السيد أوباما والأستاذ باراك.. في مواجهة الحرب … بقلم: منصور الصُويّم
*أساطير صغيرة
يحكى أنّ بعض المتابعين والمحللين السياسيين رأوا في المواقف الأخيرة للرئيس الأمريكي باراك أوباما في ما يتعلق بالأحداث الجارية في سوريا؛ رأوا في تلك المواقف دلائل على التردد والضعف وربما الخوف، فأوباما الذي وضع قبل أشهر طويلة خطوطا حمراء أمام النظام السوري، مهددا في حالة تخطيها بإنزال أشد العقوبات بهذا النظام، وقف كمن تلبسته الحيرة ونظام الأسد يتخطى تلك الحدود (السلاح الكيماوي) ويقتل الآلاف من السوريين الأبرياء في أكبر عملية استخدام لأسلحة محرمة دوليا، وفي تحدي واضح للإرادة الدولية والمواثيق الأممية، وبالطبع قبل كل ذلك تحدي إرادة أقوى نظام في العالم، الولايات المتحدة الأمريكية.
قال الراوي: بيد أن الأمر من وجهة نظر (مغايرة)، قد ترجع هذا التردد (الرئاسي) إلى التناقض الفادح ما بين شخصيتين متراكبتين في شخصية باراك أوباما؛ الشخصية الأولى هي شخصية المثقف والحقوقي المدني والأستاذ الجامعي باراك أوباما؛ الذي تخرج وحاضر الطلاب في أشهر الجامعات الأمريكية، وأصدر (في حالة رئاسية نادرة) عددا من المؤلفات، وتميز بقدرات بلاغية غير عادية في الخطابة، وبروح مشبعة بالثقافة والحس الإنساني تتبدى في مشاركاته الاجتماعية والحب الطبيعي الذي يشع منه ويجذب (معجبيه) إليه من كل أنحاء العالم. أما الشخصية الثانية والأكثر حضورا وقوة فبلا شك هي شخصية السيد الرئيس، لأقوى دولة في العالم، والمطالب على الدوام باتخاذ قرارات حاسمة (بلا تردد) قد تصل إلى إعلان الحرب على ما يمكن أن تراه (أمريكا) أو الأمم المتحدة؛ مهددا للأمن والسلم العالميين، وفي الأساس متغولاً على المصالح الخارجية والداخلية لـ(ماما أمريكا).
قال الراوي: التناقض بين هاتين الشخصيتين - لا علاقة له بـ"دكتور جيكل ومستر هايد" - قد يصل إلى درجة غليان حارقة للأعصاب كما يحدث الآن في الحالة السورية، فبعد إعلان أولي من السيد الرئيس أوباما باتخاذ قرار فوري بالتدخل العسكري في سوريا، عاد الأستاذ أوباما وأعلن أن الأمر يحتاج إلى المزيد من التشاور؛ ليعود السيد الرئيس مرة أخرى ويؤكد أن الأمر لن يستغرق أياما ثم يتم التدخل (المارينزي) في سوريا، ليأتي الأستاذ مرة أخرى ويفاجئ العالم بأن الأمر برمته الآن بين يدي (الكونغرس) وكأنما ينفض يده من المسؤولية (التاريخية والإنسانية) من إعلان قرار حرب وشيكة؛ القرار الذي يتناقض مع شخصية الأستاذ (المثقف الحقوقي) وينسجم مع شخصية الرئيس (البراغماتي)..!
ختم الراوي؛ قال: قد يضطر الأستاذ أوباما مرغما للتنحي للسيد الرئيس فالأمر (جلل).
استدرك الراوي؛ قال: أي شخصيات (وحشية) ودموية قاتلة تسكن جسد (الشبيح) بشار الأسد؟!
*زاوية يومية بصحيفة (اليوم التالي)
منصور الصُويّم
mansour em [mansourem@hotmail.com]
//////////////