السودان بين السندان والمطرقة ! ها أنذا درب يتمرغ في عتمة أرقام بحثا عن زمن كان لنا عن وطن كنا فيه عن وطن أعمى كالتيه أتمنى لو أدفن فيه بلند الحيدري

 


 

 

بقلم : حسن ابوزينب عمر

(1)
حالنا الآن يغني عن السؤال .. بلد كئيب ممحون يجره شذاذ آفاق من افق الى افق ومن نفق الى نفق فقد اتسعت مساحة أحزان وجراحات الوطن في سباق محموم منزوع الرحمة مآلاته تنتهي دائما لتعذيب الانسان السوداني ..بلد تطاولت آلامه وتضاءلت آماله وتصفع وجوهنا صباح مساء دموع النساء وبكاء الأطفال وأنات الرجال المشردون والهائمون على وجوههم والهاربون الى المجهول في أرض المساليت والجزيرة من جرائم ورائها عصابات (آل دقلو) حينا وبراميل المتفجرات العشوائية التي تمطرها الطائرات حينا آخر.
(2)
لن ينسى ولن يغفر أحد دور البشير الذي زرع اللغم (الدعم السريع) عال الإبادة خطير النتائج في أرض السودان ثم تعهد برعايته البرهان حتى أصبح أقوى من الجيش ..انها لعنة ستطارده الى يوم الدين . وبعيدا عن الكذب والتلفيق واتهامات الزور فلا يمكن لأحد أن يتجاهل دوره في تقويض التحول الديموقراطي حينما انقلب على حكومة حمدوك واعتقل رئيسها ..لن ينسى أحد دوره ومراوغته وهو يعيد بالتقسيط المريح وبالأبواب الخلفية فلول الكيزان الذين دمروا البلاد بصورة ممنهجة على مدار ثلاثون عاما عجاف .
(3)
قوائم التقويض والاعتداءات لا تحصى وقد ظهرت في محطات كثيرة كان أخطرها قضية تتريس (عقبة سنكات ) من قبل ترك وأنصاره قرابة الشهرين وانتهى ذلك الى شل العمل في الميناء حينما أوشكت شركات التأمين وضع منفذ السودان الأول في القائمة السوداء لغياب الأمن والسلامة .. أمام هذا لاذ البرهان بالصمت ولم يكن صمته وقتذاك ايمانا بقضية الشرق ولم يكن رفضا للتهميش بل لم يكن حبا في سواد عيون البجا انما كان حربا على حكومة الدكتور حمدوك ووضع المتاريس أمامها للإيعاز بأنه فشل في المهمة التي وكلت له وليس أمامه سوى الاستسلام والركوع على الركبة وتسليم السلطة.
(4)
كان الرجل ينفذ وقتها رؤيا والده بأنه حلم به وهو رئيسا للبلاد وهو الآن يخوض أو يسوط في مصير البلاد والعباد الى نهاياته رغم تأكيداته ان الحرب ستطول ومع ذلك لا يريد أن يرى الحلم هشيما تزروه الرياح حتى اذا انتهي المآل الى تفتيت السودان ..حليلك يا ميرغني المأمون وأحمد حسن جمعة فمن يفهم ومن يسمع وانتما تترنمان (جدودنا زمان وصونا على الوطن بترابه الغالي المالي ثمن ) .. لم يعد الوطن يا مصطفى التني مزروعا في (الفؤاد وترعاه العناية) ..الوطن الآن أشبه بالأندلس الذي نعاه رئيس الوزراء الأسبق محمد أحمد محجوب في رائعته (الفردوس المفقود) التي كانت ضمن مقررات مدارس دول الخليج
(5)
نزلت شطك بعد البين ولهانا فذقت فيك من التبريح ألوانا وسرت فيك غريبا ظل سامره دارا وشوقا وأحبابا وأخوانا فلا اللسان لسان العرب نعرفه ولا الزمان كما كنا وماكانا ولا الخمائل تشجينا بلابلها ولا النسيم سقاه الطل يلقانا ولا المساجد يسعى في مآذنها مع العشيات صوت الله ريانا لم يبقى فيك سوى ذكرى تؤرقنا وغير دار هوى أصغت لنجوانا هذه فلسطين كادت والوغى دول تكون اندلسا أخرى وأحزانا
(6)
الوطن أصبح الآن أشبه بطائرة مختطفة نحو المجهول تطير بسرعة الصوت تصطدم بمطبات هوائية أخطرها الصراع على كرسي السلطة ولكن لأننا نسافر في مغامرة متهورة غير مسبوقة وغير متوقعة فلابد أن ننظر الى الوجه الآخر من العملة فكما تقول انديرا غاندي ابنة جواهر لال نهرو وهي المرأة الوحيدة التي تولت منصب رئيس الوزراء في الهند ذات مرة Things are not always either black or white (الأمور ليست دائما اما سوداء أو بيضاء).
(7)
الوجه الآخر من عملة المأساة التي تعتصرنا هم (آل دقلو) (بئس المولود الذي جاءت به الإنقاذ) فقد أثبتت الأيام ان المبادئ والأهداف التي بشرت بها هذه (الأسرة الضالة) أهل الهامش بالوقوف بصلابة ضد الظلم وسيادة دولة القانون والديموقراطية كان ذرا للرماد في العيون ولو طبقوا واحدا في المائة مما وعدوا به لوجدوا ترحابا من الكثيرين من أهل الهامش الحالمون بحياة أفضل ولكن ما حدث لم يكن وما توقعوه وهم ينتظرون الانصاف يفوق كل تصور (فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُواْ هذا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا ۚ بَلْ هُوَ مَا استعجلتم به ۖ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ) . سورة الأحقاف الآية 24 .
(8)
لو سار حميدتي في درب العدالة ورفض الظلم كما سار السادات في درب عبد الناصر ب(الاستيكة) كما يقول الأشقاء المصريون لهان الأمر لكن هذا (الدراكولا) كشف عن وجه الحقيقي لميلشيات مجرمة اثمة ليست كالخفافيش تعيش على مص الدماء في الظلام الدامس بل تمصها في رابعة النهار.
(9)
مهما كانت تجاوزات البرهان فان الذي نعيشه الآن من اعتداءات يندى لها الجبين وجرائم تشيب منها رؤوس الأجنة في ارحام النساء من انتهاكات تستهدف أكثر الشرائح ضعفا في أرض المساليت أو الجزيرة من تهجير اجباري وطرد قسري لإحلال عرب الشتات (النيجر وتشاد ومالي) وضعنا كلنا في خانة الجيش دفاعا عن الأرض والعرض رغم الايمان بعدمية وجود أطواق أخرى تنقذنا من الغرق المحتوم سوى نظام ديموقراطي يقود البلاد الى بر الأمان ففي النهاية فان الجيش هو جيش السودان بصرف النظر عمن يقوده.
(10)
أن من حق المواطن الأعزل الذي يعيش في القرى الهادئة الواعدة في بيوت آمنة مفتوحة على بعضها يكدح سحابة يومه لتحقيق حد الكفاف وراض عن ما قسمه الله له اذ ان الحكومات حتى المدنية لم تكن تزوره الا فترة الانتخابات لجمع الأصوات ورغم ذلك يتعرض الآن رجاله للإذلال والاهانة وتتعرض نساءه العفيفات الطاهرات لأبشع الانتهاكات أمام أزواجهن وأبنائهن .
(11)
أقول أوليس من حقه أن يتساءل لماذا لا يمارس الدكتور حمدوك ورهطه من الحرية والتغيير ضغوطا أو نصحا على من تجمعهم به علاقة تواصل من قيادات الدعم السريع للكف عن استهداف المدنيين الذي تحرم وتطالب كل الشرائع والأعراف الدينية والمدنية في العالم حمايتهم ما ذنبهم أوليسوا سودانيين مثلنا .. أوليسوا أخوة وأبناء وآباء وأمهات وأخوات وبنات لنا ؟ ..هذه الأسئلة وغيرها سمعتها وسمعها الآخرون وذرفنا كلنا الدموع بطعم الدم مصدرها نساء ينتحبن وقد منعهن الحياء من كشف وجوههن .. يسردن قصصا تفوق الخيال من اغتصابات تعرضن لها ومن إطلاق رصاص بدم بارد على أزواجهم وأبنائهم أمامهن بعد تجريدهم من النقود والذهب وكل الممتلكات فهل من مجيب ؟؟؟؟

oabuzinap@gmail.com

 

آراء