الذين دقوا الأبواب مرة أخرى !!

 


 

حسن الجزولي
6 December, 2020

 


نقاط بعد البث

في أعقاب إعلان قورباتشوف سياساته الجديدة الهادفة لفك القبضة البوليسية على المجتمع في الاتحاد السوفيتي باسم البروسترويكا ومصطلح " القلاسنوست" الذي يعني سياسة الشفافية وأدخال إصلاحات تهدف لسيادة الديمقراطية في المجتمع السوفيتي وجهاز الدولة، لم تصدق الجماهير في بداية الأمر بأن (جهاز أمن الدولة) المرعب قد إختفى من حياتهم، فسرت في أوساطهم شائعة طريفة تقول (يا رفاق ،، إحذروا ،، سينتهي عهد القلاسنوست قريباً وستبحث لجنة أمن الدولة عن أسماءنا)! وذلك في تحذير من التمادي في تصديق أن هذا الجهاز قد تلاشى ولم يعد موجوداً!.

وهو ما ينطبق بنفس القدر على واقع الممارسة الفعلية لسياسة التراجع عن أهداف وقيم ثورة ديسمبر التي كان من المفترض أن تنهي عهد البطش والارهاب البوليسي وتكميم الأفواه الذي كانت تمارسه عصابات الانقاذ المخلوعة باسم الدين وقوانين السماء!، فهاهي أقبية المعتقلات السرية والاعتقال العشوائي والاعتداء الجسدي والتحقيق البوليسي خارج القانون تعود رويداً، وتتناقل المجالس الكثير من الوقائع التي تعبر عن إنفلات في انتهاكات حقوق الانسان بالعاصمة والمدن، أما عن بقية أجزاء البلاد وهامشها، فحدث ولا حرج!.
بعد إطلاق سراحه مباشرة في أعقاب إعتقال دام لأيام أدلى الناشط وثاب عمر وعضو لجنة مقاومة الحتانة بمدينة الثورة بأم درمان ما يكشف عن أن (الدولة البوليسية) لنظام المتأسلمين الفاشيين لا تزال موجودة في واقع الأمر ولم تمتد لها أي يد لتفكيكها بعد!،
ففي بيان تناقلته العديد من الصحف والوسائط انتقدت تنسيقية لجان مقاومة كرري (استمرار ممارسات الإنقاذ في ظل غياب الدولة والمؤسسية لتكرار اعتقالات الثوار). كاشفة عن أسباب إختفاء الناشط وثاب عمر لتعلم لاحقاً أنه معتقل لدى الاستخبارات!.ومضت موضحة عبر بيانها للرأي العام، أنه تعرض للاختطاف من الشارع العام بواسطة (سيارة لانسر قديمة الطراز من غير لوحات)، وأرغم على إنزال رأسه بالقوة، ثم تحركوا به إلى منطقة سوبا ووصلوا به لمدرسة قديمة أدخلوه أحد فصولها ( ليبدأ مسلسل التعذيب بالضرب الجسدي والعنف النفسي وممارسة التجويع والتعطيش)، وقد تعرض للتحقيق من قبلها، مستفسرة عن علاقته (بتنسيقية لجان مقاومة كرري، بالإضافة إلى اعتصام محلية كرري)، متهمة له بانتماءه ( للحزب الشيوعي. وبأنه من كان يقف وراء حادثة لعضو المجلس السيادي شمس الدين الكباشي بالحتّانة)!. وحسب إفاداته فقد أشار وثاب إلى وجود خمسة شبان آخرين معتقلين في نفس مكان إعتقاله (شاب من بُري الدرايسة يُدعى أحمد قال إنه معتقل منذ شهرين بسبب شجار مع عسكري دعم سريع)!.
وعلى ذات المنوال تشير حادثة اعتقال الناشط اللواء م أحمد إدريس بواسطة الشرطة وإخضاعه لتحقيق مطول قبل أن يُطلق سراحه، ليس لسبب سوى أن سعادة اللواء إدريس درج أسبوعياً على مخاطبة عبر الوسائط يتناول فيها مجريات السياسي الراهن بكثير من النقد الهادف والباني، كاشفاً عن ممارسات ضد أهداف الثورة والثوار ومحذراً من مغبة السير في هذا الطريق المدمر!. وكذا ما وقع للمواطن حسن عثمان حسن وهو في الطريق العام عائداً لمنزله عندما تم اختطافه وما يزال يقبع في الاعتقال منذ خمسة أشهر بدعوى "تقويض النظام الدستوري" في حين أن ما يفعلون الجريرة الأخيرة المشار إليها، تراهم طلقاء دون رقيب أو حسيب وجلهم معروف بالنسبة للسلطات!.
هذه الوقائع وتلك التي كشفت عنها التنسيقية المشار إليها ـ وغيرها كثيرـ إنما تؤكد بما لا يدع مجالاً لأي شكوك أو إتهامات باطلة غير سليمة، بأن مؤسسة أجهزة أمن المتأسلمين الكذبة ما تزال باقية، وأن تصفيتها مع بقية آثار الانقاذ وادعاء القيادة العسكرية بانحيازها جانب الجماهير وثورتها ليس سوى ذر للرماد على الأعين.
لم تعد كثير من الممارسات التي تتمظهر في التراجع وبخطى ثابتة ومتحدية بمثابة شكوك، إنما هي في واقع الأمر سياسة أصبحت معلنة، ظاهرها "معسول" التصريحات المطمئنة للجماهير وباطنها "سم" السير عكس ما تصرح به وتعلنه، ويتجلى ذلك في كثير من الوقائع (غير البريئة)!.
وفي كل الأحوال يجب أن يعلم علم المكون العسكري الذي بدأ (قيادة ناعمة) ـ ويبدو أنه الآن قد (اخشوشن) لانطلاقته الأخيرة نحو (الهبوط) الأكثر (خشونة) بالقرارات الأخيرة المتعلقة بتكوين مجلس ما يسمى بمجلس شركاء الفترة الانتقالية! ـ أن مثل هذا لن يحدث ،، شاء من شاء وأبى من أبى، وأن في أرض السودان التي انتزعت فيها كنداكات وثوار أبناء الشعب (السلطة) من براثن أعداء الله والوطن ورمت بهم في مزبلة التاريخ رغم ترسانة أسلحتهم وتمدد أجهزتهم البوليسية، إنما يستندون على ماض عريق من البذل والعطاء وتقديم الأنفس رخيصة ـ كما أخوتهم الشهداء الذين تقدموهم في التضحية ـ وأن من يفكر أو يحلم مجرد حلم بإعادة عقارب الساعة إلى الخلف ، إنما يلعب بالنار ،، والتروس صاحية تصحي ما بتنوم ،، دفاعا عن حياض السلم والإفصاح!.
ــــــــــــــــــــــ
* ولأن محاولات تفكيك لجنة التفكيك تتكاثر بخسة ونذالة، فها نحن نقول وبعلو الصوت أنها تمثلنا تمام التمثيل!.
* محاربة الكرونة واجب وطني.
hassanelgizuli@yahoo.com

 

آراء