تتأهب دار "ميريت" في القاهرة للدفع إلى المكتبات بالعمل الثالث للروائي السوداني، خالد عويس، تحت عنوان "كياح". والاسم يُطلقه النوبيون في أقصى شمال السودان وجنوب مصر على واحدٍ من أكثر أشهر السنة "القبطية" برودةً. ويُطلق عليه أيضاً "كيهك" و"كهيك". ويُنتظر أن تفرغ دار "ميريت" من طباعة الرواية خلال هذا الأسبوع ،على أن يجري حفل توقيع الرواية بصفة رسمية في مصر أثناء معرض القاهرة للكتاب، مطلع العام المقبل. وينوي عويس أيضاً توقيع الكتاب ضمن حفلٍ مصغّر في الخرطوم بعد عيد الأضحى. صممّ غلاف "كياح" الفنان المصري، أحمد اللبّاد، وجاء على ظهر غلافها الخلفي: "الجبال التي كان يراها على الضفة الأخرى، ملفوفة في الضباب.جبال تحرس البلدة والبلدات الأخرى.وهناك قربها، يقولون، نفق حفره الأسلاف.نفق يمتد عشرات الكيلومترات، كانوا يستخدمونه أيام الحرب.ينتهي في البلدات البعيدة التي تنهض في صحرائها، وبين أبنيتها القديمة الغامضة، أهرامات.لكن أحدا لم يجرب اجتياز النفق.يقولون إن بداخله عجائب لا تخطر ببال بشر.كنوز وجواهر وذهب.يحكون عن بقرة ضلّت السبيل واجتازته، لكنها خرجت من الناحية الأخرى بعد أيام طويلة، مسلوخة الجلد." وتنتمي الرواية بشكلٍ عام إلى جنس الواقعية السحرية، لكنها تتأرجح في غالب فصولها بين الواقعية والواقعية السحرية. وتتخذ من السودان، من أقصى شماله إلى أقصى جنوبه فضاءً لها. لكن مسرحها الرئيس ينشأ في بلدة نوبية في شمال السودان تضمّ أعراقاً مختلفة من البشر. وهي تتناولُ عدداً من القضايا في نصّها الذي يمس مسألة "الرق" وإسقاطاته في المجتمع، وديناميكياته التي لا تزال تعمل حتى اليوم حسب تصورّها. كما تتجه إلى مخاطبة حربِ جنوب السودان في بُعدها الإنساني. وتُخاطب مأزق الوجود الإنساني حين تحاصره سطوة القوّة الثقافية محطمّة هويته، ومكينزمات المكان بظلاله الاجتماعية والتاريخية، إضافةً إلى سلطة "الجنس" كسلطةٍ قاهرة ومولّدة للقهر ومتولدة عن تفاعلات العلاقات الاجتماعية المعقدة. وتتوجه الرواية أيضاً إلى الأساطير في المناطق النوبية، شمال السودان، ليس بحسبانها أساطير، وإنما كحياةٍ تعيشُ في الأسطورة، وأسطورة تعيشُ في الحياة. وتكشف من خلال أدواتها الإبداعية عن خفايا المجتمع وتفاعلاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتاريخية. وتؤشر إلى الأزمات الوجودية العميقة التي تفجرها هذه التناقضات الهائلة. يشار إلى أن عويس صدرت له روايتان سابقا "الرقص تحت المطر" عن دار أنا الخرطوم للنشر في السودان 1998 و"وطن خلف القضبان" عن دار الساقي في لبنان 2002 وحظيت الروايتان باهتمامٍ كبير في السودان وخارجه. حيث كتب نقاد سودانيون وغير سودانيين عنهما خاصةً أن الأخيرة منعتها السلطات السودانية من التداول في السودان. كما عرفت الروايتان اهتماماً من قبل أوساطٍ أكاديمية وأدبية متخصصة خارج السودان، حيث قدم الدكتور "أولادوسو أفيس"، جامعة إبادان النيجيرية، دراسة حول العنصرية والجندر في "الرقص تحت المطر" في المؤتمر الثالث لجمعية الدراسات الثقافية الذي عُقد في جامعة أريزونا في الولايات المتحدة في 2005. وأختار موقع "كلمات بلا حدود" الأميركي فصلاً من "وطن خلف القضبان" للترجمة إلى الإنكليزية في 2006، كما تم اختيار الفصل ذاته للنشر في كتاب صدر في الولايات المتحدة تحت عنوان "أدب من محور الشر" إلى جانب فصول من روايات لكتّابٍ من كوريا الشمالية وإيران وكوبا والعراق وسوريا في 2007 كما قامت جامعة بروكسل المفتوحة في بلجيكا الفصل ذاته للترجمة إلى الفرنسية ضمن دراسات الأدب العربي في 2006 بواسطة البروفسير زافير لوفين. والمعروف أن خالد عويس إلى جانب نشاطه الأدبي، هو إعلامي عمل في عدد من الصحف السودانية والدولية، ثمّ انتقل للعمل في قناة العربية سنة 2003، وفي 2009 غادر العربية إلى قناة الحرة في واشنطن، ويشارك الآن في إطلاق فضائية سعودية خاصة من جدة ودبي. ويقيم حاليا بين جدة وواشنطن.