الطفل المغربي ريان – قصة هيبة دولة

 


 

 

حفظ الله ذلك الطفل البريء الذي تذكرني قصته بحادثة الطفلة السودانية (غرب كردفان) أم شوائل تلك المشهورة التي قبعت خلال خواتيم القرن الماضي في عمق جب عميق مماثل صحبتها كانت العقارب وأحد الثعابين الضخمة لأربعين يوماً متتالية من غير طعام وشراب سوى العناية الإلهية.ثم تم إنقاذها بقدرة قادر علي يد شاب كردفاني شجاع وكبرت حتى أكرمها الله بالزواج ثم اختارها مولاها سريعا إلي رحابه شابة جميلة اعتبرت بشهادة الناس أنها كانت من الصالحين . رحمة الله عليها. فاللهم يا رب تتولى هذا الطفل ، تنقذه وتكتب له الحياة وتفرح والديه، وأن تجعل من قصته تذكرة لنا ومنه نجما يضيئ ظلمات عالمنا الإسلامي الذي عجز اسلامنا أن ينقذنا فيه من الضلال لأننا فقط صرنا "ناس دنيا وسماسرة حتى في أسواق المافيا العالمية ". نسينا أن الله موجود يراقبنا وسنلقاه قريباً.

يوم التلاقي المشهود كان اليوم الذي فيه كل العالم العربي والإسلامي (وغيرهم) يعيش محبوس النفس وعميق القلق والمشاعر تكتنفه كلها مع محنة هذا الطفل المغربي ذي الخمس سنوات"ريان" وهو يقبع داخل جب ضيق القطر وعلي عمق ٣٢ متراً. كغيري أتابع قصته المثيرة للعواطف، وكذلك متابعة تصنيف واجب الدولة المفروض نحو مواطنيها ممثلًا في المجهود الجبار الذي يقوم به المسؤلون بالمملكة المغربية أثناء عملية إنقاذ الطفل. هذا الإهتمام المحلي والعالمي بقضية إنقاذ ريان درس يجب أن ينتفع به كل مسيطر بالقوة على سلطة بلاده ليصحح مساره. أيضاً ليستفيد منه درساً كل الذين يتحدثون في خطب رنانة عن هدفهم السامي "إرساء هيبة الدولة " ، لكن للأسف لا يحققون ذلك بالإحسان والإصلاح الراقي المتكامل المتوازي الذي يتساوى فيه الجميع بل بالعكس بفرض قوة السلاح ورعباً يجبرون به المواطنين ليركعون صاغرين لهم وليس لله. وهكذا بدلاً من العمل الجاد على إرساء عماد مجتمع الكفاية والرفاهية ، يقومون بقتل الشباب الغض الواعد منهم من تخرج من الجامعات يبحث عن عمل ومنهم من لا يزال يتعلم، ويحرقون القري ويشردون أهلها كلهم مجتمعين (هم في الحقيقة الاستثمار الحقيقي) ، فالاستثمار الممنهج عند أولئك هو تواطؤ ملحوظ مع دول استعمارية من الجوار وغيرها تستبيح عبر سماسرة الفساد المحلي والعالمي ثروات وعظيم خيرات البلاد "الذهب والقطن والثروة الحيوانية وخيرات الارض الزراعية من قمح وسمسم وفول وقطن وصمغ عربي وعلف وسكر " فتباع ببخس الثمن وأحيانا بالمزور من العملة السودانية التي تدخل عبر الحدود بغزارة خاصة من مصر، على عينك يا تاجر، (وهذا يعني أن كل ما يصدر الى الخارج ما هو إلا ثروة تسرق في وضح النهار ، وعائد خزينة الوطن منها فقط ما هو إلا في الحقيقة الحسابية المجردة عملة فشنك). فالإهتمام الكبير العاطفي بقضية الطفل ريان يلفت النظر الي قضايا كثيرة مثيلة مهملة رغم أهميتها ، على رأسها معاناة أطفال النازحين وذويهم فى السودان واليمن وفي سورية وفي شمال لبنان ، منهم من يموت من الجوع أو المرض أو البرد أو القنابل الحارقة. السلوكيات الازدواجية Double Morales في إدارة حكم أي بلد بما فيها سودان اليوم هي خير دليل والبرهان القاطع علي سوء كل الجالسين على كراسي الحكم فيجب من غير مجاملة أو محاباه زوالهم.فهيبة الوطن لسيت نمطا من السلوك يفرضه الحاكم ليعني فقط "سمعاً وطاعةً يا مولاي" يفرض علي المواطنين العزل بالقوة والتخويف باشهار السلاح أو الاعتقالات. مثل هذا المنحي ما هو إلا نهج مستحدث من أنواع الاسترقاق القبيح لجعل جل المواطنين عبيداً يسمعون ويطيعون غصباً عنهم أوامر جلادين وكلهم تحت رحمة ذلك السلطان المتجبر.

لا هيبة لسلطان جائر لا يصدق شعبه ولا هيبة لوطن تتم هندستها "هيبة حكم الغاب" بقوة السلاح ، ولا هيبة لبلد يقتل فيها شبابها "الاستثمار الحقيقي" وهم في عمر الزهور بسلاح يحمله جنود مأمورون ينفذون أوامر سلطان لا يحترم شعبه ولا يخاف الله، يقول "هي لله ولفرض هيبة الدولة" والبون شاسع بين سلوك مثل هذا الطريق المعوج والطريق المستقيم المؤدي إلى الله. اللهم أعنا واجعلنا من الذين يتبعونك ويسلكون طريقك الحق.

في الختام
(١) قصة أم شوائل وإخراجها من الجب تشاهد على هذا الرابط:

https://youtu.be/kKBN8pmqDuA

(٢) تشكر سودانايل على مبادرتها الوطنية الحقة التي نشرت بالأمس. وهذا النهج من الوضوح والشفافية من غير تحيز أو مجاملة ليس بغريب على ديدن هذه المؤسسة الإعلامية المحترمة ومنبرها الحر المستقل الذي حسب علمي لا انتماء له لحزب أو فكر محلي أو مستورد. نرجوا لها وللقائمين عليها من الله كل توفيق وللوطن كذلك العزة والسلام والرخاء والإستقلال الحقيقي من كل تبعية عمياء لفكر دخيل أو نظام أجنبي يهدد التعامل معه أمن وسلامة الوطن وشعبه.

aa76@icloud.com

 

آراء