السفير محمد آدم الأمين العام لمجلس شئون الأحزاب السياسية
سنطبق القانون على الحركة مثلما فعلنا مع الجمهوريين
لن نسجل حزباً باسم (الحركة الشعبية) حتى لو وقعت اتفاقاً
حظرنا الحزب الجمهوري لكن لم نحظر أفكاره
حاوره : فتح الرحمن شبارقة
شغلت قضية رفض تسجيل الحزب الجمهوري في اليومين الماضيين، مجالس المهتمين في المدينة. وتسيدت النقاشات في كثير من المراصد الصحفية والمواقع الأسفيرية، ونتج عن ذلك تساؤلات كانت تبحث بإلحاح عن رجل يضع أسفلها اجابات وافية. وفي هذه القضية بالذات، ليس هناك أنسب من السفير محمد آدم محمد إسماعيل، الأمين العام لمجلس شئون الأحزاب السياسية الذي أتخذ ذلك القرار. (الرأي العام) جلست إلى الأمين العام في مكتبه بالمجلس ظهيرة أمس، و وضعت على منضدته الكثير من الأسئلة الساخنة عن حيثيات ما حدث للجمهوريين، وما يتوقع أن يحدث للحركة الشعبية قطاع الشمال إذا جاءت للخرطوم وهي تتأبط اتفاقاً. فأجاب عليها بوضوح قلما يتوافر في من تسبق اسمه صفة (سفير)، فهو لم يسلك منعطفات لغوية للهروب من صيغة الأسئلة، بل واجهها على هذا النحو: *ما هي الحيثيات الحقيقية التي دفعتكم لرفض تسجيل الحزب الجمهوري؟ - في الحقيقة هنالك شروط لتسجيل أي حزب وإذا تم الاخلال بها يكون هناك اشكال.. *وهل أخل الحزب الجمهوري بأي من تلك الشروط؟ - في نظر المجلس نعم. * ما هي الشروط التي أخل بها الحزب على وجه التحديد؟ - من شروط التسجيل أن لا يكون الحزب مخالفاً للدستور أو مثيراً لنعرات دينية أو اثنية أو مشكلة في النسيج المجتمعي. وحسب رأي المجلس إذا سجلنا الحزب الجمهوري بالصورة الحالية يكون مخالفاً لمواد أساسية في الدستور ولقانون شؤون الأحزاب أيضاً. *ألا ترى أن مجلس الأحزاب تحول إلى ما يشبه مجمعاً للفقه أو ديوان الإفتاء عندما يفتي بعدم تسجيل الحزب الجمهوري لأسباب دينية ؟ - نحن نطبق الدستور والقانون، والفتوى لم تكن دينية وإنما قانونية فنحن رجعنا لمادة قانونية بحتة، ويجب أن يتنافى برنامج أي حزب نظامه الأساسي مع هذه المادة. * كأنك تقول إن برنامج الحزب الجمهوري ونظامه الأساسي يتعارض بوضوح مع القانون والدستور؟ - نعم. *مبعث الخطورة في قراركم رفض تسجيل الحزب الجمهوري هو أنه ربما تتأسس عليه أشياء أخرى؟ - مثل ماذا؟ * مثل إقامة محاكمات لمنسوبي الحزب الجمهوري بتهمة الردة مثلاً كما حدث لأستاذهم محمود محمد طه؟ - نحن الآن أفتينا بعدم تسجيل هذا الحزب بهذه الصورة وهذا قرار مجلس. وهم إذا شعروا بأن هذا القرار مجحف فالمحكمة الدستورية هي التي تفتينا بتأييد هذا الرأي أو تخالفه. *في حال تأييد المحكمة الدستورية لتسجيل الحزب الجمهوري هل ستكون لديكم مشكلة في الموافقة بتسجيله؟ - ليست لدينا مشكلة وسنكون ملتزمين بقرارها. * رفض تسجيل الحزب الجمهوري ألا يجعل من السفير محمد آدم، المكاشفي طه الكباشي (تو)؟ - لا لا، فنحن نتخذ قراراتنا بحرية كاملة وبدون تأثير من أي جهة، وهناك أحزاب في المعارضة اتخذنا قرارات في صالحها، وكان هنالك حزب منع في واحدة من المحليات (الخوي تقريباً) والمجلس أصدر قرارا وقال إن هذا المنع باطل، وهذا الحزب أشاد بهذه الخطوة إشادة مكتوبة. * هذا يتناقض مع حديث البعض عن أنكم تتحركون في مجلس الأحزاب السياسية بالريموت كنترول من الحكومة والحزب الحاكم وتصدرون قراراتكم بإيعاذ منها على الأقل؟ - أبداً، والحكومة نفسها إذا حزبها أتخذ خطوة خطأ فنحن نفتي ضده، فنحن نقف في مسافة واحدة من كل الأحزاب المسجلة. * لكن لم يحدث في الواقع أن أتخذتم قراراً ضد المؤتمر الوطني رغم أن هنالك شكوى رفعت ضده في وقت سابق؟ - كانت هنالك شكوى قُدِمت ضد المؤتمر الوطني في حكاية المقر وطلعت في الجرائد لكن لم تكن هناك اثباتات، وهم نفوا. فالشخص الذي يشتكي يأتي بحيثياته وإذا شعرنا إن الحق معه فسنقف إلى جانبه أما إذا لم تكن لديه وثائق تثبت إتهامه فلن نقف معه. *الجمهوريون ينظرون إلى هذا القرار باعتباره جزءا من الكيد السياسي الذي تمارسه ضدهم القوى الدينية التقليدية منذ أربعينيات القرن الماضي؟ - أنا أكرر لك مرة أخرى نحن استندنا على مواد قانونية موجودة في الدستور وموجودة في قانون تسجيل الأحزاب، وأي شخص عنده اعتراض فالمحكمة الدستورية هي التي تفتينا والمسألة بسيطة جداً. * أسماء محمود محمد طه وصفت قراركم بالمعيب من كافة النواحي وقالت إنه يصب في خانة الحجر على حرية التعبير والتنظيم التي كفلها الدستور وقانون الأحزاب نفسه؟ - لا هذا كلام عاطفي، وأعتقد أنها زعلانة بس لأننا لم نقبل تسجيل الحزب، لكن نحن استندنا على الدستور والقانون وإذا هي كانت تشعر بأن هذا القرار معيب فهنالك جهات أعلى منا ويمكن أن تتقدم لها وهي تفتيها، وإذا افتتها بتسجيل الحزب فأهلاً وسهلاً. * د. الشعراني القانوني والقيادي الجمهوري وصف قرار حظر الحزب بالممجوج وبالأسلوب الرخيص في استخدام القانون والدستور من قبل الخصوم السياسيين؟ - لا.. فهو إذا رجع للدستور والقانون سيجد قرارنا هذا مبني عليهما. * ما و الفرق بين الحزب الجمهوري والحزب الشيوعي أو الأحزاب العلمانية الأخرى التي لا تؤمن بأي دور للدين في السياسة.. لماذا يسمح لتلك الأحزاب و يحجر على الجمهوريين؟ - نحن لا نحاكم الأفكار، الحزب الشيوعي مثلاً إذا تقدم وسجل ولم يكن هنالك أي شىء في برنامجه المطروح يتعارض مع الدستور والقانون فسنسجله، وحتى في الأحزاب المسجلة هناك ناس أفكارهم يمكن تكون علمانية متطرفة جداً جداً. * ولكنكم هذه المرة تحاكمون أفكار الجمهوريين وبشكل مسبق فيما يبدو؟ - أبداً، فنحن لم نعتمد في قرارنا على التاريخ، أعتمدنا فقط على الدستور الحالي وعلى القانون. والمحكمة الدستورية ستفصل في قرارنا هذا. ونحن لا نتسرع في قراراتنا ونقوم بدراستها جيداً وهي ليست قرارات فردية أو متسرعة. * يبدو أن لديكم أزمة مع اسم الحزب الجمهوري؟ - ليست لدينا أزمة. * يعني إذا لم يكن هناك تعارض مع القانون والدستور مثلما قلت فهل ستوافقون على تسجيل الحزب باسم (الحزب الجمهوري)؟ - نعم. * ما هو المترتب على عدم تسجيل الحزب الجمهوري.. هل سيمنع من دخول الانتخابات فقط أم سيمنعون من تنظيم الندوات والحديث مثلاً؟ - يترتب على ذلك ان الحزب غير قانوني، وهنالك قانون يحكم هذه الأشياء. وأي حزب يمارس النشاط من غير تسجيل يكون خالف الدستور و وقع تحت طائلة القانون. *لكن في الواقع نجد بعض الأحزاب المخالفة للقانون وتمارس نشاطها على الأرض؟ - هذه ليست مسؤوليتنا، نحن مسؤوليتنا نصدق للأحزاب التي يتوافق برنامجها ونظامها الأساسي مع الدستور ومع قانون تسجيل الأحزاب وإذا كان هناك حزب غير مسجل وبدأ يمارس نشاطه فهذا ليس شغلنا. * يتحدث البعض عن أنكم تتعرضون لضغوط عديدة من الحكومة للتساهل مع بعض حلفائها والتضييق على خصومها ربما؟ - أبداً، نحن نتخذ قراراتنا في حرية تامة وإذا اتضح لنا أن هنالك ضغوطا تمارس فيمكن أن لا نستمر في شغلنا لأننا أدينا القسم على أن نؤدي عملنا بحرية كاملة دون التأثر بأي جهة أخرى. * إذا كان السودان دولة فيها المسلم والمسيحي واللا ديني فلماذا تحظرون الجمهوريين؟ - نحن حظرنا تسجيل هذا الحزب لكن لم نحظر أفكارهم، وفي الشريعة ذاتها أنت يمكن أن تكون إنسانا ملحدا أو مرتدا أو كافرا ، لكن في فكرتك ذاتها الحكومة لا تحاكمك إلا إذا شنيت حملة ضده أو حاولت تعمل فتنة أو كذا، لكن أفكارك هذه بينك و بين ربك و(ما في زول بيعرفا). *و لكن الجمهوريين لم يعتدوا على أحد، فلماذا تحظروا الحزب بناءً على أفكارهم الخاصة؟ - الملحد أو المرتد إذا لم يشن حملة أو يحاول أن يعمل نشاطا فهو غير محاكم لأفكاره، فالذي يحاكمه هو ربنا. لكن بمجرد أن تعمل نشاطا بناءً على أفكارك هذه وتستعدي به الناس فإن حريتك تقف عند حرية الآخرين. وفي أمريكا وهي بلد الحرية فيها تكاد تكون مطلقة لكن عندهم الآن قانون بعد 11 سبتمبر بموجبه يدخلون في إيميلك ويفتشون حساباتك ويتجسسون عليك لأنهم شعروا أن حماية المجتمع شىء أساسي وحرية الإنسان عندها حدود. * وهل الجمهوريون مرتدون برأيكم ؟ - والله هذا شىء نحن (ما داخلين فيهو) نحن الذي يهمنا فقط أنه حزب يريد أن يُسجل و بطريقته هذه يخالف الدستور والقانون. لكن لا نفتي في أنه مرتد أو غير مرتد. * بهذا الفهم أنتم لا تمانعون إذاً من التصديق بقيام أي حزب لمرتدين أو ملحدين إذا لم يكن متعارضاً مع الدستور أو القانون؟ - ما عندنا مشكلة. * هل حدث أن رفضتم تسجيل أحزاب أخرى لأسباب مماثلة؟ - نعم، فبعد الانفصال مثلاً نحن رفعنا للمحكمة الدستورية بشطب بعض الأحزاب لأنها أصبحت تتبع لدولة أخرى لا يجوز لها ممارسة النشاط في داخل السودان. * هل تقصد الحركة الشعبية؟ - نعم. * الآن هناك متغيّر جديد في التفاوض مع الحركة الشعبية قطاع الشمال فهل سترفضون لهم ممارسة العمل السياسي في حال التوصل لاتفاق مثلاً؟ - إلا إذا تم تغيير القانون، لكن في ظل القانون الحالي، فإن أي حزب يموّل أو يتبع لدولة خارج السودان لا يجوز له ممارسة النشاط السياسي في السودان. * حتى لو تم توقيع إتفاق؟ - حتى لو تم توقيع إتفاق إلا إذا تعدّل القانون. * ماذا يقول القانون تحديداً في هذه القضية؟ - يقول لا يكون للحزب ارتباطات بدولة خارجية، والحركة الشعبية أصبحت الآن دولة في الجنوب. * لكن هناك انفصالا تم بين الحركة الشعبية في الجنوب وأصبحنا الآن أمام واقع حركة في الشمال قد توقع اتفاقاً مع الحكومة؟ - إذا دخل قطاع الشمال في اتفاقيات فعليه أن يوفق أوضاعه ، فالسودانيون الذين يحملون السلاح ويحاربون الدولة الآن لا يجوز تسجيلهم كأحزاب إلا بعد توفيق أوضاعهم ونبذ العنف. والقانون واضح، فمن ضمن شروط تسجيل الحزب في السودان عدم تكوين مليشيات مسلحة وعدم الارتباط بالخارج ، وإذا كان قطاع الشمال أو حركات دارفور أو أي حركة تحارب تريد أن تصبح حزباً فعليها توفيق أوضاعها لتصبح قانونية وتنبذ العنف.. * اسم الحركة الشعبية نفسه هل سيكون مشكلة في طريق أن تكون حزباً وتمارس نشاطها؟ - إذا الاسم نفسه أو الشعار ارتبط بدولة خارج السودان فلن نسمح بذلك وسنقول لهم: (غيّروا بس). *من الواضح أن الحركة لن تغيّر اسمها وستوقع اتفاقاً على الأرجح وتعود للبلاد فكيف ستتعاملون معها في هذه الحالة؟ - الحركة الشعبية مرتبطة بالجنوب، والجنوب دولة أخرى ، وما الذي يضير في أن تغيّر اسمها أم أن المسألة مماحكة فقط؟ * الحركة التي نعرفها لن تغيّر اسمها وستحرجكم بهذا الأمر؟ - إذا أحرجونا يكونوا خالفوا القانون، وسنطبق عليهم القانون مثلما طبقناه على الجمهوريين. *لكن السيد السفير أنت لا تستطيع أن تقول إن الحركة الشعبية قطاع الشمال لا تستطيع أن تمارس نشاطها باسمها الذي له ظلال مع دولة الجنوب؟ - أنا كمجلس شؤون أحزاب لن أسجله بهذا الاسم إلا أن يغيّره. * لن تسجّله حتى بعد ان توقّع على إتفاق سلام مع الحكومة؟ -(أنا ما داير السلام، أنا لي بتطبيق القانون والنظام الموجود) وقانوني لا يسمح لي إلا أن يتم تغييره. * مع احترامنا لهذا القانون لكن من الواضح أنه لا يستوعب المتغيرات في الساحة؟ - أنا لست الجهة التي وضعت القانون حتى أقوم بتغييره، ولابد أن يذهب للمجلس الوطني و يغيّر من قِبل الجهات التي أصدرته.