الشيخ محمد عبد الكريم وفتوى تكفير الحزب الشيوعي … بقلم: حسن الجزولي
28 September, 2009
hassan elgizuli [elgizuli@hotmail.com]
أجرى الصحفي محمد كشان، حواراً صحفياً، مع فضيلة الشيخ محمد عبد الكريم، أحد قيادات الرابطة الشرعية، للعلماء والدعاة، نشرته صحيفة (الأحداث)، على خلفية (الفتوى الشرعية) لها، حول تكفير الحزب الشيوعي السوداني، وقد دعى فضيلته، في صدر الحوار الصحفي، إلى (المحاورة الفكرية)، لتأكيد أن الرابطة تدعو، إلى سبيل ربها بالتي هي أحسن، نافياً عنها صفة الإكراه والعنف، في الخلافات الفكرية!، ورغم أن الموضوع متشعب، وأن الكثير مما ورد، في أطروحات الرابطة المعنية، وإفادات الشيخ محمد عبد الكريم، أحد قادتها، يحتاج لأكثر من تعليق ومداخلة، ولكنا نركز على أبرز ما ورد من فضيلته، من إجابات، تلبية لدعوته المتحضرة، من جانب، ولتعضيد أواصر الاحتكام للحوارات الموضوعية، دونما شطط، أو استباق لحسم الجدل، في الخلافات الفكرية، ولأهمية التصدي لفتاوى التكفير وأفكارها، التي تستبق كل الدعوات، للجدل الرصين من الجانب الآخر، ولما تمثله أفكار التكفير، التي أصبحت تترى في الفترة الأخيرة، لما تمثله من خطورة حقيقية،ترفع من وتائر، التوتر الاجتماعي والسياسي، وتحاصر به واقعاً، هو في الأصل معقد، كواقع السودان حالياً، وعلى مجتمع تتشابك فيه المشاكل الشائكة، كتشابك الغابات الكثيفة، في مناطق السافنا!، والتي تحتاج لمعالجات موضوعية رصينة، بمسئولية وطنية، ووعي رشيد، يشحذ الهمم، و(يجأر ) بالنصح ( في الساعة الخامسة والعشرين ) من بين أخاديد ومنعرجات اللوى .. لو نستطيع النصح جميعاً قبل ضحى غده!.
في معرض الأسباب، التي جعلت الرابطة المعنية، لإصدار الفتوى، أجاب الشيخ محمد عبد الكريم قائلاً:
:- حيث قصد الحزب المسجد، ووزع إعلانات، يدعو فيها المصلين، لحضور افتتاح داره بالجريف، إضافة لنداءات متكررة بالميكرفونات، حول المسجد، وكانت هذه خطوة مستفزة.
ماهو (المستفز) هنا؟! .. من الطبيعي جداً، أن يتوسل فرع الحزب الشيوعي السوداني، بمنطقة الجريف غرب، الدعاية المكثفة، للإعلان عن تدشين داره الجديدة، بوسط الحي،ودعوة جماهير الحي، لمشاركته فرحته، بافتتاح الدار، ومن الطبيعي جداً أن تستهدف مثل هكذا دعاية، أماكن تجمعات مواطني الحي وكثافة تواجدهم، وبمثل ما ركزوا في دعايتهم، عن طريق الميكرفون، وتوزيع رقاع الدعوة، على منطقة المسجد ومحيطه، فمن المؤكد، أنهم ركزوا أيضاً، على مناطق أخرى، بها كثافة أخرى لجماهير الحي،كالساحات الرياضية، وأندية الحي الاجتماعية والثقافية، ومناطق طابونة وطاحونة الحي، ومتاجر وأسواق الحي الصغيرة، وأماكن تجمعات شباب الحي، في أركان الحوانيت الصغيرة، أو عواميد الكهرباء، فمن أين لشباب العاصمة، من أماكن مريحة لتجمعاتهم يا حسرة؟!، فما الشاذ إذن في أن تغشى الدعاية، أهل الحي في المسجد ومحيطه؟! وماهو الأمر ( المستفز)، في هذا التصرف الطبيعي والشرعي؟!، إلا إذا كان (سماحة) الشيخ محمد عبد الكريم، يتعامل مع المسجد ومساحته، بأنه (ملك حكر) على رابطته، ولا يُخول لأي نشاط آخر، التعدي على حدوده (الشرعية)، سوى نشاط رابطته وحدها، وبهذا الاحتمال وحده يمكننا فهم معنى (الاستفزاز)، الذي عناه سماحته!.
ثم قال في الاقتباس أدناه:-
ورغم ذلك ضبطنا الناس،وكانت هناك مطالبات من أهل الحي، بأن ندعهم يتحركون إلى دار الحزب الشيوعي، لكن اكتفينا بالحديث في المسجد يوم الجمعة، إضافة لبيان أصدرناه، عن الرابطة الشرعية للعلماء والدعاة.
وعندما يتحدث هنا لضبطهم الناس، يريد تصوير أنهم في الرابطة،وبحكم إدارتهم للمسجد، فقد هدأوا من غضب (الناس)، الذين أبدوا امتعاضهم من تصرف، منسوبي فرع الحزب بالجريف غرب، لمجرد أنهم وزعوا رقاع دعوة، لجماهير الحي بالمسجد، ورفعوا نداء الدعوة بالميكرفون، لحضور حفل افتتاح دار الحزب، فضبطوا انفعال (الناس) وصدوا رغبتهم في التحرك، (للفتك) بالشيوعيين داخل دارهم! وهذا هو المعنى الواضح، الذي أراد أن يصور به شيخ محمد الحالة، وما تركه أثر الدعوة في (أهل الحي)! .. ونلاحظ هنا، أنه تحدث عن ضبطهم لـ (الناس)، ثم ألحق بهم مطالبات (أهل الحي)، أي بمعنى أنه يريد تصوير، أن (كافة الناس وأهل الحي)، هم ضد فرع الحزب الشيوعي، بالجريف غرب، وأن أهل الحي في واقع الأمر، يدينون بالولاء والطاعة، للرابطة وقياداتها، بدليل أنهم - أي جماعة الرابطة - نجحوا في (نزع) فتيل غضب، أهل الحي،وذلك عن طريق، الحديث إليهم، في المسجد يوم الجمعة،إضافة للبيان الذي أصدروه، ولكن الأدهى، أنهم عندما أصدروه، لم يصدروه باسم هؤلاء (الناس) و(أهل الحي)، الذين رغبوا في التحرك، لدار الحزب الشيوعي، لا .. بل باسم الرابطة الشرعية للعلماء والدعاة، فيا ترى إن لم يكن التحدث، إنابة وباسم جميع المسلمين، وبصوتهم قاطبة، فكيف يكون الادعاء، يا ربنا الذي خلقنا، وجعل لنا أمخاخاً لنتفكر بها؟!.
يقول فضيلة الشيخ محمد عبد الكريم في صدر المقال:
:- التكفير لا ينبغي أن يُطلق، إلا من أهل العلم والمتخصصين،ولا يجوز للشباب، أن يخوضوا، في قضية تكفير الأفراد، ولا الجماعات، وأهل العلم والدراية فقط، هم من لهم الحق، في تكفير الأفراد، وإصدار الفتاوى.
وهذا حديث عمومي ساكت، وليس به أي دقة، أو إجابة عن تساؤلات، تصاعدت وتائر طرحها، في الفترة الأخيرة، بتصاعد وتائر فتاوى التكفير، وهي من له حق، إصدار فتاوى التكفير؟! من هم أهل العلم والمتخصصين، الذين يعنيهم الشيخ؟! ماهي المعايير الدقيقة، التي نقيس بها، أن هذا من أهل العلم والمتخصصين، وذاك لا؟! وهل المجتمع لا يحتوي، إلا على فئتين، هم فقط أهل العلم والمتخصصين، من ناحية، ثم الشباب من الناحية الأخرى، حتى يقارب الشيخ محمد بينهم؟!، ماذا عن الفئات الأخرى؟!، هب أن أحدهم ليس من فئة الشباب.. ألا يجوز له الانضمام (لجوقة التكفيريين الأجلاء)؟!، وسؤال جانبي بهذا الخصوص، تُرى لأي الفئات، ينتمي الشيخ عبد الحي يوسف، إضافة لسماحة الشيخ، محمد عبد الكريم ذات نفسه؟!.. ومع ذلك لا نمل تكرار السؤال ( الأساسي في الفلسفة)، في هذا المضمار، ما هي المعايير العلمية والدينية الدقيقة، التي يتم بها، تتويج هذا النفر من كافة المسلمين، شيخاً وقوراً امتلك مفاتيح الحكمة الكهنوتية، التي تبيح له تكفير عباد الله، من ذاك الوالغ في (حلم الصبا) ولم يبلغ بعد مراتب ( التكفيريين)؟!، بمعنى أدق يا فضيلة الشيخ الوقور .. من هم أهل العلم والدراية، الذين يحل لهم التكفير؟!، وبذا نروم إجابة دونما مواربة، أو أي هلامية، وتقعير لفظي وبلاغي؟!.
وفي مكان آخر من الحوار الصحفي نقرأ له أيضاً:
:- أما استخدام العنف كوسيلة، ومحاولة التغيير عن طريق القوة، فهذا ما لا نقره، ولا يجوز شرعاً، لأن هذا يؤدي لإراقة الدماء، وإزهاق الأرواح البريئة، وحتى وإن اتخذ هؤلاء، مبررات لقيامهم بهذه الأعمال، إلا أنها ليست مبررة، من الناحية الشرعية،بما يترتب عليها من مفاسد.
ماهو تعريف العنف، ككلمة ومعنى، لدى الشيخ الشاب ورهطه، من عضوية الرابطة المعنية؟! .. أشكال العنف متعددة، يدخل فيها العنف البدني بالطبع،وكذا (العنف اللفظي) .. أوليس كذلك؟! .. أوليست الشتيمة عنفاً بشكل أو آخر؟! ..تمهد أو توفر مسببات تصعيد التوتر بين الناس، وفي أوساط المجتمعات؟! ..ألا يوافقنا فضيلته، بأن تعابيراً مثل (فلا يُزوج من بنات المسلمين) و (إذا تزوج مسلمة فالزواج زنى) و(الأولاد أولاد زنى) و ( كذلك لا يجوز زواج البنت الشيوعية من المسلم والعقد باطل وقربها زنى) .. أوليس هذا يا فضيلتكم، هو القذف بعينه، الشتيمة بعينها، الإساءة بعينها، ببذاءة لا تُسمع حتى في أحط أوساط المجتمعات المتدنية؟! ..وإذا ما وُجه لكم سؤالاً بسيطاً، وهو من أي أحكام شرعية وقطعية، إستبينتم كل هذه الإساءات، فما هو جوابكم؟! .. وهل الإسلام نفسه وتعاليمه السمحاء، تبيح ذلك؟! .. خاصة وأنتم تشيرون، إلى أن (استخدام العنف كوسيلة ومحاولة التغيير عن طريق العنف فهذا ما لا نقره ولا يجوز شرعاً)!.
ثم يضيف في الحوار:
:- منهجنا هو منهج أهل السنة والجماعة، أو المنهج الوسطي، الذي يبتعد عن الغلو،وإلقاء الأحكام على عواهنها، من غير دراسة وتثبت، وندعو في منهجنا هذا، إلى المحافظة، على العقيدة الصحيحة، وبقاء المجتمع، على المنهج الإسلامي القويم.
هل المنهج الوسطي، الذي يبتعد عن الغلو، وإلقاء الأحكام، على عواهنها، من غير دراسة وتثبت، يمكنه باطمئنان، أن يصدر فتوى تكفيرية، لفئة وسط المسلمين، يقول عنها (كل شيوعي كافر خارج عن الإسلام، وإن كان يصلي دائماً وأحياناً) و (لاتؤكل ذبيحة الشيوعي) و(لا يُغسل إذا مات ولا يُكفن ولا يُصلى عليه) و ( لا يُقبر في مقابر المسلمين) و (لا يجوز لأبنائه المسلمين أن يرثوا منه لأنه لا يتوارث أهل ملتين)؟! .. ماذا نسمي هذا الذي تقولون أنه ( المنهج الوسطي)، إن لم يكن منهج ( التطرف المبرمج)، وإن لم يكن الغلو، وإطلاق الأحكام جزافاً، وعلى عواهنها، من غير دراسة وتثبت؟! .. ألا بئس الوسطية .. وبئس الدراسة التي تنشد الموضوعية والتفكر ..بئس إسلام أهل السودان، إن ولوا أمرهم، لعتاة ( الإسلاميين المتأسلمين تطرفاً وتبجحاً)!.
أواصل التعليق حول إفادات الشيخ محمد عبد الكريم الذي حكى قائلاً:
:- فالشريعة لا بد فيها، من مراعاة المصالح والمفاسد، وإنكارنا للمنكر، لا ينبغي أن يؤدي إلى منكر أعظم،،وإنما إنكار المنكر، يؤدي إلى جلب المعروف، وموقفنا من هذه الأحداث،هو موقف شرعي،ويجب توجيه كافة الناس، لأن يلتزموا بضوابط الشرع، لأن التغيير والإصلاح، في المجتمعات، طريقه معروف، وأساليبه الشرعية واضحة.
من المعلوم، أن لكل فعل، رد فعل،ولقد أصدرت الرابطة، بياناً هو أقرب إلى شحن وتحريش عديل .. لفئات من الشباب (الغض)، الذين ينفعلون بكل قول، يستهدف رفع وتائر الحمية الدينية، لديهم نفسياً، تماماً كما كانت تفعل، الآلة الإعلامية للدولة النازية، عندما كانت تحرك، أمزجة الجماهير، بخطب الفوهرر هتلر النارية، وهنا بيت القصيد .. لأن إنكاركم للمنكر، قد تم بخطاب غير منضبط، وما كان ينشد (جلب المعروف)، بأي حال من الأحوال، بقدر ما كان يهدف لزرع الفتنة، التي نهى عنها الإسلام، باعتبارها أشد فتكاً من القتل، ونتيجة لفتواكم تلك (باعتبارها إنكاراً للمنكر)، فلقد أدى رد فعل (شبابكم)، إلى ( منكر أعظم )، وهو حمل البيان في جيب، و(النصال الحادة) في الجيب الآخر، ثم التوكل على الذي يهب الفردوس، والتوجه لدار (الشرك)؟! .. فكيف بالله عليكم، تتحدثون الآن، عن أن فعلكم هذا، لا ينبغي له أن يؤدي، إلى (منكر أعظم) .. في كل الأحوال، فإن مثل هذا القول، هو من باب (الكلام الساكت)، في محاولة لذر الرماد، على الأعين .. لا أكثر ولا أقل!.
يقول شيخنا في موضع آخر من الحوار:
:- ولا نقبل أن يقوم الشباب، بإصدار الفتاوى، دون الرجوع، لأهل العلم، بل لا ينبغي لهم ، أن ينشغلوا بالفتاوى، بل التحصيل والطلب، ونعتقد أن فتح الباب، على مصراعيه، أمام إصدار الفتاوى، يؤدي إلى فوضى فكرية في المجتمع.
:- وأنا لا أنطلق، من شعارات الحزب وعمومياته،وإنما من منطلق، دراسة الفكر الشيوعي،وهذا من صميم تخصصاتنا، في الجامعة، وتدريس المناهج الفكرية المعاصرة، وواحد من هذه المذاهب المهمة، هو الشيوعية وفلسفتها الديالكتيكية، وبما أن الحزب الشيوعي السوداني، أقر المنهج الماركسي، كمبدأ له وحسم هذه القضية، في مؤتمره الخامس، رغم الاختلافات التي ظهرت، بين التيارات المختلفة، داخل لجنته المركزية، حول موضوع الماركسية، فإن الشيوعيين، ارتضوا أن يرجعوا، مرة أخرى، لهذا المنهج الذي نرفضه كمسلمين.
قصدي من إبراز المقتبسين، لارتباطهما بعضهما البعض!.
يتحدث عن عدم قبولهم، أن يقوم (الشباب)، أو ينشغلوا بإصدار الفتاوى، (دون الرجوع لأهل العلم)، وعن أهمية انتباههم، لـ (التحصيل والطلب)، وبالطبع فإن التحصيل والطلب، الذي يعنيه بالنسبة للشباب، ليس في مجال الرياضيات أو الفلك، أو أحدث علوم التقنية، بل بالضرورة يعني التحصيل، في مجال الفقه والعلوم الدينية، و(الثقافة الإسلامية)، علماً بأن فضيلته، أشار إلى أن هجومه، على الحزب الشيوعي ينطلق من دراسته هو .. أو قل من (صميم تخصصه) في المناهج الفكرية المعاصرة، ومنها الشيوعية وفلسفتها الديالكتيكية ، ودون إطالة أو شرح، فإن المراد واضح وبيًن .. يا أيها الشباب، يا من تطلبون العلم والمعرفة، لا تشغلوا أنفسكم بالفتاوى، دون الرجوع (لنا)، باعتبارنا أهل علم ودراية، بهذه الأمور، فنحن وحدنا القيمون،بهذا وأكثر من هذا، وهو تبيان أين الحلال وأين الحرام، حتى فيما يخص المناهج الفكرية المعاصرة، ومن بينها الشيوعية، ومذهبها الديالكتيكية، فنحن الذين تخصصنا، في ذلك ونقوم بتدريسه لكم!
وهذا هو يا شيخنا، أس المشاكل، في كل هذا الذي يجري .. أن يقوم بتدريس مواداً، تتعلق بالمناهج الفكرية المعاصرة، في واحدة، من أعرق الجامعات السودانية، أساتذة تخرجوا، من أقسام الشريعة الدينية، من الجامعات الإسلامية، المنتشرة في السودان، والوطن العربي، وينطلقون في تقديم مادتهم لطلابهم، من مواقف (فكرية)، مناوئة جملة وتفصيلاً، لهذه المذاهب .. بالطبع لا يقومون بتدريس هذه المناهج من مواقف حيادية، ثم يتركون الطلاب لإعمال عقولهم!، والأنكى، أنهم فرضوا أنفسهم، و (جهدهم الأكاديمي)، بواسطة نظام يعادي العلم والعلماء، أقصى معظمهم، من سوح المدارس والمعاهد والجامعات، وفرض مواداً دينية لا علاقة لها، ولا يربطها رابط، بكثير من التخصصات الأكاديمية،فضلاً عن فرضه، واقعاً للطلب الأكاديمي، لا تتوفر فيه، أبسط مقومات الاستقلالية، في حرية البحث، والتحصيل العلمي السليم، ولله ما أعطى ولله ما أخذ في نهاية أعوام (التخرج)!.
ثم يواصل فضيلته موضحاً في الحوار الصحفي:
:- المشكلة ليست معنا نحن، وإنما مع عامة المسلمين، ونظرتهم للشيوعية، وهي في المقام الأول، تُعتبر منهجاً معادياً للإسلام، ولا تحترم الدين، ولا توقر الأنبياء، وبدأت الأزمة، حينما قام الشيوعيون، بدعوة المصلين، وعامة المسلمين بالمنطقة، للانضمام للحزب الشيوعي،والاحتفال بافتتاح، داره بالجريف غرب.
هاهو شيخنا يصر مرة أخرى على التحدث باسم جميع مسلمي السودان!.
يقول أن المشكلة، ليست معهم هم ( الرابطة)، إنما مع (عامة المسلمين)، ونظرتهم للشيوعية، ثم وعلى لسان، عامة المسلمين، في السودان، يقولًهم ما لم يقولوه، ويضع في أفواههم، ما لم ينطقوا به، وهو أن الشيوعية، (منهج معادي للإسلام ولا تحترم الدين ولا توقر الأنبياء)!.
إلا أننا، إذا ما طرحنا سؤالاً لفضيلته، عن من يقصد( بعامة المسلمين)، الذين ينعتون الحزب الشيوعي، بهذه التهم، لما وجدنا إجابة شافية، أكثر من هذا، إذا ما سألناه عن السبب، الذي جعل (عامة المسلمين)، في السودان يجمعون، على أن يضعوا ثقتهم، في (رابطته الشرعية)، ليختاروها وحدها، كمتحدثة عنهم، دون كافة ملل، ونحل، وجمعيات، وروابط، وتنظيمات، وكيانات المسلمين السودانيين، في طول البلاد وعرضها، لما وجدنا إجابة تشفي الغليل، وما زال فضيلته يتحدث باسم (عامة المسلمين)!.
ويواصل في الحوار:
:- وحالياً يتساءل، كثير من الشباب، هل يجوز الانضمام، للحزب الشيوعي، وقمنا في الرابطة الشرعية، بإصدار بيان، يوضح حقيقة الشيوعية.
وهنا لا نود، مغالطة الشيخ محمد عبد الكريم،حيث أن الأسئلة في عقول، الجيل الحالي،أصبحت كثيرة ومتشعبة ومتشابكة، بحكم تشابك، قضايا البلاد الشائكة،وغربة هذا الجيل، الذي يحس بالتيه والضياع، كنتيجة طبيعية، لإفرازات سياسات النظام، في كثير من القضايا، ومن الطبيعي جداً، أن يتساءل، شباب اليوم، عما يجوز وما لا يجوز!، ولكن أليس غريباً، أن يحصر شيخ محمد، تساؤلات الشباب، فقط في الجزئية المتعلقة، بجواز الانضمام، للحزب الشيوعي تحديداً، أهذا هو السؤال الذي يقض مضاجعهم، ويؤرقهم، من بين جميع الأسئلة الكبرى الأخرى، العالقة بأذهانهم؟! .. أولا تؤرقهم يا ترى، أسئلة متعلقة بمستقبلهم القاتم، فيما يخص، أزمة البطالة المستفحلة، والمقرر الأكاديمي الفقير، والفاقد التعليمي، وارتفاع تكاليف المعيشة نفسها، في المأكل والملبس، والعلاج والسفر، وأزمات كالمخدرات، المتفشية في أوساطهم و( أوساطهن)، الإيدز، الجدب الاجتماعي المدقع، والفقر النفسي والفكري، الذي يحيط بمجتمعاتهم، التي تمت عسكرتها، وأصبحت محاصرة، بالنواهي والزواجر، لا أندية اجتماعية، لا أماكن للترفيه، وتزجية الأوقات البريئة، داخل عاصمة، ووسط مدن، تنام باكراً منذ السابعة مساءاً، ليواصلوا في صباحهم الباكر، طاحونة الحياة الكئيبة، والمثقلة بالكدح والضنك، في المواصلات، وفي سبل كسب العيش، في المياه الشحيحة، وندرة الطاقة والكهرباء، وغياب البنيات الأساسية، لحياة جديرة، بأن يذوقوا فيها طعم الدنيا وحلاوتها؟! .. أوليست هذه ضمن الأسئلة الكبرى، التي تؤرقهم، ووجب على أهل (الدين والعلم والفقه)، أن يدلوا بآرائهم التفصيلية، في كل هذا، ليرشدوهم ماذا هم فاعلون، وما يجوز لهم، وما لا يجوز، في مواجهة كل هذه المعضلات؟! .. أم تمت الإجابة ،على كافة الأسئلة، المتعلقة بكل هذه القضايا، ولم يتبق لهؤلاء الشباب، سوى طرح السؤال الأخير، المتعلق بما إذا كان يجوز لهم، الانضمام للحزب الشيوعي، من عدمه.. ما لكم، كيف تحكمون يا فضيلة شيخنا محمد؟!.
ثم يقول دفعاً، لتهمة التحرش، بالشيوعيين داخل دارهم، وأثناء احتفالهم:
:- وحينما حان موعد، افتتاح دار الحزب، ذهبت مجموعة، من شباب الجريف، ومناطق أخرى، مثل الطائف، ذهبوا لينظروا ماذا يحدث، ولما وجد الشيوعيون، أن هناك ضيوفاً غريبين، وبالرغم من أن الدعوة، كانت عامة، إلا أن الشيوعيين، تحرشوا بالشباب، وضربوهم بالسيخ، والأسلحة البيضاء، حتى نزف بعضهم.
وهذا الإنكار، الذي يصور، أولئك الشباب، (المغرر) بهم، كملائكة، ويبدون للناظر إليهم، وكأن براءة الأطفال، في عيونهم، وما جاءوا إلا (لينظروا ماذا يحدث)، على الرغم ،من أنهم دخلوا، دار الشيوعيين ، وفي جيوبهم، بيان الرابطة، والنصال الحادة معاً!، يذكرنا كل ذلك، بالطرفة التي يحكيها دوماً، في مثل هذه المواقف، صديقنا الكاتب شوقي بدري، والتي تقول، في منتصف الخمسينات، شهدت مدينة أم درمان، جريمة قتل، في حفل زفاف، حيث وجه القاتل، ماسورة خرطوشه، نحو (كبس الجبة)، أكبر وأشهر فتوات المدينة وقتها، وأرداه قتيلاً، فانعقدت محكمة كبرى، للنظر في القضية، وعندما قدم، ممثل الاتهام شاهده - وكان أحد أصدقاء القتيل – بدأ شهادته قائلاً:- أنحنا لمن جينا الحفلة، ما كنا (قاصدين مشاكل)، فسأله ممثل الدفاع:- إنتو منو؟!، فرد الشاهد:- أنا والمرحوم كبس، وحبس وعفص، وراس الميت ولفعا، وقدوم زعلان!، فقال محامي الدفاع:- يا حضرة القاضي .. حسي دي، أسماء ناس ما عاوزين مشاكل؟!.
الجدير بالذكر، أن فضيلته، قد أكد في الحوار، بأنهم في الرابطة، ليسوا دعاة عنف وإكراه،( ونحن نستنكر، كل ممارسة للعنف، في هذا المضمار، فالعنف يضعف الحجة، ولا يقويها، نحن لسنا دعاة إلى هذه المسألة، بأي حال من الأحوال)، إلا أن (أخيه في الله)، الشيخ علاء الدين الزاكي، الناطق الرسمي للرابطة، لم يشأ إلا أن يعاجله، بتصريح صحفي، ناسخ لتصريحه - حسب الصحفي، إسماعيل أبو بصحيفة الصحافة – حينما ذكر (ليس ببعيد أن تسلك الرابطة نفس المسلك الذي تم في عام 1965 لمنع الحزب من ممارسة نشاطه بالسودان)! .. فهل يعلم فضيلته، ما هو المسلك الذي حاولت ب،ه القوى السياسية، عام 1965، منع الحزب الشيوعي، من ممارسة نشاطه بالسودان؟! .. هل تعلم الرابطة وشيوخها الأجلاء، تداعيات ذلك المسلك، الذي يحاولون إعادة إنتاجه، كرة أخرى، في واقع الحياة الفكرية والسياسية السودانية، وما جلبته التداعيات، من تعاسة، وما خلفته من نتائج، ساهمت في فرملة عجلة تقدم البلاد، نحو المستقبل المزهر، للوطن والجماهير؟! .. أوهل يعلمون كل ذلك؟! .. نرجو ذلك!.
وفي نهاية تعليقنا، على أطروحات، الشيخ محمد عبد الكريم، نود ألا نكون لحوحين، في إصرارنا، على تكرار مجموعة أسئلة، ظللنا نطرحها، دون تلقي إجابات شافية وهي:
+ ماهي الأسس والضوابط، التي تم ويتم بها، تأسيس وإنشاء روابط، وهيئات دينية، كالرابطة الشرعية للعلماء، وهيئة علماء المسلمين، وهلم؟!.
+ ما هي شروط الانضمام، لقيادتها، بمعنى، كيف يتم، تحديد علمية فقه هذا الشخص، عن الآخر غير المؤهل، لحمل هذه الألقاب؟!.
+ التأهيل للانتساب، ومنح العضوية كيف يتم .. بالتعيين أم بالانتخاب، فإن كان بالتعيين، من هي الجهة، المنوط بها ذلك، وإن كان بالانتخاب، فما هي الكليات الانتخابية، التي ترشح؟!.
+ هل لأي جماعة مسلمة، حق تكوين، مثل هذه الجمعيات، والهيئات والروابط، التي تطلق ما شاء لها، من فتاوى تكفيرية، وغيرها، هكذا، دونما ضوابط، أو أسس منظمة؟!.
+ وبذلك، ماذا سيكون الأمر، عندها يا ترى، لو أن جماعة دينية، كهيئة شئون الأنصار، قد كونت مجلساً للإفتاء، تابعاً لها، وقامت بتكفير، الجماعة الدينية الأخرى، التي طعنت، في الأهلية الدينية، للإمام الصادق المهدي، وشككت في إسلامه؟! ، والأمر ينسحب على حزب المؤتمر الشعبي، رداً على تكفير زعيمه، الدكتور حسن الترابي، وبالمثل مجلس مسلمي الجنوب، التابع للحركة الشعبية، في مواجهة، من يكفرون الحركة؟! .. وقس على ذلك!.
+ السؤال الأخير، نعلم تمام العلم، أن النظام، رفض تسجيل الرابطة الشرعية للعلماء، كهيئة دينية، لدى وزارة الشئون الدينية، إذن من أين تستمد، هذه الرابطة (شرعيتها)، حتى تحمل مشرطها، لتطهر المجتمع، من (النشاط الهدام)؟.
عن صحيفة (الأحداث)