الحياد في زمن الجهاد .. و التسامي من أجل وطن مترامي

 


 

 

(1)

رغم الخلفية العائلية لفرد كان اباؤه من مؤسسي الحزب ، عوضاً عن دماء أسلافه في كرري و ام دبيكرات (بجانب أسلاف سودانيين آخرين) ؛ لم أستطع تغيير رأيي بأن حزب الأمة؛ تنظيم إقطاعي بإمتياز، مثله مثل حزب الإتحادي الديمقراطي بمسمياته المختلفة و موافقه التي تجسد الجل.
مع ذلك فإن الامام الراحل الصادق المهدي ( عليه رحمة الله و مغفرته) يعد أكثر من مروا على هذا الأقليم تسامحاً و تسامياً.
في عام 2014 عندما باغت الرئيس المخلوع عمر البشير عشية العيد ال 58 للإستقلال بتكريم الامام الصادق المهدي بوسام الجمهورية أصيب السودانيون من غير الانقاذيين بغضب عارم. برغم ان البشير كان قد عبر للامام اعتزازه بجائزة قوسي للسلام العالمي و التي منحت للاخير في عام 2013. ظن الامام الراحل ان وسام من اغتصب منه سلطة الشعب ايضا كان سياتي في ذلك الإطار - اي الدفاع عن السلام و الديمقراطية، إلا انه جاء في إطار تأريخي طائفي .
برغم ذلك تعامل معه صاحب القلب الكبير بتسامح و سمو بالغين.

(2)

أدرك بأنني لست في وضع يمكنني معه ترشيح من يستحقون جوائز الإنقاذيين التقديرية ؛ لكن ان اتيحت لي الفرصة فإن أكثر المستحقين هو الحزب الشيوعي السوداني بأفكاره الأحفورية و منهجه الإقصائي و (الإخصائي) معا.
بتصوري فإن غياب الدعم الصارم من قبل الحزبين الطائفيين ( الامة و الإتحادي) بجانب المشاكسة اليومية المستمرة من قبل الحزب الشيوعي هو وراء انقضاض الفلول الهاربة على حكومة الثورة السودانية بقيادة حمدوك.
يقيني ان الحزب الشيوعي قد خلق ليكون معارضاً، لكن ما ذنب شعبنا ؟.
من المحزن ان يصبح أعرق أحزاب اليسار بالمنطقتين العربية والافريقية بهذا القدر من اللاموضوعية. فليظل ممسكاً بتغييره الجذري أو القشوري الإقصائي حتى يأتيه تكريم الجبهة الاسلامية القومية.

(3)

مازلت أعتبر تواطؤ حركات الكفاح الثوري المسلح مع انقلاب 25 أكتوبر المشؤوم موبقة من موبقات السياسة.
لكن جل ما يتعرض له قادة تلك الحركات من هجوم يومي ضاري مبعثه الدافع الجهوي المقيت.
لنأخذ الفيديو المنسوب لرئيس حركة العدل و المساواة و وزير مالية حكومة الإنقلاب الدكتور جبريل ابراهيم مثلاً: بالفيديو المشار إليه طلب الاخ جبريل ابراهيم من جنوده المتحمسين ان لا يقدموا على هدم العمارات التي بالخرطوم، بل يحافظوا عليها ليسكنوا فيها. من المؤكد ان العمارات التي كان يقصد بها رئيس حركة العدل و المساواة هي التي بُنيت بأموال الشعب( و ما أكثرها) و ليست المملوكة للمواطنين السودانيين . لكن الذين في نفوسهم الغرض إلتقطوا التصريح و فسروه على الشكل الذي يخدم اغراضهم في عدم القبول بالآخر.

(4)
لم أرتض للوزير جبريل ابراهيم فعل محاولة الإعفاء الجمركي (للسيارة الشهيرة) أو تبريره ؛ إلا أنني اجزم بأنه اي الدكتور جبريل ضمن الأقدر و الأجدر لقيادة وزارة المالية و الإقتصاد الوطني في ظل حكومة مدنية.
من الواضح انه اغلق الكثير من الأنابيب السرية التي كانت تربط بعض البيوتات السودانية بوزارة المالية و بالخزينة العامة مباشرة، حيث تمتص اموال اليتامى و الأرامل ؛ الأمر الذي حرك السعار الجهوي الذي إجتاح الساحة .
جبريل ابراهيم الذي آخر مرة تواصلت معه كان عبر الهاتف عام 2011 ؛ كان لديه الفرصة ان يصبح وزيراً عشية المفاصلة بين الدكتور حسن الترابي و الرئيس عمر البشير عام 1999 - يوم ان هرول البشير و أتباعه وراء جبريل و أخوانه ، إلا أنهم آثروا البقاء مع شيخهم ثم التمرد.
لذا فلا تستكثروا على/ محمد بشير أبو نمو أو الهادي إدريس أو مبارك عبدالرحمن أردول أو غيرهم وظائفهم الحالية. فإنهم يستحقون آعلى من تلك؛ فقط أردتها لهم في ظل نظام مدني توافقي او ديمقراطي منتخب من قبل الشعب( حيث تتوفر آليات الرقابة و المحاسبة على التجاوز أو التقصير) !!

(5)
عندما يأتيك الهجوم من كل صوب و حدب و دون إستثاء ، و الجميع يعتبر نفسه في حالة الجهاد ، دفاعا عن موافقه الإنفصالية أو الإقصائية أو التمكينية و في سبيلها يكيل لك التهم و السباب؛ تأكد فإن ذلك من عافية الحياد و ليست من معاناته.

بقرائتي المتواضعة فإن حظوظ الإنفصال بالسلم أو بالحرب( لا سمح الله) صفرية كبيرة . لذا من الأفضل ان يتحلى الجميع بالتسامح و التسامي مع التفكير في سبل العيش المشترك أو التعايش في وطن يسع الجميع و يفيض خيره للعالمين من حوله.
و لأنني قد أحتجب لبعض الوقت دعوني أشكركم و أتمنى لكم و لبلادنا السلام و الوئام !!.

د. حامد برقو عبدالرحمن
NicePresident@hotmail.com
/////////////////////////

 

آراء