السودان بين المبادرات والمناورات
أسماء الحسينى
19 July, 2023
19 July, 2023
دخل الصراع في السودان شهره الرابع، وما زال الموت والدمار والخراب متواصلا ، وما زال السودانيون غارقون في الكرب والألم والعذاب، سواء أولئك الذين بقوا في بلدهم تحت الحصار يلاحقهم القصف والنيران، أو أولئك المشردين أو النازحين أو اللاجئين الذين تقطعت بهم السبل ويحلمون بالعودة إلى موطنهم وبيوتهم، وانتهاء هذا الكابوس الذي أحال حياتهم جحيما.
و بينما تتوالى وتتعدد المبادرات المطروحة التي تضيق الخناق على طرفي القتال من أجل وقف الصراع الدائر الذي يبدو أنه أنهكهما في حرب لا يبدو أنها من السهل حسمها عسكريا، وقد نقلت الحرب قيادات طرفي الصراع من فخامة القصور والمنازل والمواقع التي كانوا يتمتعون بها قبل الحرب إلى خنادق القتال والمخابئ والحطام، ورغم أن التصريحات التي صدرت عن هذه القيادات مؤخرا بشأن رغبتها في إنهاء الحرب والحل السلمي تبدو إيجابية، ورحبت بها قوى سياسية عديدة، فإن شكوكا عديدة لا زالت تحيط بمصداقيتها ومدى رغبة هذه القيادات الحقيقية أو قدرتها على وقف الحرب والتوجه لسلام حقيقي، وربما جاءت هذه التصريحات الإيجابية تحت وطأة الضغوط الدولية والإقليمية واستجابة لمستشارين نصحوا بها تفاديا للعقوبات والاستهداف ومداراة المجتمع الدولي، لكن المؤكد أنهم لن يستطيعوا المناورة طويلا، أو اللعب على حبال المبادرات المتعددة.
وقد عاد وفدا الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى جدة لاستئناف المفاوضات التي أعلن عن تعليقها إلى أجل غير مسمى منذ يونيو الماضي، يأتي ذلك على وقع استمرار المعارك في الخرطوم ودارفور التي بلغت ذروتها الأيام الماضية، في محاولة ربما من كلا الطرفين لتحقيق تقدم على الأرض، يمكن أن ينعكس على موقفه على طاولة المفاوضات.
وقد كان لافتا إعلان الفريق شمس الدين كباشي نائب القائد العام للجيش السوداني أنهم منفتحون على أي مبادرة لوقف الحرب، ودعم حوار سياسي موسع وشامل، يفضي إلى تشكيل حكومة مدنية تقود المرحلة الانتقالية وتهيئ البلاد للانتخابات، وأنهم منفتحون على أي مبادرة جادة لوقف الحرب تضمن الحفاظ على السيادة الوطنية، واعتبر المبادرة السعودية الأمريكية متقدمة، وهو ما فسره البعض بأن هناك مجموعة داخل الجيش السوداني تتحرك من أجل وقف الحرب العبثية، وأنها إشارة مهمة تفتح الباب أمام تفاوض حقيقي في جدة، وأنها تعبر عن قرار من قيادة الجيش، وهو أمر يدعو للترحيب كونه يصب في التيار الشعبي العام الداعي لوقف الصراع، ويوجه أكبر هزيمة لدعاة الحرب.
بينما رأى آخرون أن كباشي أراد بتصريحاته هذه إرسال رسائل للمجتمع الدولي والإقليمي وللمبادرات المطروحة أن الجيش السوداني منحاز للحوار، وأنه يرفض الحرب، وأن هذه الحرب فرضت عليه، وأنه لا داعي لفرض العقوبات عليه، أو المسارعة بإدخال قوات إقليمية إلى السودان.
وكانت الآلية الرباعية التي شكلتها منظمة "إيجاد" قد دعت دول القوة الاحتياطية لشرق أفريقيا "إيساف" للانعقاد من أجل النظر في إمكانية نشر القوة الاحتياطية لحماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية، وهي الخطوة التي رفضها الجيش السوداني، فيما رحب بها الدعم السريع.
وفي الوقت ذاته، أعلن قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) تشكيل لجنة اتصال مع القوى السياسية والحركات المسلحة للتوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة في السودان، مؤكدا أن ذلك يأتي التزاما بمبدأ الحوار كضرورة أساسية للتوصل إلى حل سياسي شامل، نظرا للتطورات التي يشهدها السودان بسبب الحرب، التي يقتضي إنهاؤها إجراء مشاورات واسعة النطاق بغية معالجة جذور الأزمة الوطنية المتراكمة، والوصول إلى حل شامل يعالج الأزمة المستمرة والحرب الراهنة بمشاركة جميع القوى السياسية، كما رشحت أنباء عن لقاء جمع قيادات من حركة العدل والمساواة بقائد ثاني قوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو في تشاد، وأن اللقاء بحث وضع خارطة سياسية تنهي الحرب الدائرة، وهو ما وصف بأنه محاولة لتبييض الوجه ونفي الاتهامات بالتجاوزات والجرائم بحق المواطنين من قبل قوات الدعم السريع.
وتأتي مواقف الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بعد العديد من الضغوط الدولية والإقليمية، من طرح قضية التدخل العسكري ونزع سلاح الخرطوم من قبل منظمة إيجاد، كما شهدت الأيام الماضية قيام بريطانيا بفرض عقوبات على 6 شركات مرتبطة بطرفي الصراع اتهمتها بتأجيج الصراع المدمر في السودان عن طريق تمويل وتسليح المتحاربين، وتضمن العقوبات تجميد أي أرصدة في المملكة المتحدة لهذه الشركات ومنع الشركات والمواطنين البريطانيين من التعامل معها ، وذلك على غرار الخطوة التي اتخذتها واشنطن من قبل على هذا الصعيد في شهر مايو الماضي، ويرى مراقبون أن المزيد من العقوبات تلوح في الأفق على من يعرقل وقف الحرب ويستهدف المدنيين.
ومن جانبه، كشف المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان عن فتح تحقيق جديد في جرائم حرب في إقليم دارفور بغرب السودان، داعيا إلى عدم السماح للتاريخ أن يعيد نفسه في إشارة للجرائم التي وقعت في الإقليم خلال فترة عهد الرئيس السابق المعزول عمر البشير منذ عام 2003، وقال كريم خان أمام مجلس الأمن إن سكان دارفور يعيشون حالة من عدم اليقين والمعاناة، وأشار إلى مجموعة واسعة من المعلومات المتعلقة بجرائم حرب وجرائم مفترضة ضد الإنسانية منذ بدء المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في 15 أبريل الماضي، وتحدث عن عمليات نهب وحرق للمنازل وإعدامات خارج نطاق القضاء وجرائم ضد الأطفال وجرائم جنسية وعنف قائم على النوع الاجتماعي، وقد أشادت الولايات المتحدة بتحقيق المحكمة الجنائية الدولية الجديد.
وفي الوقت نفسه، تستمر الانقسامات بين القوى المدنية، ففي الوقت الذي يسعى وفد من قيادات قوى الحرية والتغيير والقوى المدنية لزيارة العواصم الإقليمية بدأت بكمبالا ثم انجمينا وأديس أبابا، ومن المقرر أن يواصل الوفد جولاته في عواصم أخرى، للمطالبة بإنهاء الحرب، وضرورة إيجاد حل سياسي شامل وعادل يقود إلى جيش واحد قومي ومهني وحكم مدني ديمقراطي وسلام مستدام، ، وجهت لهذه التحركات اتهامات بالخيانة من الخصوم، وانتقادات من أطراف حتى من داخل قوى الحرية والتغيير، قالت إنه كان الأولى بقيادات الوفد الالتقاء مع القوى السودانية الأخرى مثل الحزب الشيوعي والكتلة الديمقراطية والحركات المسلحة وباقي القوى السودانية قبل لقاء القوى الإقليمية، للاتفاق على رؤية لوقف الحرب، لأن ذهاب الوفد منفردا يعني استمرار الانقسام المدني، وأنه إن عجز المدنيون عن التواصل فيما بينهم، فهم عن وقف الحرب أعجز، وشكك آخرون أن جولتهم كانت لحشد التأييد للدعم السريع وأن ذلك يباعد بينهم وبين قواعد جماهيرية عريضة تدعم الجيش وأخرى تفضل الحياد وترفض الانحياز، بينما قالت مصادر في قوى الحرية والتغيير أن هذه الانتقادات هي كلمة حق أريد بها باطل، وأن قياداتها الذين خرجوا من السودان كانوا معرضين للاستهداف والقتل والاغتيال، وخرجوا لإعلاء الصوت المدني وشرح وجهة نطر الشعب السوداني، ومن أجل وقف نزيف الدم في السودان ووقف الحرب، ثم العمل من أجل مشاركة المدنيين في أي مفاوضات من أجل إحلال السلام وفي العملية السياسية من أجل الانتقال الديمقراطي، وأكدت مصادر قوى الحرية والتغيير أن وجود هذا الصوت المدني الذي تعمل في الوقت ذاته على توحيده مع باقي القوى الأخرى المنحازة للتحول الديمقراطي سيكون مؤثرا وسيملأ الفراغ الحالي، حتى لا يرسم حملة السلاح المسار المستقبلي للسودان، أو يترك الأمر للإسلاميين من فلول النظام السابق الذين يريدون استمرار الحرب.
وعلى صعيد آخر لا تزال قوى مدنية أخرى تناصب ما يعرف بقوى الاتفاق الإطاري العداء، وهو الاتفاق الذي كان مقررا التوقيع على وثيقته النهائية قبيل اندلاع الحرب، وكل ذلك يؤكد أن المكون المدني لم يستفد حتى الآن من دروس أفرزتها نيران الحرب الشعواء في السودان، كما يؤكد أن المكون المدني تقع عليه مسئولية تاريخية مفادها، توجب الإسراع بوقف الانقسامات داخله، وتقديم أجندة الوطن على الأجندات الشخصية والطائفية والأيدولوجية والمناطقية المختلفة، التي فتحت الباب لكل هذا الخراب الذي يدمر السودان، حيث أن استمرار انقسامات المدنيين هو أمر مضر، وستكون له انعكاسات هائلة على الحل الذي يتشكل الآن في السودان.
يأتي ذلك في وقت، يأمل كثيرون أن تتوحد الوساطات المطروحة بشأن السودان، ويعتبرون أن استمرار تعدد الوساطات والمنابر هو أمر مضر، ويتوقع البعض أن تشهد مفاوضات جدة تطورات إيجابية، وأن يتم إشراك الوساطات الأخرى المطروحة فيها، لا سيما وساطات منظمة إيجاد والاتحاد الأفريقي ودول جوار السودان التي قادتها مصر مؤخرا، من أجل إنجاح جهود وقف الحرب، ويخشى كثيرون أن يفتح تعدد الوساطات الباب أمام طرفي الصراع في السودان من أجل إضاعة الوقت والتحايل والمماطلة، ومن ثم إطالة أمد الصراع وتعقيده أكثر فاكثر، وهو الأمر الذي يوسع رقعته في داخل السودان، وتأثيراته الكارثية على كل دول جواره والمنطقة بأسرها، كما يفتح الباب على مصراعيه للتدخل الدولي والمساس بسيادة السودان ووحدته وسلامة أراضيه، واستمرار المعاناة الإنسانية الهائلة لمواطنيه.
و بينما تتوالى وتتعدد المبادرات المطروحة التي تضيق الخناق على طرفي القتال من أجل وقف الصراع الدائر الذي يبدو أنه أنهكهما في حرب لا يبدو أنها من السهل حسمها عسكريا، وقد نقلت الحرب قيادات طرفي الصراع من فخامة القصور والمنازل والمواقع التي كانوا يتمتعون بها قبل الحرب إلى خنادق القتال والمخابئ والحطام، ورغم أن التصريحات التي صدرت عن هذه القيادات مؤخرا بشأن رغبتها في إنهاء الحرب والحل السلمي تبدو إيجابية، ورحبت بها قوى سياسية عديدة، فإن شكوكا عديدة لا زالت تحيط بمصداقيتها ومدى رغبة هذه القيادات الحقيقية أو قدرتها على وقف الحرب والتوجه لسلام حقيقي، وربما جاءت هذه التصريحات الإيجابية تحت وطأة الضغوط الدولية والإقليمية واستجابة لمستشارين نصحوا بها تفاديا للعقوبات والاستهداف ومداراة المجتمع الدولي، لكن المؤكد أنهم لن يستطيعوا المناورة طويلا، أو اللعب على حبال المبادرات المتعددة.
وقد عاد وفدا الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى جدة لاستئناف المفاوضات التي أعلن عن تعليقها إلى أجل غير مسمى منذ يونيو الماضي، يأتي ذلك على وقع استمرار المعارك في الخرطوم ودارفور التي بلغت ذروتها الأيام الماضية، في محاولة ربما من كلا الطرفين لتحقيق تقدم على الأرض، يمكن أن ينعكس على موقفه على طاولة المفاوضات.
وقد كان لافتا إعلان الفريق شمس الدين كباشي نائب القائد العام للجيش السوداني أنهم منفتحون على أي مبادرة لوقف الحرب، ودعم حوار سياسي موسع وشامل، يفضي إلى تشكيل حكومة مدنية تقود المرحلة الانتقالية وتهيئ البلاد للانتخابات، وأنهم منفتحون على أي مبادرة جادة لوقف الحرب تضمن الحفاظ على السيادة الوطنية، واعتبر المبادرة السعودية الأمريكية متقدمة، وهو ما فسره البعض بأن هناك مجموعة داخل الجيش السوداني تتحرك من أجل وقف الحرب العبثية، وأنها إشارة مهمة تفتح الباب أمام تفاوض حقيقي في جدة، وأنها تعبر عن قرار من قيادة الجيش، وهو أمر يدعو للترحيب كونه يصب في التيار الشعبي العام الداعي لوقف الصراع، ويوجه أكبر هزيمة لدعاة الحرب.
بينما رأى آخرون أن كباشي أراد بتصريحاته هذه إرسال رسائل للمجتمع الدولي والإقليمي وللمبادرات المطروحة أن الجيش السوداني منحاز للحوار، وأنه يرفض الحرب، وأن هذه الحرب فرضت عليه، وأنه لا داعي لفرض العقوبات عليه، أو المسارعة بإدخال قوات إقليمية إلى السودان.
وكانت الآلية الرباعية التي شكلتها منظمة "إيجاد" قد دعت دول القوة الاحتياطية لشرق أفريقيا "إيساف" للانعقاد من أجل النظر في إمكانية نشر القوة الاحتياطية لحماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية، وهي الخطوة التي رفضها الجيش السوداني، فيما رحب بها الدعم السريع.
وفي الوقت ذاته، أعلن قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) تشكيل لجنة اتصال مع القوى السياسية والحركات المسلحة للتوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة في السودان، مؤكدا أن ذلك يأتي التزاما بمبدأ الحوار كضرورة أساسية للتوصل إلى حل سياسي شامل، نظرا للتطورات التي يشهدها السودان بسبب الحرب، التي يقتضي إنهاؤها إجراء مشاورات واسعة النطاق بغية معالجة جذور الأزمة الوطنية المتراكمة، والوصول إلى حل شامل يعالج الأزمة المستمرة والحرب الراهنة بمشاركة جميع القوى السياسية، كما رشحت أنباء عن لقاء جمع قيادات من حركة العدل والمساواة بقائد ثاني قوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو في تشاد، وأن اللقاء بحث وضع خارطة سياسية تنهي الحرب الدائرة، وهو ما وصف بأنه محاولة لتبييض الوجه ونفي الاتهامات بالتجاوزات والجرائم بحق المواطنين من قبل قوات الدعم السريع.
وتأتي مواقف الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بعد العديد من الضغوط الدولية والإقليمية، من طرح قضية التدخل العسكري ونزع سلاح الخرطوم من قبل منظمة إيجاد، كما شهدت الأيام الماضية قيام بريطانيا بفرض عقوبات على 6 شركات مرتبطة بطرفي الصراع اتهمتها بتأجيج الصراع المدمر في السودان عن طريق تمويل وتسليح المتحاربين، وتضمن العقوبات تجميد أي أرصدة في المملكة المتحدة لهذه الشركات ومنع الشركات والمواطنين البريطانيين من التعامل معها ، وذلك على غرار الخطوة التي اتخذتها واشنطن من قبل على هذا الصعيد في شهر مايو الماضي، ويرى مراقبون أن المزيد من العقوبات تلوح في الأفق على من يعرقل وقف الحرب ويستهدف المدنيين.
ومن جانبه، كشف المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان عن فتح تحقيق جديد في جرائم حرب في إقليم دارفور بغرب السودان، داعيا إلى عدم السماح للتاريخ أن يعيد نفسه في إشارة للجرائم التي وقعت في الإقليم خلال فترة عهد الرئيس السابق المعزول عمر البشير منذ عام 2003، وقال كريم خان أمام مجلس الأمن إن سكان دارفور يعيشون حالة من عدم اليقين والمعاناة، وأشار إلى مجموعة واسعة من المعلومات المتعلقة بجرائم حرب وجرائم مفترضة ضد الإنسانية منذ بدء المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في 15 أبريل الماضي، وتحدث عن عمليات نهب وحرق للمنازل وإعدامات خارج نطاق القضاء وجرائم ضد الأطفال وجرائم جنسية وعنف قائم على النوع الاجتماعي، وقد أشادت الولايات المتحدة بتحقيق المحكمة الجنائية الدولية الجديد.
وفي الوقت نفسه، تستمر الانقسامات بين القوى المدنية، ففي الوقت الذي يسعى وفد من قيادات قوى الحرية والتغيير والقوى المدنية لزيارة العواصم الإقليمية بدأت بكمبالا ثم انجمينا وأديس أبابا، ومن المقرر أن يواصل الوفد جولاته في عواصم أخرى، للمطالبة بإنهاء الحرب، وضرورة إيجاد حل سياسي شامل وعادل يقود إلى جيش واحد قومي ومهني وحكم مدني ديمقراطي وسلام مستدام، ، وجهت لهذه التحركات اتهامات بالخيانة من الخصوم، وانتقادات من أطراف حتى من داخل قوى الحرية والتغيير، قالت إنه كان الأولى بقيادات الوفد الالتقاء مع القوى السودانية الأخرى مثل الحزب الشيوعي والكتلة الديمقراطية والحركات المسلحة وباقي القوى السودانية قبل لقاء القوى الإقليمية، للاتفاق على رؤية لوقف الحرب، لأن ذهاب الوفد منفردا يعني استمرار الانقسام المدني، وأنه إن عجز المدنيون عن التواصل فيما بينهم، فهم عن وقف الحرب أعجز، وشكك آخرون أن جولتهم كانت لحشد التأييد للدعم السريع وأن ذلك يباعد بينهم وبين قواعد جماهيرية عريضة تدعم الجيش وأخرى تفضل الحياد وترفض الانحياز، بينما قالت مصادر في قوى الحرية والتغيير أن هذه الانتقادات هي كلمة حق أريد بها باطل، وأن قياداتها الذين خرجوا من السودان كانوا معرضين للاستهداف والقتل والاغتيال، وخرجوا لإعلاء الصوت المدني وشرح وجهة نطر الشعب السوداني، ومن أجل وقف نزيف الدم في السودان ووقف الحرب، ثم العمل من أجل مشاركة المدنيين في أي مفاوضات من أجل إحلال السلام وفي العملية السياسية من أجل الانتقال الديمقراطي، وأكدت مصادر قوى الحرية والتغيير أن وجود هذا الصوت المدني الذي تعمل في الوقت ذاته على توحيده مع باقي القوى الأخرى المنحازة للتحول الديمقراطي سيكون مؤثرا وسيملأ الفراغ الحالي، حتى لا يرسم حملة السلاح المسار المستقبلي للسودان، أو يترك الأمر للإسلاميين من فلول النظام السابق الذين يريدون استمرار الحرب.
وعلى صعيد آخر لا تزال قوى مدنية أخرى تناصب ما يعرف بقوى الاتفاق الإطاري العداء، وهو الاتفاق الذي كان مقررا التوقيع على وثيقته النهائية قبيل اندلاع الحرب، وكل ذلك يؤكد أن المكون المدني لم يستفد حتى الآن من دروس أفرزتها نيران الحرب الشعواء في السودان، كما يؤكد أن المكون المدني تقع عليه مسئولية تاريخية مفادها، توجب الإسراع بوقف الانقسامات داخله، وتقديم أجندة الوطن على الأجندات الشخصية والطائفية والأيدولوجية والمناطقية المختلفة، التي فتحت الباب لكل هذا الخراب الذي يدمر السودان، حيث أن استمرار انقسامات المدنيين هو أمر مضر، وستكون له انعكاسات هائلة على الحل الذي يتشكل الآن في السودان.
يأتي ذلك في وقت، يأمل كثيرون أن تتوحد الوساطات المطروحة بشأن السودان، ويعتبرون أن استمرار تعدد الوساطات والمنابر هو أمر مضر، ويتوقع البعض أن تشهد مفاوضات جدة تطورات إيجابية، وأن يتم إشراك الوساطات الأخرى المطروحة فيها، لا سيما وساطات منظمة إيجاد والاتحاد الأفريقي ودول جوار السودان التي قادتها مصر مؤخرا، من أجل إنجاح جهود وقف الحرب، ويخشى كثيرون أن يفتح تعدد الوساطات الباب أمام طرفي الصراع في السودان من أجل إضاعة الوقت والتحايل والمماطلة، ومن ثم إطالة أمد الصراع وتعقيده أكثر فاكثر، وهو الأمر الذي يوسع رقعته في داخل السودان، وتأثيراته الكارثية على كل دول جواره والمنطقة بأسرها، كما يفتح الباب على مصراعيه للتدخل الدولي والمساس بسيادة السودان ووحدته وسلامة أراضيه، واستمرار المعاناة الإنسانية الهائلة لمواطنيه.