الحزب الشيوعي: صحيحكم في نظرهم “عنزة ولو طارت”

 


 

عمر الحويج
4 February, 2023

 

البرهان ورقعة الشطرنج : الإطارية والقوى الدولية .. كش ملك
البرهان ورقعة الشطرنج : الكتلة المخابراتية المصرية .. كش ملك
البرهان ورقعة الشطرنج : اللجنة الأمنية كسبنا باسرائيل .. كش ملك
البرهان ورقعة الشطرنج : إعترفنا باسرائيل هل تستطيعون؟.. كش ملك
(مات الملك : قوموا لثورتكم .. "كشوا" الملك )

***
هذه هي الصورة النهائية القاتمة والمدمرة التي أوصلتنا لها ، بل وقادتنا اليها ، ما سمي بالحرية والتغيير المجلس المركزي المنتحلة بالتسمية لكسب المواطن بعاطفته ، وليس بوعيّه ، ومعهم محالفيهم من متدرعي طاقية الإخفاء ، نسمع عنهم ولا نراهم ، كما الإنقاذيين حين كانوا يختبئون خلف التسميات الإسلاموية ، واالتحالفات الكرتونية ، حتى إنكشف مستورهم بأنفجار طاقة ديسمبر الجبارة . وجاء الوقت ليكتسب البرهان كل هذه الجرأة ، ليمد لسانه للكل ، بما فيهم جمعهم ، من قوى الدولية والإطارية وكتلة المخابرات المصرية ، ورغم أنف الشعب وثورته وشوارعه التي لاتخون ، الديمة مبعد ، خارج إطار الصورة من قبل جميعهم . ووا..فجيعتهم حين أتخذ قراره هذا الثقيل الهضم ، الذي فاجأهم من حيث لم يحتسبوا ، أو يخطر لهم ببال ، بإعتراف المعلن بإسرائيل ، بل التحضير لإفتتاح السفارتين لكل منهما، دون أي مسوغ شرعي أو قانوني أو أخلاقي ، فقط لإثبات حاكمية العسكر وحكمهم ، وأن الوعد بالإنسحاب من السياسة ، كان لا أكثر من كلام الليل الذي يمحوه كسب الرهان على المتسابقين ، في ماراثون حيشان الأبعدين ، للفوز بحكم "البلد الهامل" بالحمايات الأجنبية ، وشنط السمسونايت المخابراتية وليس الدبلوماسية . أوليس السياسة هي فن الممكن التي إهدتيتم بها لحلكم السياسي ( المهبب) والتسوية المنكورة ، كما دوماً ترددون (أها خموا وشيلوا) .

ولأن كل ما جرى بيدكم لا بيد غيركم . دعونا نرفع الصوت عالياً وجهيراً ، يا جماعة المركزي للحرية والتغيير ، كفاكم تستراً خلف الأسماء الرنانة ، "وكلو الحصل منكم" وبسببكم وفي النهاية ، فأنكم كتحالف ، ما أنتم إلا حزب الأمة القومي بنسخته التاريخية ، ونقولها تأدباً وإن جاز علينا التأدب أكثر ، نقول فقط نسختها القديمة بقياداتها الديناصورية ومتبوعاتها الجنرلية ، والأقربون من أهل الدار الناطقين بإسمها ، وورثة الإمام الراحل من أبنائه وبناته ، الذين نازعتهم ، حداثتهم بحكم أعمارهم ، مع قديم تركيبة حزبهم التوارثية والتراثية ، وعلاقاتهم العائلية من الناطقين بطرفهم وليس بإسمهم ، وإنتهازية من هم في وسطهم وحولهم ، فظلوا يتحدثون بلغة الثورة ، ويتصرفون فعلاً وعمداً ، بلغة الثورة المضادة ، وياله من نزاع داخلي مزدوج وضار ومؤذٍ ، لطرفي المعادلة ، مع إسكات صوت الشباب في حزب الأمة ، الذين شاركوا جيلهم ثورتهم التجديدية والجذرية ، الحجل بالرجل ، وبالهتاف الدم ، وذات التضحية والبسالة ، فأرفعوا صوتكم عالياً يا عروة الصادق ، وجيلك من أصوات الشباب في حزب الأمة موصوف الأصالة والمعاصرة ، وأين أنت يادكتور أبراهيم الأمين ، فالإنسحاب من المشهد غير مجدي ، فالثورة والوطن وحزب الأمة الجديد ، والتداول السلمي للسلطة يحتاجكم كحزب وفاعلية ، والمستقبل لكم وبكم .

أما الوجه الآخر ، المتخفي خلف المركزي للحرية والتغيير ، وهو حزب المؤتمر السوداني ، أخاطبكم بود ومحبة ، فأنتم من شباب الثورة ، وإن طاش سهمكم ، ولكم وعذراً أقول ، لن تعيشوا طويلاً ، وأنتم تستندون في كل فكركم وسياساتكم ونشاطاتكم على نقض وليس نقد ، كل ما يمت لليسار العريض بصلة وخاصة طرفه الفاعل ، الحزب الشيوعي ، وكله عندكم أفعاله ، عنزة ولو طارت ، وكله عند العرب صابون ، وتوجيه إتجاهاتكم الفكرية والنظرية وحتى العملية ، فقط للإنتقاص منه بلا فكر ولا نظرية ، إنما بالتعييب والتعريض والتحريض والإساءة ، لفعله الصحيح لا غير ، ولم ترتقوا بحزبكم من أركان النقاش الجامعية ، مما أدى بكم الإرتماء في حضن اليمين الديناصوري الجنرالي ، والعسكري الأمني ، وفكر الفلول الإسلاموي ودعاة إدمان فشل السودان القديم ، فلا تتورطوا في خطأ أسلافكم الذين ، تركوا خلفهم ، وواروا الثرى ، ذكرى نضالاتهم الباسلة ضد الاستعمارين المصري والانجليزي الاحتلالي ، ورفعهم لعلم الإستقلال ، ثلاثي الالوان والأبعاد ، الذي تحن وتتفاعل معه جموع الثوار ، لتحقيق آمالها وأحلامها ، ليواصلوا به ما أنقطع من نضالات الأقدمين ، في ثوراتهم المتتابعة ، منذ المهدية الأولى والعظمى ، في زمانها القصير ، وثورة 24 البطولية ، وما تلاها من ثورات ، في أكتوبر وإبريل حتى ديسمبر المجيد ، وبلادنا الولودة بالثورات زادها ألقاً ، أكتشاف العالم الحديث أنها ، في إضافة لنا داعمة ، أننا منبت أصل البشر والبشرية ، صدقاً كان أو إدعاءً لم يتثبت بعد ، فهو موضع فخرنا وأعتزازنا ، فدعونا نكون قدر هذا المقام العالي المكان ، بالمغزى والمعنى .

ودعوني حتى لا أفارق نبش هذا الحديث الخشن ، كثيره (فشة بطن) وقليله ، (حراق روح) ، حتى أصل به إلى قدماء الرفاق ، الذين إبتعَّدت عنهم بجسدي نصف قرن من الزمان ، وإن كنت محسوباً منهم ومعهم ، بعاطفتي لا أزال ، فأنتم يا رفاق كنتم جمل الشيل لبلادنا بنشر الوعي فينا وشعبنا . وإن كان هذا وحده يكفي ويفيض ، فغيره كثير وعميق ، فقد ظللتم بصبر سِلمي طموح ، فاق صبر أيوب ، تتحملون وجه قباحة وفسالة ، فُصَّاح السودان القديم وثرثاريه ، حيث ظلوا يتعيشون زماناً طويلاً ولازالوا ، في جذب مواليهم ومؤيديهم وداعميهم وطباليهم ، من شتمكم وسبكم لاغير ، وغيرهم من الذين في دمهم ودواخلهم جرثومة تمشي مهلاً ، سُمُها وسَمِها ما رغبت ، إنتهازية كانت ،أو وصولية أو طفولية فكرية ، أورغبة مريضة في التسلق ، يدعمهم ويشد من أزرهم ، بعضهم البعض ، تلك التكوينات الحزبية المعروفة لكم ، والمعادية لكم بالطبع والتطبع ، أيدلوجياً وحزبياً وتنافسياً ، فأنتم الوجهة والجهة لكل هؤلاء ، القابلة ذواتهم للتنفيس عن عقدهم العنقودية ، والتنفيذ لرغائبهم الحلزونية ، فهم لن يسكتوا عنكم ، ففي تاريخهم الطويل الممتد ، كل صحيحكم في نظرهم ، هو عنزة ولو طارت ، وتذكرون حملات اليمين ضدكم بقيادة الإسلامويون طيلة سنوات السودان القديم بعقوده السبعة ، وهم وقد وجدتموهم وغيرهم ، وقد إشتد عودهم وساعدهم ، وتعلَّى بنيانهم بسبب إلصاق تهمة الإلحاد بكم ، فكانت منذ القدم السحيق ، في العالم الإسلامي بضاعتهم الرابحة في الخيارات الفلسفية لا الإختبارات السياسية ، حتى جاء دورهم في أرضنا وشعبنا المقدام ، خاضوا حكمهم بإيمانهم المُدَثِر ومتستر ، والمدَّعى زيفاً ونفاقاً باسلامويتهم النازية ، سنوات ثلاثينيتهم العجفاء ، التي عرتهم وكشفتهم ، وتأكد لشعبنا ، أنهم لاغيرهم ، هم الإلحاد (شخصياً) ..!! ، بذاته وصفاته ومواصفاته .

إلا أن أربابهم وصنائعهم ، ومن فتح لهم آذانه ، وتماهى مع ترهاتهم وأكاذيبهم ، لازالوا أنتم وصوتكم "ياكم" أنتم ، عنزة ولو طارت ، ولم يتغير رأيهم فيكم حبة من خردل . فكانت دعواتكم الخيّرة وإنسانية ، المطلوبة لعباده من الفقراء والمسحوقين من أهل السودان الحبيب ، وتمنياتكم الخيرة والنبيلة له بالتغيير الجذري ، لينتقل هذا البلد من موقعه الكيئب والمزري ، بطلب التغيير الذي يستحقه ليتحول ، إلى بلد زاهر وواعد وناهض ، فحوَّلوا هذه الدعوة الرائدة والقائدة والناجزة ( الآتية حتماً بنضال شرفاء بلادنا ) ، ووجدوا فيها بديلاً آخر غير تهمة الإلحاد المقبورة ، التي سقطت من جيوبهم ، الملأى بالنقد الأجنبي ، والعمارات الشاهقات ، وبالأحجار الكريمة ، والجواهر اللؤلؤية . فقامت دعاويهم الجديدة ، حين وجدوها في صحيحكم ، الذي ظل عنزة ولو طارت ، لإعطاء معاني ما أنزل الله بها من سلطان لهذا المعنى اللغوي البلاغي ، الواضح والبسيط ، فهم يستخدمونه طق حنك ، في أحاديثهم الرسمية وحتى العادية وفي كتاباتهم بحرفها ونصها ورسمها وبأسمها "التغيير الجذري" وليس لفظاً غيره ، خاصة متحدثيهم ومثقفيهم وكتابهم ومحلليهم ، صباحاً ومساءاً ، إلا أن معناها ، يأخذ منحاً ومعناً آخر ، في اللغة العربية والبلاغة ، حين يصل إلى مسامعهم الطرشاء ، إن أتى من جهة جبهتكم ، فالعبارة تظل عنزة ولو طارت . فهنا وبقدرة قادر يصير لها مستوى آخر من المعنى ، فهي عندهم هنا ، تعني العنف والسلاح والقتل والفوضى والإنحلال وسيداو واليونميس وسجائر أبو كديس ..!! ، وكل موبقات الدنيا ، ويجملونها حتى لا تكذب ، بما في جعبة ذاكرتهم المحشوة زيفاً ، بمثل أقوالهم .. أنظروا إليهم يعنونكم ، ماذا فعل أصحابهم الشيوعيين في بلاد السوفيت القديم ، وماذا قدموا في بلاد الواق واق البعيدة ، وبلاد واق الواق الأبعد ، من مصائب الشموليات الأصعب ، وهل يا ترى عشتم شموليات الشيوعيين السودانيين ، ومتى وأين ، أم شموليات الإسلامويين أظرف !! . وماذا .. وماذا .. ثم ماذا . ويالبؤسها وبؤسهم حين سمعتها هذه العبارات بأذني ، التي سيأكلها الدود يوماً ، وقرأتها مئات المرات ، بعيني رأسي ، الملاقية لذات المصير ، يرددها بعض المتنطعين من هنا وهناك ، حين يعجزون وهم يناقشون مع مناظريهم عن الشان السوداني لا غيره ، لا بلاد الواق واق تلك مجهولة الهوية ، وهي بالصوت والصورة ملحقة ، لتوطينها في النفوس الضعيفة .

آن الأوان والأجدى لكي تفحمونهم ، وتثبتوا لهم أن صحيحكم ، ليس عنزة ولو طارت ، أن هذا العقد الخيّر الديمقراطي المسمى صدقاً وصداقاً بيننا ، بالتغيير الجذري ، إنما هو فقط دعوة صادقة لفك أسر السودان من التوهان والهوان والعبودية والإستغلال ، ولا علاقة له باي تجارب فاشلة أو ناجحة يتخيلها هؤلاء المدعين ، في أي بلاد كانت ، من بلاد الواق واق ، أو من بلدات عجائب الدنيا الجديدات ، إنما هي تجربة سودانية صافية صادقة ومتأصلة في التربة السودانية منذ بداياتها في أربعينيات القرن الماضي ، وإنما هذه ليست إلا خلاصة لتراكماتها الممتدة ، ولاعلاقة لها بترهاتهم وإدعاءاتهم المريضة .

وفي رائي المتواضع والمستنفذ قرفاً وغضباً ، من هذا السلوك الطبقي الهمجي المتآكل من جهتهم ، ولكي تٌسكِتون إلى حين ، ثرثرتهم الفارغة من جذورها ، عليكم هذه المرة أن تقدموا لهم ، في تجربة فريدة شبيهة بكم ، تحملونها معكم في الإنتخابات القادمة ، وهي أن تقدموا الجبهة الديمقراطية ، وأنتم من خلفها دعماً وسنداً ، حليفتكم التي جمعتكم ورفقائكم في النضال ، رفقائكم في السراء والضراء ، رفقائكم في الحارة والباردة ، سندكم وظهيركم ، حاميكم ومواليكم ، منذ ما قبل الإستقلال حين كان تحالفكم معهم ، بإسم الجبهة المعادية للإستعمار ، ويظل حزبكم قائماً ومتواجداً في عملكم اليومي ، مناضلاً صلباً قوياً صلداً ، منظِّراً وداعياً للتغيير الجذري المتجدد ، والمتواصل ، حتى يرث الله الأرض وما عليها من جذرية ، طلبأ لسودان حر ديموقراطي يأكل مما يزرع ويلبس مما يصنع بحق وحقيقة .

نافسوا للفوز في الإنتخابات القادمة لأجل الوطن ، نافسوا للفوز ، لأجل هذا الجيل الراكب رأس ، وقطعاً سيساندكم بقيادة جبهتكم الديمقراطية ، وتواجدوا بضغطكم المتواصل بحزبكم الشيوعي ، الذي لايكل ولا يمل ، في يومكم ونهاركم ، في صبحكم ومسائكم ، لأجل المستقبل القريب ، ولأجل أجياله القادمات ، ودعوهم يتآنسون مع عنزتهم المفقودة ، حتى لو "ما" طارت .

omeralhiwaig441@gmail.com

 

آراء