السودان الجديد.. جكسا فى خط 6 …. بقلم: عادل الباز

 


 

عادل الباز
21 June, 2010

 

مثل ما كرس بعض أهل المشروع الحضاري جهدهم لتحويله أداةً لمطاردة الخصل الشاردة، حوّل بعض أهل السودان الجديد مشروعهم الى أداة للدفاع عن الويسكي وجكسا فى خط 6. (الذين لايعرفون جكسا فى خط ستة عليهم الاتصال بصديق من جيل الستينات والسبعينات شرط أن يكون من أولاد أمدرمان لأن شرح ذلك يمكن أن يعرضنا لعقوبة الإعدام).

   بلا مناسبة أطل علينا السيد معتصم حاكم (المتورك) من فوق منبر جريدة الشروق المصرية أمس الأول معلنا أن الوحدة حاليا غير ممكنة بسبب منع الخمور بالشمال وتطبيق قانون النظام العام على ملابس النساء!! ثم قال -لافض فوه- إنهم سيدعمون انفصال الجنوب مؤقتا ريثما يعيدون الأمور الى نصابها.  ساعتها يمكن إعادة لحمة الوطن على أسس جديدة!!  بالله كده.

لو أن زعيم الحركة الشعبية التاريخي دكتور جون قرنق أطل من قبره وسمع  هرطقات حاكم ونظر للذين جاءوا إليه حاملين لافتاتهم يبشرون بدولة جنوب السودان لأطلق عليه  وعليهم  الرصاص مثل ما أطلقت أول رصاصة فى تاريخ الحركة على الانفصاليين. سيدرك قرنق أنهم إنما يغتالونه الآن.  القادة التاريخيون لايموتون إذا ما غيب الموت أجسادهم. إنما يُغيبَّون حين تغتال مشاريعهم الكبرى التى أنفقوا حياتهم فى تأسيسها والدفاع عنها.

يقول دكتور منصور خالد فى كتابة (جنوب السودان فى المخيلة العربية).... «عندما أطلق جون قرنق على عاصمة السودان الجديد كوش الجديدةnew  kush   سعى لتوجية إشارات. إشارة تقول لأهل الجنوب الذين يبتغون الانفصال أن خياركم هو بين التقوقع فى إقليم استوائي محدود وبين الانتماء الى بلد ذي جذور ضاربة فى القدم, وإشارة لأهل الشمال الذين يدعون لهوية سودانية منغلقة على الإسلام والعروبة تقول إن السودان الذى يجمعنا كلنا هو سودان استيعابي يقبل العروبة والإسلام كما يقبل إرثه النوبي والنوبي المسيحي والإفريقي, ويرى فى ذلك إثراء مشتركاً). أرأيتم كيف يمتد بصر المفكرين الى الآفاق الرحبة وكيف يقزّم السياسيون المشاريع العظيمة !!.

كيف يمكن لمشروع السودان الجديد أن يتحول بين ليلة وضحاها من مشروع يدافع عن المهمشين ويعبر عن أحلامهم لمشروع للدفاع عن المريسة واللائي يرتدين جكسا فى خط ستة؟. ليس لدينا مانع أن يواصل الانفصاليون وأتباعهم من الشماليين جهودهم الحثيثة لجعل الانفصال جاذبا. بل سنكون أول المهنئين متى أعلنت  دولة الجنوب. ولكن ليس معقولا ولا مقبولا أن يجعلوا السخافات والأسباب الهايفة أسبابا للانفصال. فليبحثوا عن ألف سبب يشحذون به أسلحتهم استعداداً لذبح الوطن؛ إلا تلك. فهي غير صالحة للاستخدام.  ثم هى لا تليق بمناضلين كافحوا عشرات السنين لأجل الحصول على حقوقهم المشروعة وبالنهاية يكرس كل ذلك لنصرة المريسة وجكسا فى خط ستة !!. هل هذه هى القضايا الحقيقية التى قاتل من أجلها الجنوبيون؟. إن الذين يروجون بجهل لمثل هذه الترهات إنما يقزمون أحلام الجنوبيين ويسفهون مشروعهم حتى مشروع حلمهم بوطن جديد يصبح بلا قيمة إنسانية  كبرى إذا كانت هذه أهدافه.

مايحزننا هو مسارعة الشماليين بالحركة إلى التحريض والبحث عن مسوغات للانفصال لاعلاقة لها بأجندة الجنوبيين، بل أصبحوا يزايدون على الجنوبيين الانفصاليين أنفسهم. كان العشم أن يصبح الشماليون بالحركة رسل وحدة لا بوم خراب ينعق بالانفصال وكأننا ناقصين انتباهيين جدد!!.  أكثر ما استغربت له هو قول السيد معتصم حاكم إنهم بعد الانفصال سيسعون لإعادة الوحدة على أسس جديدة!! طيب ياخي ما تعملها من هسع مفرتق البلد علشان تتعب تلمها تاني ليه؟. سأبشر الاخ معتصم حاكم أنه إذا ماقدر للانفصال أن يتحقق فإنه لا محالة سيعود أدراجه  الى أمريكا الوطن البديل، وسيرتاح من كل المهام النضالية التى بدأها بالاتحادي الديمقراطي المنادي بوحدة وادي النيل(سابقا) وانتهى بتقسيم السودان!! أبشره بأنه  لن يجد وطنا ,لاشمال ولا جنوب ليعمل على إعادة بنائه على أسس جديدة. سنكون جميعا وقتها فى سودان آخر هو سودان ماقبل محمد علي باشا. سمعتني ياباشا؟!

 

آراء