الحالمون
كمال الهدي
23 January, 2022
23 January, 2022
تأمُلات
. كثيراً ما أقول أن جُل مشاكلنا تظل عالقة، بل وتتعقد أكثر بسبب جنوحنا للعواطف، وتخيل الأشياء بغير حقيقتها، وانتظار المستحيل.
. قبل مباراة منتخبنا ضد مصر انطلقت دعوات هنا وهناك تتطالب لاعبي المنتخب بإرتداء قمصان ملطخة بالدماء والإنسحاب من مباراة مصر بعد صافرة البداية بغرض إرسال رسالة للعالم مفادها أن نظام السيسي يتدخل في شأننا الداخلي من أوسع الأبواب، ويأمر البرهان بتنفيذ كل ما يضمن مصالح مصر ويضر بالسودان وأهله.
. تعجبت حينها، وقلت لنفسي أننا كرياضيين نفترض أشياء في أنفسنا نحن أبعد ما نكون عنها.
. فلو كان لدينا مثل هذا الحس الوطني العالي لما ساعدنا نظام الكيزان في البقاء على سدة الحكم لثلاثين عاماً كاملة.
. لو كنا نملك القوة والوعي الثوري الذي يدفع لاعبي منتخبنا الوطني لمثل هذا العمل البطولي لما قبلنا بأن يدير أكبر أنديتنا جمال الوالي والكاردينال وسوداكال، ولما جعلنا من حملة أقلام مضللين ومنافقين رموزاً لإعلامنا الرياضي.
. ثم كيف نتوقع من لاعبي منتخب يشرف عليه بعض أزلام الكيزان والمفسدين أن يأتوا بعمل وطني واعٍ يقترب مما رأيناه من شهداء الوطن الكواسر (رحمهم الله جميعاً وأنزلهم منزلة صدق).
. الأعمال الكبيرة لا تتحقق بالأحلام والأمنيات وإنما تُنجز بتبني المواقف الراسخة وبذل الجهود الجادة.
. ولم نصل لما نحن عليه اليوم ونعرض بلدنا لمخاطر لا تُحصى إلا لأننا تهاونا وتقاعسنا وفي النهاية جرينا - بعد كل تضحيات الشباب- خلف سراب قحت وحمدوك.
. حتى بعد انقلاب البرهان الذي تهيأت له الأجواء في وقت اكتفينا فيه بالفرجة واهدار الوقت في شكر حمدوك والتغني بالانفتاح الخارجي على عالم كنا ندرك أنه لن يعصمنا من المخاطر أو يساعدنا في استرداد حقوقنا المسلوبة، حتى بعد هذا الانقلاب لم يفق معظمنا وصدقوا فرية أن عودة حمدوك للعمل مع الانقلابيين يمكنها أن (تحقن الدماء).
. سادة قحت وزعماء الأحزاب السذج صاروا يحدثون الناس عن لاءات ثلاثة بعد خراب سوبا وهم من استمروا في التفاوض بعد جريمة فض الاعتصام الشنيعة.
. والمؤسف أن (بعضنا) ما زالوا يصغون لهم ويتجاوبون مع شعاراتهم فارغة المحتوى والمضمون.
. الهوان الذي بلغناه ساهمنا فيه كشعب بشكل أو يآخر سواءً إبان فترة حكم (المقاطيع)، أو أثناء أشهر حكومة حمدوك وحتى بعد الانقلاب الذي توهمنا أن المجتمع الدولي سيعمل على اجهاضه في التو والحظة.
. نشجب وندين، بل ونحتقر البرهان وحميدتي على خنوعهم وخيانتهم واستئثارهم بموارد البلد ومنحها برخص التراب للآخرين، لكننا قليلاً ما نلوم بعضنا البعض على ضعف الحس الوطني والمساهمة المباشرة في تخريب اقتصاد بلدنا.
. نتسبب لأنفسنا في الهوان في الكثير من الأحيان وفي ذات الوقت نلقي باللوم على باعة الأوطان.
. ولنأخذ السفر لمصر كمثال ونسأل عن ما يدفع الآلاف لتحمل الإهانات والأذى أثناء سفرهم بالبر لهذه الجارة الجائر حاكمها.
. ولعلكم جميعاً تعلمون بالمشقة التي يتحملها السودانيون الذين يسافرون لمصر بالبر من تغيير للبصات في النقطة الحدودية يستغرق ساعات طوال وتعامل غير كريم من المسئولين عن هذه النقاط الحدودية.
. ومع ازدياد المعاناة ترتفع أعداد المسافرين لهناك كل يوم.
. يزدريهم مسئولو النقاط الحدودية مع إنهم يحملون سلعاً ومنتجات استراتيجية ودولارات يصرفونها في مصر ليعودا لهذا البلد بشيء من (الهتش).
. ولا أدري لماذا تأخرتم أهلنا في تفعيل سلاح المقاطعة (الفتاك) حتى بعد أن علمتم بأن سيسي مصر يلعب دور وكيل إسرائيل والسعودية والإمارات، ويدعم الانقلاب، ويزود البرهان وحميدتي بأدوات الفتك بشبابنا، ويحصل على مواردنا بالمجان.
. ما الذي دعاكم طوال الفترة الماضية للقيام ببعض ما تلومون عليه العسكر الذين أهانوا كرامتنا وباعوا وطننا وثرواته لهذا السيسي الذي يضحك عليه شعبه بينما يستهزيء هو ويهين حكامنا ضعاف النفوس!
.لِم لم تفكروا في إيجاد بدائل لمصر في هذا التوقيت بالذات قبل أن (يُترس) أهلنا في الشمال الطريق الذي استنزفت عبره مصر السيسي بلدنا!!
. لا أخفيكم سراً أنني شعرت بإحباط شديد في الأسابيع الماضية بسبب تقاعس قوى وحكومة الثورة الشيء الذي عقد أزمات الوطن.
. لكن أعاد لنا أشاوس الشمال الأمل بإغلاقهم للطريق وهو أمر يتطلب دعماً جاداً ومقدراً من كافة ثوار البلد.
. لا ننكر أن حميدتي صار قوة ضاربة كنتيجة طبيعية لخنوع البرهان وإهمال قحت ودكتور حمدوك لملف السلام الذي جيره قائد المليشيا لمصلحته في غفلة منا جميعاً.
. وبعد مؤامرة جوبا- التي صدق بعضنا أنها سوف تحقق السلام في ربوع الوطن- فقدنا الكثير لمصلحة هذا المتآمر حميدتي وقواته.
. والآن لم يعد بأدينا سلاح أقوى من منعه هو وبعض الخونة الآخرين من بيع موارد البلد لمصلحتهم الشخصية.
. علينا اليوم أن نكون أكثر جدية في تقفيل كافة المنافذ التي تتسرب عبرها سلعنا ومنتجاتنا الإستراتيجية.
. كما يتوجب علينا مقاطعة كل من يخون هذه الثورة والوطن بدعم حميدتي سواءً عبر العمل معه بشكل مباشر طمعاً في الرواتب المغرية، أو يجيش له الشباب رغبة في جاه، سلطة أو مال.
. كل سافل يتجاوب ويذعن لإرادة عسكر اليوم يفترض أن نفر منه فرار السليم من الأجرب.
. فلا يعقل أن نتعامل مع مهندس، محاس، إعلامي، خبير أو زعيم يدعم هذه المليشيا وفي ذات الوقت نتحسر على الحال الذي أوصلنا له العسكر.
.
kamalalhidai@hotmail.com
////////////////////
. كثيراً ما أقول أن جُل مشاكلنا تظل عالقة، بل وتتعقد أكثر بسبب جنوحنا للعواطف، وتخيل الأشياء بغير حقيقتها، وانتظار المستحيل.
. قبل مباراة منتخبنا ضد مصر انطلقت دعوات هنا وهناك تتطالب لاعبي المنتخب بإرتداء قمصان ملطخة بالدماء والإنسحاب من مباراة مصر بعد صافرة البداية بغرض إرسال رسالة للعالم مفادها أن نظام السيسي يتدخل في شأننا الداخلي من أوسع الأبواب، ويأمر البرهان بتنفيذ كل ما يضمن مصالح مصر ويضر بالسودان وأهله.
. تعجبت حينها، وقلت لنفسي أننا كرياضيين نفترض أشياء في أنفسنا نحن أبعد ما نكون عنها.
. فلو كان لدينا مثل هذا الحس الوطني العالي لما ساعدنا نظام الكيزان في البقاء على سدة الحكم لثلاثين عاماً كاملة.
. لو كنا نملك القوة والوعي الثوري الذي يدفع لاعبي منتخبنا الوطني لمثل هذا العمل البطولي لما قبلنا بأن يدير أكبر أنديتنا جمال الوالي والكاردينال وسوداكال، ولما جعلنا من حملة أقلام مضللين ومنافقين رموزاً لإعلامنا الرياضي.
. ثم كيف نتوقع من لاعبي منتخب يشرف عليه بعض أزلام الكيزان والمفسدين أن يأتوا بعمل وطني واعٍ يقترب مما رأيناه من شهداء الوطن الكواسر (رحمهم الله جميعاً وأنزلهم منزلة صدق).
. الأعمال الكبيرة لا تتحقق بالأحلام والأمنيات وإنما تُنجز بتبني المواقف الراسخة وبذل الجهود الجادة.
. ولم نصل لما نحن عليه اليوم ونعرض بلدنا لمخاطر لا تُحصى إلا لأننا تهاونا وتقاعسنا وفي النهاية جرينا - بعد كل تضحيات الشباب- خلف سراب قحت وحمدوك.
. حتى بعد انقلاب البرهان الذي تهيأت له الأجواء في وقت اكتفينا فيه بالفرجة واهدار الوقت في شكر حمدوك والتغني بالانفتاح الخارجي على عالم كنا ندرك أنه لن يعصمنا من المخاطر أو يساعدنا في استرداد حقوقنا المسلوبة، حتى بعد هذا الانقلاب لم يفق معظمنا وصدقوا فرية أن عودة حمدوك للعمل مع الانقلابيين يمكنها أن (تحقن الدماء).
. سادة قحت وزعماء الأحزاب السذج صاروا يحدثون الناس عن لاءات ثلاثة بعد خراب سوبا وهم من استمروا في التفاوض بعد جريمة فض الاعتصام الشنيعة.
. والمؤسف أن (بعضنا) ما زالوا يصغون لهم ويتجاوبون مع شعاراتهم فارغة المحتوى والمضمون.
. الهوان الذي بلغناه ساهمنا فيه كشعب بشكل أو يآخر سواءً إبان فترة حكم (المقاطيع)، أو أثناء أشهر حكومة حمدوك وحتى بعد الانقلاب الذي توهمنا أن المجتمع الدولي سيعمل على اجهاضه في التو والحظة.
. نشجب وندين، بل ونحتقر البرهان وحميدتي على خنوعهم وخيانتهم واستئثارهم بموارد البلد ومنحها برخص التراب للآخرين، لكننا قليلاً ما نلوم بعضنا البعض على ضعف الحس الوطني والمساهمة المباشرة في تخريب اقتصاد بلدنا.
. نتسبب لأنفسنا في الهوان في الكثير من الأحيان وفي ذات الوقت نلقي باللوم على باعة الأوطان.
. ولنأخذ السفر لمصر كمثال ونسأل عن ما يدفع الآلاف لتحمل الإهانات والأذى أثناء سفرهم بالبر لهذه الجارة الجائر حاكمها.
. ولعلكم جميعاً تعلمون بالمشقة التي يتحملها السودانيون الذين يسافرون لمصر بالبر من تغيير للبصات في النقطة الحدودية يستغرق ساعات طوال وتعامل غير كريم من المسئولين عن هذه النقاط الحدودية.
. ومع ازدياد المعاناة ترتفع أعداد المسافرين لهناك كل يوم.
. يزدريهم مسئولو النقاط الحدودية مع إنهم يحملون سلعاً ومنتجات استراتيجية ودولارات يصرفونها في مصر ليعودا لهذا البلد بشيء من (الهتش).
. ولا أدري لماذا تأخرتم أهلنا في تفعيل سلاح المقاطعة (الفتاك) حتى بعد أن علمتم بأن سيسي مصر يلعب دور وكيل إسرائيل والسعودية والإمارات، ويدعم الانقلاب، ويزود البرهان وحميدتي بأدوات الفتك بشبابنا، ويحصل على مواردنا بالمجان.
. ما الذي دعاكم طوال الفترة الماضية للقيام ببعض ما تلومون عليه العسكر الذين أهانوا كرامتنا وباعوا وطننا وثرواته لهذا السيسي الذي يضحك عليه شعبه بينما يستهزيء هو ويهين حكامنا ضعاف النفوس!
.لِم لم تفكروا في إيجاد بدائل لمصر في هذا التوقيت بالذات قبل أن (يُترس) أهلنا في الشمال الطريق الذي استنزفت عبره مصر السيسي بلدنا!!
. لا أخفيكم سراً أنني شعرت بإحباط شديد في الأسابيع الماضية بسبب تقاعس قوى وحكومة الثورة الشيء الذي عقد أزمات الوطن.
. لكن أعاد لنا أشاوس الشمال الأمل بإغلاقهم للطريق وهو أمر يتطلب دعماً جاداً ومقدراً من كافة ثوار البلد.
. لا ننكر أن حميدتي صار قوة ضاربة كنتيجة طبيعية لخنوع البرهان وإهمال قحت ودكتور حمدوك لملف السلام الذي جيره قائد المليشيا لمصلحته في غفلة منا جميعاً.
. وبعد مؤامرة جوبا- التي صدق بعضنا أنها سوف تحقق السلام في ربوع الوطن- فقدنا الكثير لمصلحة هذا المتآمر حميدتي وقواته.
. والآن لم يعد بأدينا سلاح أقوى من منعه هو وبعض الخونة الآخرين من بيع موارد البلد لمصلحتهم الشخصية.
. علينا اليوم أن نكون أكثر جدية في تقفيل كافة المنافذ التي تتسرب عبرها سلعنا ومنتجاتنا الإستراتيجية.
. كما يتوجب علينا مقاطعة كل من يخون هذه الثورة والوطن بدعم حميدتي سواءً عبر العمل معه بشكل مباشر طمعاً في الرواتب المغرية، أو يجيش له الشباب رغبة في جاه، سلطة أو مال.
. كل سافل يتجاوب ويذعن لإرادة عسكر اليوم يفترض أن نفر منه فرار السليم من الأجرب.
. فلا يعقل أن نتعامل مع مهندس، محاس، إعلامي، خبير أو زعيم يدعم هذه المليشيا وفي ذات الوقت نتحسر على الحال الذي أوصلنا له العسكر.
.
kamalalhidai@hotmail.com
////////////////////