المؤتمر الوطنى سيلعب بنفس الخطة … بقلم: محمود عثمان رزق
morizig@hotmail.com
تعتبر مقولة السيّد الصادق المهدي التي وصف فيها مجلس الأمن بأنَه إهتم بشكل الإستفتاء وتجاهل مضمونه تشخيص جيّد لموقف أعضاء المجلس من قضية معقدة وخطرة تدل علي فهم سقيم أو أجندة خبيثة يراد تمريرها رغم أنف الشعوب. ولا شك أنّ مجلس الأمن قد أخطاء حين ظن ان الإستفتاء سيقوم فى وقته المحدد !! وأخطأ أيضا عندما ظنّ أن الإستفتاء سيحل المشاكل بين الشمال والجنوب ، وذلك لأنّ المصالح بينهما أكبر و أعقد من أن تحل فى يوم واحد هوالتاسع من يناير القادم!! وسوف يخطئ مرة ثالثة إذا ظن أن الحرب ليست على الأبواب أو أنّه سيستطيع أن يفعل شيئا إذا ما إشتعل فتيلها.
وفي تقديرى أن الإنفصاليين فى الحركة الشعبية عندما التفتوا لمصطلح " الوحدة الجاذبة" ووجدوه فضفاضا لا يخضع لمقاييس علمية محددة قرروا توظيف إكتشافهم بدهاء وحنكة في خدمة أغراضهم الإنفصالية. وعليه ، قاموا بحملة شعواء ضد المؤتمر الوطنى يتهمونه فيها بعدم القيام بأى شيئ يجعل الوحدة جاذبة. وأصبح كل ما تمّ ويتم في نظرهم غير كاف لجعل الوحدة جاذبة ، وكأني بهم يعنون بالوحدة الجاذبة إعمار الجنوب فى خمس سنوات فقط !! والعقلاء من الجنوبيين و الشماليين يقولون أنّ هذا غير ممكن و في نظر هؤلاء العقلاء أنّ الإعتراف بتقرير المصير في حد ذاته يكوّن 70 % من هذه الوحدة الجاذبة لأنّه قرار ليس بالهيّن فى الأساس. و بالطبع عندما وجد الإنفصاليون منفذا فى هذه الإتفاقية لم يلتفتوا لأي صوت غير صوتهم ، ولم يسمعوا نصيحة أى عاقل وسوف يكون هذا ديدنهم حتي تقع الفأس على الرأس فحينها لن ينفع الندم.! .
وإذا إكتشف الإنفصاليون ذلك المصباح السحري وفرحوا به واستغلوه أحسن إستغلال ، فيبدوا لنا نحن كمحللين و مراقبين أن المؤتمر الوطنى قد إكتشف مصباحا مضادا يمكّنه من إبطال قوة المصباح السحري الأول. و مصباح المؤتمر الوطني المضاد يتمثل فى إمكانية الوصول لحل لمشكلة الحدود، وإستفتاء أبيي ، وقضايا المواطنة ، والبترول قبل قيام الإستفتاء. وبما أنّ الإتفاقية تنص على أن تحل هذه العقبات قبل الإستفتاء، فإنّ المؤتمر الوطنى سيلعب بنفس التكتيك والخطة التي لعب بها الإنفصاليون!! والخطة هى عدم التوافق على أى حل فى أى جلسة من الجلسات تخص القضايا العالقة !! ولقد رأينا بالأمس كيف فشلت المحادثات فى أديس أبابا فى حل قضية أبيى ، وسوف تنعقد هذه المحادثات مرة ثانية وثالثة ورابعة وسوف تفشل أيضا !! وسوف يتبع فشل محادثات أبيي فشل آخر فى كل المحادثات بخصوص القضايا العالقة. و ببساطة عدم وجود مقياس علمى متفق عليه من الجانبين أو متضمن فى الإتفاقية يحتكم إليه هو سر اللعبة السياسية التى سيتقنها المؤتمر الوطنى فى الشهور المتبقية. والجدير بالذكر أنّ عدم التوصل لإتفاق حول هذه القضايا لا يعتبر خرقا للأتفاقية من الناحية القانونية لأي من الطرفين.
وكما أن المؤتمر الوطنى قد عجز فى إنتزاع الإعتراف من الإنفصاليين بما قدمه من تنازلات ليجعل الوحدة جاذبة ، فلن ينحج الإنفصاليون فى المقابل مهما فعلوا فى إنتزاع أى إتفاق حول القضايا العالقة إلا إذا قدموا تنازلات حقيقية ترضى طموحات المؤتمر الوطنى.
نعم، سيستمر قادة المؤتمر الوطنى فى تصريحاتهم التى تؤكّد قيام الإستفتاء فى موعده "بشرط إكمال كل الترتيبات المنصوصة عليها فى الإتفاقية". وهذا الشرط الذي يقحم فى كل تصريح لم و لن يجد رفضا لأنّه منصوص عليه فى الإتفاقية وليس شرطا إضافيا. وواقع الحال يقول إنّ هذه الترتيبات لن تتم أبدأ لأنّها تفتقد للمقاييس العلمية التى تساعد الطرفين للوصول لنتائج مرضية وتجبرهما على قبول نتائجها ، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنّ الإرادة السياسية للمؤتمر الوطنى قد ترى أنه ليس من صالحها التوصل لاتفاق فى هذا المناخ العكر.
وبالإضافة لذلك ، فإنّ الإتفاقية تنص على وجوب رضا الطرفين بنتيحة الإستفتاء ، وهنا أيضا ستكون للمؤتمر الوطنى اليد العليا. فإذا رفض المؤتمر الوطنى نتيجة الإستفتاء بحجة مخالفة نصوص الإتفاقية وعدم إكتمال كل بنودها فلن تعترف بنتيجة الإستفتاء الدول الأخرى وخاصة الدول الأفريقية ودول الجوار بالتحديد ، وإذا أقام الإنفصاليون الإستفتاء فى موعده أو أعلنوا دولتهم من جانب واحد قبل إكمال كل الترتيبات فستكون تلك غلطة الشاطر التى ينتظرها المؤتمر الوطنى ويندم عليها الإنفصاليون وسيقبل بعضهم على بعض يتلاومون!!.