السفير جمال محمد إبراهيم: لست جزءا من الخلافات داخل المفوضية وهي بين الكبار!

 


 

 

مسئول الإعلام السابق بمفوضية الاستفتاء يكشف الأسرار
أنا سفير سابق ولي مكانتني ووجودي مقدرٌ في الساحة الثقافية
هناك شئ مهزوز بداخل المفوضية
مطلوب من المشرع تعديل قانون الاستفتاء لتعديل الفارق الزمني
الشمال دفع ما يليه من التزامات


نقلا عن الأخبار
ترك الناطق الرسمي السابق بإسم مفوضية استفتاء جنوب السودان، المتحدث الأسبق بإسم وزارة الخارجية، السفير جمال محمد إبراهيم، منصبه بالمفوضية، في ملابسات غامضة. وأثار خروجه أسئلة متعددة. فإبراهيم كان منتشرا في أجهزة الإعلام المقروء والمسموع والمرئي والإلكتروني، يعكس أخبار المفوضية التي ينظر إليها الناس بعين الرأفة والإشفاق في أمرها ومن تحدي مهمتها الصعبة وإمكانية نجاحها فيه. لكن السفير جمال، خرج وكأن المفوضية تقول "أذهب غير مأسوفا عليك". (الأخبار) كانت قريبة من قصة جمال  مع المفوضية، عبر تصريحات وأحاديث نُشرت في الأيام الماضية. لكنها في هذه المرة، تفتح معه الكتاب من البداية، قصة المفوضية، مشكلاتها العملية، وإدارتها وتمويلها وبرنامجها الزمني، وغير ذلك من محاور كان أهمها بالطبع، استقالته أو إقالته أو تركه للمفوضية، المثير للاهتمام، فماذا قال جمال في كل ذلك.

حوار: عادل حسون

* نشرت (الأخبار) في عددها أول من أمس حديث مباشر من الأمين العام للمفوضية السيد السفير محمد عثمان النجومي، للصحيفة، مفاده أن واحدة من أسباب إقالة مسئول الإعلام بالمفوضية، "ضعف أداءه"، فكان لا بد لنا معرفة صحة هذا السبب؟
- الحديث جاء على لسان الأمين العام، حديث القدح في كفاءتي وفي قدرتي على أداء مهمتي في المفوضية، وفي مهمة تتعلق بالإعلام، وأنا رجلٌ موجود في الساحة الإعلامية لأكثر من 15 سنة، وأنا أعمل دبلوماسياً وسفيراً وإعلامياً، عمري كله. الإعلام يجري في دمي، وأنا لا أريد أن أتحدث عن خبرتي ومؤهلاتي أو شهاداتي أو انجازاتي في هذه الساحة. هي تحدث عن نفسها، ولا أحتاج لأحد أن يأتي ويعمل تقييم لأدائي، سواءً كان هذا الشخص بروفيسور في الجامعة أو كان محامياً أو كان قانونياً أو كان وكيلاً للخارجية أو سفيراً في أي جهة. أنا رجل يقدر أدائي من يتلقاه، ومن تلقى أدائي وعملي في وزارة الخارجية هم معروفون، ومن تلقى ويسمع صوتي في الإعلام وعبر أجهزة الإعلام، هو الشعب السوداني الذي أتابع ما أقوله، سواءً أن كنت ناطقاً رسمياً في وزارة الخارجية، أو حينما كنت سفيراً في بيروت، وأنا أنطق عن حكومتي وقتها، وأنا أمثل الحكومة هناك في لبنان، ثم وأنا الآن أنطق عن نشاطات الأمانة العامة للمفوضية، التي طلبتني لأداء مهمة الإعلام عن نشاطها والتعريف بجهودها، على الشعب السوداني والناخبين المقصودين بعملية الاستفتاء..

* ولكن سعادة السفير، هو تكلم تحديدا عن أخطاء وردت في الموقع الإلكتروني للمفوضية وأنك مسئولٌ عن هذه الأخطاء؟
- إذا أردتني أن أحكي لك بالتفاصيل فأنا مستعد، ولكن إذا كانت هذه الورقة التي أخذها من يريد أن يحدث فتنة داخل المفوضية. هذا الموضوع لا يريد أن يقف عليه أحد. هذه معلومة، ورقة، ترجمت من العربية إلى الانجليزية بواسطة أحد الموظفين في دائرة الإعلام ودفع بها إلى الموقع الإلكتروني، وأنا لم أكن موجودا أصلاً وقتها، بل كنت في مهمة أسمى وأعلى وأهم، وهي مهمة استلام والتغطية الإعلامية لعملية استلام أوراق التسجيل التي وصلت من جنوب أفريقيا فجر ذلك اليوم..

* لكن أنت أشرت في أحاديث صحافية سابقة أن هنالك مشكلات وخلافات داخل المفوضية؟
- دعني أكمل لك القصة. أنا حينما جاء ذكر أن هذه الورقة بها أغلاط وأخطاء نزلت في الموقع، هذه ليست قضية، لأن الرجل المختص بتقنية المعلومات في المفوضية سحبها على الفور وأعادها إلى الإدارة حتى يتم تصحيحها، فيما ذكر رئيس المفوضية أن هذه شكلت له أزمةً وأحرجته مع بعض الموظفين في الأمم المتحدة الذين اتصلوا به وقالوا أنه ليس من الممكن أن تنزل مثل هذه المعلومات بهذه الأخطاء الواردة فيها وترجمت بهذا الشكل المحرج للمفوضية. موقع المفوضية تحت الإنشاء، ولم يطلق بصورة رسمية، وهذه المعلومة حتى لو نزلت خطأ يمكن أن تسحب وتعدل. هذا ليس موضوع يقدح في كفاءتي وفي قدرتي على أدائي، لكن أنا وقتها، وأنا حريص على عملي تماماً، إذ كنت لفترة 10 ساعات في مطار الخرطوم، في مهمة أخرى تتعلق بتخليص دفاتر التسجيل التي وردت من جنوب أفريقيا. وهذه أوراق ودفاتر حساسة للغاية وجدتها مهملة في مخزن سودان إيرويز، وكان يمكن أن يحدث ما يحدث لولا أن هرعت أنا وأديت واجبي لأني لم أستطع أن أتزحزح وأسحب نفسي من هذه المهمة. لأن هذه أوراق غاية الأهمية وغاية الحساسية وتتبع لمفوضية الاستفتاء، وكان ينبغي أن تكون تحت عهدة مفوضية الاستفتاء. أنا أخرجتها وذهبت بها إلى المفوضية لأقول لهم، هذه هي أوراقكم خذوها لأنها مهمة وحساسة. هذا يفسر غيابي في تلك الفترة التي وقع فيها خطأ هذه الورقة التي أدعى فيها بالحكم على أدائي، وأنه "أنا ما بعرف انجليزي". لا يعقل ذلك وأنا خريج جامعة الخرطوم. لا يعقل وأنا قد عملت نائباً للسفير في لندن لفترة 4 سنوات. لا يستطيع أحد أن يقدح في معرفتي باللغة الانجليزية، أنا أترجم قصائد من اللغة العربية إلى الانجليزية وبالعكس. وأترجم كتب ولدي كتاب تحت الطبع مترجم من الانجليزية إلى العربية. لا يوجد أحد يمكن أن يحاكمني في لغتي ويقول أنني لا أعرف لغة انجليزية. هذه ناحية، الناحية الثانية هنالك خلافات لا أستطيع أن أنكر ولا يستطيع أي أحد يعمل بالمفوضية أن ينكر وجود خلافات واختلافات..

* هل أنت جزءٌ منها؟
- لا، لست جزءا منها، بل دفعت ثمناً باهظاً فيها. أنا لست سبباً في هذه الخلافات وأقولها بالصوت العالي، هي بين كبار المسئولين في المفوضية وليس معي أنا. لكني وأنا في داخل المفوضية يصيبني رشاش المتراشقين، والذي أضرني هو رشاش المتراشقين بين كبار المسئولين بالمفوضية..

* ما هي طبيعة هذه الخلافات؟
- إذا سألتني أنا أقول لك أن الخلافات التي ينظرونها هم، موجودة. أنا لا أريد أن أدخل فيها حتى لا أؤذي وأشوشر وأشوش على عملية الاستفتاء، وهي عملية حساسة للغاية وتهم الوطن. أنا أحتفظ بهذه التفاصيل لنفسي. لكن الخلافات يعرف أصحابها هم، يخالفون مَن، ويختلفون مع مَن. لكني لست جزءا من هذه الخلافات. أنا جرى استهدافي من رئيس المفوضية بسبب هذه الخلافات وأنا مستهدف فيها. وأنا ضحية لهذه الخلافات. وأنا رحت ضحية هذا التراشق الذي تم بين أطراف في المفوضية. جرى الترصد لمثل هذه الهنات التي لا أهلية لها فيما أرى، وجرى استهدافي بتهمة أخرى، أنني أهمش الموظفين الذين يعملون معي في دائرة الإعلام. هذا طبعاً افتراء لا معنى له، لأن هنالك مدير مناوب يدير معي العمل في دائرة الإعلام من أبناء الإقليم الجنوبي. وهو رجل أعرفه تماماً، وصديق وكنا معاً في كلية الاقتصاد جامعة الخرطوم في سنوات السبعينات، فليس غريباً علي ولست غريباً عنه، يعرفني وأعرفه، أخترته بتوصية من شخصٍ أعلى مني، أوصى عليه، وأنا فضلت أن يكون معي ليساعدني في الإعلام، لأن له خبرةٌ في عمل الإعلام، وكان مستشاراً لوزارة الإعلام بحكومة جنوب السودان. ولذلك اتهامي بأني أهمشه وأنه بيني وبينه عداوات، لا أساس له. فأنا أقدره وكنا نتحدث ونتعاون لأقصى درجات التعاون في الإدارة. لم يشكو أبدا من أنه كان مهملاً، أو أنني كلفته بشئ لم يرضيه، أو عنفته في عمله أو وجهته في شئ. يقف معي ليلاً ونهارا، نتحدث إلى الصحفيين سويا، نذهب إلى الفضائيات، نعقد اللقاءات الصحفية الدورية، ولكن أراد رئيس المفوضية أن يكون هنالك تهميش لطرفي أنا...

* لماذا؟
- لأنه يتصيد ويريد أن يوجد ملف للتخلص من هذا الرجل الذي يدير الإعلام، لأنه ربما فهمه كان إذا كان على رأس الإعلام خبير من أبناء الإقليم الجنوبي، ربما يكون أفضل. وظل يردد لي أكثر من 5 أو 6 مرات، أنه كان قد أوصى نائبه مولانا شان مدوت، نائب رئيس المفوضية الذي يدير مكتب جوبا، قال لي وكرر لي مرارا وتكرارا، أنه كان قد كلف شان، أن يأتيه بأحد أبناء الإقليم الجنوبي ليدير له الإعلام، لأنه يريد للإعلام أن يدار من طرف جنوبي، حتى تضفى على العملية وتكون هناك رسالة أن المفوضية الخاصة باستفتاء جنوب السودان، يدير إعلامها شخص جنوبي. ظل يكرر هذا القول أكثر من 6 أو 7 مرات، وكل ما يلقاني وكأنه يريد أن يقول لي، "من فضلك أخرج حتى أعين هذا الجنوبي مكانك". ولم يكن بيني وبين الجنوبي عداوة أو خلاف. بالعكس كنا نسير بأحسن ما يكون، التعاون بيني وبين هذا الرجل بأحسن ما يكون، ولم يكن يشكو لأحد، ولم يذهب للأمين العام المسئول من عملنا ولا رئيس المفوضية ليشكو من أنه مهمش في العمل، فللأسف هذه الأشياء جمعت وكان يبدو أن الأمين العام يذهب لرئيس المفوضية ويقول بأن أدائي ضعيف....

* ولكن كيف قبلت في البداية أن تعمل خارج الهيكل الوظيفي للمفوضية؟، يعني أنت ذكرت من قبل أن تعيينك لم يتم رسمياً؟؟
- لا لا، مسألة التعيين هذه قصة مختلقة ولا أساس لها من الصحة. أنا ما ذكرت هذا من قبل. ولا يعقل أن يقال أن شخص استقال من موقعه لأنه لم يتم تعيينه، ليس في ذلك منطق. أنا لم أقل بهذا، ولا أدرى من هو الصحفي الذي روج لهذه الفرية. أنا أعرف الذي يعينني وطلبني لهذه المهمة رجل أسمه، السفير محمد عثمان النجومي، وهو الأمين العام للمفوضية، وله صلاحيات التعيين، ويعين من يساعده في هذه المهمة. أنا كنت واحد من بين 6 أو 7 من الخبراء الذين أختارهم ليعاونوه على إدارة الإعلام. الآخرين في إدارات أخرى، إدارة العمليات، إدارة الشئون الإدارية، الشئون المالية. أنا كنت في دائرة الإعلام واختارني لها السفير النجومي، وأنا مسئولٌ أمامه، وهو من عينني وهو يشرف على أدائي ويملك أن يقيلني إذا أراد أن يعفيني، أو يبقيني في مهمتي إذا أراد، ولكن ليس لرئيس المفوضية من صلاحيات علي. ولذلك عندما حصلت المواجهة مع رئيس المفوضية كان يلمح، بأنه ينبغي أن أخرج من إدارة الإعلام إلى إدارة أخرى. وهذا لا أقبله لأني لم أدخل المفوضية باحثاً عن عمل أو وظيفة. أنا سفير سابق، وسفير لي مكانتي، وأحمل وسام من دولة عربية، ووجودي مقدر في الساحة الإعلامية والثقافية وأنا كاتب رأي معروف في الصحف، وأنا لا أحتاج لأحد أن يقدمني لهذه الوظيفة. طلبني الأمين العام لأساعده في الإعلام في المفوضية، وطلبني تحديدا لأتولى مسئولية الإعلام وأن أنطق بنشاطات المفوضية، وهذا متفق عليه شفهياً، لأن المفوضية لم تكن قد أُسست. هذا كلام بيني وبين صديق أعزه كان أسمه محمد عثمان النجومي، طلبني وأنا جئت وقبلت...

* ولم يتدخل النجومي لوقف إبعادك؟
- لا لا، أنا النجومي كلفني وقبلت وجئت للعمل وقدمني للبروفيسور. وأنا أعرف البروفيسور الأستاذ محمد إبراهيم خليل، معرفة وثيقة. وقدمني إليه وتعارفنا وحكينا، وتوليت مسئوليتي. وقال لي "أنني كنت أتوقع أن يرشح لي الأخوان في الإقليم الجنوبي، شخص جنوبي ليتولى الإعلام، ولكن طالما رشحك السفير النجومي، وأنت سفير لك خبرة في الإعلام، فأنا أرحب بوجدك في دائرة الإعلام"، هذه كانت حيثيات تعييني..

* هل صحيح أنك كنت تعمل من غير تليفون أو فاكس، ومن غير مكتب به تليفزيون؟
- أنا أقدر أن المفوضية ليس موقعها الإلكتروني فقط تحت التأسيس، لكن المفوضية كلها تحت التأسيس والتأثيث. يعني كان عندنا في إدارة الإعلام أستقبل بعض الصحفيين، وكنت أتمنى أن تكون هناك طاولة واحدة وكرسيين. يعني لم تكن هناك طاولة أو كراسي نجلس عليها، وكان يفترض أن الشخص الذي ألتزم بإحضار الأثاثات منذ فترة طويلة، توريدها، لكن هذا لم يحصل، وظللنا لفترة طويلة نعاني من هذه المشكلة، ولذلك كنا نعمل من غير أثاثات وبالتالي من غير معينات للعمل، وهي الأجهزة التي تعيننا على العمل...

* هل تعتقد أن بداخل المفوضية، فساد مالي أو إداري؟
- أنا لا أتحدث عن فساد مالي، ولا أتهم أحداً بالفساد المالي، كل الخبراء الموجودين على رأس إداراتهم، كلهم يعملون بنزاهة عالية، وكثير منهم تجاوز الـ60 سنة، خبرات كبيرة وفيهم متقاعدين وقدراتهم عالية وكلهم محل ثقة...

* هنالك معلومات أن بعض أقارب السيد البروفيسور رئيس المفوضية، يعملون في المفوضية فيما يشبه المحسوبية؟
- أنا أُتهمت بأني أروج هذه المعلومات. أنا للأسف قرأت هذه المعلومات في الصحف. وأنا لا علم لي بها، ولا من مهمتي في إدارة الإعلام أن أتحرى عما يكتب في رئيس المفوضية بمثل هذه المعلومات الشخصية التي تمسه. أنا لا علاقة لي بأسرته، لا علاقة لي بخدمه، لا علاقة لي بمن يعينهم وكذا. هو يذهب إلى الصحف وحينما يواجه بمثل هذه الاتهامات يقول لهم أن المسئول عن الترويج لمثل هذا الكلام، هو السفير جمال. وأنا أتحداه إن كان يملك دليلاً على هذا. وإذا كان يملك دليلاً فليطمئن، وإذا كان يمكن أن يمضي في هذا السبيل، فأنا يمكن أن أتخذ إجراءات وأواجهه بأشياء قد لا يستطيع أن يحتملها، ويا ليت يكون عنده دليل...

* أشياء أخرى مثل ماذا؟
- إلقاء التهم على عواهنها لا يليق برجل كان في يوم من الأيام ممثل لكلية القانون في جامعة الخرطوم. كان ينبغي أن يكون حذرا في كلامه، لا يطلق الاتهامات على عواهنها في الصحف، ويتهمني، بل ويقدح حتى في وطنيتي وليس أدائي، ويدعي بأنني ربما لا أكون وطني..

* كان لافتاً قولك لـ(الأخبار) أن الحمد لله الذي شافاني. شافاني هذه تقال عند المعافاة من المرض..
- الذي عنيته أنني عانيت معاناة كبيرة وأنا أعمل على تأسيس دائرة الإعلام، التي ينبغي أن تعكس نشاطات المفوضية في هذا الظرف الصعب. هذه المفوضية التي تعنى بمصير السودان، أنا كنت أتمنى أن تكون بين أيدي أمينة. لكن أنا إحساسي منذ اليوم الأول أن هناك شئٌ مهزوز بداخل المفوضية. أنا عملت على تصحيح الأوضاع بداخل المفوضية. أنا سعيت، بل وأول من وضع مسودة خطاب لتعيين الناس بداخل المفوضية. لا يمكن أن يتم التعيين بدون خطابات، ويعرف مسئول الشئون الإدارية، حينما أقترحت عليه مسودة خطاب مبدئي يخاطب به العاملين بالمفوضية، حتى يتبينوا أمرهم، أن فلان وفلان تم تعيينهم مؤقتا في هذه الوظيفة ريثما تتم الهيكلة وشكرا جزيلا.. توقيع الأمين العام للمفوضية. ينبغي أن يكون هناك خطاب مبدئي، حتى يطمئن كل عامل وكل موظف بالمفوضية أنه يعمل في مؤسسة تحترم أسسها وتحترم القوانين وتحترم لوائحها. نحن حضرنا ولم نجد لائحة ولم نجد قوانين ولكن أنا إحساسي منذ اليوم الأول أن هذه مهمتنا نحن الخبراء الذين جئ بنا للمفوضية. ونحن جئنا حتى نبنى ونؤسس عمل لأنه لم يكن هنالك شئ. أنا دخلت مع اليوم الذي فتحوا فيه حساب في البنك. دخلت مع اليوم الذي بدأ فيه التفكير في لائحة. والتفكير في إعلان في الصحف. وأنا سعيت منذ اليوم الأول لتعيين الموظفين الذين يمكن أن يعينوا خبراء في التسجيل وفي الإعلام. وبتوجيه من الأمين العام أن يخرج إعلان في الصحف، ولكن حتى الآن لم يخرج إعلان في الصحف...

* ولكن عبارة شافاني هذه تشئ بأنه هناك فساد مالي أو أخلاقي أو شيئا مقززا؟
- لا لا، أنا أقصد أنني لم أكن مرتاح الضمير وأنا أدخل في عملية، لها علاقة بمصير الوطن الذي أراه سينقسم إلى شظايا، ليس إلى قسمين وإنما لأكثر من 3 أو 4 أجزاء. أنا أتألم من داخلي، ضميري لا يرضيني إذا كان تبين نهاية هذه العملية إلى انفصال وإلى مشاكل في وطن أنا نشأت فيه واحدا، وعرفته وطنا واحدا، وتسلمناه من أجدادنا وجدودنا وطنا واحدا. أنا أحس بأنني دخلت في عملية يمكن أن تدمر وطناً. أنا لا أتحدث عن فساد مالي، لكن لا أستطيع أن أعمل في مكان وضميري يؤنبني ليس بسبب فساد أو مال، لكن مصيرية الوضع، البلد في وضع صعب للغاية. أنا بالنسبة لي هذا تحدٍ صعب. أنا دخلت المفوضية ولكن جسامة المسئولية جعلتني أتردد بعض الشئ. وأنا كنت مترددا عند دخولي المفوضية وقبولي التكليف أصلاً، ولكن دخلت ورأيت عِظم المسئولية، وجسامة المهمة. نحن نعمل في ظرف صعب للغاية، نؤسس لوضع صعب في وقت وجيز. مطلوب أن ننجز هذه المهمة في أقل من 3 أشهر. ونحن نأخذ الوطن إلى شفير الهاوية لينقسم إلى أقسام كثيرة. هذا يعذب الضمير. أنا شخصياً لم أكن أنام الليل. أنا أنام الساعة 1 لكي أصحا في الساعة 3. أنام ساعتين في اليوم، وأبدأ وأرتب كيف يكون يومي في المفوضية وأجهز الأوراق وخطة العمل للمفوضية. مطلوب مني ليس أن أقف وأتحدث في التليفزيون كما يراني الناس وألقي بالتصريحات. لا، أنا أعد خطة كاملة على توعية الناخبين. هذه خطة ضخمة. قد لا تتصور، نحن حتى كنا نعمل على الدراما التي تبث في إذاعات الـ"إف. إم" حتى تجذب الناخب. هناك حملات إعلانية نعد ونرتب لها، وكنت أراجع بنفسي هذه النسخ والمسودات سطراً سطراً. وكذلك الصور والتصميمات الخاصة بتوعية الناخبين. أنا أراجعها يوماً بيوم ومعي الخبراء. أيضاً في وحدة من وحدات دائرة الإعلام، مراقبة الحملات الإعلامية، هذه الحملات ينبغي مراقبتها جميعاً، لأنه بالقانون مطلوب أن نحمي، وعلينا مسئولية توعيتها بأن تفتح أبوابها لدعاة الانفصال ودعاة الوحدة بنفس المستوى للاثنين. ليس كلام عن ترويج ولكنها حملة إعلامية ضخمة للغاية وهذه تحت إشرافي. وأنا أعد لها من ألفها إلى ياءها. طبيعتها، ضوابطها، القواعد التي تحكم سلوكياتها، كلها كانت تحت إشرافي. هذا عمل ضخم ينبغي أن يقوم به مجموعة من الناس لا شخص واحد هو جمال محمد إبراهيم، يدخل المفوضية وهو الرجل الوحيد الذي يدخلها بلابتوب. ويحمل اللابتوب ويخرج من المفوضية الساعة 5 أو 6 مساءً. أنا أقعد 10 ساعات وأعمل في هذا الظرف. وأنا أشتغل بالموبايل الشخصي وأقود سيارتي الشخصية، وحتى أرتكبت حادث لأنني كنت أتحدث مع راديو أم درمان أثناء قيادتي لسيارتي فأصطدمت بالسيارة التي أمامي، والمفوضية لم تخصص لي سيارة أو أية معينات..

* هل تعتقد أن الاستفتاء سيقام في مواعيده ويكون نزيها وذي مصداقية؟، وكيف نصل إلى الاستفتاء كاستحقاق دستوري؟
- أنا كنت من بين الذين عملوا في المفوضية في هذه الفترة الوجيزة. ولكن وجدت فرصة كافية لكي أدرس هذا القانون، وأكاد أحفظ كل مواده من أول مادة إلى آخرها، قانون استفتاء جنوب السودان. هناك مواد فيها صعوبة شديدة وهناك مواد بها ثغرات، وفي أشياء أغفلت. هناك ثقوب كبرى داخل هذا القانون، لكني واحد من الناس الذين رأوا أنه على كلٍ هو قانون ينبغي أن يحترم. أنا كان مدخلي للتعامل مع هذا القانون وهذه المفوضية من مدخل الوفاء. لأنه عُرف عنا في الفترات والعهود الأخيرة أن السودان لا يحترم عهوده. والشمال تحديدا تتلبسه التهمة، أنه لا تحترم فيه العهود والالتزامات. وأمكن كتاب أبل ألير، كان واضحاً في هذا المعنى. أنا كنت أحمل في ضميري هذا الكلام، وكنت أحس أن مسئوليتي كبيرة، بأن تنتهي هذه العملية إلى مآلها بسلام وأن تنجز هذه المهمة وفق القانون مادةً مادة وبنداً بنداً. نحن لم نركن وساهم في هذا العمل رئيس المفوضية بفكره ومعرفته القانونية. كما ساهم فيه آخرون. وربما ساهمت أنا فيه. وضع الجدول الزمني وأعلن. وهذا الإعلان وفق قانون الاستفتاء، مادة مادة، ومرحلة بمرحلة، وفترة بفترة. فترة التسجيل، وفترة الطعون، وفترة تعديل البيانات، وغيرها مما نص عليه في القانون لتنتهي في الرابع من يناير من سنة 2011م الموعد الأخير لآخر مراحل علية الاستفتاء والتي يعقبها مرحلة الاقتراع. القانون نص من الرابع من يناير نص على فترة 3 أشهر يقع بعدها الاقتراع. هذه الفترة غير موجودة لأنه بين الرابع من يناير والتاسع من يناير لا يمكن أن تساوي هذه الـ5 أيام فترة الـ90 يوماً. وأنا كنت دائماً أقول لهم "دايرين من المفوضية تغني ليكم أغنية زمان بتاعت الفنان الإثيوبي ميلي سبعة يوم واليوم سنة". لن تستطيع المفوضية أن تفعل ذلك..

* إذا ما هو المطلوب؟
- مطلوب من المشرع أن يفتح القانون من داخل البرلمان الجديد، فلا يكن أن يعلن رئيس البرلمان على الملأ أنه لا يمكن تعديل المادة الفلانية. هذا ينبغي أن تكون صلاحية البرلمان وليس لرئيس البرلمان، أنه لا يمكن فتح القانون أو تعديله. المشرعون هم النواب، والنواب عليهم أن يطلبوا القانون ليعدلوه، ويتفقوا على شئ ويعدلوا في القانون..

* طيب، من الواضح كان أن المفوضية واقعة بين رأيين، أن يقام الاستفتاء في موعده وهذا رأي الحركة الشعبية، والرأي الآخر أنه لازم أن يقام الاستفتاء ويجرى بنزاهة وشفافية ومصداقية، ألم تكونوا متجاذبين بين هاتين الرؤيتين؟، وإلى أي الرأيين ملتم؟؟
- هذا ما كنت أقوله في كافة تصريحاتي، أنه هناك مشكلة في الزمن ومشكلة في معينات العمل في المرحلة الأولى. ولكن قصدنا وقلنا أن هذا تحدٍ نحن قبلناه في المفوضية. نحن "التيم" الموجود بالمفوضية وعلى رأسه البروفيسور محمد إبراهيم خليل، والخبراء الموجودين معنا بالمفوضية، قادرون على إنجاز هذه المهمة. لأنه كانت لدينا ثقة كبيرة في الخبرات السودانية التي بدأت هذا العمل. وهو عمل إذا وفر له المال والدعم اللازم من قبل كافة الأطراف المعنية بعملية الاستفتاء، وهم 3 أطراف كما تعلم، الحكومة السودانية وحكومة جنوب السودان والأطراف الدولية المعنية وهم المانحين والأمم المتحدة، عليهم أيضا واجبات، وعليهم أن يقدموا الدعم اللوجيستي والمالي والمعنوي. فنحن مضينا في هذا التحدي وقبلناه ومضينا في وضع الخطة الأساسية لكافة المراحل المتعلقة بالاستفتاء إلى غاية الرابع من يناير. من ناحية اللوجيستيات كلها، متوفرة. من ناحية الدعم، نحن لا نتوقع دعما ماليا بالدولارات والعملات الصعبة من المانحين. ولكن نتوقع دعماً عينياً كالعادة، أي عادة العالم الثالث كله، فلسنا وحدنا أن يعطوننا دولارات ويقولوا هيا أشتغلوا بها. نحن نتوقع من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي والمانحين تقديم الدعم المعنوي والدعم العيني..

* ولكن لم تجب على سؤالي؟
- سآتي إليه. نحن في المفوضية عملنا بنزاهة برغم من المشاكل والصعوبات المادية. ولكن حُلت هذه في الأسابيع الأولى. ولا مشكلة تتعلق بالمال لأن المانحين والأمم المتحدة دفعوا بنصيبهم في هذا الاتجاه. ونحن راضون تمام الرضا عن كل الجهود التي قاموا بها. وأيضا من الحكومة السودانية، حكومة الوحدة الوطنية، نحن راضون تماماً، وينبغي أن نعبر عن هذا الرأي..

* لكن حكومة الجنوب تقول بأن الحكومة السودانية لم تدفع نصيبها من التمويل للمفوضية؟
- الشمال دفع، والجنوب ساهم والمانحين دفعوا. كل الأطراف الآن دفعت. ولا جهة لم تدفع. وأنا رأيت بأم عيني تحويلات سددت للمفوضية ونزلت في حسابها البنكي. وفي الوقت الذي كان رئيس المفوضية يصرح أثناء لقاءه مع وفد مجلس الأمن الدولي أن المفوضية لا تملك مليما، كان في حسابها في تلك اللحظة 300 مليون جنيه. المفوضية تملك ما يعينها على إكمال كافة المراحل التي وضحتها لك حتى الرابع من يناير 2011م. ليس هناك نقص في المعينات ولا في الأموال. كل المطلوب الآن هو تدريب الضباط والموظفين الذين سيشرفون على الاستفتاء. وهؤلاء عددهم ربما يتجاوز الـ10 ألف موظف، لأن هذه المراكز تحتاج إلى تدريب ورقابة مباشرة. نحن في المفوضية جاهزون للتدريب وجاهزون لإعداد هؤلاء الموظفين..

* طيب، هل كنتم حريصون على أن يجرى الاستفتاء في موعده؟ أم يجرى بنزاهة وشفافية؟؟
- أنا قلت لك أن الجدول الزمني الذي حكمنا به القانون، ينتهي في 4 يناير. كان لزاماً علينا أن ننبه المسئولين وهي هيئة الرئاسة، (رئاسة الجمهورية) مشى إليها إخطار بهذا الوضع، بأن تاريخ الـ4 من يناير..

* الخطاب مشى في أي تاريخ؟
- لا أذكر، لكن رئيس المفوضية أخطر هيئة الرئاسة، ودخل إليها هذا الموقف بهذه الصورة، أنه ليس لدينا أي مشكلة، والجدول الزمني لمراحل عملية الاستفتاء لم ينشر اعتباطا، وعرض على هيئة الرئاسة التي توقفت في تاريخ 4 يناير، وليس هناك 3 أشهر تتوفر بعد هذا التاريخ كما نص عليه في قانون الاستفتاء. يبقى على الرئاسة أن تتخذ قرارها. وأنا لم أكن وقتها مفوضا للحديث وأنا الآن خارج المفوضية ولي الحق أن أعلق على هذا، أقول، كان ينبغي على المشرع أن ينظر في كيفية توفير الـ3 أشهر بين الرابع من يناير والتاسع منه، حتى تضمن الموافقة مع القانون، كيف سنتواءم مع القانون. وليس من حق البرلمان أن يحاسب المفوضية، لأن هي مكتفة ولا تستطيع أن تعمل إلا وفق القانون الذي أنشئت به. المشرع عليه أن يعدل القانون ليتيح للمفوضية أن تعمل، لا أن يسعى لمحاسبة المفوضية. كيف تحاكم المفوضية وأنت قد كتفتها وألقيت بها في الماء وقلت لها عومي؟، هذا لا يمكن. فالمطلوب أن تبحث عن 3 أشهر وتوفرها للمفوضية وفقا للقانون. هذا هو الحل الوحيد الذي أراه. غير ذلك، أي الإصرار، قلنا في المفوضية أنها لن تقبل أن تساوي فترة الـ5 أيام فترة 90 يوماً. المفوضية على استعداد لإنجاز المهمة بالنزاهة التي نحن عليها.

* سعادة السفير، هل أتصلت بك الحركة الشعبية أو المؤتمر الوطني أو أي من الجهات تطلب منك العدول عن قرارك؟
- أنا أقول لك يا أخي، صادقاً، أن هذه المفوضية تعمل بإستقلالية كاملة 100%. يعني أشهد أنه لم ألحظ ضغوطاً من أي اتجاه، سواءً من المانحين أو من حكومة الوحدة الوطنية أو حكومة جنوب السودان، على عمل المفوضية. وبالتالي أنا سفيرٌ مهنيٌ مسئول عما أقول. أقول أنني شخص مستقل، ولا علاقة لي بالحكومة وأنا سفير ولا علاقة لي بالخارجية، إلا بأخذ معاشي منها، ولكن أنا مستقل وكاتب رأي معروف ولي موقف في المسألة الوطنية مكتوب ويعرفه الناس. وأنا لا أخشى شيئاً. وصدقني أنا صادقٌ فيما أقوله، لم يقع علي تأثير من أي طرف فيما يتصل بعملي في المفوضية. ولم أقع تحت تأثير أي طرف من الأطراف ولن أقبل أنا شخصياً أي ضغط من أي طرف. وأنا شخص أحترم نفسي، وأظن أن الآخرين يحترموا في هذه الصفة. ورَّبنا يوفق القائمين على المفوضية في أن تنجز مهمتها. أنا ما أردت أن أدخل في تفاصيل خروجي من المفوضية لولا ما أصابني من رشاش من طرف المفوضية ومن ناس أنا كنت أثق فيهم تمام الثقة ويعرفون قدراتي ومقدراتي وخبراتي، فإذا بهم يطلقون تصريحات في الصحف يدينون فيها السفير جمال محمد إبراهيم، ويتهمونه بضعف الأداء. أنا أستغرب ذلك، وأنا لم أطلب من صحيفة واحدة أن تقف معي، ولم أطلب من إعلامي أن يقف معي، لم أطلب من إذاعة أن تقف معي، ولكن أسألوا الإعلام واسألوا الصحافة واسألوا الوكالات، لماذا لم يقف شخص واحد مع رئيس المفوضية والمفوضية في مزاعمها أن تتهم السفير جمال وتطلق الاتهامات عليه؟. لماذا لم نسمع شخصاً واحداً يمدح في المفوضية أو يقدح في السفير جمال؟؟. لماذا يجمع الإعلام الآن كله ويقف مع السفير جمال في أنه صادق؟. أنا رجل فاضل ورجل معروف في الساحة لا احتاج إلى أحد خاصة إذا جاءت الاتهامات من شخص لم تكن له علاقة بالإعلام أصلاً، خاصةً إذا كان بروفيسور أو أكاديمي، لأن الرجل الذي يتعامل مع قصاصات الصحف وأن تلصق له كأوراق ترفع إليه، هذه عقلية الإعلام في الخمسينات والستينات لا يمكن أن يحاكمني وأنا أدير الإعلام في القرن الواحد والعشرين. أنا الشخص الوحيد الذي يحمل جهاز لابتوب في المفوضية، أنا الرجل الوحيد الذي له بريد إلكتروني عامل داخل المفوضية وأنا أعمل باللابتوب خاصتي وبسيارتي وبموبايلي الخاص. أنا لا أحد منحني شيئا سوى مرة واحدة عربيتي كانت في التصليح فأرسلت إليهم وأخبرتهم فإبتعثوا سيارة بسائق أوصلتني إلى بيتي، وحتى لم يصلحوا لي عربيتي وأنت رأيتها وهي من النوع الحساس.

* لماذا صمت في البداية ولعدة أيام ثم تحدثت الآن؟
- الذي دفعني للحديث هو الرشاش الذي أصابني ليس من المفوضية فحسب، ولكن من أناس كنت أثق فيهم كثير الثقة وأعرف أنهم يعرفونني جيدا. أنا شخص معروف ومفتوح للناس، من يريد أن يقيمني ويقيم أدائي، أنا لا أتخف من أحد حتى تصدر علي أحكام بأن أدائي غير كفء وضعيف. أنا أدائي ضعيف؟، أنا كنت أتحدث بإسم وزارة الخارجية وتحدثت بإسم الدولة كلها في فترة من الفترات. وأنا كنت على رأس إدارة الإعلام في وزارة الخارجية. أنا لا أريد أن أحكي هذه التجربة الثرية، ولدي كتاب تحت الطبع أسمه "كنت ناطقا رسميا". أنا لم أنط في الحكاية من فراغ، وأنا صحفي مسجل في مجلس الصحافة والمطبوعات، أنا شهادتي من علي شمو، البروف. هذا أستاذي وأنا أتعامل معه ويتعامل معي ويحترمني كثيرا. وهو رجل لا تستنطقوه حول ما دار ورأيه في الذي جرى لي في الفترة الأخيرة. وأنا أعرف رأيه تماماً وحكا معي وحكيت معه كثيرا. أشاوره ويشاورني. هذا رجل حكيم وللأسف نحن نفتقد الحكمة في هذه الأيام. الحكمة غير موجودة في مكان يتناول مصير البلد، ومصير الأمة كلها، يكون على رأسها ناس تنقصهم الحكمة. مثل رجل يطلق الاتهامات على عواهنها بدون أن يتريث ويتثبت من كلامه. وهو رجل في يوم من الأيام كان عميداً لكلية القانون جامعة الخرطوم، كيف لرجل القانون الأول في البلاد، والمرجع القانوني فيها، أن يكون بهذه الصورة. أنا لا زلت عند احترامي لهذا الرجل، واحترامي لدوره الوطني وعمله وحتى لحظة خروجي من المفوضية كنت أقول له في آخر كلمة "يا بروف، يا رئيسي أنا عند احترامي لك". وآخر جملة أنا قلت له أنا أحترمك وأحترم مكانتك. ولكن عندما ننزل إلى مستوى الاتهامات والقدح في الوطنية والقدح في الأداء وفي الكفاءة أنا لا أقبله..

* يعني نحن في حيرة، أنت تتكلم عن ما آلمك به البروفيسور رئيس المفوضية، وقبل قليل ذكرت أن المسئولية وعِظمها وفكرة أن السودان ربما يتقسم، فأي من السببين دفعك لموقفك الأخير؟
- أنت سألتني عن الشفاء، وأنا أجبتك ولكن أنا لم أنسحب لأن الوطن سينقسم. لا بالعكس لأن الوطن ماشي إلى مكان صعب، فهذه مسئولية أنا لم أنسحب منها. وأنا لم أكن أنام الليل كما قلت لك، لأن ضميري كان يؤنبني وإحساسي بأننا نمشي إلى تحدي صعب ولازم إنجازه. وأنا إلى الآن كنت أسكت ولا أريد الكلام حتى ننجح ونقدم للعالم نموذج نفخر به. أن ننجز استفتاء بدون كلام عن نقض العهود. نحن عملنا شئ وبصمنا عليه نبقى رجال ونعمله. أنا كنت واحد من الناس أريد لهذه العملية أن تصل إلى نهايتها. وكنت جادٌ لأن أعمل لصالح الوطن وليس لأجندة ولا عمل تحت تحت. أنا كنت أعمل وأشهد بأن زملائي من الخبراء الذين يعملون في المفوضية هم على كفاءة ونزاهة ويشهد لهم بذلك خبراء الأمم المتحدة. وآمل أن تصل هذه السفينة إلى بر الأمان دون أن تغرق، وإلى أي الخيارات انفصال أو وحدة، تحت الشمس وليس في الظلام. الشفافية كانت مسئوليتي وأنا أدير الإعلام، وقلتها لرئيس المفوضية أن أي نشاط أنا أعكسه للإعلام حتى يتأكد الناس أننا نعمل تحت الشمس.  

* ماذا تسمي خروجك المدوي من المفوضية، هل هو استقالة؟ أم إقالة؟؟ أم ماذا؟؟؟.
- أنا أقول لك صادقاً أن المفوضية تحت التأسيس. زيها زي الموقع الإلكتروني للمفوضية، تحت التأسيس. وبالتالي أنا لم أسأل عن لوائح ولم أسأل عن خطابات تعيين ولم أنتظر حتى يسلموني خطاب. بعد هذه المواجهة التي حدثت مع رئيس المفوضية، قلت له شكرا. وكان هذا في مكتبه وخرجت. وبالتالي أنا لا أسميه إعفاء أو إقصاء لكنه خروج. أنا خرجت من المفوضية وشفاني الله من "بلاويها"، لأني الآن مرتاح. رجعت أنوم عادي وأصح لصلاة الصبح، وهذا لم يحدث مع مشاغل المفوضية، والفضل يعود لمحمد إبراهيم خليل، والمفوضية. أني أصبحت أصح الساعة 4 صباحاً قبل الآذان. أنا أشكر المفوضية على ذلك..
 

 

آراء