السودان يحتضر فما هو العلاج؟؟؟
إن الوضع الاقتصادي والسياسي المأزوم الذي وصل له حال السودان الآن يدل ويؤكد على الخراب والدمار المقصود الذي تسببت فيه وهدفت اليه حكومة الانقاذ وقاعدتها من الإخوان "المتأسلمين". والسبب في ذلك أنهم لا يؤمنون بالوطن ولا الوطنية لانهم يعتبرونها حجرة عثرة أمام فكرة الأمة التي تضألت لديهم بعد كل هذه السنين لتنحصر في مصالح "اللمة" أي الشلة الحاكمة!!!
فأنه من غير المعقول بعد قرابة ال30 عاماً من التمكن والتمكين التام لحكومة طغمة الانقاذ من كل مفاصل الدولة الإدارية والمالية، واستباحة كل أمكانيات السودان من ثروات وأموال قروض وغيرها، نعم من غير المعقول ان تأتي الدولة لتعلن بأنها لا تملك مبلغ 102 مليون دولار لفك ضائقة المواد البترولية أو لا تملك ان تدفع رواتب موظفيها بسفارات السودان بالخارج وتستمر في الاستجداء الدولي "الشحدة" بصورة ذليلة!!! وفي نفس الوقت تبعث وفد من وزراء وغيرهم للقيام بدورة تدريبية بالصين "الشيوعية"!!!
فشل حكومة الانقاذ وفساد مسؤوليها الذي تحاول ان تحميه من خلال الاستمرار في قهر الشعب السوداني وإخافته بقوة السلاح الجنجويدي، وإرهابه بأجهزتها الأمنية العديدة التي تمارس الاعتقالات بحسب هواها من دون رقيب ولا حسيب وقد يؤدي الاعتقال الى التعذيب والتصفية والقتل ورمي الجثث في العراء أو دفنها ليلا.
إن استمرار هذا الخراب لن يدوم طويلا بل سيرتد في شكل ثورة جياع وعنف يجر عنفاً أخر وأنتقامات وثارات ضد رموز الحكومة بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
لذلك جاء الحل الذي شاركنا في الدعوة اليه وأسميناه التعافي والتصافي مع رد الحقوق إلى أهلها ليقف في منتصف الطريق ما بين الهبوط الناعم و محاولة التربص بالأخر والقضاء عليه. والدليل أننا نرفض الدعوة للمشاركة في انتخابات 2020 بل أننا نرفض بقاء هذا النظام حتى 2020!!! لكن النظرة الواقعية تقول بأنه لابد من اللجوء إلى الدواء المر ولعله قد يكون أفضل الأدوية، أو بشكل أخر "أن الحقيقة المرة أفضل ألف مرة من الوهم المريح". إذن بداية الإصلاح تستوجب أول ما تستوجب الاعتراف بالفشل من قبل "الشلة" الحاكمة!!! ومد يد وطنية بيضاء للشعب السوداني من خلال إعلان وقف الحروب وإطلاق الحريات وإفراغ السجون والمعتقلات من السياسيين وأصحاب الرأي. وكذلك تحجيم نفوذ الأجهزة الأمنية ومنعها من أي اعتقالات إلا بقرار من القضاء.
ثم تأتي الخطوة الثانية من خلال تشكيل حكومة وطنية من الأحزاب المعارضة التي لم تشارك في حكومات الإنقاذ السابقة ومن جماعات المجتمع المدني والشخصيات الوطنية الخبيرة في المجالات المختلفة وتعطى الفرصة لفترة انتقالية هي 3 سنوات كاملة على الأقل. ولعل الخطوة الثالثة التي يمكن للشعب السوداني على ضوئها قبول دعوتنا للتعافي و التصافي ورد الحقوق إلى أهلها تتمثل في تحلل طغمة حكومة الإنقاذ من أموال وخيرات الشعب السوداني وارجاعها للخزينة العامة ويمكن أن يتم هذا الأمر في سلاسة يتفق عليها "تحلل" عن رأس المال والأرباح.
يحاول الكثير من الوطنيين أن يقترحوا ويتبنوا حلولا للخروج من الوضع المأزوم في حين يظل المتأسلمون يهيمون في أودية أخرى ويجنحون لصرف الأنظار عن الحالة الحرجة التي أوصلوا لها السودان، فمثلا ما يريد أن يشغلنا به د. محمد وقيع الله بأن يكتب مقال بعنوان."تحذير الآنام من فكر المحبوب عبدالسلام" !!! هي معركة في غير معترك ولا تهم الشعب السوداني في شيء. وان كان ولابد من الحديث في الفكر. فليعترف د.وقيع الله بأنه والمحبوب وكل جماعتهم من تلاميذ المرحوم د. الترابي قد أتوا بأفكار الإخوان المسلمين "المصريين" وسعوا لفرضها بحد السيف "الدبابة" أولا وعن طريق الفصل التعسفي وتشريد الكفاءات من خلال الفصل التعسفي ومخازي التمكين وبيوت الاشباح والتعذيب والقتل ثانيا.
أو ما يقوله أمثال د. فيصل حسن إبراهيم نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني" مناضلوا الكيبورد لن يهزمونا ، ولا تضيعوا الزمن في الرد عليهم" أو ماردده أمين أمانة الطلاب بالمؤتمر الوطني د. هشام التجاني " ونحن باقون لان الذي يربطنا بهذه الأرض ليست السلطة وإنما عهد الزبير وعلي عبدالفتاح ، ولا تربطنا بهذه الحكومة أي سلطة بل قيم ونحن نعي ذلك"!!!...أوما يقوله شيخهم الكاروري" ...تحولت محطات البنزين لدور للعبادة في مشهد ذكرنا بعهد دولة الخلافة ،.....وطلب من المصلين احياء شعيرة الاستسقاء ، وقال أن هذه الشعيرة لا تخص الماء فقط ، وانها شعيرة عامة يُمكن ان تطبق على المحروقات"ّ!!!..
تصريحات هؤلاء "الإسلاميين" ماهي إلا نباح "هوهوة" من حزبي المؤتمر الوطني والشعبي وأصحاب المصالح والمنتفعين والملتفين حولهم الذين لا يهمهم السودان في شيء بقدر ما يهمهم حماية مصالحهم من خلال مساندة النظام الإنقاذ من ناحية ومحاولة إحداث فوضى إذا ظهرت بوادر لتفكك النظام الحاكم، وذلك لتطول فترة بقاءهم أو أن يستغلوا انشغال الشعب بالفوضى للهروب في تسلل خفي.
في حين أنه على العكس تماماً يجب على الوطنيين الخلص من بين أنصار ومحبي الجماعة الحاكمة ومسانديها ان يعترفوا بفشل التجربة واخفاقها _ كما فعل القيادي الإسلامي السابق الكودة في مراجعاته خاصة قوله "فالأزمة ليست أزمة وقود ولا خبز ولا حكم، أنما أزمة نخب مريضة في ذاتها...ودونكم خطابات سادتنا وكبرائنا من المسؤولين ..والتي ينبغي أن تكون رسمية ومسئولة ولكنها للأسف الشديد لارسمية ولا مسؤولة...فهي عبارة عن حفل للاستعراض الشخصي تختتم بعرضة يشترك فيها السائل والممسئول على أنغام "دخلوها وصقيرها حام""ّ!!! _ وأن يجمعوا على التوافق على ضرورة تسليم الحكم لطبقة من التكنوقراط والخبراء المهنيين الذين يعلنون الولاء السودان وليس لحزب أو لجماعة أي كانت !!!
اذن على المخلصين وأصحاب الوطنية الرفيعة التسامى فوق كل المواقف والمصالح والاحن انتصاراً لهذا الوطن وان يقوموا بالضغط السلمي العلني من خلال الاعتصام في الأحياء السكنية مثلا يوميا بين صلاة المغرب والعشاء والاصطفاف لكل السكان في طوابير تهتف مطالبة باستقالة الحكومة والنظام الذي وراءها وإطلاق سراح الدولة من تمكين حزبي المؤتمر الوطني والشعبي القابض على كل مفاتيح الدولة ومراكز القرار ومراكز التأثير الاقتصادي والسياسي.ثم مواصلة الاعتصام في أيام الجمع والسبت في كل الساحات وفي كل المدن والقرى والمطالبة بذهاب النظام وحكومة الإنقاذ.هذا الجهد الشعبي في تنويع وتجديد أساليب المقاومة لا يمنع بأي حال من استمرار حركات النضال الأخرى من الاستمرار في التعبئة والتنسيق بين مختلف لجان المقاومة العديدة في الداخل والخارج بل وان ترفع شعاراتها المتعددة من إسقاط النظام او الهبوط الناعم او المعارضة الدستورية المحبب لاستأذنا نبيل أديب؛ بل أن وجود القانونيين من القضاة والمحامين وغيرهم من القانونيين هو ضامن أساسي لنجاح الثورة السودانية الجديدة.
يبق أن الهدف الذي يجب أن يقتنع به الجميع هو ان الحفاظ على السودان يحتاج حكمة وتنازل من الجميع بعيداَ عن أسلوب كسر العظم والانتقامات. يمكن معه الخروج بالسودان لبر الامان فيسترد عافيته ويعود "وطن شامخ وطن عاتي...وطن خير ديمقراطي.."
أنشد المرحوم الشاعر حميد
" يالفارشين الأرصفة
يالحلمهن حلم الطيور
عيشة شريفة وأرغفة
في بلد حنينة ..مؤالفة
يالمن أصابعين الوطن
حتى القيامة... ولا الزمن
لا كبه حامي بتنتفه
يا كلكن في العاصفة
دون عاطفة
من كان بيسمع مصطفى
صنه ووهج صوته إنطفى
ومن كان بيسمع ما اصطفى
حي وبي فضيتو وبس كفى" .
Wadrawda@hotmail.f