الصراع ما بين صناع الثورة وسارقي الثروة!!!

 


 

 

يروي لنا الاستاذ صلاح عبدالرحمن أحد اهم المقربين صداقة وزمالة للمرحوم السفير صلاح أحمد ابراهيم فيما يروي أن عما له كان يضع حذاء "المركوب" بالمعكوس، بمعنى يضع الرجل اليمنى على فردة الحذاء اليسرى والرجل اليسرى على الفردة اليمنى، وعندما ينام في الظهيرة تاركا حذاءه تحت السرير، يأتي الصبية فيصححا وضع الحذاء تحت السرير، وعند صحيانه يكتشف الأمر ويغضب ويصيح بأن الأطفال أغبياء ولا يعرفون "العديل من الاعوج"!!!

أنقلك عزيزي القاريء لما يحدثنا به شقيق الاستاذ صلاح عبدالرحمن أي سعادة وكيل وزارة الخارجية الاسبق السفير فاروق عبدالرحمن، يحدثنا بأثنتين من المفارقات بسبب حكم الانقاذ، فبعد أن كان السودان يترأس مجلس الأمن الدولي-نيويورك- في فبراير 1972، بوفد ضم منصور خالد وجمال محمد احمد ورحمة الله عبدالله وعبدالمجيد علي حسن وفاروق عبدالرحمن، اصبح السودان - تحت حكم "صعاليك الانقاذ" - متهما امام مجلس الامن الدولي في جلسة نوفمبر 2004 التي عقدت بالعاصمة نيروبي بكينيا!!!

للعلم فإن السودان كان قد اختير عضوا في مجلس الامن الدولي للامم المتحدة للفترة 1972-1973 بتـأييد فاق 75 في المائة من أصوات العضوية ، اما في العام 2000 فلم يحصل الا على 26 في المائة من الأصوات .

ثم يحدثنا سعادة السفير بأنه بعد أن دافعت القوات المسلحة السودانية عن الكنغو في 1960م وعن الكويت في 1962م - ظرفا ارض- وعن لبنان في منتصف السبيعنات اصبحت اراضي السودان تحمى بقوات دول مثل راوندا!!!

هذا زمانك يا مهازل فأمرحي، بعد ان كان رجالات السودان النخب أمثال المحجوب واحمد خير وجمال محمد احمد يأتي زمان "رجالات" السودان أمثال ابراهيم السنوسي القائل "عرضنا على امريكا تسليم أسامة بن لادن وردت بأنه غير مطلوب لديها" -سلموه لفرنسا- و أمثال أبوبكر عبدالرازق المعلن لصلاته خلف زوجته كمأموم؛ ومبارك الفاضل والتوم هجو والجاكومي وترك. وغيرهم من المنتفعين وتجار الدين والمتعطشين للسلطة والحكم والاستبداد!!! ظهور هؤلاء السفهاء ذووي الوجوه المريبة يثبت نظرية ابن خلدون "عندما تنهار الدول يسود الرعب ويلوذ الناس بالطوائف وتظهر العجائب وتعم الإشاعة...ويعلو صوت الباطل ويخفق صوت الحق...وتظهر على السطح وجوه مريبة.. وتختفي وجوه مؤنسة....ويصبح الانتماء إلى القبيلة أشد التصاقا..وإلى الأوطان ضربا من ضروب الهذيان..يضيع صوت الحكماء في ضجيج الخطباء..والمزايدات على الانتماء"!!!

حكاية قناعة لبس الحذاء بالمعكوس او الاصرار على الفهم بالمقلوب تذكرني بوضعية العسكر والاحزاب الكرتونية وأصحاب الوجوه المريبة في السودان من جهة وعموم الشعب السوداني وخاصة الشباب "كنداكات و شفاتة" من جهة أخرى !!!

فشعب السودان اختار تصحيح الوضع المقلوب وقام بثورة شعب قدم فيها مئات من الشهداء والمفقودين والجرحى للتأسيس لحكم مدني ديمقراطي يختار فيه الشعب من يحكمه عبر الانتخابات، ولكن أصحاب الفهم المقلوب من عسكر واذناب الكيزان والسفهاء محدودي الذكاء والقدرات لا يقبلون الا الوضع المقلوب المبني على العنف والاستبداد فلا حرية تحترم اذا سمحت بأن يأتي غيرهم للسلطة، بل يجب تعطيل الانتقال السلمي و الديمقراطي للسلطة ولو كان ذلك بخلق الفتن القبلية ونشر السيولة الامنية وإدخال الرعب والخوف في النفوس وتجويع الشعب ومنعه من الدواء المنقذ للحياة عن طريق قفل الميناء ومنع الصادر والوارد بل المضي قدما في السفه والفهم المقلوب بالتهديد بفصل الشرق واعلان دولة مستقلة!!! وما كان لمثل قائل هذا السفه ان " يتراجل" ويتبختر بتلك التصريحات الغبية والرعناء مثل المطالبة بحل الحكومة المدنية وتكوين حكومة جديدة وانه لن يتفاوض الا مع العسكر؛ لولا انه وجد دعما ممن هو اكثر منه سفاهتا مثل الفريق اول الكباشي-حدس ما حدس- الذي ذهب لمفاوضة ترك ثم رجع ليهمس لبرهانه ويجعله يصرح انها مشكلة سياسية؛ هل فهم الكباشي ايضا محدود لدرجة ألا يفهم انها مشكلة سياسية الا بعد رجوعه من مفاوضة ترك!!! أم انه ذهب ليحرض ترك على رفع سقف مطالبه واحراج حمدوك من خلال تهديده بضرورة حل حكومته وتسريح وزرائه وإبعاد مستشاريه وتعيين حكومة وطنية!!!
لم يعد الامر إذن ازمة نخب فقط كما في السابق بل اصبح ازمة يصنعها الجهلاء والعسكر ومن خلفهم فلول نظام الانقاذ المخلوع بالاصرار الجاهل على استمرار الفهم المغلوط للحقائق من أبسطها كلبس الحذاء بالمعكوس الى اكبرها بإعتبار الحكم المدني والوطني لا يصلح للدول النامية والمسلمة "دي المدنية الدايرنها"!!!.

قد يضطر د. حمدوك والحكومة الانتقالية "للمسايسة" بتنفيذ بعض مطالب "العسكروكيزان" المختبئة خلف ترك والجاكومي والتوم هجو وجبريل ابراهيم ومناوي بابعاد مزيد من الشرفاء الوطنيين ولكنه يعلم بان ارض السودان "ولادة" وان الشرفاء لا يحتاجون المناصب الرسمية ليعطوا خلاصة خبراتهم وعلمهم ؛ بل هم أشد الناس فرارا من تلك المناصب الدستورية لانها ان لم تنقص من مقاديرهم فلن تزيدهم شيئا!!!
نعم أرض السودان "ولادة" وشبابها الذين صارعوا إستبداد طغمة الانقاذ والكيزان بصدور عارية وسلمية كاملة وقدم الكثير منهم ارواحه فداء للوطن، سيظل هؤلاء الشباب اخوة الشهداء من التاية ود.علي فضل وليس انتهاء بعبدالعظيم وود عكر سيظلون سايرين مرفوعي الهامة لتحرير السودان من الأرزقية وعديمي الوطنية وتصحيح الافهام المغلوطة و"استعدال" الحال المائل.
ستبقى جذوة الثورة مشتعلة لدى الوطنيين الشرفاء وستبقى الثروة الى حين متراكمة لدى مخذلي الثورات والارزقية والعسكر. ولكن انتصار اهل الحق و الثورة الظافرة على اصحاب الثروة الفاسدة امر مؤكد كبزوغ الشمس من المشرق.

انشد الفنان الكريم عبدالكريم الكابلي
"
ليست الثورة تهليلاً و تطبيلاً لفرد
ليست الثورة تدعيماً و تكريساً لقلد
أو هتافاً أرزقياً و صلة السيف لكيد
إنما الثورة جهدٌ بعد جهدِ بعد جهد
إنما الثورة حبٌ و عطاءٌ و تحد
لقلاع الجهل للفقر و للداء الألد
لشرور النفس للحقد و جور المستبد".

wadrawda@hotmail.fr

 

آراء