السودان: الهشاشة السياسية والطريق إلى الديمقراطية
سامر عوض حسين
17 February, 2023
17 February, 2023
مر السودان بفترة مضطربة من عدم الاستقرار السياسي والعنف حيث تم القضاء على التطلعات الديمقراطية للبلاد مرارًا وتكرارًا عن طريق الحكم العسكري الذي استمر لأعوام عديدة خلال حقب مختلفة من تاريخ البلاد. وعلى الرغم من ذلك فقد أعطى الانتقال السياسي الأخير الأمل للمواطنين السودانيين الذين يسعون إلى بناء دولة مستقرة وديمقراطية. ومع ذلك لا يزال طريق السودان نحو الديمقراطية هشًا وغير مؤكد ولا يزال البلد يواجه تحديات متعددة.
بدأ الانتقال السياسي الحالي في السودان في أبريل 2019 بعد انتفاضة شعبية أطاحت بالرئيس السابق عمر البشير الذي كان في السلطة لمدة ثلاثين عامًا. قوبل المجلس العسكري الذي حل محل البشير باحتجاجات عامة وضغط من المجتمع الدولي لتسليم السلطة إلى حكومة يقودها مدنيون. بعد أشهر من المفاوضات تم التوقيع على اتفاق لتقاسم السلطة أغسطس 2019 بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير وهو تحالف من مجموعات المجتمع المدني والأحزاب السياسية.
نصت اتفاقية تقاسم السلطة على تشكيل حكومة انتقالية تضم ممثلين عسكريين ومدنيين مع تفويض للحكم لمدة ثلاث سنوات حتى إجراء انتخابات ديمقراطية. وقاد رئيس الوزراء عبد الله حمدوك الحكومة وهو من التكنوقراط وخبير اقتصادي سابق في الأمم المتحدة تعهد بقيادة انتقال السودان إلى الديمقراطية.
على الرغم من هذا التقدم لا يزال الانتقال السياسي في السودان هشًا مع وجود العديد من التحديات التي تهدد بتقويض التطلعات الديمقراطية في البلاد. من أكثر التحديات إلحاحًا الأزمة الاقتصادية المستمرة التي تركت العديد من المواطنين السودانيين يكافحون لتغطية نفقاتهم. ارتفع معدل التضخم في البلاد وأدى نقص السلع الأساسية مثل الوقود والخبز إلى احتجاجات واسعة النطاق واضطرابات اجتماعية.
التحدي الكبير الآخر هو الوضع الأمني حيث يواجه السودان صراعات متعددة في أجزاء مختلفة من البلاد. كانت منطقة دارفور في غرب السودان موقعًا لصراع مستمر أودى بحياة مئات الآلاف من الأشخاص وشرد الملايين. بالإضافة إلى ذلك شهدت مناطق أخرى مثل جنوب كردفان والنيل الأزرق والولايات الشرقية أيضًا صراعات عطلت الحياة المدنية و أعاقت تنمية البلاد.
علاوة على ذلك لا يزال اتفاق تقاسم السلطة بين القادة العسكريين والمدنيين ضعيفًا مع استمرار بعض الفصائل العسكرية في ممارسة نفوذها على الحكومة. أظهرت محاولة الانقلاب الأخيرة التي قام بها مسؤولون عسكريون في سبتمبر 2021 هشاشة الانتقال السياسي الحالي وأكدت على الحاجة إلى تعاون أكبر بين القادة المدنيين والعسكريين.
يجب على الحكومة إعطاء الأولوية لحل النزاعات في البلاد. كان اتفاق السلام الموقع في أكتوبر 2020 مع الجماعات المسلحة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق خطوة مهمة نحو إنهاء النزاعات في هذه المناطق لكن التنفيذ لا يزال يمثل تحديًا. يجب أن تعمل الحكومة مع المجتمعات المحلية لضمان التنفيذ الكامل لاتفاقية السلام ومعالجة الأسباب الجذرية للنزاعات.
أخيرًا يجب على الحكومة ضمان أن تكون الانتخابات الديمقراطية المقبلة حرة ونزيهة وشفافة. يجب على الحكومة الانتقالية أن تخلق بيئة تسمح بمشاركة جميع الأحزاب السياسية ومجموعات المجتمع المدني وتضمن سلامة جميع المواطنين خلال العملية الانتخابية.
في الختام يوفر الانتقال السياسي الحالي في السودان الأمل في مستقبل أكثر استقرارًا وديمقراطية للبلاد. ومع ذلك لا يزال هذا المسار نحو الديمقراطية هشًا ويواجه السودان تحديات متعددة تهدد بتقويض التقدم المحرز حتى الآن. لضمان انتقال ناجح إلى الديمقراطية يجب على الحكومة معالجة الأزمة الاقتصادية وحل النزاعات في البلاد وضمان أن تكون الانتخابات المقبلة حرة ونزيهة. ولابد أن نعي بأن الطريق الديمقراطية طويل.. ولكنه ليس مستحيل.
د. سامر عوض حسين
17 فبراير 2023
samir.alawad@gmail.com
/////////////////////////
بدأ الانتقال السياسي الحالي في السودان في أبريل 2019 بعد انتفاضة شعبية أطاحت بالرئيس السابق عمر البشير الذي كان في السلطة لمدة ثلاثين عامًا. قوبل المجلس العسكري الذي حل محل البشير باحتجاجات عامة وضغط من المجتمع الدولي لتسليم السلطة إلى حكومة يقودها مدنيون. بعد أشهر من المفاوضات تم التوقيع على اتفاق لتقاسم السلطة أغسطس 2019 بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير وهو تحالف من مجموعات المجتمع المدني والأحزاب السياسية.
نصت اتفاقية تقاسم السلطة على تشكيل حكومة انتقالية تضم ممثلين عسكريين ومدنيين مع تفويض للحكم لمدة ثلاث سنوات حتى إجراء انتخابات ديمقراطية. وقاد رئيس الوزراء عبد الله حمدوك الحكومة وهو من التكنوقراط وخبير اقتصادي سابق في الأمم المتحدة تعهد بقيادة انتقال السودان إلى الديمقراطية.
على الرغم من هذا التقدم لا يزال الانتقال السياسي في السودان هشًا مع وجود العديد من التحديات التي تهدد بتقويض التطلعات الديمقراطية في البلاد. من أكثر التحديات إلحاحًا الأزمة الاقتصادية المستمرة التي تركت العديد من المواطنين السودانيين يكافحون لتغطية نفقاتهم. ارتفع معدل التضخم في البلاد وأدى نقص السلع الأساسية مثل الوقود والخبز إلى احتجاجات واسعة النطاق واضطرابات اجتماعية.
التحدي الكبير الآخر هو الوضع الأمني حيث يواجه السودان صراعات متعددة في أجزاء مختلفة من البلاد. كانت منطقة دارفور في غرب السودان موقعًا لصراع مستمر أودى بحياة مئات الآلاف من الأشخاص وشرد الملايين. بالإضافة إلى ذلك شهدت مناطق أخرى مثل جنوب كردفان والنيل الأزرق والولايات الشرقية أيضًا صراعات عطلت الحياة المدنية و أعاقت تنمية البلاد.
علاوة على ذلك لا يزال اتفاق تقاسم السلطة بين القادة العسكريين والمدنيين ضعيفًا مع استمرار بعض الفصائل العسكرية في ممارسة نفوذها على الحكومة. أظهرت محاولة الانقلاب الأخيرة التي قام بها مسؤولون عسكريون في سبتمبر 2021 هشاشة الانتقال السياسي الحالي وأكدت على الحاجة إلى تعاون أكبر بين القادة المدنيين والعسكريين.
يجب على الحكومة إعطاء الأولوية لحل النزاعات في البلاد. كان اتفاق السلام الموقع في أكتوبر 2020 مع الجماعات المسلحة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق خطوة مهمة نحو إنهاء النزاعات في هذه المناطق لكن التنفيذ لا يزال يمثل تحديًا. يجب أن تعمل الحكومة مع المجتمعات المحلية لضمان التنفيذ الكامل لاتفاقية السلام ومعالجة الأسباب الجذرية للنزاعات.
أخيرًا يجب على الحكومة ضمان أن تكون الانتخابات الديمقراطية المقبلة حرة ونزيهة وشفافة. يجب على الحكومة الانتقالية أن تخلق بيئة تسمح بمشاركة جميع الأحزاب السياسية ومجموعات المجتمع المدني وتضمن سلامة جميع المواطنين خلال العملية الانتخابية.
في الختام يوفر الانتقال السياسي الحالي في السودان الأمل في مستقبل أكثر استقرارًا وديمقراطية للبلاد. ومع ذلك لا يزال هذا المسار نحو الديمقراطية هشًا ويواجه السودان تحديات متعددة تهدد بتقويض التقدم المحرز حتى الآن. لضمان انتقال ناجح إلى الديمقراطية يجب على الحكومة معالجة الأزمة الاقتصادية وحل النزاعات في البلاد وضمان أن تكون الانتخابات المقبلة حرة ونزيهة. ولابد أن نعي بأن الطريق الديمقراطية طويل.. ولكنه ليس مستحيل.
د. سامر عوض حسين
17 فبراير 2023
samir.alawad@gmail.com
/////////////////////////