المؤتمر الشعبي ،، اللعب على كل الحبال!.

 


 

حسن الجزولي
19 January, 2019

 


المشهد السياسي

إن وعي وتحضر جماهير الشعب السوداني قد استقبل بارتياح انسلاخ العديد من الكيانات السياسية، عن الحزب الحاكم وفك الارتباط بقاطرته التي كانت تقود تلك الكيانات كالترلة، واعتبر أن ما اتخذته تلك الكيانات من مواقف معلنة وصريحة بمثابة وضع القدم في الطريق السليم لتصحيح مسار نظرتها وتقييمها للأمور، بعد أن تأكد لغالبيتها خسران برنامجها السياسي الذي راهنت عليه منذ تأسيس مشروعها في منتصف أربعينات القرن الماضي وخلال الممارسة الفعلية وتطبيق برنامج الاسلام السياسي الذي أثبت الواقع فشله وشهدت به جماهير شعبنا.
ويتبقى أن تلك الكيانات السياسية وبشخوصها سترضى بكلمة الشعب حينما تحين ساعة المسائلة، وكل نفس بما كسبت رهينة عند شعبها وربها، حيث أن موازين هذه المسائلة لا شك سترتكز على مبادئ القانون وإعمال العدل وتوفر كل ما من شأنه أن يبسط سير العدالة ويوفر ضمانات حقوق المسائلين وواجبات السائلين والبعد عن الضغائن والأحقاد وأخذ الناس بالشبهات، إضافة إلى تضمين مبادئ العدالة الانتقالية والحقيقة والمصالحة مستقبلاً، في سبيل جبر الكسور والخواطر والتوجه نحو بناء دولة المواطنة والقانون والحريات العامة والتعددية الديمقراطية.
إلا أن الاصرار على ممارسة الغش والفهلوة السياسية وممارسة أشكال التغبيش واللعب على كل الحبال، فهي حيل وأحابيل أجادت جماهير شعبنا الواعية الانتباه لها، وهي التي اكتوت بمثلها في ظل نظام اعتقد أن أمد حياته في مقاعد السلطة والحكم سيطول عن طريقها، حيث كشفتها وهي في المهد، وقد أزف الوقت الذي يجب أن تتعامل معه الأحزاب والقوى التي ما تزال مترددة في ما يتعلق إلى أي الصفوف تنتمي وأي الطرق تسلك، وأن تحسم أمرها وتكف بل وتبطل طرق التفكير الميكافيلية المتذبذبة التي ما أثمرت ولا أغنت عن جوع، فشعبنا قد حسم المعركة لصالح أنه لا يصح إلا الصحيح.
فقد خرج علينا حزب المؤتمر الشعبي في الأمس القريب، ونحن في تمام الساعة الخامسة والعشرين التي لا تحتمل الشئ وضده، ببيان يصرح فيه بالأضاد مجتمعة، وعلى كثرة هذا المتناقضات في بيانه، إلا أننا نركز على جزئية بعينها لها كامل الأهمية.
من المعلوم أن جماهير شعبنا وعبر هتافاتها وشعاراتها طرحت مطالبها الواضحة وشروطها العاجلة، وهي رحيل النظام بكامله لينفتح الطريق أمام حكومة انتقالية، تعمل على استدامة وتمتين الوحدة الجامعة لمكونات الشعب، والمضي بها مستصحبة مشاركة الجميع في القضايا الكبرى لكل السودانيين، بغض النظر عن اللون والانتماء السياسي والفكري وعن السحنة واللغة والدين، للمساهمة الجمعية في وقف الحرب والوصول لبرنامج إسعافي لوقف التدهور الاقتصادي ووضع الأسس القانونية والدستورية للانتقال الفعلي من دولة الشمولية وحكم الفرد الثيوقراطي إلى دولة القانون والسلام والعدل الاجتماعي والحريات العامة والتعددية الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة والمحاسبة القانونية والعدلية لكل من أجرم في حقوق السودانين واسترداد كامل أمواله المنهوبة بأكثر من وسيلة عدلية، ضمنها سن قانون حقيقي قومه " من أين لك هذا" ليسائل جميع المشبوهين، الطفل الصغير منهم وحتى الكبير ومن الوزير وحتى الغفير!، إذن فمطلب الشعب هو ذهاب هذا النظام، وقد لخص شعبنا هذا المطلب الذي لا يحتمل أي لجلجة أو حذلقة في الفهم بما تفتق عليه ذهنه المبدع الوقاد الذي ابتدع شعار وهتاف " تسقط بس"!.
فكيف بحزب المؤتمر الشعبي، وهو يستنكر ممارسات النظام الذي ما يزال شريكاً أساسياً فيه، في تعامله القاسي مع الجماهير وقمعه لها بألته العسكرية التي تكفي لتحرير أراضينا المستقطعة، ثم وفي نفس الوقت يستنكر مطالب الجماهير التي تنادي برحيل النظام، ويذكر بما تبقى من فترة العام ونصف العام لانتخابات 2020، والتي لن تحل مشكلة أو تعالج معضلة سوى أنها ستنتج ذات المشكلة وتشربك نفس المعضلة؟، لدرجة أنه لم يتبق معها لحزب المؤتمر الشعبي سوى أن يردد مقولة نظام الانقاذ ومسؤوليه والتي أصبحت معطوبة، بأن من يبتغي السلطة فعليه بصناديق الانتخابات، أي صناديق وأي انتخابات، والجماهير في انتفاضتها قد اختبرت وزن وجماهيرية حزب مشكوك في حجم مشايعيه، ولا يعتمد في واقع الأمر لهذه الانتخابات التي ينادي بها سوى التزوير والخج، فحتى عندما أراد أن يظهر وزن جماهيريته، تراه يلجأ لتزوير ضآلة حجم مؤيديه عن طريق فبركة الصور التلفزيونية والبرمجة التقنية، فيكتشف الناس كيف لجأت آلته في الغش بخلط صور استقبال الراحل جون قرنق في الساحة الخضراء لتصبح وكأنها جماهير حزب "الخج"!.
وعليه،،
يتبقى على حزب المؤتمر الشعبي، وهو المعني بمسائل المحاسبة الصارمة كشريك في "الانقاذ الأصل"، أن يراجع حساباته ويعيد أمر تحالفاته ،، حيث أن "طريق الشعب أوسع من زحام الضيق وقلب الشعب أرحب من رحاب الضو"! ،، كما قال بذلك محجوب شريف شاعر الشعب الذي تنبأ في شعره بهذه الكرنفالات التي تملآ الآن شوارع البلاد!.
_______
• أطلقوا سراح الزميل الصحفي قرشي عوض محرر هذا العمود "المشهد السياسي" وكافة المعتقلين السياسيين.
• نشر بصحيفة الميدان المصادرة بتاريخ الخميس 17 يناير 2019.

helgizuli@gmail.com
///////////////

 

آراء