوسائل المشروعة، إلآ أن المحصلة حتى اليوم صفراً كبيراً من حيث جديد الأعضاء وتأسيس أرضية سياسية واقعية لهم، ولم يستطع هؤلاء الزُمر أيضا من زيارة مدينة الدمازين التي يزعمون أن لهم جماهيرا فيها. أما دجالهم الكبير المدعو مالك عقار، فقد أجرى أحد الصحفيين الظلاميين قبل أيام معه، حواراً صحفياً في معسكر من معسكرات اللجوء بالقرب من دولة جنوب السودان، إلآ أن انصاره ويا للكذب وعدم الخجل، قالوا إن الحوار كان في المناطق المحررة برغم أن الجميع يعلم بما فيهم أطفال السودان بعدم وجود مناطق محررة ولا جيش شعبي لمالك عقار في المنطقتين.
أما خطره على جبال النوبة، فالجنرال شمس الدين الكباشي ينسق بشكل يومي مع السيدة بثينة دينار واسماعيل أحمد -حركة مالك عرمان، لزعزعة الإستقرار في المنطقة من خلال تمويل بعض الأنشطة القبائلية المشبوهة، إلآ أن وعي الجماهير كان حاضرا وكبيرا جدا، واكتشف ألاعيبهم، وتم طردهم من هناك شرّ طردة.
من أساليبهم الخبيثة القذرة في جبال النوبة عزيزي القارئ وبعلم الجنرال شمس الدين الكباشي، قامت بثينة وإسماعيل أحمد وخميس جلاب بإرسال شخص يدعى أحمد آدم قنديل إلى المنطقة الشرقية -مدينة تقلي العباسية، حاملاً معه شنطا مليئة بالرتب العسكرية المزورة لتوزيعها كالشاكولاتة على كل من ينضم إلى حركتهم الوهمية، وحسب المصادر الواردة من هناك، فقد تم فعلا ترقية عدد من المدنيين العزل في اجتماع من اجتماعاتهم لرتب عسكرية مختلفة، لكن وعي جماهير المنطقة الحاضر دائما سرعان ما عرقل خططهم القذرة والخبيثة ليتم اعتقال المدعو أحمد آدم قنديل في الخرطوم بتهمة توزيع رتب عسكرية مزورة.
ولأن ليس لحركة مالك عرمان أونلاين حجة للإقناع لأنها حركة هلامية لسانية، زجت بالقبلية في عراكها السياسي وحرضت ضد الحركة الشعبية لتحرير السودان -شمال، وذلك لضرب قبائل المنطقة وتعكير صفو العلاقات الاجتماعية بينها.. وهي نفس اللعبة التي استخدمتها مع قبائل النيل الأزرق ولم تفلح تلك الخطوة لتحقيق المراد.
قبل أشهر وفي الجزء الجنوب الشرقي من جبال النوبة وتحديدا في منطقة أبو سفيفة، حرضت الحركة الإلكترونية المذكورة، قبيلة (الحوازمة) فرع "دار نعيلة"، وجندت عدد من أفرادها ووزعت لهم رتب عسكرية مزورة لزعزعة الإستقرار وزرع الفتنة القبلية، لكنها مرة أخرى فشلت في تحقيق أهدافها وخابت آمالها..
هذه التحركات لجماعة مالك عرمان لم تكن ممكنة لولا الدور التآمري للجنرال شمس الدين الكباشي رأس الفتنة في المنطقة، حيث أن حكومته سمحت بهذه الممارسة القذرة للوقيعة بين القبائل بهدف نشر الفتن وإثارة البلبلة السياسية من خلال تجاوز كل الأعراف والتقاليد السائدة داخل مجتمعات جبال النوبة/جنوب كردفان.
للسلطة في السودان رونق خاص لا يقاوم، فالهم الأكبر للكباشي ولعسكر مجلس السيادة هو توطيد سيطرتهم على كافة مرافق الحياة في البلد، فلذلك كلما اتخذوا خطوة سياسية غبية تعكس عجزهم وعدم كفاءتهم للممارسات السياسية، كلما لجأوا إلى العمل الديماجوجي الفوضوي الغوغائي على النحو الذي يقوم به الجنرال شمس الدين الكباشي في المنطقتين من السماح لحركة مالك عرمان العبث بالنسيج الإجتماعي فيهما.

عزيزي القارئ..
ما ذكرناه من الدور التآمري للجنرال شمس الدين الكباشي ومجلسه العسكري وجنجويدهم على الثورة السودانية وعلى السلام الدائم العادل الشامل، إنما بلاغ للجان المقاومة والمراقبة ولشباب الحركة لأخذ الحيطة والحذ الشعبية، لكن مُخطئ من يظن أنّ العساكر وجنجويدهم، سينجحون في إجهاض الثورة الشعبية السودانية عبر استخدام شتى أساليب الخداع والمُراوغة للالتفاف حول إرادة التغيير لدى الجماهير، فلم تعد هذه الأساليب القذرة بقادرة على وقف طوفان الشارع العارم.


bresh2@msn.com

 

آراء