الكذَّابون!!
4 May, 2009
زفرات حرى
الطيب مصطفى
كنتُ قد كتبتُ عن 52 شخصاً عقَّبوا على المُتيَّم بالصهاينة المُبغِض للمقاومة الفلسطينية ولكل دعاة تحرير أوطاننا من المحتلين والمستعمرين القدامى والجُدد، المدعو عبد الرحمن الراشد مدير قناة (العبرية) الفضائية والذي كتب كما ظل يفعل مسانداً لمدعي الجنايات الدولية أوكامبو ومعارضاً للرئيس البشير لكني أقول إن الاحصائية التي أوردتُها كانت وليدة الساعات الأولى بعد صدور مقال الراشد أما اليوم فقد تجاوزت الردود المائة تقريباً في بريد صحيفة »الشرق الأوسط« الالكتروني وكان معظمها متهماً الراشد مسانداً للرئيس البشير.
قبل أن أفسح المجال للأخ أحمد نقد الذي عقَّب على مقالي حول الراشد أود أن أؤكد تأييدي له في معظم ما ذكر خاصة ندرة الإعلام المصادم وقلَّته فمعظم المنافحين عن الرئيس والسودان في صحافتنا للأسف حتى الإسلاميين من أصحاب الكتابات الخجِلة والملساء التي لا تنفذ إلى القلب وتحدِث الأثر في نفس القارئ وتروِّع الأعداء فنحن في عالم لا يحترم إلا الأقوياء وليت هؤلاء يدركون سر قوة العبارة القرآنية التي كانت تأخذ بألباب من أُنزل عليهم القرآن وليتهم لو أدركوا أن آية (وجاهدهم به جهاداً كبيراً) كانت مكية وتعني جهاد الحجة والبيان لا جهاد السنان الذي لم يكن قد أُمر به حينها وليتهم لو علموا معنى الإغلاظ على الكفار »المحاربين« والمنافقين في الآية القرآنية (يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير)... لو علمنا وعملنا بمقتضى الآية لما تجرأ علينا وعلى ديننا ودولتنا ورئيسنا أمثال عبد الرحمن الراشد وياسر عرمان وباقان أموم ومن لف لفهم ممن يحتاجون إلى الكلمات الرصاصية لا العبارات الملساء التي ينوم قارئها قبل أن يكملها وكأنها مخدِّر أو منوِّم ليت هؤلاء تأملوا توجيه الرسول صلى الله عليه وسلم لشاعره حسان بن ثابت (أهْجهم وروح القدس معك) لو فعلوا ذلك بعرمان وباقان والراشد لما تجرأوا علينا وتحرشوا بنا وبديننا أما إعلامنا فوالله أشعر بحرج شديد أن أتحدث عنه حتى لا أتهم وقد كنت نافذاً فيه ذات يوم... يكفي فقط أن أشير إلى تعدد القنوات والتلفزيونات والإذاعات التي لا يجمع بينها جامع الأمر الذي يشتِّت الرسالة الاعلامية في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى التوحد.
بربكم ماذا يضير لو وحَّدنا بعض نشرات الأخبار على مستوى القطر بدلاً من انفراد كل محلية بجهاز إرسال وبث بعض أخبار الولاية أو المحلية بعيداً عما يحدث في الخرطوم؟!
كنا قديماً نجمع جميع وزراء الشؤون الاجتماعية والثقافية في الولايات المسؤولين عن الإعلام لنوحد الرسالة الإعلامية في بعض البرامج مثل نشرة الأخبار الرئيسية وبرنامج (ساحات الفداء) التعبوي. كنا نؤمن حينها أن الإعلام من أكبر ممسكات الوحدة الوطنية وكنا نقول إن مواطن الفاشر وكسلا ودنقلا في حاجة إلى أن يعرف أنه جزء من وطن عاصمته الخرطوم ورئيسه البشير من خلال متابعة نشرة أخبار العاشرة مساءً مثلاً أما اليوم فإنني أشك كثيراً في أن تكون ولايات السودان بل ومشاهدي فضائيات العاصمة الكثر قد شاهدوا تفاعُل الشعب مع رئيسه في سبدو والفاشر والخرطوم!!
لقد نقلت هذا الرأي إلى الأخ الخلوق الزهاوي إبراهيم مالك وأرجو أن يضعه موضع التنفيذ.
مشهد وتعليق
عبد الرحمن الراشد المُو راشد
أحمد نقد إدريس
❊ المشهد:
علَّق 52 شخصاً على الهجوم الذي شنه عبد الرحمن الراشد مدير قناة العربية المسخرة لخدمة الأجندة الصهيونية والأمريكية والكاتب بصحيفة الشرق الأوسط اللندنية التي تسميها النخب السعودية بـ »خضراء الدمن«، من جملة هؤلاء المعلقين على مقال الراشد المتحامل على الرئيس البشير والذي اتهم فيه الرئيس بأنه وراء أحكام الاعدام الصادرة ضد قاتلي الشهيد محمد طه محمد أحمد وكذلك ضد المدانين بغزو أم درمان.من جملة هؤلاء المعلقين كان المؤيدون لطرح الراشد أربعة فقط وكان البقية »20« شخصاً ما عدا واحد فقط يقف على الحياد.. مساندين البشير رافضين لطرح الراشد مفندين مقاله بحجج وبيان رائع.
إني والله لأتساءل عن جرأة هذا الراشد على الحق وارتمائه بهذه الصورة المهينة في احضان من يوظفه لخدمة أجندتهم وأكثر من هذا إني أتساءل ألا يخشي هذا الرجل يوم الحساب؟!
اللهم يا الله أرنا في الراشد بأسك وعجائب قدرتك.
❊ التعليق:
المشهد أعلاه ورد في »زفرات« الطيب مصطفى بتاريخ الثلاثاء 12/4/2009م تحت عنوان (الكذَّابون):
الباشمهندس أبدى سروره الواضح من رد فعل المعلقين الذين لم يورد أسماءهم ولا جنسياتهم.
أرجع بذاكرتي إلى الوراء وأقول إنني اغتربت عن الوطن لأول مرة في شهر مايو 1977م حيث عملت في مدينة الدمام بالمملكة العربية السعودية.
اكتشفت لأول وهلة أن السلطات السعودية بدأت بتنمية الإنسان السعودي قبل أن تبدأ بالتنمية العمرانية ففتحت المدارس والجامعات واستجلبت المعلمين والمعلمات من شتى أنحاء الوطن العربي لهذه الغاية واهتمت بالانسان ووفرت له حاجياته وعمدت إلى رسم استراتيجية إعلامية تعبِّر عن تلك المرحلة.
هذه الاستراتيجية كانت مخدومة بعدة صحف والعديد من الإعلاميين كجريدة »الرياض« وجريدة »الجزيرة« وجريدة »عكاظ« و»المدينة« و»اليوم«.. الخ.. ومن بعد جريدة الشرق الأوسط وذلك ما سهَّل علينا فهم الواقع، وكذلك المواطن السعودي الجاهل جداً حينها كان يتنَّور ويرسم خطواته من خلال وسائل الاعلام المقروءة والمسموعة »الراديو« والمشاهدة »التلفزيون«.
وذلك على العكس منا نحن الذين بدأنا بالمقلوب أي بالتنمية العمرانية وأهملنا الإنسان أساس التنمية ورغم سوء الاستراتيجية مقارنة بمثيلتها السعودية إلا أنه لا ينكر إلا من في عينه رمد أن الانقاذ الثورة حققت انجازات ضخمة ووضعت خططاً نهضوية عملاقة، ولكن بلا إعلام يضئ للناس الظلمات التي قادت إلى النعرات والحروب.. الخ المعيقات التي عطَّلتنا ولم تجعلنا نستفيد، وبدلاً من القفز إلى مرحلة تنمية الإنسان وقعنا في فخ التأمين أقصد تأمين البلاد فذهبت جل موارد الدولة إلى الأمن بعد أن كثرت التمردات، وهكذا، فأصبحنا نشاهد أن هنالك تناسباً طردياً بين زيادة الموارد وزيادة المؤامرات التي أذكاها غياب التنوير الاعلامي حلقة الوصل بين السلطة والمواطن وخلونا نستذكر بعض المشاهد من دول أخريات حولنا، فمثلاً في مصر ناصر رأينا قامات مثل هيكل وحتى المخضرم أحمد سعيد الذي كان يذيع بيانات بطولية في حرب ٧٦م والوضع على الأرض كارثي، ومن بعد رأينا أحمد بهاء الدين وآخرين مع السادات، وبالأمس القريب رأينا كيف أن الإعلام الرسمي السوري صعد بالسلطة السورية من مرحلة الصعود إلى الهاوية إلى مرحلة الصمود والانتصار فمن منا لم يسمع بتلك السيدة القمة بثينة شعبان التي حارب بها الأسد كل القنوات الصهيوأمريكية!!
فيا باشمهندس الطيب مصطفى إن أقنعنا من ذكرتهم أعلاه بقوة نهجهم والأنظمة خاسرة ومنتكسة، فإننا على العكس لم نجد من يطبطب علينا ويقنعنا بنظام الانقاذ وهو يحقق مكاسب كبيرة على الأرض، نعم كان اهتمامنا بالخارج أكثر من الداخل وتسرَّعنا في إرساء النهج الديمقراطي الإعلامي وأصبح عيباً كبيراً أن يُصنف أحد بأنه إعلامي ميري وأصبح الكل يتسابقون إلى كشف الاخفاقات متجاهلين الانجازات، لذلك كان طبيعياً أن يكتب عنا أمثال عبد الرحمن الراشد وغيره في ظل غياب المعلومة والإعلامي المصادم.
وللأسف ديمقراطيتنا اليوم كذلك الذي صعد مسرعاً عمارة شاهقة وأصبح يرقص في منتصفها عند الدرج فلا يراه الذي هو أسفل أو من هو أعلا.. فلن يستقيم الظل والعود أعوج.
فلا نحن اقتفينا أثر النظم الشمولية وأسَّسنا إعلاماً قوياً مصادماً، ولا سلكنا طريق الصحف الديمقراطية وأفردنا مساحة واسعة للحريات لنكشف خبايا وأسرار وسوءات المعتدين علينا ومن وراءهم كأمثال الراشد الذي نخبره منذ أن كان مدير تحرير الشرق الأوسط أيام جهاد الخازن!!