السودان وحكم الجهلاء
م. عثمان الطيب
25 May, 2023
25 May, 2023
لن يستقيم أمر قوم، ولن يكون لهم شأن، إلا بصلاح قادتهم وحسن تدبيرهم، ولا يتم ذلك إلا بأمرين، هما العلم والأخلاق، فإن حاولنا إختبار هذين الشرطين في حكام السودان وقادته فسندرك في الحال لماذا يتردي حال البلاد كل يوم، ويرذل القوم كل عام، حيث يمكن لأي مغامر أو مسلح أو عميل أو مخبول أن يحكم أقاليم هذه البلاد المنكوبة عنوة بلا مقاومة أو محاسية أو إعتراض.
ففي الدول المتمدنة التي لا تستحقر فيها الشعوب ، لا ينال شرف المناصب العليا إلا من ثبت تفوقه علي غيره ذكاء وتدبيرا وتحملا ، عبر إجراءات قاسية وطويلة ، تشمل الإختيار والتدقيق والتمحيص والمناظرات والإنتخابات الحقيقية التي لا مجال فيها للعبث والمجاملة، حتي يتم أختيار من يؤتمن علي مصير الأمة ومصالح البلاد، وهذا ما قد يفسر بصورة كبيرة أسباب تقدم وتخلف بلاد العالم شرقا وغربا.
فمثلا قد لا يعلم البعض أن انجيلا ميركل ، مستشارة المانيا ، هي عالمة أبحاث سابقة ، وتحمل شهادة دكتوراه في الكيمياء الفيزيائية ومن ثم ولجت عالم الأحزاب والسياسة ، وتدرجت في المناصب حتي وصلت أعلي منصب في البلاد بفضل ذكائها وحكمتها وأخلاقها ، وبفضل هذه المزايا العظيمة ، إستطاعت قيادة الأمة الالمانية من نجاح إلي نجاح في عالم مضطرب يذخر بالحروب والعقبات.
أما في فرنسا، فقد درس رئيس وزراء البلاد، امانويل فردريك ماكرون، الفلسفة ثم حاز درجة الماجستير من معهد الدراسات السياسية بباريس، قبل أن يتخرج من المدرسة الوطنية للإدارة، وهي مدرسة النخبة في فرنسا، والتى يدخلها ألمع طلاب البلاد من كافة المجالات والتخصصات، وفيها يتم تأهيلهم وإعدادهم لتولى المناصب الحكومية وقيادة الدولة مستقبلا، حيث لا مجال للفاشلين والمغامرين للعبث بثروات البلاد وأمن أهلها.
وهذا ما ينطبق ايضا علي رؤساء امريكا المتعاقبين، بما فيهم الأخرق ترمب، والذين لا يستطيع أحدهم أن يخطو خطوة واحدة في عالم السياسة قبل التخرج من كلية القانون فى إحدي الجامعات المرموقة، وخير مثال هو الرئيس ابيل كلنتون الذى درس فى جامعة جورج تاون بواشنطن، وتحصل على منحة رودس والتى تمنح لأفضل طلاب العلم تفوقا فى امريكا، وبواسطتها انتقل للدراسة بجامعة اكسفورد العريقة ببريطانيا، أما الرئيس باراك أوباما فقد درس علوم السياسة فى جامعة كولومبيا بنيويورك ومن ثم درس القانون فى جامعة هارفارد الشهيرة، وكلا الرئيسان أعضاء فى الأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم، وهو شرف لا يناله ألا المتميزون فى مجالات العلم والفن والأدب.
ولقد درس اليهودى بنيامين نتنياهو هندسة العمارة في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا، وهو مكان لا يقبل غير العباقرة تقريبا، قبل أن يتحصل علي شهادة الماجستير في إدارة الأعمال من نفس الجامعة، ويدخل إلى عالم السياسة المعقد فى الشرق الأوسط، وكان ديفيد كاميرون من المتفوقين فى دفعة العام 1988 بجامعة أكسفورد، أما أكثر الروؤساء تعلما فهو جودوى جوهانسون، رئيس وزراء ايسلندا، والذى نال درجة الماجستير من جامعة أكسفورد، ودرجة الدكتوراه من جامعة كوين مارى بلندن، مما أهله لقيادة أكثر بلاد العالم تقدما فى الوقت الحالى.
لقد جرب السودانيون حكم الأغبياء طويلا، وتوصلوا ، بعد معاناة مريرة، إلي خطورة ترك مصالح البلاد في أيدي حفنة من الجهلة والطائشين، والذين لا هم لهم غير الجاه والسلطة وإكتناز الأموال، فكان هذا الإصرار والتحدي غير المسبوق علي عدم السماح بتكرار تلك التجارب المريرة، وهذا ما لن يستطيع أن يفهمه طلاب السلطة الجشعين إلا بعد فوات الأوان!
م. عثمان الطيب
osman7777@yahoo.com
ففي الدول المتمدنة التي لا تستحقر فيها الشعوب ، لا ينال شرف المناصب العليا إلا من ثبت تفوقه علي غيره ذكاء وتدبيرا وتحملا ، عبر إجراءات قاسية وطويلة ، تشمل الإختيار والتدقيق والتمحيص والمناظرات والإنتخابات الحقيقية التي لا مجال فيها للعبث والمجاملة، حتي يتم أختيار من يؤتمن علي مصير الأمة ومصالح البلاد، وهذا ما قد يفسر بصورة كبيرة أسباب تقدم وتخلف بلاد العالم شرقا وغربا.
فمثلا قد لا يعلم البعض أن انجيلا ميركل ، مستشارة المانيا ، هي عالمة أبحاث سابقة ، وتحمل شهادة دكتوراه في الكيمياء الفيزيائية ومن ثم ولجت عالم الأحزاب والسياسة ، وتدرجت في المناصب حتي وصلت أعلي منصب في البلاد بفضل ذكائها وحكمتها وأخلاقها ، وبفضل هذه المزايا العظيمة ، إستطاعت قيادة الأمة الالمانية من نجاح إلي نجاح في عالم مضطرب يذخر بالحروب والعقبات.
أما في فرنسا، فقد درس رئيس وزراء البلاد، امانويل فردريك ماكرون، الفلسفة ثم حاز درجة الماجستير من معهد الدراسات السياسية بباريس، قبل أن يتخرج من المدرسة الوطنية للإدارة، وهي مدرسة النخبة في فرنسا، والتى يدخلها ألمع طلاب البلاد من كافة المجالات والتخصصات، وفيها يتم تأهيلهم وإعدادهم لتولى المناصب الحكومية وقيادة الدولة مستقبلا، حيث لا مجال للفاشلين والمغامرين للعبث بثروات البلاد وأمن أهلها.
وهذا ما ينطبق ايضا علي رؤساء امريكا المتعاقبين، بما فيهم الأخرق ترمب، والذين لا يستطيع أحدهم أن يخطو خطوة واحدة في عالم السياسة قبل التخرج من كلية القانون فى إحدي الجامعات المرموقة، وخير مثال هو الرئيس ابيل كلنتون الذى درس فى جامعة جورج تاون بواشنطن، وتحصل على منحة رودس والتى تمنح لأفضل طلاب العلم تفوقا فى امريكا، وبواسطتها انتقل للدراسة بجامعة اكسفورد العريقة ببريطانيا، أما الرئيس باراك أوباما فقد درس علوم السياسة فى جامعة كولومبيا بنيويورك ومن ثم درس القانون فى جامعة هارفارد الشهيرة، وكلا الرئيسان أعضاء فى الأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم، وهو شرف لا يناله ألا المتميزون فى مجالات العلم والفن والأدب.
ولقد درس اليهودى بنيامين نتنياهو هندسة العمارة في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا، وهو مكان لا يقبل غير العباقرة تقريبا، قبل أن يتحصل علي شهادة الماجستير في إدارة الأعمال من نفس الجامعة، ويدخل إلى عالم السياسة المعقد فى الشرق الأوسط، وكان ديفيد كاميرون من المتفوقين فى دفعة العام 1988 بجامعة أكسفورد، أما أكثر الروؤساء تعلما فهو جودوى جوهانسون، رئيس وزراء ايسلندا، والذى نال درجة الماجستير من جامعة أكسفورد، ودرجة الدكتوراه من جامعة كوين مارى بلندن، مما أهله لقيادة أكثر بلاد العالم تقدما فى الوقت الحالى.
لقد جرب السودانيون حكم الأغبياء طويلا، وتوصلوا ، بعد معاناة مريرة، إلي خطورة ترك مصالح البلاد في أيدي حفنة من الجهلة والطائشين، والذين لا هم لهم غير الجاه والسلطة وإكتناز الأموال، فكان هذا الإصرار والتحدي غير المسبوق علي عدم السماح بتكرار تلك التجارب المريرة، وهذا ما لن يستطيع أن يفهمه طلاب السلطة الجشعين إلا بعد فوات الأوان!
م. عثمان الطيب
osman7777@yahoo.com