السفير د. مطرف صديق عضو وفد المفاوضات 2-2
سيثبت الزمن صحة موقف المفاوض في اتفاق (نافع- عقار)
أفتخر عندما يقولون: (دا زول بتاع أمن)
هو رجل غامض، وجنرال خطير في الأمن.. يقول بعض المتشددين في الجنوب. أما بعض المتشددين في الشمال ممن يرفضون تطبيع العلاقات مع جوبا، فيتهمونه بالتهافت لإقامة علاقات مع الجنوب مهما كان الثمن. وفي المسافة الفاصلة بين هؤلاء وأؤلئك، ينظر الكثيرون إلى د. مطرف صديق بوصفه سياسياً ودبلوماسياً من العيار الثقيل يدرك جيداً ما يوكل إليه من مهام إستراتيجية يمضي لإنجازها بدأب أكسبه محبة البعض، وإستياء آخرين.
مطرف ، ليس مجرد طبيب رغم تخصصه في هذا المجال، أو حتى محض سفير للسودان في دولة الجنوب، فقد ظل عضواً فاعلاً في كل جولات التفاوض تقريباً. وقبل ذلك كان قريباً جداً من قضايا الجنوب سلماً وحرباً بحكم تقلده لمواقع قيادية في وزارة الخارجية ومستشارية السلام وجهاز الأمن والمخابرات الوطني، وهو الأمر الذي جعله يتكئ على معرفة عميقة بملف العلاقة الشائكة مع دولة الجنوب، على نحوٍ يكسب حديثه قيمة مضاعفة. ولذلك كان (الدكتور) مطرف هو الأنسب لـ (تشخيص) راهن العلاقات مع دولة الجنوب بعد قمة (البشير/ سلفا كير) الأخيرة في أديس، إلى جانب أسئلة خاصة جداً، أجاب عليها دونما تلجلج في الأيام الفائتة عندما التقينا به بمكتبه في إحدى البنايات بالخرطوم كانت مخصصة في السابق لصندوق دعم الوحدة ..
* هل تشعر أنك تتحرك في فضاء معادي بدولة الجنوب؟
- مثلما في صفنا هنا، وفي إعلامنا أقلام مخربة ومعادية، فنفس الشىء موجود في الجنوب، فما يحدث بالجنوب شبيه بما يحدث في السودان، وهناك أقلام مغرضة ومن يتمنى الفشل وإرتداد العلاقة لدرك أكثر سوءاً.
* لكن من الملاحظ ان ميانق دوت سفير دولة الجنوب في الخرطوم يتحرك بفاعلية وفي فضاء جيد جداً ويلتقي بالسياسيين في الحكومة والمعارضة بيسر تام؟
- أنا طبعاً أُتيحت لي أكثر من فرصة لمقابلة الرئيس والمسئولين والتحدث لوسائط الإعلام .. فالمساحة لا أستطيع أن أقول إنها مكتملة ، لكنها معقولة. المهم إن أية فرصة تتاح لك تستغلها الإستغلال الأمثل لتحقيق أهدافك الإستراتيجية ، وإن شاء الله أظل أُوفق في ذلك، وسأظل ألاحق حتى أُحظى بمعاملة أفضل. وأمر جيد أن نعامل سفيرهم بهذه الأريحية وهذا التسامح حتى نشجعهم ليتعاملوا معنا بالمثل. فنحن إذا ضيقنا عليهم فهم أيضاً سيُضيقون علينا. وإذا فتحنا، فهم بشر وسيتأثرون بأريحيتنا هذه وسيحاولون أن يعاملوننا بالمثل أيضاً.
*البعض يرى في عدم السماح بعبور النفط هو محاولة لتركيع الجنوب بهدف تقديم تنازلات في ملفات أخرى كالأمن وخلافه؟
- نحن استكملنا كل ما يريده السودان وجنوب السودان في اتفاقيات التعاون، وتبقت لنا طبعاً قضايا مثل حسم الحدود وقضية أبيي ، لكن كل آفاق العلاقة بطريقة معقولة تمت تغطيتها في اتفاقيات التعاون الثمانية. والتطبيق لكل هذه الإتفاقيات يتم بطريقة مشتركة ومتسقة بواسطة البلدين. والمصفوفة التي ستُعمل ستُبين هذا الإتساق، ولا يحق لطرف أن ينتقي شيئاً ويترك أشياء أخرى، فهذا لا يحق لجنوب السودان كما لا يحق للسودان كذلك. وهذا الأمر سيصدقه أو يكذبه الإتفاق على التواقيت والإتفاق على الإجراءات المتصلة بتنفيذ كافة الإتفاقات.. وضخ النفط بمثلما هو مفيد للجنوب فهو مفيد للسودان كذلك، فنحن عندنا رسوم عبور وترتيبات مالية انتقالية ورسوم معالجة وهكذا، فالسودان سيجني شيئاً معقولاً لكن الجنوب سيجني أكثر طبعاً، والسودان لم يقفل أنابيب نفط الجنوب، وإنما الجنوب هو من قرر ذلك وفقاً لحساباته...
*وما هي تلك الحسابات التي بنى عليها الجنوب تلك الخطوة التي يراها الكثيرون بأنها خطوة غير محسوبة؟
- لا نستطيع أن نقول بالضبط ما هي حساباته، لكن جزءاً من الحسابات الظاهرة كانت للأسف الشديد نصائح غير راشدة وغير دقيقة من بعض الدوائر وكأن السودان هو الذي ينهار بينما جنوب السودان لن يتأثر. لكن الجميع تأثر من هذا الأمر. والحمد لله نحن الاثنان اتفقنا على إعادة ضخ وتصدير النفط عبر السودان وفق إتفاق النفط الموجود، وفيه إشارة للترتيبات الأمنية لأن سلعة البترول هي سلعة عابرة للحدود وهناك حركة آليات وحركة موظفين وحركة مكنيكية عبر المضخات والأنابيب وغيرها وهذه كلها في طيات إتفاق النفط تحتاج لنوع من التأمين الكبير على الحدود لأن النفط سلعة حساسة.
*من حديثك السيد السفير فإن ربط تصدير النفط بفك الإرتباط والملف الأمني هو أقرب للمطلوب من الشرط؟
- بالضبط ، فهو مطلوب أكثر من أن يكون شرطا مسبقا . حتى تجارة الحدود مربوطة بـ (10) معابر متفق عليها في إطار اللجنة الأمنية السياسية بين البلدين، وحتى حركة المواطنين والرعاة كلها مربوطة بنفس هذا النسق، لكن لأن البترول أصبح سلعة سياسية نالت هذا الإهتمام ولا يتحدث الناس عن لماذا في حركة الحدود والتجارة نفس هذا المطلوب موجود ؟!
*لكن ما تعتبره مطلوباً، هو شرط في الواقع، وأنا أستحضر الآن تصريحات لنافع والحاج آدم تشترط ذلك وتذهب في اتجاه عدم السماح بمرور نقطة بترول واحدة قبل حسم الملف الأمني؟
- أنا في هذه المفاوضات منذ زمن طويل، وما أقوله لك يعبر عن روح ونصوص الاتفاقات.
*بما أنك مشارك في المفاوضات منذ فترة طويلة، كيف تصف لنا علاقتكم مع المفاوض الجنوبي.. وفي ظل التوترات بين البلدين هل يحدث بينكم تواصل في الفضاء الاجتماعي أم أن كل طرف (يحّدِر) للآخر؟
- المفاوضون الثابتون مهما كان (التنشن) موجود لا يتأثرون به، لكن أحياناً التشويش يأتي للقادمين الجدد لأنهم دائماً يأتون بعواطف ومشاعر ولكن سرعان ما يجلسوا إلى مائدة التفاوض ويعرفوا أن الحكاية ليست انفعالات، وإنما قضايا واقعية تقتضي النقاش الجاد والتناول الموضوعي حتى تصل في النهاية لمخرجات موضوعية قابلة للتنفيذ، فالعواطف هذه قد تكون في الأول للقادم الجديد أما الذين تمرسوا في التفاوض...
= مقاطعة =
*الذين تمرسوا في التفاوض في الجانبين هل يتقاسمون الابتسامات والضحكات مع بعضهم ويتعاملون بطريقة عادية حتى في أجواء التوتر؟
- هنالك (تنشنة) طبعاً، وأحياناً تكون هنالك تكتيكات توضح أنك زعلان وغضبان وهكذا، لكن أنت تعرف ما هو حقيقي مما هو تكتيكي ، وهذه لا تنطلي على المفاوض طبعاً أو حتى على الوسيط، فالوسيط نفسه يعرف إذا كان هذا الأمر جديا أو تكتيكيا ، وهل هو استعطاف ومحاولة التفاف أو هي مشاعر حقيقية أو غيرها. وهذه القصة موجودة طبعاً، وحتى في الإعلام أنت ترى برامج إعلامية تمثيلية، وحتى في المصارعة تستطيع أن تميّز بين الحقيقي والتمثيلي مثلما تعرف الخدع التصويرية. فالتفاوض نفسه فن وليس عملية جامدة، والتفاعل الإنساني أحياناً يؤدي لإذابة الجليد وتغيير المواقف إذا كان الشىء صادقا وعمليا ، فالمفاوضون بشر ولديهم مشاعر فهم لم يُقدوا من حجر.
*بعد الحملات العنيفة التي تعرضتم لها هل شعرتم وأنتم في طريقكم لأي من الجولات بأن ظهركم مكشوف أو وقعتم على أي من الاتفاقات بأيدٍ مرتجفة؟
- لا.. أبداً.. على الإطلاق. لأنه مافي إنسان مفوض بتوقيع ما لم يرجع لقيادته سواء أكانت هذه القيادة سياسية أو تنفيذية أو غيرها، فلا أحد يخاطر بالتوقيع على شىء يكون في النهاية غير قابل للتنفيذ.. صحيح حصلت نماذج إن هنالك ناساً مسئولين وقعوا على أشياء لم تجد القبول والفهم اللازم، لكن الزمن سيثبت للناس حتى من إعترض على هذه الأشياء إن موقف المفاوض كان هو الموقف الصحيح.
*هل تقصد ما حدث في الإتفاق الإطاري الموقع بين د. نافع ومالك عقار؟
- هذا نموذج جيد لهذا الأمر.
* هل صحيح أنه تم استدعاؤك مؤخراً في جوبا على خلفية ما أدعاه البعض في الجنوب عن إعتداء وقصف للقوات المسلحة لبعض المناطق داخل حدود الجنوب؟
- أبداً، هذا لم يحدث. وحتى إذا أُستدعيت فهذا شىء طبيعي في الممارسة الدبلوماسية وسأستجيب لهذا الأمر وأُدافع عن موقف بلدي.
* في بعض المنتديات السودانية والجنوبية على الإنترنت يهاجمونك بسبب خلفيتك الأمنية.. إلى أي مدى العقلية الأمنية للدكتور مطرف حاضرة في تعاملك مع دولة الجنوب مثلما تتعامل القاهرة معنا بذات العقلية الأمنية؟
- أمن البلد لا بد أن يكون حاضراً في ذهن أي إنسان يُمثل بلده، وفي ذهن أي مواطن في تقديري. والأمن شىء قيّم جداً ومطلوب جداً، وفي غيابه لن تتحقق تنمية أو استقرار اجتماعي وكفانا ما نشهده في الإقليم وفي العالم من نزوح ولجوء، وما نشهده حتى في بعض أنحاء السودان من دمار عطل وأطاح بأشياء أساسية وتنموية من مياه وطرق وغيرها. فأنا أهتم بأمن البلد، وخلفيتي الأمنية مؤثرة علىّ وأفتخر بها ولا أستحي منها، لأنه حقيقية لا أعرف عيباً في ذلك. حتى في جنوب السودان أقول لهم أنتم عندكم وزارة للأمن ونحن ما عندنا وزارة للأمن وإنما أجهزة أمنية عادية ووزارة داخلية، فهم عندهم نفس هذه الوزارات (وزارة دفاع، وزارة داخلية، وجهاز أمن داخلي، وجهاز أمن خارجي) وفوق هذا وذاك عندهم وزارة أمن. فما هو العيب في أن يهتم سفير البلد أو أي مسؤول أو مواطن بأمن بلده ويضعه كأولوية ؟
*ألم يزعجك وصف البعض لك بأنك جنرال خطير حسبما جاء في بعض الصحف في الجنوب؟
- هذا قصور في الفهم حتى عندنا نحن في صحفنا، وليس في الجنوب فقط. وبالعكس، أنا أعتبر الأمن نعمة من الله سبحانه وتعالى يجب أن نحافظ عليها لأن بفقدان الأمن أنت ستفقد أشياء كثيرة جداً، حتى التعليم بالمناسبة فنحن عندنا ناس طلعوا من دائرة التعليم بسبب إنعدام الأمن، والأمن ليس عيباً وليس (سُبة). ولكن كيفية تحقيقه وكيفية إدارته قد تكون محل خلاف الناس، لكن ليس الأمن ذاته كأمن، فلا توجد دولة في العالم لا تهتم بأمنها وأمن مواطنيها وأمن حدودها ومنشآتها، فما هو العيب في أن يهتم السودان بهذه الأشياء؟.. لذلك أنا لا أستحي ولا أخاف من هذا، حتى عندما كنت أشترك في ندوات بأوروبا ويؤشروا علىّ بالأصبع ويقولون : (دا زول بتاع أمن)، فأقول لهم فعلاً أنا كنت في الأمن وأفتخر بذلك، وأعطوني دولة في العالم ليس فيها أمن أو ضباط أمن.
..........*؟
- تجربتي في الأمن استفدت منها جداً، فهي عرضتني لأشياء، وكشفت لي أشياء، وأكسبتني خبرات ما كنت أعرفها. لكن أنا الآن سفير، والسفير يمثل كل مكونات الدولة وهو ليس سفيراً لوزارة الخارجية وإنما سفير لكل دولة السودان لدى الدولة الأخرى، وحتى لو عندي مواطن معارض تضرر من ممارسة في جنوب السودان، فهو مسؤوليتي ما دام هو سوداني ولن أتركه ما دام تحت رعايتي لأني ملزم إلزاماً قاطعاً بحكم وظيفتي الأخلاقية والمهنية أن أدافع عنه. وعندنا حالات كثيرة جداً حتى في استخراجنا للجوازات لا نشترط الإنتماء السياسي أو كذا، وأي سوداني يريد أن يوفق أوضاعه بيأتي إلينا وهنالك معارضون للنظام، فنحن ليس لدينا أي شروط في حماية حقوق المواطن والحفاظ عليها.
*البعض في صحف الخرطوم يتهمك بصورة شخصية د. مطرف بالتهافت وراء إقامة العلاقات مع دولة الجنوب؟
- هذه المهمة الموكولة لي من قِبل الدولة، والدولة لم ترسلني لكي أحارب جنوب السودان وإنما أرسلتني لكي أعمّر العلاقة مع جنوب السودان وهذه إحدى مهامي الأساسية، فبقدر ما أدرأ من مهددات وسوءات عن بلدي ، بقدر ما مطلوب مني أن أجلب مصالح لهذا البلد. فإذا وصفوني بهذا الأمر، فأنا أفتخر بهذا الوصف ولا أستحي منه على الإطلاق، وسأسعي بـ (يدي ورجلي) لأن أُطوّر العلاقة بين السودان وجنوب السودان في تحقيق المصالح وتجنيب المضار والمخاطر عن بلدي إن شاء الله.
*كأن هناك أكثر من نسخة من د. مطرف، أو ربما حدث تغير في عقليتك وأصبحت تتحدث بهذه النبرة بعد أن كانت لديك مواقف متشددة برأي البعض على أيام الخارجية ومستشارية السلام.. فهل رضيت عن الجنوب أم هو الذي رضى عنك؟
- من عنده دليل على ذلك فليأتي به. وهنالك أناس كثر بمن فيهم بعض المسؤولين يتخيلون أنني تغيرت، لكن (أنا يا هو أنا ما اتغيرت وما إتبدلت)، لكن طبعاً أنا كدبلوماسي بالتأكيد سلوكي مختلف عن سلوكي أيام كنت بالجهاز، وسلوكي مختلف عن أيام كنت في السلام، وسلوكي مختلف جداً عن أيام كنت طبيباً مثلاً .. فهنالك مقتضيات معينة للوظيفة والمهنة تقتضي منك التواؤم، وهذا ليس ضاراً لأن الدولة لابد أن تكون عندها مكونات مختلفة وطالما الدولة انتدبتني لكي أكون سفيراً لها ودبلوماسياً فأنا قلت وأعلنت بأني سأشتغل بمبادئ الدبلوماسية. وللدبلوماسية أسس وأعراف تقتضي شيئاً من الاستيعاب ، وأنا بحمد الله سبحانه وتعالى ربنا أتاح لي أن أشتغل وكيلاً للخارجية حوالي تسع سنين وعايشت فيها مختلف النماذج.. من النماذج الآمنة المستقرة إلى نماذج العلاقة المتدهورة وحتى نماذج خوض الحروب مع بعض الدول، وبالتالي الواحد إذا لم يستفد من خبرة التسع سنوات كوكيل لوزارة الخارجية واستيعابه لمختلف التجارب فلن تكون فيه فائدة لبلده.
*على ذكر الخارجية، لماذا وأنت الوكيل السابق لها، نجد أن ملف الجنوب تتنازعه أكثر من جهة وليس بيد الخارجية تماماً رغم أنه أصبح ملفاً مع دولة أخرى ولديه امتدادات دولية تجعل وزارة الخارجية المتغول عليها هي الأنسب لقيادته؟
- في تقديري طبيعة العلاقة وليست بالطبيعة العادية، فهي طبيعة خاصة. لذلك تكوين لجنة عليا برئاسة رئيس الجمهورية لإنفاذ اتفاقيات التعاون ولرعاية العلاقة بين السودان وجنوب السودان أعتقد أنه يشكل إضافة لوزارة الخارجية وليس خصماً منها. بالعكس تماماً، أنا قلت لك إن السفير هو ليس سفيراً لوزارة الخارجية وإنما سفير لدولة السودان.. وقضايا النفط مثلاً من هو أحسن للتعامل معها.. هل هي وزارة النفط أم وزارة الخارجية؟، وقضايا الأمن والدفاع من هو أنسب من يتعامل معها؟ فنحن طبيعة قضايانا تقتضي هذا النوع من التعامل. لكن إذا كانت العلاقة آمنة ومستقرة ممكن بعد ذلك انسيابيتها وبخلق المؤسسات المقابلة ترجع الحكاية لحجمها الطبيعي. لكن هذه علاقة ناشئة مع دولة منفصلة وما زالت في طور التكوين ولذلك تحتاج لنوع معين جداً من الرعاية. بالعكس أنا من الذين أقترحوا رعاية الدولة على أعلى مستوى للعلاقة بين السودان وجنوب السودان بحكم خصوصيتها حتى تعبر إلى بر الأمان. فلا أعتقد أن هنالك تغوّلاً على وزارة الخارجية أو الأخ وزير الخارجية بأي حال من الأحوال يحس بأنه سُلِب منه ملفه وأخذته جهات أخرى وكذا، فالزمن كفيل بعد أن تجري المياه في مجاريها الطبيعية و أن تعود الأمور لحجمها ولمؤسساتها الطبيعية المشتركة بين البلدين. ونحن الآن نعمل بأطراف ثالثة نتمنى أن ينتهي دور الأطراف الثالثة هذا سريعاً ونأخذ المسؤولية نحن كدولتين ذات سيادة وذات قدرة على إدارة شؤونهما دون أية مساعدات أو تدخلات خارجية إلا بما يعزز أو يدعم الدولة في تحقيق مزيد من الاستقرار والتقدم.
*على ذكر الطرف الثالث، هناك إتهام ظل يتكرر كثيراً للوساطة بالانحياز للجنوب، فهل ترى أنها تقف على مسافة واحدة من الطرفين؟
- نعم، وأنا قلت وأعتقد إن الوساطة مظلومة، ووصفها بهذه الصفة وصف جائر ظالم ..
*عفواً سعادة السفير.. لكن الكثيرين لا يتفقون معك فيما تقوله عن الوساطة خاصة فيما يتصل بمقترحها بشأن أبيي؟
- بالعكس ، فالوساطة اقترحت شيئاً بطلب من الأطراف ، وهذا المقترح للأخذ والرد وليس مطلوباً أن تأخذه كله أو تتركه كله، فهو مقترح وليس شيئاً مفروضاً على الأطراف..
*لكن المقترح جاء متماهياً تماماً مع موقف دولة الجنوب؟
- جاء في بعض مناحيه، وليس معنى ذلك نهاية المطاف، ولكن هذه رؤيتهم هم، وكثيراً جداً أتوا بأشياء أفلح الطرفان في تعديلها بما يحقق المصلحة المشتركة للطرفين...
//////////