الرئيس القائد عبد الفتاح البرهان واجندة المخابرات المصرية التركية في السودان

 


 

محمد فضل علي
18 January, 2023

 

بعد ساعات قليلة من مغادرة مدير المخابرات المصرية السودان دخل من الباب الاخر مدير المخابرات التركية واجتمع بقيادات حكومة الامر الواقع " حميدتي والبرهان " بطريقة تثير الكثير من الشكوك حول مستقبل العملية السياسية في السودان ومصير مايعرف بالاتفاق الاطاري الذي تم توقيعة مع مجموعات سياسية سودانية ظلت تعلن عن تمسكها بالاتفاق المشار اليه في مناسبات مختلفة وعبر عدد من الاجتماعات وورش العمل التي قامت بوضع خطوط عريضة لمستقبل العمل السياسي والعدالة الانتقالية في ظل النسخة الثانية من الشراكة المرتقبة بين عسكر اللجنة الامنية الذين يمثلهم البرهان وبعض الرموز الاخوانية من وراء الستار والمجموعات السياسية في حركة الحرية والتغيير ..
بحضور الفريق احمد ابراهيم مفضل مدير مخابرات النظام الراهن والشخصية الاخوانية المعروفة واحد المشرفين علي الملفات الامنية في الحركة الاسلامية والقيادي الرفيع في مخابرات الرئيس المعزول عمر البشير اجتمع الجنرال عبد الفتاح البرهان ونائبة قائد قوات الدعم السريع برئيس المخابرات التركية والشخصية المثيرة للجدل علي الاصعدة الاقليمية والدولية "هاكان فيدان " القيادي الاخواني في حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا الذي يوصف بالذراع القذرة للرئيس التركي اوردوغان الذي اوكل اليه الاشراف علي عملية الغزو التركي للاراضي الليبية المستمر حتي هذه اللحظة بنتائجة الاستراتيجية المدمرة علي الاوضاع الداخلية في ليبيا وتكريس قبضة الجماعات الجهادية المتشددة في عدد كبير من المدن الليبية واحتمالات التوسع المستقبلي في العمليات العسكرية والارهابية لتشمل الاراضي السودانية لدعم النظام المرتقب القادم في السودان ولايستبعد بالطبع وجود تنسيق بين المخابرات التركية وقيادة الحركة الاسلامية السودانية الراهنة الموجودة في العاصمة التركية في هذا الصدد .
التحركات والطريقة التي تتعامل بها قيادة الحكومة الراهنة حميدتي وصاحبه البرهان والتواصل مع الحكومات واجهزة المخابرات الخارجية في السودان تنسف تماما مصداقية مزاعمهم عن تنحية الجيش والاجهزة الامنية عن السياسة شاء البعض ام ابي هذا الاتفاق الاطاري سيسفر في النهاية عن مشاركة محددة ومحسوبة في الحكم واجهزة الدولة شريطة التقييد بقواعد اللعبة وعدم تجاوز اجندة التحالف الامني العسكري مع بعض المجموعات السياسية والقبلية والعشائرية والاخوانية ..
ستسفر الشراكة السياسية القادمة بدورها وفي احسن الاحوال عن برلمان صوري وستتم تصفية المجموعات التي تشارك في الحكم بموجب الاتفاق الاطاري علي مراحل وسيفسح المجال امام مراكز القوي الاقتصادية وجماعات الفساد العسكرية والمدنية وبعض المرتشين في شبكات العلاقات العامة والميديا الاجتماعية والصحافة الورقية وسينتهي الامر بقيام مؤسسات للحكم بمواصفات معينة وربما يتوج الامر بانتخابات رئاسية وانتخاب البرهان رئيسا للجمهورية .
معروف جدا حساسية العلاقة الاستراتجية السودانية المصرية علي مدي تاريخ طويل قبل استقلال الدولة السودانية ومابعد ذلك والتدخل العسكري والاستخباري المصري المباشر في السودان خاصة علي ايام الرئيس الراحل جعفر نميري ومعروف ان الاستخبارات المصرية قد قامت بالتنسيق مع دوائر مخابراتية عالمية في الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا وليبيا في العملية التي انتهت بعودة نميري الي الحكم بعد فشل الانقلاب الشيوعي في يوليو 1971.
تدخل سلاح الطيران المصري بتعليمات مباشرة من الرئيس السادات وقام بضرب شاحنات ليبية محملة بالاسلحة وامددات عسكرية كانت في طريقها الي الخرطوم لدعم الحركة العسكرية المسلحة التي قامت بها الجبهة الوطنية السودانية في يوليو 1976 ومعروف ايضا المصير الذي انتهت اليه تلك الحركة .
تغيرت الاستراتيجية المصرية في التعامل مع السودان اثناء فترة حكم الرئيس الراحل حسني مبارك واختلفت عن سياسة سلفة السادات ولكن من المعروف ان الخرائط العسكرية المصرية القديمة لاتزال تعتبر الاراضي السودانية عمق استراتيجي مشروع يتيح لها التدخل المباشر في حالة وجود تهديد مباشر للامن القومي المصري من داخل السودان .
الخلاصة هل تسمح مصر بتدخل استخباري تركي بهذا الحجم باحتمالاته المخيفة من منطلق الفهم لطبيعة النظام التركي الراهن الذي اتخذ عدد من الخطوات وقام باظهار المرونة في التعامل مع مصر ووقف عدد من القنوات الاعلامية المصرية التي تدعم بدورها معارضة جماعة الاخوان المسلمين للنظام المصري الراهن وقنوات الاعلامي المصري معتز مطر ومحمد ناصر والاثنين لاتربطهم علاقات تنظيمية بجماعة الاخوان المسلمين المصرية ويبدو ان الجماعات الاخوانية المصرية قد اختارت التضحية بهم وعدم الاعتراض علي وقف انشطتهم الاعلامية باتفاق مع المخابرات التركية باعتبار انهم لاتنطبق عليهم شروط الاستجارة بمفهوم الفقه الاخواني ومعروف ان الشيخ الترابي قد وافق علي تسليم كارلوس للمخابرات الفرنسية لنفس السبب والابقاء علي القيادات الجهادية المصرية في السودان مصطفي حمزة واخرين الذين يتمتعون من وجهة نظره بحق الاستجارة الشرعية علي عكس كارلوس الصليبي الخلفية الذي لم تشفع اليه مواقفه الفكرية والعقائدية المعروفة من عدد من القضايا العربية .
الخلاصة هل تمت تصفية الخلافات المصرية التركية بالكامل ووقف انشطة الجماعات الاخوانية السرية والباطنية وعملية استهداف الدولة المصرية والعمل علي اسقاطها بدعم من دولتي قطر وتركيا ..
بالطبع لا وحتي التقارب القطري الاخير مع مصر والزيارات المتبادلة بين السيسي وتميم بن حمد فقد كانت تهدف الي دعم قيام نهائيات كاس العالم والخوف من تاثير ودور مصر الاقليمي المعروف في التشويش علي تلك المناسبة لذلك تصالحوا مع مصر مجبرين وعادوا للتعاون النسبي في العلاقات الاقتصادية ولكن من المؤكد ان الحال سيبقي علي ماعلية وربما تتوقف الحرب العلنية لفترة مؤقته حتي اشعار اخر تتاح فيه فرصة مناسبة للتدخل ودعم جماعة الاخوان المصرية مرة اخري .
الذي يهم الناس في السودان الاسراع في قيام جبهة وطنية عريضة وقتح الباب امام المبادرات التي من الممكن ان تسهم في عملية الدفاع عن المتبقي من كيان الدولة القومية السودانية المترنح قبل فوات الاوان وقضاء المتبقي من عمر السودانيين تحت سيطرة ارهاب واستبداد بلانهاية .
المقاومة السودانية الراهنة بدون قيادة حتي هذه اللحظة ولكنها تبقي ايضا خط الدفاع الاول والاخير المتاح لحماية البلاد وشعب السودان وبعث شعارات الثورة والانتفاضة الشعبية الظافرة المنتصرة من جديد في واقع الناس واشهار سيف العدالة الثورية والمحاسبة ومنع الافلات من العقاب وتصفية تحالف الفاشية الاخوانية وعصابات الجرائم الاقتصادية وملاحقة القتلة ومجموعات القناصة المدنية والعسكرية ورد الحقوق من باب الوفاء للشهداء الشباب الذين تساقطوا في عمر الزهور في شوارع وطرقات الخرطوم ومدن البلاد الاخري.
//////////////////////////

 

آراء