الكذَّابون!!

 


 

 

زفرات حرى

 

الطيب مصطفى

 

eltayebmstf@yahoo.co.uk

  علَّق 52  شخصاً على الهجوم الذي شنه عبد الرحمن الراشد مدير قناة العربية المسخَّرة لخدمة الأجندة الصهيونية والأمريكية والكاتب بصحيفة الشرق الأوسط اللندنية التي تسميها النخب السعودية بـ (خضراء الدمن) لأنها تصدر في ورق أخضر اللون وفي شكل قشيب ولأنها تخدم أجندة أعداء الأمة وقوى التبعية في منطقة الشرق الأوسط وهى مع قناة العربية أو (العبرية) جزء من برنامج حرب الأفكار الذي دشنته الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس الأمريكي السابق بوش لتحسين صورة أمريكا في المنطقة العربية وللدفاع عن السياسة الأمريكية وعن القوى السائرة في فلكها وبالتالي يُطلق اسم خضراء الدمن على تلك الصحيفة اقتباساً من الحديث الشريف الذي لم أتحقق من صحته والذي حذَّر فيه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من (خضراء الدمن) التي أجاب على سائليه بأنها (المرأة الحسناء في المنبت السوء)!! وكما سُمِّيت تلك الصحيفة العميلة بذلك الاسم المطابق للدور الخطير الذي تلعبه سُمِّيت كذلك القناة التي يديرها عبد الرحمن الراشد بقناة (العبرية) والاسم لا يحتاج إلى شرح!! من جملة هؤلاء المعلقين على مقال الراشد المتحامل على الرئيس البشير والذي اتهم فيه الرئيس بأنه وراء أحكام الإعدام الصادرة ضد قاتلي الشهيد محمد طه محمد أحمد وكذلك ضد المدانين بغزو أم درمان... من جملة هؤلاء المعلقين كان عدد المؤيدين لطرح الراشد أربعة فقط وكان البقية (20) شخصاً ــ ما عدا واحد فقط يقف على الحياد ــ مساندين للبشير رافضين لطرح الراشد مفندين لمقاله بحجج قوية وبيان رائع. الراشد الذي لا يُخفي انحيازه المستمر لدولة الكيان الصهيوني والمنتقد على الدوام للمقاومة بكل أشكالها والمنادي بالتطبيع مع إسرائيل والذي ظل ينتقد كل فعل تأتيه الحكومة السودانية ورئيسها البشير ولا يرى فيها إلا شراً محضاً والذي ظل يساند محكمة الجنايات الدولية ومدعيها أوكامبو... هذا الراشد اعتبر الأحكام في حق قاتلي الشهيد محمد طه لا علاقة لها بالقضاء بالرغم من أن هذه القضية استغرقت أكثر من عامين واستكملت كل درجات ومستويات التقاضي وكانت مفتوحة للجمهور وفيها اعترافات موثقة وبينات لا يتطرق إليها الشك والعجيب في الأمر أنه في حين أن الراشد يعترف بأنه لا يملك معلومات ويقول: (لا يجوز لنا ادعاء براءتهم أو تجريمهم أيضاً) فإنه رغم ذلك لا ينسى اسطوانته المشروخة في النيل من البشير الذي يبغضه بأكثر مما يبغضه الصهاينة فقد قال الراشد إن الأصوات ارتفعت مستنكرة بأنها (لم تر ظلماً كهذا في حق المقتولين التسعة) ثم قال إن (الضغوط الداخلية ارتفعت مع دعوات الزعيم السوداني حسن الترابي للبشير بأن يسلِّم نفسه)!! مسكين هذا الراشد الذي يكتب ما يمليه عليه موقفه السياسي المبغِض للحكومة السودانية ورئيسها، المتيَّم بدولة الكيان الصهيوني وكل قوى التبعية في عالمنا العربي والإسلامي فهو لا يدري حقيقة الأوضاع في السودان وإن درى فإنه لا يملك أن يقول الحقيقة فعين السخط لا تبدي غير المساوئ ولا ترى إلا ما يمليه عليها موقف السخط والبغضاء الذي يحيل الليل إلى نهار والنهار إلى ليل وإلا فخبروني بربكم أين هي الضغوط الداخلية التي ارتفعت مطالبة الرئيس بتسليم نفسه؟! ثم ألا يقرأ الراشد التعليقات التي وردت تعقيباً على مقاله في بريده الالكتروني ليعرف حقيقة الشارع السوداني ثم منذ متى تحوَّل الراشد للإعجاب بالترابي الذي أشار إليه باعتباره معبِّراً عن نبض الشارع... هذا الترابي الذي كان مبغوضاً مكروهاً عند الراشد عندما كان نافذاً في الحكومة وتحول فجأة إلى حبيب قريب من الراشد عندما فجر في خصومته وبات يخدم أجندة أعداء السودان بمن فيهم محكمة الجنايات الدولية وغيرها من آليات الاستعمار الجديد ومن أسف فإن الراشد لا يعلم أن هذا الترابي الذي يعتبره رمزاً وقائداً في الشارع السوداني بات معزولاً مقصيَّاً ناشزاً عن إجماع الشعب السوداني ومُتَبرَّماً منه حتى من الأقربين الذين ضاقوا به ذرعاً بعد أن أعماه الحقد وأخرجه من مرجعيته الفكرية والعقدية وفتك به كما فتك من قبل بقابيل وهو يقتل أخاه هابيل أو بإبليس وهو يرفض الانصياع إلى أمر الله تعالى الأمر الذي أخرجه من الجنة مذمومًا مدحوراً طريداً. الراشد يكذب ويتحرى الكذب لدرجة أن يجعل عنوان مقاله: (إعدام 91  دارفورياً في الخرطوم) ثم يقول في مقاله إن رجال البشير (أسالوا دم 91  سودانياً في أحكام قضائية ملبسة)!! إنه تزوير الحقائق.. وإلا فخبروني بربكم هل فعلاً أُسيل دم 91  دارفورياً؟! الحاصل أن تسعة مدانين هم الذين أسيلت دماؤهم ولا يملك البشير أو غيره حق العفو عنهم بعد إصرار أولياء الدم على القصاص ووالله انه لمن لطف الله بالشيخ المسن والد الشهيد محمد طه أن أحياه الله حتى يشفي غليله و»يبرد حشاه«.. الممزَّق من الحسرة وكنت أعجب من تطاول مدة الفصل في القضية التي أرى أنه من الخطأ البين أن تتأخر كل هذا الوقت ومن أسف فإن من أكبر مظاهر الظلم تأخير الفصل في القضايا بالنظر إلى التعقيدات التي تنشأ من ذلك التأخير بما في ذلك وفاة المتقاضين خاصة رافعي الدعاوى قبل أن ينالوا حقوقهم وهذا موضوع آخر يستحق وقفات أخرى! أما العشرة الآخرون فإنهم مدانون في قضية غزو أم درمان التي لا أجد لها حداً في كتاب الله غير (الحرابة) وبالرغم من ذلك يهرف الراشد بما يعلم أنه حديث إفك خاصة وأن مشاهد غزو أم درمان رآها العالم أجمع من خلال الفضائيات بما فيها فضائية عبد الرحمن الراشد (العبرية) ولم يُسل دم أولئك المتهمين كما ادعى الراشد ولا تزال الفرصة أمامهم متاحة للاستئناف رغم أن هؤلاء روَّعوا أم درمان والخرطوم بل والسودان وقتلوا الأبرياء من المواطنين وألحقوا أضراراً بالغة بسمعة واقتصاد السودان وأثَّروا على مناخ الاستثمار وهو أمر يحتاج شرحه إلى مقالات. لقد أفحم المعلقون الراشد وأتوا على كل صغيرة وكبيرة في ردودهم وعقدوا المقارنة بين تعامل السودان مع المتهمين وتعامل دول أخرى لا يستطيع الراشد أن يكتب عنها سطراً واحداً خاصة تلك التي تنكل بالمخالفين وتعدمهم حتى بدون محاكمات وتحدث بعضهم عن أن الراشد مجروح في شهادته لأنه متحامل على الدوام وسخر الكثيرون من جهله الفاضح بالواقع السوداني وتهكم بعضهم من استشهاد الراشد بالترابي الذي قالوا إن اتباعه تمردوا عليه واعترضوا على رؤيته التي تبيح تسليم المسلم إلى جهة كافرة تتحاكم الى الطاغوت وذكروا يس عمر الإمام والحاج آدم ولجنة شباب الحزب في أمبدة كما تهكم آخرون وسخروا من قول الراشد إن المدانين كلهم من عِرق واحد وقالوا له إن هؤلاء حوكموا على جرائم اعترفوا بارتكابها وليس على انتمائهم العِرقي وقال بعضهم إن دعوة البشير للتعايش والتسامح التي قال الراشد إنها تتعارض مع تلك الأحكام (لا تعني ترك البلاد مسرحاً للمجرمين وشذاذ الآفاق يشيعون فيها الخراب والدمار دونما رقيب أو حسيب). إني والله لأتساءل عن جرأة هذا الراشد على الحق وارتمائه بهذه الصورة المهينة في أحضان من يوظفونه لخدمة أجندتهم وأكثر من هذا إني أتساءل: ألا يخشى هذا الرجل يوم الحساب؟! اللهم يا الله أرنا في الراشد بأسك وعجائب قدرتك.

 

آراء