السفير زاهر العجب عصفت به رياح الجهوية…!! بقلم: إسماعيل عبدالله

 


 

 

القنصل العام لقنصلية السودان بدبي - زاهر العجب - طالته يد اللوبي الجهوي وأذرع دويلة ستة وخمسين، فالحكومة الحالية التي تديرها أقلية جهوية فلولية ماكرة لا ترى في إرث حكم الدولة السودانية سوى أنه مجرد تركة يجب تداولها فيما بينها، وبدا ذلك واضحاً في الممارسات التعسفية بحق المكونات الاجتماعية والجهوية التي ينحدر منها قائد قوات الدعم السريع، خاصةً الجرائم المرتكبة بحق المواطنين ذوي الانتماء القبلي من هذه المكونات، كما حدث بمدينة أم بدة من جرائم قتل بشعة بحق الشيب والشباب على أساس الهوية، لم يسلم السلك الدبلوماسي الذي هو الآخر بحاجة ماسّة للهيكلة وإعادة الترتيب بما يتوافق وعكس وجه السودان المتعدد والمتنوع، فالسفير زاهر العجب لم يكن استثناء من هذه الحملة الجهوية والعنصرية المغرضة، فقد تم استدعاؤه لبورتسودان حيث توجد الجماعة المختطفة للقرار الحكومي، للتحقيق معه في شأن وشاية من الوشايات وخبيثة من الخبائث التي ظل يدفع ثمنها كل من له انتماء جغرافي للغرب الكبير، ففي هذه الأيام وكما تعلمون أن مجرد وسم الوجه الدال على مقدمك الميمون من تلك البقعة يكفي لأدانتك بالعمالة والخيانة، إذ لم تعقد حكومة الأقلية الجهوية مجلساً للتحقيق بحسب العرف المهني المعهود لمحاسبة القنصل، فكيف لجماعة متطرفة اختزلت الوطن في يد حفنة صغيرة من المتلذذين بتقطيع أوصال المواطنين بقاذفات اللهب الطائر، أن تؤمن بمبدأ المحاسبة المستقل المحايد والمستند على أبجديات التحقيق في مثل هذه الأمور؟.
النشاط السوداني الاجتماعي في بلدان المهجر والمغترب شابته شوائب الانقسام الجهوي والقبلي الذي ضرب فسيفساء السكان بالداخل في مقتل، فقد تعب أبناء كردفان ودارفور من منسوبي الجاليات السودانية أشد التعب، وهم يمارسون حقهم الطبيعي في أروقة أجهزة هذه الفعاليات العامة، وفي هذا الخصوص شهدت ساحات النادي السوداني بدبي ومجلس العمل السوداني صراعات عنيفة في الماضي والحاضر، وكابد ناشطو الأقاليم المهمشة مشقة التعرض لاغتيال الشخصية بالمؤامرات والدسائس المدارة داخل الأندية الحاملة لأسم السودان الوطن (الواحد)، إنّ من أكثر الظواهر السالبة أسفاً هي أن الصراعات الأيدلوجية الطاغية على العمل العام ما هي إلّا قناع مغشوش يختبئ خلفه الجهويون، فيديرون من خلف الأبواب المغلقة المصالح الذاتية ويقضون الأغراض لعوائل ظنت أن هذا السودان ملكها الحصري، لذلك سوف يدفع الكثيرون من بنات وأبناء حزامي السافنا والصحراء ثمن انعتاقهم من ربقة الأبارتيد الداخلي، بتعرض منسوبي الحزامين لأسوأ أنواع العسف من قبل الأقلية المستأثرة بالامتيازات التاريخية، سواء كان سلكاً دبلوماسياً مدنياً أم مقاماً عسكرياً رفيعاً، فبرغم تبدل المعادلات النوعية الرافعة لخيرة الكفاءات الوطنية من كل أرجاء الوطن الجريح، إلّا أن هذه الشرذمة الحاقدة على مكونات المجتمع الأخرى ما تزال سادرة في عتمة غيها، لا ترى هذا الوطن العملاق إلّا من منظور عقليتها العقيمة والنرجسية التي أقعدت البلاد ردحاً من الزمن.
السفير زاهر العجب شهد له السودانيون بالهمة والنشاط وفزعة الملهوف عندما حلت كارثة الحرب، فلعب دوراً بارزاً في توفيق أوضاع السودانيين العالقين بدولة الامارات العربية المتحدة، وقد خصص يومين من أيام اسبوعه المزدحم بالعمل من أجل حلحلة مشكلات الناس، لكن الأقلية النرجسية لا تعبأ بمن يحقق مصالح العامة، لأن مصالحها الخاصة فوق كل مصالح السودانيات والسودانيين، ودونكم ما حل من اضمحلال للدور الفاعل الذي كان من الممكن أن يلعبه جناح دولة السودان بمعرض إكسبو العالمي بدبي، فشاب ميزانية ومساحة هذه الفعالية ما شابها من تخبطات هذه القلة القليلة التي اختطفت قيادة الجيش وإدارة الحكومة وسيادة الدولة، وأصبح السودانيون رهائن لرغبات ونزوات منسوبي دويلة ستة وخمسين الصفوية، لذا ومن هذا المنبر أطالب القائمين على مشروع الإصلاح مستقبلاً أن تشكل لجنة خاصة بتفكيك تمكين الأقلية الجهوية من السلك الدبلوماسي وتحريره، ثم هيكلته بما يلبي تمثيل الطيف الجهوي الجامع للهوية السودانية الحاوية لإنسان السودان ابتداءً من (عامل اليومية) وصولاً الى السفير، فالاصطفاف الجهوي لأقلية دويلة ستة وخمسين الذي صاحب اندلاع الحرب، لابد وأن يقابله اصطفاف جهوي كاسح يحوي المكونات المجتمعية الحابسة لأنفاسها، والمتعرضة للظلم التاريخي جراء احتكار جهاز الدولة وتجييره للمصالح الشخصية والجهوية الضيقة، ومع بشريات النصر الكبير القادم، يأمل الشرفاء في أن تسهم هذه الانتصارات في قلب الطاولة على وجه الأقلية حتى تعود المنفعة للأغلبية.

إسماعيل عبدالله
ismeel1@hotmail.com
19يوليو2023

 

آراء