الذين يلوذون بحلايب وشلاتين
نقاط بعد البث
دافع أحد المشايعين الأشاوس عن الانقاذ وحزبها بمحاولات فطيرة لتحليل الأشياء في معرض نقد ركيك على عموده الصحفي للمعارضة. دعونا نتناول ما قاله، ليس لقيمته، ولكن لأنه تمادى في إهانة الحركة الجماهيرية والتقليل من قدراتها وهو "يدشدش التلج":ـ
قال (كان بإمكان تلك الأحزاب الغائبة عن الجماهير والضعيفة التأثير في قرارات الشارع أن تتخذ المواقف التي تتناسب مع إمكانياتها وقدراتها بأن تقدم مشروعها أو خطتها البديلة لمعالجة الأزمة الإقتصادية).
"الأحزاب الغائبة عن الجماهير والضعيفة التأثير في قرارات الشارع" كما تنعتها الآن، ووجهت من السلطات الأمنية والشرطية بما لا يتساوى مطلقاً مع الغياب والضعف الذي تشير إليه، والسؤال الموجه لك، لمً إذن هذا الافراط في العنف، حداً وصل لتفريق المواكب بالقوة قبل أن تبدأ، إضافة لمظاهر المجابهة بالغاز المسيل للدموع وبالهراوات والسياط والضرب والاعتقال الذي طال العديدين، فضلاً عن مياه المصارف المندلقة على الميادين، إضافة للتنكيل بالمقبوض عليهم داخل مخافر التوقيف. لمً كل ذلك والقوم لا حول لهم ولا قوة من حيث الغياب والضعف وعدم القدرة على التأثير على الشارع؟، أولم تسأل نفسك هذا السؤال؟، ها نحن نوفر لك فرصة طرحه مثنى وثلاث، حتى تستبين لك الأمور.
وهل يدري سيادتكم أن تلك الأحزاب محرومة من عقد ندواتها على الهواء الطلق لكي تقدم "مشروعها أو خطتها البديلة لمعالجة الأزمة الاقتصادية" حرمت حتى من تقديم مثل هذه المشاريع عن طريق الحد الأدنى من المطالب وهو نقد الميزانية ورفضها في إطار وحيز "حكم محلي ولائي" دعك عن باقي السودان كله، وبشعار لم يتجاوز شعار "لا للغلاء"، دون طرح شعارات من شاكلة " الشعب يريد إسقاط النظام" كان هذا هو هدف موكب الثلاثاء عبر مذكرته والتي أخطر السلطات بشكل حضاري أنه سيسلمها في موكب سلمي للوالي المعظم، فما الذي جرى؟.
ثم تقول على الأحزاب أن (تطلب من الحكومة السماح لها بعرض مشروعها أو خطتها تلك عليها كمعارضة وطنية إصلاحية).
أولا ترى أنك تستخدم هنا مصطلحات سياسية غير سليمة البتة؟، من قال لك بأن أحزاب المعارضة السياسية غير المتحالفة مع النظام هي أحزاب "معارضة إصلاحية"؟.
وتقول (لو استجابت الحكومة أو لم تستجب لهذا الطرح فستكون المعارضة قد أشعرت المواطن والجماهير بأنها فعلاً معارضة إيجابية وأنها كقوى سياسية معارضة تمتلك طرحاً وبرنامجاً بديلاً أفضل من البرنامج الذي تتبناه الحكومة).
على أي حال وبغض النظر عن إشعار المعارضة للمواطن بأنها معارضة تمتلك برنامجاً بديلاً أفضل من برنامج الحكومة، فإن جموع المواطنين من كل وحدب وصوب، باتت مقتنعة ومنذ سنوات الانقاذ الأولى أنها نظاماً فاشلاً لا يمتلك المقومات الأساسية للحكم وقد أثبت الواقع الماثل ذلك، وإن كانت هناك أي مغالطات حول ذلك، فعليك أن تطوف بالربى والوهاد، إن التقاك ولو مواطن واحد أكد لك دفاعه أو وقوفه مع نظام معزول عن الجماهير التي تكره وجوده بينها وتتمنى يوم الخلاص منه.
وتقول (المشكلة أن هذه القوى المعارضة التي حاولت للمرة الألف تحريك الشارع ولم تنجح في ذلك لا تتقن مهارة تقييم موقفها وتقييم حجمها وتقييم قدرتها وما يمكن أن تحققه فتظل تكرر نفس المحاولة دون أي استفادة من تجربتها المتراكمة).
نحمد لك هنا قيمة أنك تحفظ لهذه الجماهير أن لها تجارب متراكمة، والتي تصب بالطبع في صنع الثورات طالما أنك تتحدث عن تحريك الشارع السوداني، كما نذكرك بأن للشعوب الأخرى تجاربها أيضاً والتي نجحت بها في تحريك الشارع بعد طول انتظار، فالمجد لثورات الربيع العربي في مصر وليبيا وتونس، البلدان التي قبعت سنوات طوال تحت نير الديكتاتوريات وأنظمة البطش تجرب، وفي نهاية المطاف كان لواء النصر معقوداً لها.
ثم تقول ـ لا فض فوك ـ (صحيح أن الإنقاذ حكمت ما يقارب الثلاثين عاماً لكن الصحيح أيضاً أن القوى السياسية المعارضة قضت نفس هذا العمر وهي تحاول إسقاط النظام دون أن تطور آلياتها وذهنيتها السياسية أو تستفيد من هذه الخبرة المتراكمة لها في معارضة النظام).
غريب أمرك ياهذا، تترك الانقاذ التي حكمت ما يقارب الثلاثين عاماً دون نقد لتجربتها أو تقييم، وتأتي لانتقاد المعارضة التي لم تستطع إسقاط النظام؟ حسناً ،، ولماذا لم تستفد الانقاذ من تجربتها هي وأصلحت من برامجها وعدلت من خطابها طيلة هذه السنوات؟ مالكم، كيف تحكمون، أيها المتمرغون في جاه ونعيم الانقاذ دون أن يقوى الواحد فيكم أن يصدح بالحقيقة فيقول " البغلة في الابريق"، أو أقلو "تلت التلاتة كم"؟.
ثم تختتم بمقولة تسميها شوكة كرامة تقول فيها (لا تنازل عن حلايب وشلاتين).
حلايب وشلاتين أصبحت الدرع الواقي الذي يلوذ به أهل الانقاذ وحزبها عندما يرغبون في التحول لوطنيين "أيضاً" أكثر من الآخرين، ودعونا نقولها لكم وبعلو الصوت، أنه ورغماً عن تعقيدكم لقضية كحلايب وشلاتين بسياساتكم الخرقاء، ولكن أولويات الشعب السوداني ليست حلايب وشلاتين في هذه الساعة الخامسة والعشرين، ولكل مقام مقال، العبو غيرا.
ـــــــــــــ
نشرت بصحيفة الميدان العدد المصادر ليوم الخميس الحالي.
helgizuli@gmail.com