الخرطوم .. آمنة ونامية .. وتغنى
الرسالة التي تبعثها ولاية الخرطوم لإنسانها الآن هي (لاتقلق). الذين تابعوا أنشطة ولايات الخرطوم في الأسبوعين الماضيين يحس بأن الولاية بخير. كنت قد زرت قبل أسبوع غرفة التحكم المركزي في الولاية، ورأيت بأم عيني كيف أن الولاية استطاعت أن تطوع التكنولوجيا لصالح إنسان الخرطوم، فأصبحت الولاية كلها تدار من غرفة واحدة تتمتع بتقنية عالية. الخرطوم أمامك في شاشات كبيرة.. فأنت بداخلها محمي وآمن في أي مكان تذهب إليه. أجهزة وكاميرات متقدمة بُثت في أركان الولاية ومداخلها وشوارعها الرئيسية، تشكل شبكة حماية متقدمة لمنع وقوع الانفلاتات الأمنية وتمكن من السيطرة عليها إن وقعت، فضلا عن السيطرة على حوادث السيارات ومراقبة المجرمين بطريقة دقيقة. ليس من الممكن الآن الإفلات من عقاب الاستهتار بأرواح الناس بسبب السرعة أو كسر الإشارة أو حتى القيادة بإهمال.
في المتحف القومي قدمت وزارة الثقافة والإعلام بولاية الخرطوم بالتعاون مع وزارة الثقافة المركزية ما سمي (بأماسي الخرطوم). حدثتني نفسي بالاستمتاع بليلة من أماسي الخرطوم؛ فإذا ببوابة المتحف تحتشد بآلاف الشباب؛ سدوا كل الشوارع المحيطة بالمتحف وشارع النيل.
ظننا كذباً أن فننا الجميل قد شاخ وانزوى، وأن الشباب قد ضاعوا في وسط طوفان الغناء العربي والغربي، فإذا بالآلاف يكذبون ظننا، و يتدافعون ليغنوا ويرقصوا مع ألحان زيدان إبراهيم (داوي ناري والتياعي وتمهل في وداعي ياحبيب الروح هبني بضع لحظات سراع) ومع ترباس في جنا الباباي، ومع نانسي عجاج في رائعة العطبرواي مرحبتين بلدنا (مرحبتين بلدنا حبابة... حباب النيل... حباب الغابة.. ياها ديارنا ونحنا نهواها عديلة ونرضى صعابة). كما غنت نانسي أغنيتها الخاصة الجديدة رائعة قاسم (ألف نهر ونيل)
(ألقاك وين وتقولي
والنيل يدفق ألف نهر على يدي
ينتشي ويجمع ضفافو
الموية تفتح ألف منفذ للنخيل.. ما عرقو حي).
هكذا ظلت الخرطوم لأسبوع تغني على ضفاف النيل لتهزم كل الخاسئين مروّجي الإشاعات هواة الموت والفتنة. لم تلبث الخرطوم حتى نثرت على ضفاف النيل الأزرق معرضا تشكيلياً على الهواء الطلق، ومسرحاً مفتوحاً..
ومن يتجول الآن بشارع النيل سيجد الخضرة والماء والغناء الجميل، ولن يعدم الوجه الحسن... النظام العام يمتنع!!.
ليس ممكناً تجاوز تلك الجهود الحثيثة التي تبذلها الولاية في سبيل تمتين بنياتها التحتية؛ فلايمضي أسبوع حتى يدعونا السيد الوالي لافتتاح شارع أو كبري أو محطة مياه، حتى أتعبنا وأرهقنا الخضر بكثرة افتتاحاته، ودعواته التي لا نسطيع ملاحقتها، فأصبحنا (نزوغ منها عديل). فعلت الولاية أفضل ما في إنجازاتها الأسبوع الماضي ضمن احتفالات البلاد بأعياد الاستقلال المجيد حيث أقدمت الولاية على تسليم عدد 62 ألف أسرة بطاقات التأمين الصحي تكفلت الولاية بعدد 52 ألف أسرة ليصبح الذين شملتهم التغطية التأمينية 132 ألف مواطن بمحلية جبل أولياء من جملة 182.363 أسرة، وزعت ضمن مشروع التأمين الصحي. للأسف الإعلام مشغول بثرثرة السياسيين وتصريحاتهم الفارغة، وليس ما ينفع الناس ويبقى في الأرض.
وحتى تكتمل صورة الولاية أنظر لمجهود عظيم يقوم به صديقي الأستاذ الطاهر حسن التوم في هيئة الخرطوم للنشر في إصدار عشرات الكتب القيّمة، وكان آخرها مجموعة الأستاذ الطيب محمد الطيب، إضافة لجهود الهيئة في إصدار (مجلة الخرطوم الجديدة) وهي الوحيدة التي استطاعت الصمود في أرفف المكتبات لسنوات؛ لمستواها المتميز وكوادرها النابهة، ثم أطلق الطاهر إضافة أخرى لصحافة الأطفال وهي مجلة (سمسمة)، وأخرى ثقافية هي (أوراق). ثقافة الولاية تقوم عليها كوادر مثقفة فالبارودي وأستاذنا هاشم الجاز والطاهر حسن التوم ينتمون لهذا العالم البديع؛ عالم الفكر والثقافة والصحافة. الآن تتقدم الولاية لإنجاز مشروع الألف كتاب، وتلك مأثرة إذا ما اكتملت يحق للولاية أن تفاخر بها العواصم. يقيني أن الدكتور عبد الرحمن الخضر مهموم بإنسان الولاية وتنميته بصورة شاملة، كما نرى ونتابع بإعجاب وتقدير.