السؤال الذي ينتظر الإجابة في جنيف !
اتهم مندوب السودان الدائم لدى الأمم المتحدة في جنيف ومجلس حقوق الإنسان الدكتور مصطفى عثمان، جماعات لم يسمها بأنها تسعى خلال انعقاد الدورة الحالية لمجلس حقوق الإنسان لإعادة السودان إلى محطة الرقابة المجلسية تحت البند الرابع، وأن تلك الجماعات لا تعترف بالتقدم الذي أحرزه السودان في مجال حقوق الإنسان.
حقيقة، إن الحكومة السودانية لا تواجه مشكلة بسبب تلك المنظمات التي لم يسمها المندوب الدائم، بل مشكلتها الحقيقية مع تقرير الخبير المستقل المعني بحالة حقوق الإنسان في السودان، والذي تقدم به حول هذا الموضوع لدورة المجلس الحالية، ومن المتوقع أن يناقش المجلس يوم الخميس القادم تقرير الخبير المستقل والرد الذي أعدته حكومة السودان.
تقرير الخبير يقع في عشرين صفحة وقرابة التسعين بنداً، ويستعرض أوضاع حقوق الإنسان بالتفصيل، وهو يعترف للحكومة بأنها أنجزت بعض التقدم المحدود في هذا الملف، ولكنه أيضاً يوثق لمخالفات وانتهاكات خطيرة ويتقدم بتوصيات محددة للحكومة لمعالجة أمر هذه الانتهاكات، والحكومة يجدر بها أن تتذكر أنها ما زالت، وستظل، تدفع ثمناً باهظاً لهذه الانتهاكات، وهي - أي الانتهاكات - التي تحدد صورتها أمام المجتمع الدولي، وكل مساعيها للتطبيع مع الخارج ستظل تصطدم بعقبة انتهاكات حقوق الإنسان، وإن التقدم في هذا الملف يتم الحكم عليه بالأفعال لا بالأقوال،
وقد درجت الحكومة على إصدار البيانات والوعود المتكررة بأنها ستعالج أوجه القصور، ولكنها لا تفعل شيئاً على أرض الواقع، وهذا الأسلوب ما عاد مجدياً، لأن المجتمع الدولي يرصد كل تلك الوعود كما يرصد ما تحقق منها وما لم يتحقق.
تقرير الخبير الحالي المعروض أمام مجلس حقوق الإنسان لمناقشته الخميس القادم،
يقول في البند 87 ما يلي:
«يدعو الخبير المستقل حكومة السودان إلى القيام بما يلي:
أ/ اتخاذ تدابير ملموسة لإصلاح الإطار القانوني الراهن الذي يؤثر سلباً على ممارسة الحقوق السياسية والمدنية والحريات الأساسية، وينبغي إيلاء أولوية لسحب صلاحيات إنفاذ القانون، بما في ذلك إلغاء القبض والاحتجاز من أفراد جهاز الأمن الوطني، تماشياً مع الدور المتوخى للجهاز في الحوار الوطني السوداني، وهو جمع المعلومات وتقديم المشورة إلى الحكومة، كما ينبغي أيضاً إيلاء الأولوية لضمان امتثال الجهاز للمعاير الدولية.
ب/ ضمان التحقيق على النحو الواجب في جميع الادعاءات المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، وتقديم الجناة إلى العدالة فوراً، ولا سيما من يتولون مسؤولية القيادة.
ج/ ضمان عدم تعرض المدافعين عن حقوق الإنسان والعاملين في مجال المساعدة الإنسانية وأفراد المعارضة في المجتمع المدني للترهيب والقبض والاحتجاز على نحو تعسفي أو إساءة المعاملة أو التعذيب على يد أفراد تابعين للدولة، وذلك بسبب عملهم وآرائهم، والمضي قدماً في الإفراج عن الأشخاص المحتجزين حالياً».
هذا جزء من توصيات الخبير المستقل، وسيرد عليها ممثلو الحكومة، وأغلب الظن أن المجلس سيتبناها بالكامل.
فهل تنوي الحكومة تنفيذها أم ستسعى مرة أخرى للالتفاف حولها؟
هذا هو السؤال الذي ينبغي أن يجيب عنه المندوب الدائم،
بدلاً من السؤال الافتراضي عن احتمالات قادمة من جهات مجهولة !!