العالم المفكر الدكتور النور حمد ونحن المرجفون وتخرصاتنا
عبدالغني بريش فيوف
15 August, 2021
15 August, 2021
يقال ان المثقفُ روحُ الأمة ونبراسُ طريقها ووجدانُها الحي وضميرُها الذي لا يستقيمُ عيشُها لحظةً من دونه، وان النخب المثقفة وعلى امتداد عقود طويلة من الزمن شكلت العنصر الفارق في وعي الشعوب وإدراكها، وما فتئت تعكس مستوى اليقظة داخل تركيبة المجتمع مُحَذٍّرة إياه من القادم تارة، ومبشرة إيّاهُ بهِ تارة أخرى.
هذا هو دور النخب في الدول التي نجحت وازدهرت في كافة المجالات، وكان يفترض أن يكون الشيء نفسه في السودان، لكن الواقع يوضح صورة أخرى مقلوبة تماماً، إذ أن من نستطيع أن نطلق عليهم النخب والمثقفين في السودان، لم يغادروا بعد قفص النرجسية الفكرية بكل ما يحمله من تسطيح في قراءة الواقع ومن انطواء غير مبرر على التجربة الذاتية، ومن إشكالات التعصب الأعمى للأفكار.
قبل أسابيع من هذا التاريخ، ظهر الدكتور حمد النور (أحد النخب)، في حلقة إذاعية، وفي رده على واحد من أسئلة المذيع، محمد محمود حسكة، قال، (لابد من مصالحة مع الإسلاميين). نعم، قال انه لابد من مصالحة مع الإسلاميين القتلة!
لم تمر سويعات على كلام د. النور حمد عن الإسلاميين حتى امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي والصحف الالكترونية السودانية، بمقالات منددة بالدعوة التي أطلقها الرجل، باعتبار ان المصالحة مع الإسلاميين فيها ظلم عظيم للشعوب السودانية المتضررة من حكم الإسلاميين لثلاثين عاما.
هذه المقالات المنددة والرافضة لدعوة المصالحة مع الإسلاميين، لم تعجب دكتورنا وعالمنا ومفكرنا النور حمد، وكيف تعجبه تلك الردود الغاضبة من عامة الناس، فالرجل ليس شخصا عاديا، ليجلس على شرفة برجه العالي ويكتب سلسلة مقالات تحت عنوان (“المصالحة” بين ما أعني وتخرُّصات المرجفين (1/7) مليئة بالنرجسية وبالغرور غير المفهوم.
لو كان العالم والمفكر والخبير الدكتور النور حمد شخصا متواضعا يحترم القُراء والرأي الآخر، لاكتفى بمقال واحد لشرح ما قصده بالمصالحة مع الإسلاميين، لكن لأنه يرى نفسه فوق القراء وفوق كل من ينتقده، كتب سبع مقالات يستعرض فيها قدراته التعليمية والعلمية وولخ، في محاولة منه لإقصاء وتهميش الكل لطالما يرفضون دعوته للمصالحة مع الإسلاميين السفلة.
سبع مقالات طويلة لم يستطع خلالها، عالمنا ومفكرنا توصيل فكرته وشرح دعوته للسودانيين، بل هرب الى الامام بالاسترسال في الكلام بتناول موضوع (المصالحة) بصفة عامة، والحديث عن الوثيقة الدستورية، والقول بانه لا يمكن أن تقتلع قوى اليسار التي لا تعرف، سوى التعبئة العاطفية الفجة، والحشد الغوغائي، ونهج الثارات، تغلغل الإسلامويين داخل المجتمع العريض.
وهكذا عزيزي القارئ.. عندما فشل النور حمد في توصيل فكرته بطريقة علمية هادئة، بدأ بإلقاء اللوم على اليسار.. ولا أدرى ما علاقة اليسار بالموضوع لأن الإسلاميين لفظتهم كل الشعوب السودانية واقتلعتهم بثورة شعبية عظيمة؟
الدكتور النور حمد، وصف الذين انتقدوه بــ (المغرضون المستعجلون المحليِّون، قليلو الرَّوِيَّة، من محترفي الشيطنة والتخوين.
وأضاف، هؤلاء لا يناقشون، لأنهم لا يملكون حصائل معرفية يناقشون بها، وبسبب ذلك ينزلقون تلقائيًا في منزلق الهتر الفج والغوغائية. يريد كل فارس منهم نيل رضا القبيلة، وقد لاحت له فرصةٌ لنيل ذلك الرضا. غير أن هذا لن يخدم قضيتهم، وإنما سيخرجهم تمامًا من ساحة الفعل الفكري المنتج.
ولطالما هذا هو رأي الدكتور حمد النور في كل الذين رفضوا دعوته للتصالح مع الإسلاميين.. وانا أقول له، نعم يا دكتور، نحن كل الذي ذكرته في الأعلى، لكننا لا نقبل ان نتصالح مع الإسلاميين اطلاقا، ولا يمكننا مجرد التفكير في هذه الخطوة.
يقول عالمنا ومفكرنا الشجاع، لا يمكن أن تقتلع قوى اليسار التي لا تعرف، سوى التعبئة العاطفية الفجة، والحشد الغوغائي، ونهج الثارات، تغلغل الإسلامويين داخل المجتمع العريض.
ود. النور حمد، إذن، لا يرى في شعار الثورة (كل كوز ندوسو دوس)، سوى تعبئة عاطفية فجة، وحشدا غوغائيا من قوى اليسار. ولا يرى في الإجراءات القانونية والإدارية لإزالة الإسلاميين في سودان الثورة، سوى نهجا انتقاميا ثأريا، نسبة لتغلغل الإسلامويين داخل المجتمع العريض كما يزعم.
نعم، اغلبية اهل السودان مسلمون، وليسوا إسلاميين، لان الإسلاماوية ايدولوجية (الإسلام السياسي)، فعليه، كل من يخلط بين المسلمين والإسلاميين، ويظهر تعاطفا معهم، بإيجاد موقعا لهم في المجتمع السوداني المسلم اسلاما عاديا، لابد ان يكون له غرض.
على العموم.. نشكر الدكتور النور على وصف الذين انتقدوه بالمرجفين وبالغوغائية، لكن هؤلاء الشرفاء لا يمكنهم ان يقبلوا بالتصالح مع قتلة الشعوب السودانية، وستكون أولويتهم، هي اقتلاع الإسلاميين من جذورهم وعدم السماح لهم بالعودة الى الساحة السياسية مرة أخرى.
أخيرا وقبل ما نمشي، نطلب من العالم المفكر الدكتور النور حمد ان يشرح لنا في مقالاته القادمة، الأسباب التي جعلته يؤيد انتخابات المخلوع لعام 2020م، وهذه الانتخابات لو كان قُدر لها ان تُجرى لفاز فيها عمر البشير بنسبة 99.9%؟
bresh2@msn.com
///////////////////////
هذا هو دور النخب في الدول التي نجحت وازدهرت في كافة المجالات، وكان يفترض أن يكون الشيء نفسه في السودان، لكن الواقع يوضح صورة أخرى مقلوبة تماماً، إذ أن من نستطيع أن نطلق عليهم النخب والمثقفين في السودان، لم يغادروا بعد قفص النرجسية الفكرية بكل ما يحمله من تسطيح في قراءة الواقع ومن انطواء غير مبرر على التجربة الذاتية، ومن إشكالات التعصب الأعمى للأفكار.
قبل أسابيع من هذا التاريخ، ظهر الدكتور حمد النور (أحد النخب)، في حلقة إذاعية، وفي رده على واحد من أسئلة المذيع، محمد محمود حسكة، قال، (لابد من مصالحة مع الإسلاميين). نعم، قال انه لابد من مصالحة مع الإسلاميين القتلة!
لم تمر سويعات على كلام د. النور حمد عن الإسلاميين حتى امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي والصحف الالكترونية السودانية، بمقالات منددة بالدعوة التي أطلقها الرجل، باعتبار ان المصالحة مع الإسلاميين فيها ظلم عظيم للشعوب السودانية المتضررة من حكم الإسلاميين لثلاثين عاما.
هذه المقالات المنددة والرافضة لدعوة المصالحة مع الإسلاميين، لم تعجب دكتورنا وعالمنا ومفكرنا النور حمد، وكيف تعجبه تلك الردود الغاضبة من عامة الناس، فالرجل ليس شخصا عاديا، ليجلس على شرفة برجه العالي ويكتب سلسلة مقالات تحت عنوان (“المصالحة” بين ما أعني وتخرُّصات المرجفين (1/7) مليئة بالنرجسية وبالغرور غير المفهوم.
لو كان العالم والمفكر والخبير الدكتور النور حمد شخصا متواضعا يحترم القُراء والرأي الآخر، لاكتفى بمقال واحد لشرح ما قصده بالمصالحة مع الإسلاميين، لكن لأنه يرى نفسه فوق القراء وفوق كل من ينتقده، كتب سبع مقالات يستعرض فيها قدراته التعليمية والعلمية وولخ، في محاولة منه لإقصاء وتهميش الكل لطالما يرفضون دعوته للمصالحة مع الإسلاميين السفلة.
سبع مقالات طويلة لم يستطع خلالها، عالمنا ومفكرنا توصيل فكرته وشرح دعوته للسودانيين، بل هرب الى الامام بالاسترسال في الكلام بتناول موضوع (المصالحة) بصفة عامة، والحديث عن الوثيقة الدستورية، والقول بانه لا يمكن أن تقتلع قوى اليسار التي لا تعرف، سوى التعبئة العاطفية الفجة، والحشد الغوغائي، ونهج الثارات، تغلغل الإسلامويين داخل المجتمع العريض.
وهكذا عزيزي القارئ.. عندما فشل النور حمد في توصيل فكرته بطريقة علمية هادئة، بدأ بإلقاء اللوم على اليسار.. ولا أدرى ما علاقة اليسار بالموضوع لأن الإسلاميين لفظتهم كل الشعوب السودانية واقتلعتهم بثورة شعبية عظيمة؟
الدكتور النور حمد، وصف الذين انتقدوه بــ (المغرضون المستعجلون المحليِّون، قليلو الرَّوِيَّة، من محترفي الشيطنة والتخوين.
وأضاف، هؤلاء لا يناقشون، لأنهم لا يملكون حصائل معرفية يناقشون بها، وبسبب ذلك ينزلقون تلقائيًا في منزلق الهتر الفج والغوغائية. يريد كل فارس منهم نيل رضا القبيلة، وقد لاحت له فرصةٌ لنيل ذلك الرضا. غير أن هذا لن يخدم قضيتهم، وإنما سيخرجهم تمامًا من ساحة الفعل الفكري المنتج.
ولطالما هذا هو رأي الدكتور حمد النور في كل الذين رفضوا دعوته للتصالح مع الإسلاميين.. وانا أقول له، نعم يا دكتور، نحن كل الذي ذكرته في الأعلى، لكننا لا نقبل ان نتصالح مع الإسلاميين اطلاقا، ولا يمكننا مجرد التفكير في هذه الخطوة.
يقول عالمنا ومفكرنا الشجاع، لا يمكن أن تقتلع قوى اليسار التي لا تعرف، سوى التعبئة العاطفية الفجة، والحشد الغوغائي، ونهج الثارات، تغلغل الإسلامويين داخل المجتمع العريض.
ود. النور حمد، إذن، لا يرى في شعار الثورة (كل كوز ندوسو دوس)، سوى تعبئة عاطفية فجة، وحشدا غوغائيا من قوى اليسار. ولا يرى في الإجراءات القانونية والإدارية لإزالة الإسلاميين في سودان الثورة، سوى نهجا انتقاميا ثأريا، نسبة لتغلغل الإسلامويين داخل المجتمع العريض كما يزعم.
نعم، اغلبية اهل السودان مسلمون، وليسوا إسلاميين، لان الإسلاماوية ايدولوجية (الإسلام السياسي)، فعليه، كل من يخلط بين المسلمين والإسلاميين، ويظهر تعاطفا معهم، بإيجاد موقعا لهم في المجتمع السوداني المسلم اسلاما عاديا، لابد ان يكون له غرض.
على العموم.. نشكر الدكتور النور على وصف الذين انتقدوه بالمرجفين وبالغوغائية، لكن هؤلاء الشرفاء لا يمكنهم ان يقبلوا بالتصالح مع قتلة الشعوب السودانية، وستكون أولويتهم، هي اقتلاع الإسلاميين من جذورهم وعدم السماح لهم بالعودة الى الساحة السياسية مرة أخرى.
أخيرا وقبل ما نمشي، نطلب من العالم المفكر الدكتور النور حمد ان يشرح لنا في مقالاته القادمة، الأسباب التي جعلته يؤيد انتخابات المخلوع لعام 2020م، وهذه الانتخابات لو كان قُدر لها ان تُجرى لفاز فيها عمر البشير بنسبة 99.9%؟
bresh2@msn.com
///////////////////////