المحبوب عبد السلام: المؤتمر الوطني يقاطع مؤتمر جوبا خوفاً علي مقاعد السلطة
12 September, 2009
آمالنا في الحركة الشعبية استشهدت مع قرنق لكن مؤتمر جوبا يمدنا بأمل جديد
وزيارة الترابي للقاهرة لم تتعثَّر
حاورته بالقاهرة : رفيدة ياسين
Rofayda_yassen@yahoo.com
_كانت قد تواترت أنباء حول زيارة الترابي إلي القاهرة منذ فترة لماذا تأخرت ؟ وما الأسباب الحقيقية وراء تعثرها حتى الآن؟
زيارة الترابي إلي القاهرة لم تتعثر وإنما مخطط لها من قبل السلطات المصرية أن تأتي في إطار خطوة تسهم في حل مشكلات السودان ، وكان المسرح المفترض لهذه الزيارة هو جمع فرقاء الأزمة السودانية سواء رؤساء الأحزاب أوقادة المقاومة المسلحة لكن كانت هناك مسارات أخري كثيرة تدور فيها مبادرات حول دارفور في الدوحة وطرابلس و أديس أبابا والقاهرة أيضا.
_وهل تم تحديد موعد آخر لزيارة الترابي إلي القاهرة؟
الساحة السياسية السودانية الآن تنظر للمبادرات المختلفة بمثابة تهيئة لمسرح القاهرة وإسهاماتها في حل مشكلات السودان كما أن هذا المسرح يٌخضع اللاعبين فيه لتمارين مختلفة مما يجعلهم أحيانا يخوضون مبادرات ودية أو منافسات حقيقية في انتظار المباراة النهائية التي تختتم الدوري وتمنح الكأس ، فالجميع الآن يتطلع للعقد الأخير الذي يجمع كل تلك المبادرات ،وعندئذ سيزور الترابي القاهرة.
_هل تم تحديد موعد محدد لذلك؟
لا.... لم يتم بعد، لأن المبادرات لا زالت مستمرة ، والمحاولات المصرية لا زالت مستمرة في البحث عن صيغة تتكامل بها كل هذه الجهود نحو الوصول لحل لإنهاء الصراع في دارفور من ناحية ومشكلات شريكي الحكم من ناحية أخري للوصول إلي استقرار السودان.
_كيف تري دور الحركة الشعبية تجاه الأحزاب المعارضة في مؤتمر جوبا ؟
كل القوي السياسية السودانية والأحزاب المعارضة كانت تتطلع لدور سياسي أكبر من ذلك بكثير من الحركة الشعبية في الفترة الماضية ، وكانت هنالك وعود حملتها اتفاقية "نيفاشا" وآمال في التحول الديمقراطي ووحدة السودان والسلام في كل أرجائه بما في ذلك حل أزمة دارفور ، ولكن هذه الآمال بدت لنا وكأنها استشهدت مع استشهاد رئيس الحركة الشعبية الراحل "جون قرنق".
_وكيف تنظر الأحزاب السودانية المعارضة لمؤتمر جوبا؟
مؤتمر جوبا يمدنا بأمل جديد في إحياء "نيفاشا" ، وبث الروح في وحدة السودان وسلامة تحوله الديمقراطي لإحلال السلام في مختلف ربوعه، كما تتعامل الأحزاب مع المؤتمر علي أنه ورقة حل "سودانية سودانية" قد تفضي بحلول وطنية.
_هل تعتقد أن هذا الدور للحركة جاء متأخرا؟
نعم جاء متأخراً... إلا أن الحركة الشعبية تحاول أن تلحق الخمس دقائق قبل الأخيرة في المباراة ، و"الأمل أزلي كما يقول شكسبير".
_يري البعض مؤتمر جوبا زاد حدة الخلاف بين الحركة الشعبية وبين المؤتمر الوطني ؟
ضحك ساخرا : " الحركة الشعبية متفقة تماماً مع كل القوي السياسية علي أن المؤتمر الوطني حزب لا يمكن الثقة به.
_عذرا للمقاطعة ولكن الحركة الشعبية وضعها مختلف عن أحزاب المعارضة فهي شريكة في حكم البلاد؟
نعم هذا صحيح، ولكنها تختلف اختلافا جوهريا مع الشريك الآخر مما جعل السودان الآن يُدار كبلدين، ووضع الحركة الشعبية يمثل إحدى ظواهر التناقض في الساحة السياسية السودانية فهي شريكا في الحكم وفي ذات الوقت أقوي المعارضين للمؤتمر الوطني.
_هل تعتقد أن مؤتمر جوبا سيزيد بؤر الخلاف بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني؟
ينبغي ألا يفعل ذلك خاصة وان المؤتمر الوطني أكد في الفترة الأخيرة انه جاد ومستعد للانتخابات الحرة النزيهة كما ادّعي وأنه يُعوِّل كثيرا علي شعبية الرئيس البشير.
_كيف تري قرار المؤتمر الوطني بمقاطعة المؤتمر رغم تلقيه دعوة للحضور؟
لأن المؤتمر الوطني يفتقر للرؤية الإستراتيجية ، ويوجِّه كل فائض طاقته إلي التكتيكات ، واهم شئ في تكتيكه هو أن يلقي الساحة السياسية منفردة " حزباً حزباً" ومشتتة "جزءاً جزءاً".
_إذن بم تبرر مقاطعته من وجهة نظرك؟
لا يوجد مبرر سوي الهروب لأن لقاء القوي السياسية السودانية وتوحدها علي رؤية إستراتيجية يزعج المؤتمر الوطني لذا فإنه يري أنه بحضوره إلي جوبا سيساهم في وضع الحبل علي عنقه.
_أريد توضيحا أكثر؟
يجب أن تساعد القوي السياسية السودانية المؤتمر الوطني لتحريره من أوهامه وطمأنته حتى يغدو سهماً في حل المشكلة بدلا من أن يستعمل طاقة الدولة وقوتها ومالها في تخريب السودان.
_وما الذي سيجعله يتحرر من هذه الأوهام؟
أنصحه المؤتمر الوطني بحضور مؤتمر جوبا لأن ذلك سيساعده كثيرا في التجاوز المرحلي للأفق المحدود نحو المصلحة العليا للسودان.
_وكيف تتوقع تلقِّي المؤتمر الوطني لنتائج مؤتمر جوبا؟
إذا تعامل معه بإيجابية سيساهم في خوض الأحزاب للانتخابات بدلاً من مقاطعتها وإذا أراد أن يعطي رئيسه شرعية مؤسسة هذه المرة علي الصدق والمنافسة الحقيقية وليس القهر والتزوير ولو خسر الانتخابات أو خسر بعضها .
_هل من الممكن أن تقابل القوي السياسية مقاطعة المؤتمر الوطني للمؤتمر بمقاطعة الانتخابات كما لوَّحَت من قبل؟
ليس بالضرورة أن يترتب هذا علي ذلك ، وكما أعلن بعض قادة المؤتمر الوطني أن اجتماع الأحزاب في مؤتمر جوبا لن يسفر عن مفاجأة فيما يتعلق بمطالب الأحزاب ، فنتائجه لن تختلف عما حملته اتفاقية السلام الشامل من ضرورة التصالح الوطني تمهيدا للتحول الديمقراطي أو ما حمله مقترح حزب المؤتمر الشعبي من قيام حكومة انتقالية تطمئن الجميع علي نزاهة الانتخابات.
_لكن المؤتمر الوطني لم يقاطع المؤتمر بل وضع شروط لحضوره لم تسمعها الأطراف الأخرى؟
السبب الحقيقي لمقاطعة المؤتمر الوطني لمؤتمر جوبا "تكتيكياً" لأنه لا يريد للأحزاب أن تجتمع علي صعيد واحد حتى لا تطالبه بدفع استحقاقات التحول الديمقراطي ، فالأوراق التي ستطرح في مؤتمر جوبا معروفة الأهداف والوسائل وهي تمثل المخرج الوحيد الذي تراضت عليه الأحزاب وكل القوي السياسية السودانية.
_ولماذا يرفضه المؤتمر الوطني من وجهة نظرك؟
يأباه بسبب نظرته القاصرة والخوف علي مقاعد السلطة.
_كيف تتوقعون أن يتعامل المؤتمر الوطني مع ما ستخرج به القوي السياسية في مؤتمر جوبا ؟
المؤتمر الوطني ما زال يتجاوب بالمدافعة و الضغوط حتي الآن ، لكن مؤتمر جوبا يمنحه فرصة أخري لإنقاذ نفسه وإنقاذ السودان من علي حافة الهاوية.
_لكن المؤتمر الوطني يعتبر المؤتمر مجرد تمرير لأجندة المعارضة؟
يمكن أن يتعامل معها إيجابا وتصبح برنامج وطني وقد يرفضها فتلق عليه إدانة جديدة علي صدره المزدحم بالإدانات.
_الترابي سجَّل غياباً في الفترة الأخيرة هل نتوقع منه تفجير مفاجأة في المؤتمر؟
المؤتمر الشعبي حاضر وهو أكثر حزب قدم أوراق في القضايا السودانية عامة ومسألة دارفور خاصة.
_يري البعض أن الترابي الآن اصبح كالحاضر الغائب؟
العلة ليست في الترابي... ولكن في المناخ غير الصحي الذي يفرضه المؤتمر الوطني فلا توجد حرية للتداول الجاد حول تلك المبادرات وما تزال القوانين تمنع المؤتمرات والندوات حتى الأدبية منها كما حدث مع لجنة تأبين الأديب الراحل الطيب صالح مثلا.
_وماذا عن حزب الأمة؟
حزب الأمة أيَّد مقترح الحكومة الانتقالية باعتبار أنها مطروحة أصلا في مبادراته السابقة ، ومنها مبادرة التراضي الوطني والترابي لا ينطوي علي مفاجأة في مؤتمر جوبا لكنه سيساهم في تقوية الجبهة السياسية السودانية لموافاة شروط التحول الديمقراطي.
_وكيف تري اتفاق حزب الأمة مع الحركة الشعبية علي إعلان المبادئ الذي وقَّعاه مؤخرا؟
تأتي زيارة الصادق المهدي إلي جوبا في إطار خطوة تساعد في المحافظة علي وحدة السودان و للاتفاق علي أن تنتهي النتائج باتفاقية السلام الشامل إلي حكومة ديمقراطية منتخبة ثم بعد ذلك الأحزاب في ظل هذه الشرعية تقدم برامجها وأطروحاتها الفكرية ولكننا اليوم جميعا أمام تحدي واحد عبرت عنه مؤخرا مذكرة التفاهم بين الحركة الشعبية وحزب الأمة وهي خير لأنها جاءت بعد الفتور في العلاقات بين حزب الأمة والحركة الشعبية.
_هل زيارة الترابي مؤخرا لجوبا لها علاقة بتوقيع اتفاق مماثل لحزب الأمة مع الحركة الشعبية؟
المتوقع الآن هو أن تخرج القوي السياسية كلها من المؤتمر بوثيقة تحمل اسم وثيقة جوبا تعبر عن المطلب الجوهري للساحة السياسية السودانية كلها والذي يتمثل في تحول ديمقراطي حقيقي .
_لكن هل متوقع خلال هذه الزيارة توقيع اتفاق ثنائي بين(الشعبي والشعبية)؟
لا لا...غير متوقع توقيع أي اتفاق ثنائي الآن، أما عن اتفاق الأمة والحركة الشعبية فيعد اتفاقاً تمهيدياً لمؤتمر جوبا ليس إلا.
_هل سيتم مناقشة أزمة دارفور بشكل خاص في المؤتمر؟
طبعا لأنها فرع رئيسي في أزمات السودان ، والتصورات حول الحل مطروحة من كل الأحزاب وتعتبر متقاربة إلي حد كبير فمثلاً الترابي يقول أن مطالب دارفور يمكن الاستجابة لها خلال ساعة واحدة ، ونفس هذه المطالب هي نصيحة الحركة الشعبية لفصائل المقاومة في دارفور عند مفاوضات أبوجا الثانية.
_هل تري علاقة بين أزمة الجنوب قبل أن يصبح شريكا في الحكم وأزمة دارفور؟
يجب أن تستفيد دارفور من نمط "نيفاشا" كنموذج في حل مشكلة الجنوب لتحديد مطالب واضحة وقاطعة للحركات المسلحة هذا هو التشابه وكلاهما قضايا داخلية سودانية.
_وما رأيك في كثرة المبادرات الإقليمية والدولية حول دارفور ؟
حان الوقت الآن لجمع كل هذه الأوراق في ورقة واحدة، ولا بد أن تتضافر الجهود ونجلس جميعا لحسم هذه القضية وإنهاء الصراع.
_ ما رأيك في تولي مبارك الفاضل لرئاسة اللجنة التحضيرية لمؤتمر جوبا؟
مبارك الفاضل تربطه علاقة وطيدة بالحركة الشعبية ورغم أن هناك مشكلات فيما يتعلق بالخلافات بينه وبين حزب الأمة القومي لكننا نأمل تخطي هذه المشكلات وأن نكون موضوعيين أكثر من أن نكون شخصيين لأن مبارك رجل سياسي فاعل.
_ماذا تقصد بشخصيين تحديداً؟
أقصد أن تتخطي خلافاتنا الشخصية وننحيها جانباً، ونحن نبحث مشكلات الوطن فأنا مثلا آمل أن يكون المؤتمر الوطني غير موجود أو معزول ، لكنني الآن وفي نفس الوقت أتمني أن يشارك بفاعلية في مؤتمر جوبا لأن عدم وجوده يظل في خانة الأمنيات غير الواقعية لأن الواقع يفرض وجوده علينا الآن.
نقلا عن الشروق