المراهقة السياسية .. الّلعِب بالنار

.. ويُهَروِل مفاوِضونا وداعِموهُم إلى غَيّهِم وهُم يُشيدونَ بِخِطابِ قائد الدعم السّريع ويحتفونَ به ويَتَبارون في إطلاقِ الأوصاف على الرّجُل .. إنّهُم يتحالَفون مَعَ مليشيا ضِدّ وَطَنِهِم وأبناءِ وطنِهِم وشُهَدائهِ ومَفقوديه ! مليشيا إعتَلى منسوبوها جِباهَ أبنائنا وبناتنا بأحذيَتِهِم ! إغتَصبوهُم وهُم صائمون .. رايناهُم يجلدونَ شيخاً بلا رَحمَه وهُم في شكل دائرَه وهوَ في وسطهم يلبس ( عراقي ) خفيف.
يُحاكَم البشير وزبانيَتُهُ بِتُهمَة تقويضِ الدُستور الذي وقَعَ قبلَ نَيفٍ وثلاثينَ عامَاً أدخَلَ البلاد في ما هيَ فيهِ الآن. في ذلك الوقت الذي وقَعَ فيهِ الإنقلاب كانَ هنالكَ جيشٌ مِهَنيٌ واحد وجهاز شرطه واحد ولم تكن هنالك مليشيات ولا مليشيا فاقَت الجيش قوّةً وعَتاداً وعَدَدا.
البرهان وجنرالاتُهُ كانَ لهُم دَورٌ في إنشاءِ قوات الدعم السريع وعَمِلوا سوياً في مسارِحِ العَمَليّات التي لم تَكُن حلايب ولا الفَشقه وإنّما كانَ تأريخاً أسوَداً مِن القتل والحَرق والإغتصاب والتهجير داخل اراضي السودان وضد مواطنين يَدخُلونَ في قَسَمِ الحِمَايَه الذي أدّاه البُرهان وجنرالاتُهُ ذاتَ غَفلَةٍ من الزمان. يعني ذلك أنّ الجميع ( دافنِنّو سوا ) ولا فَكاك لِأيُّهُم عن الآخر.
مليشيا الدعم السريع صاحبة الباع الطويل في الإجرام العام الشامل الذي ليس لهُ حدود أو تخصُّص من الجرائم على جسم الإنسان وترويع طمأنينَتِه الى الكسب الحرام من مال الدوله بقوّة السلاح إلى التخابُر مع إسرائيل إلى الإرتزاق من حُكّام الخليج إلى التلاعُب بالهَويّه السودانيه من مَوقِع السُلطَه إلى الإتّجار بالمُخَدّرات.
البيان المُسانِد الصادِر من مَنسوبي ( الإطاري ) لخطاب قائد الدعم السريع والخطاب الإعلامي ( لمؤيّديهِم ) الّذَيْنِ هَامَا تَغَزُّلاً فيما قالَهُ وَ مَضَيا إلى وَصْف الرّجُل ( بالشَجاعه ) والإقدَام وخَطوَتِهِ بالعَزيزَه ، العَديلَه والبيضا أتى كُلّ ذلك مُتَجاهِلاً كَون هذه القوّات خَلَقتها الإنقاذ ورعَتها وسلّحَتها فأعطَت هويّة الوطن بِكَرَم للأجانِب وأطلَقَت يدَها بلا كابِحٍ فقَتَلَت ورَوّعَت و ( ما زالَت ). تجاهَل الخطابان المصلَحه العُليا للوطَن وانْسَاقا خَلفَ تقديراتٍ واهيَه بإعطاءِ مثل هذه القُوّات المُدَمّره والتي هيَ من إثنيّةٍ واحده شرعيّةً ستُخرِجُها من الضيق الذي يبدو أنّها قد حَشَرَت نَفسَها فيه بعلاقاتِها المشبوهه على المستوى الدولي والاقليمي.
بغضّ النظر عمّا يحدُث داخل الجيش عايشنا جميعاً تمكين البرهان وقيادات اللجنه الأمنيّه لقوات الدعم السريع حتى باتَت تُسيطِر على كل مقار الجيش وجهاز ألأمن وتَمكّنت من كلّ مفاصل العاصمه شمالا وشرقا وجنوباً وغرباً.
ما الذي يُبَرّر محاكمة البشير وصَحْبَهُ في تُهمَة تقويض الدستور ويجعَل قحت تُجازي البرهان وحميدتي بالتَفاوض وثُمّ تستصحِبهُما معها في تكوين حكومه تقولُ أنها مدنيه وتحت يَدَي كُلٌّ مِنهُما قوّاتَهُ وعتادَهُ وتَرَساناتَهُ ومنسوبي عمليّات جهاز الأمن والمخابرات وجهاز الشُرطَه؟ ما الذي جعل الإنقلابَين الإثنَين مختلِفَين؟ كيف يمكن الإحتفاء بخطابِ رَجُلٍ قَتَلَ واغتصَب ومَثّل بِجُثَثِ أبنائنا وبناتنا.. رجُلٌ لَديهِ أقبية تعذيب وَرِثَت نفس سلوكيات جهاز الأمن والمُخابَرات؟ كيف نَحتفي بخطابِ رجُلٍ وهوَ بصِفَتِهِ الرجل الثاني في الدوله تسيطر شركاتُهُ على موارِدِنا وتُهَرّب الذهب الى دول الإقليم والعالَم؟
لقد دفَع شعب السودان ثمَناً غالياً منذ ١٩٨٩ قتلاً وتعذيباً وحرقاً وتهجيراً واغتصاباً واعتقالاً وتغريباً فَثَارَ ويَدَهُ في جَيبِ روحِهِ موَفّياً ثَمَن ثَورَتِهِ أوّلاً بأوّل فمن الذي فَوّض هذه الفِئه الإطاريّه لتتفاوَض بإسمِهِ بعدَ أن خانت أمانَة التّكليف الأول الذي كَسَرَت فيهِ القلوب وأضاعت البلَد ؟ كيفََ لها أن تتحالَف مع الإنقلابيين ومُعاونيهِم ومُحَرّضيهِم وأحزاب الإنقاذ وهي تسعى في ركب القوى الدوليه والإقليميه غريبة الوَجهِ واليَدِ واللّسان؟
سنظلُّ على جانِبَي الطريق خلفَ لاءاتِنا الثلاثه حتى شهقة الروحِ الاخيره وليهنأ الإطاريون وداعموهُم بمزيدٍ من القتل والدّماء. ليهنأوا بوَطَنٍ ساقوهُ إلى حَتفٍ ما كانَ لهُ أن يبلُغَهُ لولا وجودَهُم غير الأمين. يا لبؤسِنا وانتُم تَضَعونَ أيديكُم وكراسيِّكُم المَوعوده على بِرَك دماءِ الشُهَداء وأرواح المفقودين ومُعاناة المُغتَصَبينَ والمُغتَصَبات وأهل مُعَسكرات النزوح وما تبقى من قُراهُم وحواكيرِهِم.

melsayigh@gmail.com