(السوداني) في مواجهة ساخنة مع وزير الدفاع:

 


 

 

لا أستبعد ضربات اسرائيلية أخرى.
القيادة هي التي تقيم أدائي في وزارة الدفاع.
لن أظل خالداً وزيراً للدفاع.
العملاء مدنيون وليسوا عسكريون
ما حدث ليس نكسة عسكرية.

حوار/ضياء الدين بلال
diaabilal@hotmail.com
تصوير: سعيد عباس


مقدمة:
رغم كل ما قيل،لا تزال هناك كثير  من علامات الاستفهام، في انتظار إجابات أكثر وضوحاً ودقة، حول حادثة قصف عربة السوناتا ببوتسودان، وما طرحته الحادثة من تساؤلات حول قضايا الأمن القومي، والى أي مدى توجد جهات حكومية تقع عليها مسؤولية ما حدث، وعن احتمال تكرار أحداث القصف مع توقع اختيار أهداف أخرى قد تكون ذات حساسية عالية، وهل نحن الآن في مواجهة عسكرية مفتوحة مع إسرائيل، علينا فتح باب التوقعات واسعاً، وماذا يقول وزير الدفاع الفريق أول عبد الرحيم محمد حسين عن مطالبة البعض له بالاستقالة، هذا ما يحاول أن يجاوب عليه هذا الحوار  الصحفي الأول مع وزير الدفاع بعد حادثة السوناتا.

* ماهي احتمالات تكرار مثل حادث السوناتا مرة أخرى؟
- الحادثة في الأساس ذات أبعاد عسكرية وأمنية وسياسية، الجزء السياسي فيها كبير جداً كما أن الجزء الأمني فيها لا يقل عن ذلك والجزء العسكري ليس كبيراً ولكنه جزء مهم ، والإجراءات العسكرية من الممكن أن تصعب العملية العسكرية ولكن بكل تأكيد لا تمنعها، نحن الآن إجراءاتنا التي سنتخذها عسكرياً هي إجراءات تصعّب تكرار مثل هذه العملية بقدر الإمكان. المياه الدولية على بعد 12 ميلاً بحرياً فقط من بورتسودان وهي تزخر بالسفن والقطع البحرية لأكثر من 17 دولة بما فيها الوجود الإسرائيلي والغربي المكثف.. وهذه الأساطيل موجودة على ساحل البحر الأحمر.
•    كأنك بطريقة ما تريد أن تقول إن هذا الوضع يجعل حماية بورتسودان أمراً مستحيلاً؟

- الإجراءات تصعب المهمة (مهمة الحماية العسكرية) ، أنت عندك مياه دولية على بعد 12 كيلو فقط من ساحلك وساحل ممتد إلى 750 كيلو.
•    إذاً نحن هدف سهل المنال؟
- الوضع يسهل هجوم الأعداء ويصعب علينا دور الحماية- وعندما تنظر إلى التقانة الموجودة لدى إسرائيل وأمريكا وبريطانيا وفرنسا بالإضافة إلى كمية العلوم الموجودة عندهم والتقنيات الحديثة وأنواع الأسلحة التي يمتلكونها إلى جانب التعاون والتنسيق الكبير بين إسرائيل وبين هذه الدول كل هذا يجعل مهمتنا صعبة.

•    لكن هذه المنطقة التي ضربت فيها العربة السوناتا تقع بالقرب من منطقة حيوية وهي مقر القيادة الجوية؟
- خذ مثلاً ما حدث في ليبيا، في مدة أربع ساعات كل الرادارات الليبية تم تعطيلها وكانت السماء الليبية مباحة تماماً.
•     السؤال الذي لم نجد له إجابة بعد، هل الرادارات ببوتسودان كانت معطلة أم تم التشويش عليها؟
- الرادارات بتاعتنا شغالة لكن الرادار الكان شغال بيعمل بقدرات محدودة ،فهي تعمل على بعد 1000 متر فما فوق.
*مقاطعاً: ربما حصلوا على هذه المعلومة قبل العملية لذا كانت الطائرات على ارتفاع منخفض وهي آمنة؟
- ممكن طبعاً ، ما أصلا العملية واضح أن وراءها عملاء بالداخل، لكن السؤال المهم (من الذي أعطاهم رقم هاتف القتيلين لمتابعتهما).. من الطبيعي أن يكون وراء العملية عميل موجود على الأرض.
*هذا العميل مدني أم عسكري؟
- الاحتمالان واردان، لكن غالباً ما يكون من المدنيين ، بمعنى أن العناصر المستهدفة لم تكن عناصر عسكرية، وهذا هدف مدني.
•    بافتراض ، إذا رصدت الرادارات الطائرتين هل يمتلك الجيش مقدرة لإسقاطهما؟

- كان يمكن التعامل معهما.

*كأنك تجد في المعالجات السياسية والأمنية الوسيلتين المثاليتين لمنع تكرار ما حدث، أين دور الجيش؟

- أنا متأكد أن المسألة ليست عسكرية فقط. لذا تحدثنا عن تفعيل إجراءات مكافحة التهريب بالإضافة إلى مراجعة الوجود الأجنبي، وطالبنا بمراجعة المنظمات وعملها إلى جانب تكثيف العمل الأمني.
*هل القوات المسلحة تشارك فى عملية مكافحة التهريب في شرق السودان؟
- بالتأكيد، ولكن نشارك عبر المكافحة المعلوماتية بالاستخبارات، ولكن القوات المكلفة بهذا الدور هي قوات مكافحة التهريب التابعة لوزارة الداخلية.
*بعد هذه التطورات أليس من الضروري زيادة دور الجيش في عمليات مكافحة التهريب؟
- سنكتفي بعملية التنسيق الموجودة أصلاً بيننا، فقوات مكافحة التهريب عندما تحدث مشاكل تتجاوز قدراتها دائماً ما تستدعي القوات المسلحة والأجهزة الأخرى، لكن الدور الرئيسي في العملية من مهام مكافحة التهريب.
*لكن، البعض يتحدث عن ضعف التنسيق بين الأجهزة الأمنية؟
- لا أفتكر هناك ضعف في التنسيق بين الأجهزة الأمنية، الأجهزة بينها تنسيق عالٍ جداً، والدليل على ذلك نحن نجتمع في الأسبوع مرتين بكل الأجهزة الأمنية.

*رغم الحديث الواسع من الحكومة السودانية عن وجود عملاء بالداخل إلى الآن لم يرد خبر عن إلقاء القبض على مجموعات مشتبه فيهم؟
- هذه العملية تحتاج إلى وقت كبير، وهنالك إجراءات تتخذ في هذا الاتجاه.
*هل صحيح يوجد نشاط كثيف للموساد بالسودان؟
- مسألة اهتمام إسرائيل بالسودان، هذه حقيقة وهي مسألة واضحة وبدرجة كبيرة، ومعظم المنظمات التي تعمل الآن بدارفور معظمها منظمات يهودية، وحكاية اهتمام إسرائيل بالسودان لم يعد أمراً خافياً، ومن هذا المنطلق يمكننا القول:(نحن في مواجهة هجمة إسرائيلية ضخمة).
*كأنك تنفي وجود تقصير في حادث السوناتا من جهات حكومية تستحق المحاسبة على التقصير؟
- العملية الآن قيد التحقيق لكنها شبيهة بهجمات سبتمبر التي تعرضت لها أمريكا ،على الرغم من ضخامة إمكاناتها الفنية تم ضربها في لحظة، فمثل هذه العمليات يستخدم فيها أسلوب المباغتة.
*الحادث قد يشجع أطراف معادية أخرى، لتصبح أكثر جسارة في التعامل مع السودان؟
- مثل هذه الحوادث يمكن أن تحدث في أي مكان.
* هل أجواء السودان مباحة لطائرات الأعداء، لهذه الدرجة؟
- بالتأكيد ليست مباحة، لكن التغطية التي نملكها عبر راداراتنا تغطي الأجواء العليا، لكن هنالك حالات استثنائية، فعندما تكون الدولة في حالة حرب يستوجب عليك أن تكون في حالة استعداد وحماية، لكن ما حدث حالة استثنائية.
*هل هذا يعني أننا في مواجهة مفتوحة مع إسرائيل؟
- لك الحق أن تقول ذلك، لا توجد حرب معلنة، لكننا نعرف أن بلادنا مستهدفة من قبلها في أكثر من قضية.
*قلتم إنكم تحتفظون بحق الرد على إسرائيل؟
- الرد قد يكون دبلوماسياً أو سياسياً.
* وماذا عن الرد العسكري؟
- أنا لا أستطيع القول الآن أننا نمتلك الرد العسكري على إسرائيل لكن الردود يمكن أن تكون دبلوماسية وسياسية وقد تكون أكثر إيلاماً من أي رد آخر.
*سهولة المهمة قد تشجع إسرائيل لانتقاء أهداف أخرى أكثر حساسية؟
- نظرياً ذلك ممكن. لكن علشان نتعامل مع هذا الوضع لابد من أخذ كافة تفاصيل القضية في بعدها السياسي والأمني والعسكري، ونعالج القضية عبر كل هذه الأبعاد.
*هذه العمارة التي نجري في داخلها هذا الحوار قد تصبح هدفاً في لحظة ما؟
- من ناحية نظرية هذا ممكن.
*هل الحادثة بمثابة نكسة عسكرية؟
- هذا تلخيص يدلل على سوء فهم صاحبه، حسابات مواجهة التحالف الاستراتيجي الأمريكي الإسرائيلي حسابات مختلفة، وهذا لايعني أننا سنقف مكتوفي الأيدي بل سنواجهه وسنعمل مافي وسعنا للحد من خطورته (وفى النهاية النصر من عند الله) وإذا كتب علينا القتال سنقاتل إلى آخر نفس.
* قيل إنها النكسة الثانية بعد الهجوم على أم درمان في عهد الوزير الفريق أول عبد الرحيم محمد حسين؟
- لا أظن وجود مقارنة بين الحادثين ، الأول هجوم عسكري تم وفقاً لترتيبات عسكرية، وهذه ضربة خاطفة في ظرف معين فالأمران مختلفان.
*وماذا عن الذين يطالبونك بتقديم استقالتك؟
- أنا في موقع تكليف، متى ما أبلغتني الإدارة السياسية بانتهاء مهمتي بمشي باعتبار أنني لن أظل خالداً فيها، وهنالك قيادة تقيم الأداء ككل، ولا تقيم الأداء بجزئيات محددة، وعلى ضوئه إما أن تستمر أو تذهب (وبعدين أنا لو كنت ممتاز في كل الأعمال لابد أن يأتي يوم أمشي علشان يأتوا من بعدي شباب لإدارة الوزارة ).
*هل الجنوب يمكن أن يصبح منصة للتعامل الإسرائيلي مع الشمال في الفترة القادمة؟
- لا أستبعد ذلك، على الرغم من بذلنا جهوداً كثيرة جداً لجعل علاقتنا مع الجنوب ممتازة.
*كيف تنظرون للجنوب حاليا هل هو بمثابة عدو قائم أم هو فى خانة العدو المحتمل؟
- نحن نعمل على أسوأ الاحتمالات، بالرغم من أن مثل هذه التقديرات قد تعد ضعيفة، ولكن لدينا ترتيب لكل موقف، ولكن نعتقد أنه من الضرورة بمكان تركيز الجهود لتمتين العلاقات مع دولة الجنوب من ناحية إستراتيجية.
* الى أي مدى يمكن أن تنتقل أسلحة كيمائية من لييبا عبر السودان؟
- هذا الأمر وارد، هناك عدد كبير من جنسيات مختلفة تشارك قوات القذافي من أجل الذخائر والأسلحة، والاحتمال الأكبر دخول الأسلحة التقليدية.
 *هل الحادثة الأخيرة طرحت تساؤلات حول إعادة تقييم القوات المسلحة لأسلحتها وتقانتها العسكرية وتعاملها مع مختلف السيناريوهات؟
- القوات المسلحة فى عمليات تقييم مستمر، ولدينا مؤسسات متخصصة فى نقل التقانة وتحديثها، ويتم التحديث بصورة يومية.
* ولكن هناك حديث حول اهتمامكم بالمباني دون التقنية؟
- هذا ليس صحيحا، فقط المباني ترى ويمكن مشاهدتها، ولكن جهدنا فى المجال التقني والآليات هو أكبر، ويكفي شاهدا (الصافات)، ونحن الآن فى مجال التقانة العسكرية نصنف الدولة الرابعة إفريقيا، وأنا ألفت الى أن التقانة ليست كل شيء فأمريكا رغم امتلاكها أرقي التقنيات، إلا أنها لم تنتصر فى أفغانستان، ولا فيتنام، هذه الشعوب لم تمتلك التقانة ولكنهم صمدوا بفضل قوة الإرادة.
 

 

آراء