العلاقات السودانية الأردنية!!

 


 

 

زفرات حرى

 

الطيب مصطفى

     عاد العميد »م« عبد الرحمن فرح رئيس منبر السلام العادل معافى والحمد لله، بعد أن أجرى عملية جراحية في جنوب إفريقيا التي تقيم فيها ابنته مع زوجها الطبيب وقال إن العلاج في جنوب إفريقيا أرخص بكثير وأضمن من العلاج بالأردن ذلك أن جنوب إفريقيا تعتبر الدولة الأكثر تقدماً في إفريقيا، وبالقطع لا توجد مقارنة بينها وبين الأردن من حيث التقدم في المجالات كافة بما في ذلك المجال الطبي والعلمي بصورة عامة.  مناسبة هذه (الرمية) ــ كما يقول د. البوني ــ هى ذلك الموقف العجيب الذي ظل سفير الأردن لدى مصر ومندوبها لدى الجامعة العربية يتخذه من قضايا السودان بما في ذلك موقفه من قرار محكمة الجنايات الدولية، فقد اختط الرجل المعروف بعدائه للسودان طريقاً غريباً شذَّ فيه عن الإجماع العربي خلال الاجتماع الوزاري السابق للقمة العربية (وشال وش القباحة) بصورة فيها كثير من الصفاقة.  هذا الرجل لا يشبه الأردن بأي حال من الأحوال فهو من دعاة التطبيع مع العدو الصهيوني ومعروف بموقفه خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي انعقد قبل سنوات في الجزائر حين كان وزيراً لخارجية الأردن فقد أعلن الرجل وعلى رؤوس الأشهاد أن ذلك المؤتمر سيكون (مؤتمر التطبيع مع إسرائيل) واضطرت الحكومة الأردنية المحرجة من إعفائه من منصبه الوزاري بعد أن أمضى أربعة أشهر فقط في ذلك الموقع. ولا يفوتني أن أذكر أن وزير الخارجية الجزائري عبد القادر حجار كان قد ألقم الرجل حجراً حين ردّ عليه بقوة وقال له: (إن كنت تريد التطبيع مع إسرائيل فيمكنك أن تفعل ذلك من بلدك أما هنا في جزائر المليون شهيد فلا)!!  السفير الهمام متزوج من أمريكية وشغل منصب سفير الأردن لدى أمريكا وأعجب أن يمثل هذا الرجل دولة السلالة الهاشمية.  أعود إلى موضوع (رمية البوني) لأقول إن الشعب السوداني دون غيره من شعوب العالم يصرف مئات الملايين من الدولارات في العلاج بالأردن بالرغم من أن العلاج في الشقيقة مصر وجنوب إفريقيا أرخص كلفة وأفضل من حيث النوعية خاصة بعد أن دخل الجانب التجاري بقوة في خدمات العلاج بالأردن وما أسهل الاجراءات التي يمكن أن تتخذ لكي يتحول السودانيون من الأردن إلى دول أخرى!!  لقد منح السودان الأردن أراضي زراعية خصبة تبلغ مساحتها مئات الآلاف من الدونمات بلا أدنى مقابل أو نفع يعود على السودان وما ذلك إلا تقديراً لعلاقة قديمة تربط السودان بالملك حسين رحمه الله واستمرت في عهد سلفه الملك عبد الله بن الحسين.  يعلم سفير الأردن بالسودان من خلال رصده للواقع السياسي ولتداعيات قرار المحكمة الجنائية مقدار الالتفاف الجماهيري الذي حدث حول الرئيس البشير باعتباره رمزاً لكرامة الأمة التي جُرحت في كبريائها وليته ينقل ذلك الاصطفاف إلى الحكومة الأردنية حتى تعلم بأن الشعب السوداني لم ينفعل في تاريخه الطويل كما انفعل بهذه القضية ولا يمكن أن نتصور أن تضحي الأردن بعلاقتها المتميزة بالسودان وتترك لسفير مسلوب الإرادة لخدمة أجندة خارجية لا تمت بصلة إلى الأردن وشعبه وقيادته السياسية بصلة... تترك له أن يعرض العلاقات السودانية الأردنية للخطر والقطيعة السياسية بعد أن كانت متينة وقوية وراسخة.  المبعوث الروسي  التقى وزير خارجية مصر أحمد أبو الغيط بالقاهرة بالمبعوث الروسي ميخائيل مارغيلوف الذي يزور مصر للتشاور بشأن السودان بما في ذلك قضية المحكمة الجنائية الدولية وأزمة دارفور واتفاقية السلام الشامل... يقول الخبر إن المبعوث الروسي استمع إلى وجهة النظر المصرية التي تدعو إلى (تجاوز التحديات التي تواجه السودان من خلال شراكة جديدة يتم بناؤها وتفعيلها بين الحكومة السودانية والمجتمع الدولي)!!  لا أدري ما إذا كانت مصر تصر حتى الآن على التدخل في الشأن السوداني بدون التنسيق مع الحكومة السودانية كما فعلت حين عملت على إقامة مؤتمر دولي دعت إليه بعض الدول الغربية حتى قبل أن تستأذن الحكومة السودانية الأمر الذي ذكرنا بمؤتمر شرم الشيخ حول غزة والذي دعت إليه مصر بعض الدول الأوربية بدون مشاركة حركة حماس التي تحكم غزة!!  كذلك أتساءل عما إذا كانت مصر لا تزال تتبنى موقفها السابق حول قرار محكمة الجنايات الدولية والذي يدعو إلى (تعليق) القرار لمدة عام أم أنها طورت موقفها بالاتساق مع مؤتمر القمة المنعقد في الدوحة والذي قرر بالإجماع المطالبة (بإلغاء) وليس (تعليق) قرار محكمة الجنايات الدولية!!  مما يثير الدهشة أنه في الوقت الذي اجتمع فيه المبعوث الروسي مع المسؤولين المصريين رغم علمه بالخلاف بين الموقفين السوداني والمصري حول الجنائية بما في ذلك المؤتمر الدولي والتعليق الذي تتبناه مصر بدلاً من الإلغاء وعدم الاعتراف بالمحكمة الذي يتبناه السودان فإن هناك أنباء رشحت بأن نائب رئيس مجلس الدوما الروسي وهو بالقطع أعلى من المبعوث الروسي أعلن أن روسيا ستعمل مع أصدقائها في مجلس الأمن لإلغاء قرار الجنائية عند عرض الأمر على مجلس الأمن!!  بالرغم من أن الحكومة قد ابتعثت د. عوض الجاز إلى روسيا حول قضية المحكمة الجنائية فإن الأمر يحتاج إلى جهد أكبر وإلى تعميق العلاقة مع روسيا وتطويرها بما يجعلها أكثر التزاماً تجاه السودان خاصة وأن روسيا تعاني من أوضاع اقتصادية سيئة ناتجة عن الأزمة المالية العالمية وكذلك عن انخفاض أسعار البترول الذي تعتمد عليه روسيا كثيراً في موازنتها.  على الحكومة أن تحمل مشروعاً متكاملاً لتطوير العلاقة مع روسيا بحيث تصبح علاقة استراتيجية على غرار ما فعلت مع الصين التي لا نزال نحتاج إلى تمتين العلاقة بها أكثر مما هى عليه الآن خاصة في المجالات الزراعية وعلى الحكومة أن تعوِّل على الصين كثيراً خاصة وأنها خرجت من الأزمة المالية الأخيرة وهى أكثر قوة من ذي قبل ولعل مؤتمر العشرين الذي استعرضت الصين خلاله قوتها الاقتصادية وزادت من مساهمتها في صندوق النقد الدولي يعتبر مؤشراً قوياً لانطلاقة المارد الصيني الذي أصبح في وضع مُريح لاتخاذ القرارات السياسية بصورة أكثر قوة من ذي قبل خاصة بعد اللطمة التي ضربت أمريكا وهزت من مكانتها السياسية والاقتصادية وبعد تزايد حصة الصين في السندات الأمريكية.   

 

آراء