*لم يفاجأ الناس بالقرار الجمهوري الذي تم بموجبه إعفاء وزير الخارجية البروف إبراهيم غندور بعد أن قال كلمته حول أوضاع البعثات الدبلومسية السودانية في الخارج، فقط تأكد إستمرار الأوضاع المتأزمة بلا تغيير يذكر. *الإختناقات السياسية والإقتصادية والأمنية متفاقمة والجدل النظري يدور فوق رؤوس المواطنين الذين لم يعد يعنيهم كل التغييرات التي تجري في كابينة الحكم لانها لاتؤثر فعلياً في واقعهم ومعاناتهم المتفاقمة. *أزمة الدبلوماسية السودانية بدأت منذ الأيام الأولى لعهد الإنقاذ حين إبتدع مجلس الصداقة الشعبية في عهد الدكتور مصطفي إسماعيل تحت عباءة الدكتور حسن الترابي رحمة الله عليه"المؤتمر الشعبي الإسلامي والعربي" الذي أدخل السودان في عدد من المشاكل الخارجية والداخلية مازال يدفع ثمنها. *الغريب في الأمر أن الدكتور مصطفى إسماعبل عندما أصبح وزيراً للخارجية - في مرحلة لاحقة - إتفق مع جهاز الامن على ضرورة حل المؤتمر الشعبي الإسلامي والعربي الذي إحتضن كل المعارضين لحكوماتهم، بحجة أنه أضر بعلاقات السودان الخارجية. *لا جدوى هنا من إعادة سرد التأريخ الحاضر للحراك السياسي غير المتوازن سواء في علاقات السودان الخارجية أم في علاقة الحكومة مع أهل السودان في الداخل، فالواقع الحالي لم يخرج من عنق زجاجة الإنقاذ رغم كل التغييرات الفوقية التي جرت في "الحركة الإسلامية السياسية"التي خططت ونفذت إنقلاب 30 يونيو1989م ، وفي حزب "المؤتمر الوطني" الحاكم الغائب. *حتى "التنظيم السيوبر" التي جرت محاولات لإضعاف سطوته لم يغير من أمر السياسات القائمة شيئاً، وقد تشكل "تنظيم سيوبر" اخر لاعلاقة له بالسياسة ولا بالحركة الإسلامية السياسية ولا بالحزب الغائب رغم العلاقة السرية التي تربط بينهم. *بإختصار .. القصة ليست قصة غندور ولا الخارجية إنما هي أزمة عامة تستوجب الإعتراف الصادق بحالة التخبط السياسي والفشل التنفيذي، وإتخاذ خطوة عملية تؤكد صدق التوجه لتحقيق الإتفاق السوداني بعيداً عن عن أساليب المفاوضات الثنائية والجزئية، والسعي الجاد لإحداث التغيير المنشود سلمياً قبل أن ينهار صرح السودان شمسونياً "على وعلى أعدائي" .... حينها لن ينفع الندم.