الحروب الأهلية .. سرطان القرن الحادي والعشرين!

 


 

 

 

 

 

الجمعة، 03 مارس 2017

ترى هل ضاق المانحون ذرعاً بالنداءات التي توجه لهم ليوفروا اعتمادات مالية طائلة للغوث الإنساني في بعض المواقع المنكوبة في شتى أنحاء العالم بعد أن ثبت أن معظم تلك الكوارث الإنسانية هي من صنع البشر أنفسهم؟

هذا السؤال أصبح يتردد كثيرا في أروقة الأمم المتحدة بعد أن اتضح أن ردود فعل الدول الكبرى لتقديم الدعم المادي لإغاثة المناطق المنكوبة أصبح متباطئا ومتناقصاً مؤخراً لأن كل هذه الكوارث لا تقع لأسباب خارج سيطرة البشر، بل هي على العكس من ذلك من صنع البشر أنفسهم، فهم الذين يثيرون الحروب وهم الذين يهدمون المرافق العامة والبنى التحتية والمصانع والمزارعين ويزهقون الأرواح ويتسببون في تشريد الملايين من البشر من ديارهم وتعريض حياتهم وأمنهم الغذائي للخطر.

وبالأمس، أعلنت الأمم المتحدة أن 4 دول في إفريقيا وآسيا تقف على حافة المجاعة، بل إن تصنيف (المجاعة) أصبح ينطبق على واحدة من تلك الدول، وهي دولة جنوب السودان والـ3 الأخرى تقف على حافة الهاوية، والمتوقع أن تعلن رسميا أنها قد انحدرت إلى مستنقع (المجاعة)،

تلك الدول التي تنتظر هي: الصومال واليمن وشمال نيجيريا، والأشخاص الذين يواجهون مباشرة خطر المجاعة يبلغ تعدادهم العشرين مليونا، والأموال المطلوبة لإنقاذهم تبلغ 5 مليار و600 مليون دولار أمريكي. ومن المهم أن تتسلم الأمم المتحدة أكثر من 4 مليارات منها في مدى زمني لا يتجاوز نهاية هذا الشهر، وما زالت الاستجابة من المانحين ضعيفة وهي أبعد ما تكون عن تلبية حاجة المتأثرين بالمجاعة،

ولكن هذه ليست المشكلة الوحيدة التي تواجه عملية الإغاثة، إذ إن القتال المحتدم يجعل في كثير من الأحيان من المستحيل توصيل الإغاثة إلى المدنيين في المناطق المنكوبة حتى لو توفرت مواد الإغاثة، وها هي منظمة الصليب الأحمر تعلن بالأمس وقف محاولاتها لتوصيل الإغاثة إلى ميناء الحديدة في اليمن، بينما يتعرض المحاصرون هناك إلى الموت جوعا، وما لم يتوقف القتال لأسباب إنسانية لن يستطيع العاملون في الإغاثة أداء واجبهم الإنساني،

وقد قال المسؤولون عن الإغاثة إن اليمن يعيش الآن على مخزونه من المواد الغذائية الذي أوشك على النفاد، ومتى ما نفد فإن حياة الملايين ستتعرض للخطر، وهذه الصورة تتكرر برتابة في باقي المناطق المنكوبة بالحروب الأهلية.

لقد عرفت إفريقيا في ثمانينيات القرن الماضي مجاعات كارثية أودت بحياة الملايين، لكن تلك المجاعات كانت لأسباب خارجة عن إرادة البشر، بل جاءت نتيجة لموجة من الجفاف والتصحر اجتاحت أجزاء كبيرة من القارة لذلك كان تجاوب المجتمع الدولي مع تلك الكارثة سريعا وفعالا وكريما، وكان المجتمع المحلي آمنا ومستقرا ومسالما بحيث وصلت مئات الجمعيات الطوعية ومن المتطوعين الأفراد والمواد الغذائية المنهمرة من كل حدب وصوب، كانت ملحمة إنسانية عكست الجوانب الخيرة للتكافل والرغبة الجيدة في العون الإنساني.

إن الحروب الأهلية المدمرة التي تدور رحاها في شتى أنحاء العالم أصبحت ظاهرة بالغة الخطورة، وهي تفرز كل صباح المآسي والكوارث الجديدة، وإن المرء ليصاب بالإحباط وهو يرى عبر شاشات التلفاز تلك الصورة المنفرة للدمار والخراب والمآسي،

وقد آن الأوان لرد فعل عالمي شامل ضد هذه الممارسات وضد القوى التي تغذي نيران الحروب الأهلية، وتهدد حياة الملايين من المواطنين الأبرياء في سبيل تحقيق تطلعات نخب محلية ذات طموحات غير محدودة، ودول كبرى لا تعنى إلا بمصالحها الخاصة، ودول إقليمية كبيرة تتطلع إلى مزيد من الهيمنة والتسلط !!

وعندما تتصارع الأفيال، تدفع الحشائش الثمن.

 

آراء