الديموقراطية .. و نانسي و .. القراصة ! … بقلم: منى أبو زيد

 


 

منى أبو زيد
16 September, 2009

 

 

السياسة هي مجموعة قرارات تبنى على افتراضات على طريقة (ماذا لو؟)، وينتهي تنفيذها بأن تظل الدولة (في السليم) في كل حال و مع أي (لو) ..استعدت الشقيقة (مصر) المؤرقة بشأن أمنها المائي ـ وغير المائي ـ لسيناريو انفصال جنوب السودان عن شماله، منذ لحظة توقيع اتفاقية السلام ! ..

 

وتم إعلان المبادئ بين حزب الأمة والحركة الشعبية استعداداً لكرنفال السودان (العريض) .. وهاجر (الترابي) جنوباً لزوم صناديق الاقتراع .. وأعلن المؤتمر الوطني افتراضاته بشأن مؤتمر (جوبا) تحسباً للآتي على طريقة (ماذا لو) ! ..

 

فلماذا نحن ـ أنت وأنا، يا محمد أحمد، فقط ـ الواقعون من قعر القُفَّة ؟! .. ونحن (السَّعف) والرأس ؟! .. ولولانا، ولولا موقفنا من الانتخابات، ما نسجت (قفف) السياسة السودانية البالية، التي استعاض الآخرون عن مثلها بالأكياس الفاخرة ! ..

 

أكياس مصنوعة من أصوات شعوب غيرت الديموقراطية الحقة خامة نسيجها من ضنك وخشونة (السعف) والشظف إلى نعومة القطن وانسيابية الورق ! ..

 

تعال ـ أنت وأنا يا محمد أحمد ـ  نتخيل أننا لم نقع من قعر القفة .. تخيل أنك شاب في مقتبل العمر خريج (اقتصاد) واقع في شباك زميلتك (نانسي) برلومة (القانون) الرقيقة  التي يتورد خداها عندما تغني بنات الداخلية (الحرفو صاد بلاقي .. الـ في اقتصاد حبيبي) .. وتبشِّر أنت عندما تسمع (الحرفو نون بلاقي .. برلوم قانون حبيبي) ! ..

 

ثم : وأنت على أبواب امتحانات التخرج، وتحلم بأن تعمل وتكون نفسك، ليلتم الشمل بـ (الحرفو نون) تأتي الانتخابات .. فتفق في الصف كي مواطن شريف في بلد ديموقراطي، و تعطي صوتك لـ (فلان الفلاني) لجملة أسباب موضوعية تتلخص في برنامجه الانتخابي ! ..

 

تلتحق أنت بوظيفة محترمة، و (تكون) نفسك وأنت في بلدك، وتمر أربع سنوات وتتخرج (نانسي) ثم تذهب أنت بصحبة رهط من وجهاء أسرتك لخطبتها، وبينما تتشاغل أنت بإحصاء منمنمات مفرش (طربيزة) صالون ناس (نانسي) يرد والدها بالإيجاب وتقرأ الفاتحة ! ..

 

يصادف موعد زواجك حلول الانتخابات فتقرر عدم ترشيح (فلان الفلاني) لأن بعض سياساته قد خذلت توقعاتك، وتعطي صوتك ـ هذه المرة ـ لـ (علان العلاني) .. ثم تنجبان (حمودي) ! ..

 

تشارف فترة (علان) الرئاسية على الانتهاء ويصادف دخول (حمودي) الروضة،  موعد الانتخابات فتقرر إعادة ترشيح (علان) لأنه قد استطاع بسياساته أن يكسب ثقتك .. يفوز (علان) في الانتخابات مرة أخرى .. فتشعر أنت أنك مواطن (حر) فينعكس هذا الإحساس على تفاصيل حياتك وحياة (نانسي) و(حمودي) وبقية أولادك ! ..

 

أنت مواطن حر يعشق (القراصة بالدمعة) .. وأولادك مواطنون أحرار يكرهون (القراصة) ويحبون (البيتزا) .. فتتحامل على وجع شهيتك، ولا تفرضها عليهم كوجبة جماعية .. لأن شعارك هو الحرية لنا ولسوانا وتعيشون في حرية ونبات! ..

 

دقيقة (ما تسرح) .. نعود إلى افتراض (ماذا لو) .. بتعديل طفيف .. أنت خريج (اقتصاد) وهي برلومة (قانون) .. إلخ .. مع تغيير واقعي طفيف في السيناريو ..

 

(نانسي) تتزوج (مغترب) وتسافر بعيداً لأنها تعلم أنك ستبقى عاطل عن العمل لسنوات طوال .. أما أنت فتتزوج بعد عشرات السنين من نفيسة) لأنها قبلت بظروفك .. وتنجب أولاداً .. يوم أن يرضى عنك الزمان فترضى عنهم تتحلقون حول صحن (قراصة بالدمعة) .. وبقية الأيام  تنتهرهم وتنتقدهم على الدوام فيشبون عن الطوق (زهجانين) مثلك !..

 

أنت دكتاتور صغير في المنزل لأنك مواطن مقهور في العمل .. ومطحون في الشارع .. مواطن (يائس) يرى في صناديق الاقتراع (حصالات) حاصل !  

 

 

منى أبو زيد

munaabuzaid2@gmail.com

 

 

آراء