السودانيون الجدد

 


 

عمر العمر
7 August, 2020

 

 

الإحباط الرابض على المشهد السياسي الراهن يعزز لدي قناعة بأن المرحلة الانتقالية تشكل الفترة الذهبية في تاريخنا السياسي المعاصر.

لا مؤشرات تحرَض على الرهان بأن الآتي أفضل مما هو موجود.ليس في أحزابنا ما يبعث على التفاؤل بقدرته على استئناف المسيرة نحو غدٍ أفضل. الإنتخابات المرتقبة ستكشف حتماً هزال الأحزاب الحالية. الأكثر مدعاة للتشاؤم إنكفاء هذه الأحزاب تحت سقف العراك من أجل السلطة. بما أن الإنتخابات لن تسفر عن غالب فقدرنا يصبح اسير محاصصات المناصب.
*** *** ***
نحن أحوج ما نكون لكسر المألوف إي محاولة لاستيلاد حزب جديد لن يكتب لها نجاح أفضل من الحلم بتجديد أحد الأحزاب الحالية أو كلها.
الرهان الرابح يتمثل في تشكيل النهوض بتيار عريض يجسد قناعات، طموحات غايات آمال من يراهن عليهم البعض في تأسيس حزب مغاير أو تجديد الاحزاب الحالية.

*** *** ***
على نسق (اليمينيون الجدد) أو (اليساريون الجدد) أيسر للطامحين في دفع الثورة الفتية نحو آفاق تتجاوز ضباب المرحلة الإنتقالية, التجمع تحت مظلة "السودانيون الجدد". تلك مظلة أرحب من جلابيب الأحزاب البالية. تلك مهمة أهون من أعباء إعادة بناء الهياكل الرثَة والخاوية من المضامين الفكرية. هذه مظلة أوسع من الاستثمار في إتجاه سياسي محدد. هي طيف متعدد الألوان الجاذبة والأفكار الملهمة.

*** *** ***
(اليمينيون الجدد) كما (اليساريون الجدد) هم في الأصل حراك من مواقع عتيقة إلى شرفات جديدة. كلاهما إنطلق في رحلته رغبة في الإنفكاك من الجمود لجهة مواكبة العصر برؤى حديثة. هكذا صعد اليسار الجديد ضد الأداء البائس في
ستينيات القرن الأخير. الفرنسيون شكلوا موجته الأعلى عبر روافد متباينة كانت الجامعات مصدرها تدافعاً. مفكرون كبار ركبوا الموجة ربما أبرزهم سارتروجان كوتو لكن الأميركي هربرت ماركوزا هو العراب العالمي.

*** *** ***
في اميركا اللاتينية ضمت المظلة أحزاباً راديكالية، منظمات مسلحة، إتحادات طلاب ، فلاحين وسكان أصليين .كلهم كما في أقطار أوروبية غير فرنسا استهدفوا فك احتكار السلطة والثروة من قبل طبقة اجتماعية محدودة.في مصر المجاورة تشكل تيار مماثل في أعقاب تآكل اليسار ورحيل رموزه النافذين من أمثال خالد محي الدين ، محمد سيد احمد وحسين عبد الرازق. التيار صنع له قيادة إفتقدت سحر التأثير مجسدة في حمدين صباحي.

*** *** **
أميركا هي معقل المحافظين الجدد. أوروبا أضحت مسرح اليمينيين المتطرفين . المحافظون طالعون من اليسار بينما المتطرفون جانحون من اليمين. رغم اكتساب شهرة المحافظين الجدد من سياساتهم الخارجية إلا أنهم ينظرون إليها إنعكاسا للسيسات الداخلية .هم لديهم تحفظات على سياسة التعليم وما يسمى ببرنامج المجتمع العظيم. من أبرز منظريهم ارفينغ كرستول , مايكل هارينغتون، ريشارد بيرل وجين كيركياباتريك. هؤلاء هم أبرز عباقرة "الفوضى الخلاقة".

*** *** ***
عدد في وسط نخبنا يرى في المنحنى التاريخي الراهن فرصة مواتية لبناء مثل هذه المظلة. ثمة ساسة ، شعراء ، كتاب ومفكرين ياملون في رؤية تلك المظلة منوبة على الأرض. هناك قناعة راسخة لدى قاعدة شعبية واسعة في ضرورة الإنخراط في هذا التيار العريض. عند بعض الشباب استعداد لاخذ المبادرة.

*** *** ****
حركة الوعي تجسد جوهر تيار (السودانيون الجدد) .لذلك ينبغي التركيز على بث الوعي في أوساط الجماهير في الريف كما في الحضر. الوعي بالواجبات قبل الحقوق . إمتلاك قبس الإستنارة قبل حمل مشاعل التنوير. هذا جهد يحمل أعباءه الوطنيون المتجردون من الأهواء وحب المكاسب. بما انه جهد يستهدف تشكيل الرأي العام وصوغ العقل الجمعي فليس أمام الناهضين به غير امتلاك منصات الإعلام أو منابر الشارع العام. حبذا لو تم الجمع بينهما. بما أن تلك غاية تبدو مستحيلة في ظل واقعنا الحالي, فالأفضل محاولة الاستئثار بالشارع. هنا يأتي دور الفنانين من مسرحيين، رسامين ومطربين كما دور الشعراء والكتاب والخطباء.

*** *** ***

لدينا في شباب المقاومة قاعدة صلبة عريضة للانطلاق.

aloomar@gmail.com

 

آراء